![](imeges/599.jpg)
شبكة النبأ: في ظل ما ينبئ به
الاحتباس الحراري وخطورته المتوقعة حتى على المدى القريب وما تعج به
الحالات المتدنية للفقر وانحسار التاييد الشعبي للحكومة المصرية، فهل
تحتاط للمستقبل ودرئ الخطر الداهم الذي يمثله الفيضان القادم بكل تاكيد
على حساب الحاضر المتردي، ام تدفع تنميتها باتجاه معالجة الراهن فتمنى
بكارثة الانتحار؟، انها مفاضلة عسيرة جدا يقع السياسي المصري في
حبائلها الشائكة. خاصة في ظل نظام سلطوي غير مؤسساتي.
حيث حذر تقرير للبنك الدولي من أنّ ملايين المصريين قد يضطرون إلى
هجر منازلهم في دلتا النيل بسبب تهديدات جدية لظاهرة الاحتباس الحراري
تزيد أصلا من الآثار السلبية التي تعاني منها المنطقة بفعل بناء سدّ
أسوان. بحسب الـ CNN.
وقد نقلت أسوشيتد برس عن التقرير قوله إنّ مصر تواجه سيناريوهات
خطيرة على علاقة بالاحتباس الحراري حيث أنّ الوضع يبدو خطيرا ويتطلب
اهتماما عاجلا وفقا لمحمد الراعي الأخصائي في البيئة في جامعة
الإسكندرية.
وقال التقرير إنّ المشكل الأكبر هو أنّ الدلتا مهددة وهي التي تتميز
بخصوبة تربتها في حين أنها لا تمثل سوى 2.5 من المساحة يقطنها ثلث
المصريين.
وفيما نجح بناء سدّ أسوان في تطويق مشاكل مثل توفير الكهرباء بعد أن
تمّ الانتهاء من تشييده عام 1970، إلا أنّه مع ذلك يمثل بدوره عائقا
أمام إعادة الشباب للدلتا التي تعاني من الانجراف.
ومع تزايد ظاهرة الاحتباس الحراري، اتخذت الأمور منحى أسوأ لاسيما
أنّ العلماء يرجحون أن يرتفع مستوى البحر الأبيض المتوسط، الذي يصب فيه
النيل، بما بين 30 سم إلى متر مثل المحيطات بحلول نهاية القرن وهو ما
سيفضي إلى حدوث فيضانات في المناطق المحيطة بالنهر.
غير أنّ السيناريو الأسوأ يتمثل في انهيار وذوبان الجليد في
غرونلاند وغرب القطب الشمالي مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى البحر الأبيض
المتوسط إلى نحو خمسة أمتار وهو ما سيفضي بدوره إلى تدمير كل المنطقة،
وفقا لدراسة البنك الدولي.
وحتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلا فإنّ أي ارتفاع ولو طفيف في مستوى
البحر في غضون القرن الحالي يمكن أن يؤدي إلى غرق مناطق بالكامل.
وإذا بلغ ارتفاع البحر مستوى متر واحد فإنّ ربع الدلتا ستغرق مما
سيؤدي بعشر السكّان إلى النزوح.
ومع ترجيحات أن يبلغ عدد سكان مصر في حدود منتصف القرن إلى 160
مليونا أي ضعف العدد الحالي، فإنّ العدد قد يناهز 20 مليونا من
النازحين.
ولعل ما يزيد من تأزم الوضع أنّ التعاطي مع مشكل الاحتباس الحراري
في مصر وغيرها من الدول الأفريقية لا يحظى بالاهتمام الكافي رغم أنّ
الحكومة خصصت نحو 300 مليون دولار لبناء جدران وحواجز في شواطئ
الإسكندرية، فضلا عن إعادة تهيئة الكثير من الشواطئ.
النمو السكاني مع البطالة.. مشكلة
اخرى
هذه الظروف المؤسسة لمستقبل غامض وخطير في مصر يدعمها عامل آخر يبدو
انه نهم بما فيه الكفاية لألتهام المنجز التنموي المصري وصده عن مهمة
الاحتراز للمستقبل ويتمثل في البطالة وما خلفه المنشأ الاسواني على
الوجه الاجتماعي من عوز وارتباكات اقتصادية يعاني الناس منها.
فبموازاة النمو فان كثيرين يشعرون أنهم منسيون، وتشهد مصر أطول فترة
نمو اقتصادي متواصل منذ عقود لكن لا يبدو أن حكومتها تكسب الكثير من
الدعم الشعبي.بحسب رويترز
فالاجواء لاتزال قاتمة في أحياء القاهرة بسبب ارتفاع الاسعار وزيادة
البطالة وذيوع أنباء انتهاكات الشرطة لحقوق الانسان.
وانقطعت المياه النقية عن مناطق من البلاد لاسابيع هذا الصيف وأغلق
مواطنون طرقا سريعة احتجاجا على ذلك. كما نظم موظفون بشركات نسيج
واسمنت وغيرها عشرات الاضرابات خلال العام الماضي وغالبا ما انتزعوا
تنازلات من الادارة.
