الشيخ محمد السَبْعي

(... – 815 هـ)

 شبكة النبأ: هو الشيخ أبو أحمد فخر الدين محمد بن عبد الله بن علي بن حسن بن علي بن محمد بن سَبْع (أو: سُبَيْع) بن سالم بن رِفاعة السَّبْعي (أو: السُّبَيْعي) الرِفاعي الأحسائي القاري الحلي.

من كبار علماء الإمامية ومشاهير شعراء أهل البيت عليهم السلام. وهو والد الفقيه الكبير الشيخ أحمد بن محمد السبعي، المتوفى بعد سنة 854هـ.

نبذة عن حياته:

كانت قرية (القَارَة) بالأحساء هي موطن (آل السبعي) – وهم أسرة علمية جليلة -، ولا تزال فيها آثارهم وموقوفاتهم إلى اليوم، والمترجم له من أهل هذه القرية، وإليها نسبته.

ولم نطّلع – مع الأسف – على تاريخ أو مكان ولادته، بل لم يصلنا عنه إلا اليسير جداً.

وبعد أن قضى زمناً في (الأحساء) هاجر إلى العراق لتحصيل العلوم الدينية، وزار العتبات المقدّسة، ثم استقر في مدينة (الحِلة) لطلب العلم، إذ كانت المركز الرئيس لتدريس علوم أهل البيت عليهم السلام ومأوى أعاظم علماء الشيعة.

وبعد أن أصبح من كبار العلماء وأجلائهم اتخذ من (الحِلة) وطناً دائماً له، ومنها عُرِف واشتهر، فهو أحسائي الأصل والنشأة، حِلِيّ المسكن والمدفن.

وفاته:

توفي – قدس سره – في مدينة (الحلة) بالعراق سنة 815هـ، وبها دفن.

وقد خلّف ولدين عالمين جليلين، أكبرهما وأجلّهما الفقيه الكبير الشيخ أحمد السبعي، والثاني الشيخ علي السبعي.

ومن أسباطه من العلماء: السيد محمد بن عبد الله بن علي بن محمد السبعي.

ومن الشعراء من أحفاده: الشيخ حسين بن الشيخ علي السبعي، ونجله الشيخ علي بن الشيخ حسين السبعي.

الثناء عليه:

قال في شأنه الشيخ علي آل كاشف الغطاء في (الحصون المنيعة): (كان فاضلاً جامعاً، ومصنفاً نافعاً، وأديباً رائعاً، وشاعراً بارعاً، زار العتبات المقدسة، وسكن (الحلة) لطلب العلم، وكانت إذ ذاك محط ركاب الأفاضل، ومأوى العلماء الأماثل).

وقال عنه السيد ضامن بن شدقم المدني في (تحفة الأزهار) عند ذكره لأحد أسباطه – السيد محمد بن السيد عبد الله السبعي الآتي ذكره – قال: (الشيخ العالم الفاضل، الكامل الصالح، الزاهد الورع، محمد بن عبد الله السبعي، صاحب القصائد المأنوسة في مدح أهل البيت عليهم السلام). ويظهر مما تقدم أن للمترجم له مصنفات علمية مهمة، لكن للأسف لا نعرف عنها شيئاً.

شعره:

لقد اشتهر المترجم له بالأدب والشعر أكثر مما عرف بالعلم والفقاهة – رغم ما كان عليه من المقام الشامخ والعلم والفضيلة -، وذلك لكثرة ما قاله من الشعر في شأن أهل البيت عليهم السلام، حتى لا تكاد تجد مجموعاً أدبياً حسينياً كُتب في عصره أو بعده إلا وفيه بعض من قصائده المطولة.

ولو جمعت قصائده وأشعاره من بطون الكتب الخطية والمطبوعة لأصبحت بلا شك ديواناً ضخماً، ولم نجد من شعره غير المدح والرثاء لأهل بيت العصمة صلوات الله عليهم أجمعين.

وجدير بالذكر هنا أن من عُرف بالشعر من (آل السبعي) أكثر من واحد، بل هم – بالإضافة إلى صاحب الترجمة – خمسة شعراء، ولكل واحد منهم شعر كثير لا يقل عن ديوان، لكنه متفرق في مختلف الكتب الخطية والمطبوعة ولهذا التبس الأمر على كثير من المؤرخين فلم يستطع التمييز بين هؤلاء الشعراء، فتجد في كثير من الأحيان نسبة ما لهذا من الشعر لذاك وبالعكس.

