الإختطاف سمة من سمات الجاهلية الجديدة

علي الطالقاني

 تعد ظاهرة خطف المدنيين العزل، مهنة أتخذها البعض والتي ترمي الى اهداف وأغراض سياسية واجتماعية، وتوجد في بعض مناطق العراق الساخنة على وجه الخصوص، أشكال متعددة من هذه الجماعات تعتمد على خطف الاطباء والتجار والاثرياء فضلا عن خطف ذويهم من الاطفال والنساء، وكذلك تستهدف الذين يقدمون للبلاد للتعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والانسانية. 

هذه الظاهرة أضحت اعقد مما كانت عليه في فترات سابقة، والعمليات من هذا النوع في مجملها تهدف الى تحقيق مآرب مادية وأخرى سياسية. ان هذه الجماعات غالبا ما تدعي الاسلام وتقوم بجرائم خطف الأبرياء وتحتجزهم تحت وطأة التعذيب وتهدد ذويهم  بالقتل والمساومة والضغط عليهم لدفع مبالغ طائلة من الاموال..  

ولعلنا نتذكر حادثة اختطاف طبيبة أطفال عراقية وذلك اليوم المرعب عندما اضطرت الى ان تهجر منزلها في منطقة الكرادة ببغداد مع طفليها باتجاه الأردن، تحت جنح الظلام بعد ان تلقت تهديدات بالخطف بينما كان زوجها الطبيب النفسي ملتحقاً بدورة في لندن. طالبت العصابة بفدية قدرها 20 ألف دولار، وإلا تعرضت الطبيبة للخطف.

في اقل من 24 ساعة، حزمت المرأة المرعوبة أمتعتها، ورحلت إلى العاصمة الأردنية، حيث التقت زوجها العائد بسرعة من الدورة التدريبية في عاصمة الضباب. وهنا بدأ الاثنان رحلة مضنية بحثاً عن عمل جديد في دولة خليجية، تاركين وراءهما المئات من مرضاهم، ومعظم ممتلكاتهما الشخصية، ومنزلاً، وأكثر من 20 سنة خبرة عملية.

فبين ليلة وضحاها، انقلبت حياة هذه الأسرة رأساً على عقب بعد أن اضطرت إلى بدء حياة عملية من الصفر، بالاتكال على الشهادات والخبرة التراكمية التي بدا العراق يفتقر لها بعد أن عول عليها لإعادة إعمار البلاد بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. 

وفي قصة مماثلة يروي لي صديق وهو من عائلة متواضعة خطف أبنه في محافظة ديالى، أتصل الخاطفون يطلبون فدية مالية لاطلاق سراح الطفل المختطف، ووافق الاهل على دفع الفدية واستلم الخاطفون المبلغ من خلال وسيط، بعدها اتصل الاهل بالخاطفين واخبروهم اين يجدون الطفل، أخبرهم الخاطفون تجدونه في منطقة الحسينية القريبة من بغداد قرب نقطة معينة حددها الخاطفون وذهب الاهل وهم متفائلين بوجود الطفل، لكنهم لم يجدوا الطفل في المكان المتفق عليه !.

عادوا الى البيت مجددا وهم لايستطيعون مواجهة اشقاءه ووالدته بالحقيقة.، بقيت الاسرة تعيش في اجواء من الحزن الممزوج بالقلق لايستطيع أحدهم ان ينظر في وجه الاخر، دفع المبلغ ولم يصل الطفل البريء عاشت تلك الاسرة  مع امسية تتسربل باحزانها في ساعات الليل الموحش و حلم يراودها مع طفلهم الذي كان يملأ المنزل مرحا وسرورا وهو يمتطي على ظهر والده ويدور به من غرفة الى أخرى حسب قول والده.

اليوم الثاني اتصل أهل الطفل و اخبرهم الخاطفون ان الطفل موجود حاليا  في ثلاجة أحدى المستشفيات. ذهب الاهل وفعلا وجدوا الطفل مقتول. وهكذا بقيت صورة الطفل معلقة على جدار الصمت الذي لايسمع الانفسه وهكذا أصبحت ارض العراق تنتج مثل هذه الظواهر البشعة والمحرمة دينيا ودوليا.  

والادهى من ذلك  أن تلك الجماعات التي أتخذت من هذه العمليات مهنة تسوغ لهم افعالهم المشينة تحت مبررات دينية وشرعية. وفي سؤال يطرحه العقل: هل يوجد في التشريع السماوي قانون ينص على  الاختطاف ؟

ومن الاراء المطروحة من قبل المتطرفين والمتعصبين يعتبرون تلك الاعمال نوع من انواع المقاومة من اجل  دفع الظلم عن وجودهم.

  أما وسائل الاعلام بدورها الفاضح  في ترويج مثل تلك الافعال سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة كي تنال هذه الوسيلة الاعلامية او تلك السبق الصحفي، علما أن تلك الجماعات تتخذ من وسائل الاعلام منفعة كسبية ومنبر من منابرها، تستطيع من خلالها التفاوض مع أهدافها ، أما على مستوى الحكومات، فإن عمليات التفاوض مع تلك الجماعات تكسبهم اعترفا، من خلال اخضاع الدول المستهدفة و ابتزازها من اجل دفع مبالغ مالية كبيرة، وهذا بطبيعة الحال مما يشجع تلك الجماعات في الاستمرار.

وهناك بيانات أصدرها جهاز الاستخبارات الألماني تظهر هذه البيانات أن العراق يشهد 10عمليات خطف يوميا في المتوسط. وأن 240 أجنبيا من 33 دولة خطفوا في العراق منذ أبريل عام 2004 من بينهم 140 أطلق سراحهم و40 قتلوا ولم يعرف مصير الستين الباقين.

وان أكثر من 400 أجنبي اختطفوا في العراق منذ بدء الاحتلال. عدد أكبر من العراقيين اختطفوا أيضاً. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10 أيلول/2007 -27/شعبان/1428