وفوق ذلك تسببت طفرة عقارية في جعل شراء منزل أو شقة سكنية أكثر
صعوبة بالنسبة لمتوسطي الدخل.
وقال محمد فرج (25 عاما) الذي يدرس تكنولوجيا الاتصالات بجامعة
القاهرة "اداء الحكومة رائع على الورق لكن هذا ليس ما يشعر به الناس."
واضاف الاجور تتدهور مقارنة بالاسعار والمكاسب تذهب الى قلة تسيطر
على الاقتصاد.
وفي واقع الامر حصل كثير من الموظفين الحكوميين على زيادة في
رواتبهم الاساسية أعلى من معدل التضخم مطلع السنة المالية في يوليو
تموز حيث حاولت الحكومة كسب التأييد الشعبي لسياساتها.
وتقول الحكومة انها خفضت معدل البطالة الى أقل من تسعة بالمئة من 11
في المئة في ديسمبر كانون الاول 2005 وان تحرير الاقتصاد لم يقترب من
الدعم الكبير للمواد الغذائية وخاصة الخبز مما مكن أشد المواطنين فقرا
من تدبير عيشهم.
لكن حكومة الرئيس حسني مبارك وهي أطول الحكومات عمرا منذ حكم محمد
علي باشا مصر مطلع القرن التاسع عشر تبقي قبضتها قوية على السلطة.
ورغم أن معارضيه يمكنهم المجاهرة بآرائهم الا أنه ليس لهم تأثير
يذكر ويعرضون نفسهم لمخاطر تحرش الامن بهم.
وفي الوقت نفسه تجري تحقيقات مع أفراد من الشرطة بعدما سقط رجل من
شرفة مسكنه خلال مداهمة الشرطة له بالقاهرة وايضا بعدما توفي صبي عمره
13 عاما اتهم بالسرقة في منطقة دلتا النيل بعد اسبوع واحد في الحبس.
وقال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق
الانسان: الوضع يزداد سوءا منذ (الفترة) بين 2003 و2006 عندما كانت
هناك مظاهرات وحركات مثل (الحركة المصرية من أجل التغيير) كفاية.
واضاف: تتخذ الحكومة حاليا اجراءات قمعية وتقوم بعمل انتقامي شديد..
أعتقد أننا ندخل نفقا مظلما.
وبرزت كفاية في عام 2005 عندما عارضت ترشح مبارك لفترة رئاسية خامسة
مدتها ست سنوات رغم أن عدد قوات شرطة مكافحة الشغب كان دائما يفوق عدد
المحتجين المؤيدين للجماعة.
وحازت الاصلاحات الاقتصادية التي تشمل خصخصة مئات الشركات المملوكة
للدولة وخفض الضرائب على الثناء من جانب منظمات دولية من بينها صندوق
النقد الدولي.
وحقق الاقتصاد نموا بنسبة 7.1 في المئة في السنة المالية 2006-2007
و6.9 في المئة في 2005-2006 وهما أعلى معدلين في عامين منذ الثمانينات
على الاقل.
غير أن كثيرا من المصريين يقولون ان ارتفاع الاسعار يقضي على مكاسب
النمو.
وقالت منى أباظة استاذة الاجتماع بالجامعة الامريكية في القاهرة:
هناك توتر متزايد ويمكنك أن تشعر به في مناحي الحياة اليومية... شراء
المواد الغذائية الاساسية يزداد صعوبة بالنسبة للناس.
وقالت الحكومة ان التضخم ارتفع مدفوعا بشكل رئيسي بالزيادة في أسعار
المواد الغذائية والوقود ليصل الى ذروته عند 12.8 في المئة على أساس
سنوي في مارس اذار غير أنه تراجع الى ثمانية بالمئة في يوليو تموز.
وقال انجوس بلير رئيس قسم الابحاث في بلتون المالية وهي بنك استثمار
بالقاهرة "لم يشعر أغلبية السكان حتى الان بالمزايا لكن هناك كما هائلا
من الاستثمارات الاجنبية المباشرة سيأتي الى مصر في العقد القادم
وسيوفر وظائف جديدة."
واعتبر بلير أن السخط بالشارع ربما يرتبط بشكل أكبر بالمطالبة
بالمزيد من الحريات.
وتابع يقول: الناس يمكنهم الان التعبير عما لم يتمكنوا من التعبير
عنه في السابق... هذه الحكومة تحطم 50 عاما من سوء الادارة وهي تفعل كل
ما هو صائب.
غير أن محمد مصطفى (28 عاما) ويعمل حارس أمن في مدينة السلام
بالقاهرة يشكك في الوعود بالرخاء.
وقال مصطفى ان مياه الشرب منقطعة عن منزله منذ قرابة شهرين وانه
يضطر يوميا لشراء الماء من الشارع للاستحمام.
وتسائل قائلا: لو كنا نشعر بمزايا النمو الاقتصادي فهل كنا سنعيش في
مثل هذا الوضع... |