وحسب ما وصلنا  فالشعراء الخمسة من (آل السبعي) هم:

1- الشيخ محمد بن عبد الله السبعي، صاحب الترجمة، وهو أولهم وأشهرهم، بل جدّهم جميعاً، ويختم عادة قصائده المطولة بذكر لقب (السبعي) كقوله: (يروم بها السبعي)... أو : "فسمعاً من (السبعي)...." أو ما أشبه ذلك.

2- الشيخ الفقيه أحمد بن محمد السبعي، نجل صاحب الترجمة، وهو مشهور بالفقاهة لكن له شعر كثير.

ولا يستبعد أن كثيراً من الشعر المنسوب إليه هو من شعر أبيه صاحب الترجمة.

3- الشيخ حسين السبعي ابن الشيخ علي بن الشيخ محمد – صاحب الترجمة – وهو كثيراً ما يختم قصائده بقوله: (وتحكي فيكم ما قال جدي) أو ما يشبه ذلك.

4- الشيخ علي بن الشيخ حسين السبعي ابن الشيخ علي – ابن صاحب الترجمة -، وهو كأبيه الشيخ حسين كثيراً ما يختم شعره بما يشير به إلى جده، ويراد بالجد في كلا الحالين صاحب الترجمة الشيخ محمد السبعي.

5- الشيخ محمد بن حسين السبعي، المتوفى سنة 1011هـ - المتقدّم ذكره -، وهو أيضاً من ذرية صاحب الترجمة، ويشير في قصائده إلى جده.

و أن ما يُنسب من الشعر لـ(آل السبعي) إذا لم تكن فيه قرينة تثبت نسبته إلى واحد منهم بعينه مع وجود إشارة فيه إلى الجد فهو مردود بين الشعراء الثلاثة الأواخر: (علي السبعي وحسين بن علي ومحمد بن حسين).

وإليك نماذج من الأدب الرائع المنسي من شعر صاحب الترجمة الشيخ محمد بن عبد الله السبعي.

قال – قدس سره – في مدح النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخليفته الإمام علي عليه السلام، وقد التزم في كل بيت بذكر النبي ثم بذكر علي صوات الله عليهما وعلى آلهما:

أصِخْ واستمعْ يَا طالبَ الرشدِ ما الذيْ  به المصطفى قد خُصَّ والمُرتضى علي

محمدُ مُشتقُّ من الحمدِ اسمهُ                   ومشتق من اسمِ المعالي كذا علي

وله أيضاً هذه القصيدة في رثاء الإمام الحسين عليه السلام

دَع عنكَ تِذكارَ أيامِ اللذاذاتِ             وطيبِ عصرٍ تقضى بالشباباتِ

ولا تطلَّ دموعَ العينِ في طللٍ                   أقوى وأقفرَ من ترحالِ غادَاتِ

ومن شعره أيضاً هذه القصيدة في رثاء سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام:

بَعِيدُ اللياليْ بالوعيدِ قريبُ               وَشَأنُ الفتى فِيْ الاغتِرارِ عَجيبُ

يَرومُ الفتى يُعطى الأماني ودون ما     يرومُ ويرجوهُ تَحُوْلُ شُعُوْبُ

ثم يقول عن لسان السيدة العقيلة زينب الكبرى عليها السلام:

سأبكيكَ في أرضِ الطفوفِ مجدلاً               وشيبكَ من جاريْ الدماءِ خضيبُ

سأبكيكَ محزوز الكريمِ من القفا         وخدك من عَفرِ التراب تريبُ

وله أيضاً في رثاء الإمام الحسين عليه السلام

مصائب عاشورا أطلت بها العشرُ               تُذكر للأحزان إن نفعَ الذِكرُ

فَنُح في لياليها إذا ما تبركتْ                    بها أمة ضلَّت وتَاه بها الفكرُ

وفي آخرها يقول:

بني صفوة الباري رثيت لرزئكم         بدرة فكرٍ لا يُقاسُ بها الدُّرُّ

ولم يُجلِها (السبعي) إلا عليكم           وفي زعمهِ أن القبول لها مِهْرُ

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11 أيلول/2007 -28/شعبان/1428