الفرق بين الإنسان والإنسان

علياء الانصاري

أصّلت البشرية خلال مسيرتها مفاهيماً تعارف وتآلف عليها الجميع على اختلاف حضاراتهم وثقافاتهم ورؤاهم.

من ذلك المتأصل، الاهتمام باليتيم...

ولليتم معان مختلفة ومصاديق متعددة لعل اوضحها هو فقدان الاب او الام او كليهما، ولكني اظن بأن فقد الوطن يتم ايضا، وفقد الدار والاحبة يتم، وربما الفقر يتم ايضا.

فكيف اذا اجتمعت كل هذه الامور في ذات واحدة او مصداق واحد، وهذا ما ستدونه اسطري هذه.

هناك من جمع بين فقد الام والاب والدار والاحبة والفقر، ولا اريد ان اقول انه فقد الوطن ايضا لانها مقولة شديدة الوقع علي.

في اعدادية الصناعة الواقعة على اطراف مدينة الحلة والتي اصبحت مخيما للمهجرين واعتقد اني تحدثت عنهم في اكثر من مقالة، هناك سبعة ايتام فقدوا الام والاب والدار والاحبة ويعانون الفقر في ظروف ابسط ما يقال عنها انها سيئة سيئة سيئة، توفيت قبل ايام احدى هؤلاء السبعة والاخ الاخر الان راقد في المشفى نتيجة الحر الشديد الذي خلفه احتراق محولة الكهرباء (الوطنية) المسؤولة عن تزويد المكان بالكهرباء منذ اشهر.

طالبت كثيرا ان يتوجه انسان، لا اريد ان اقول مسؤول، انسان الى اولئك البشر وينظر الى عيون الصغار، عيون الصغار فقط ويعود الى بيته ليخبرني بعدها هل استطاع النوم؟!

ماذا ستقول هذه الموؤدة عندما يسألها بارئها عن الذنب الذي لاجله ماتت حراً؟!

يا ترى بماذا كانت تفكر تلك اليتيمة لحظة مفارقتها الحياة، تلك الحياة البائسة التي ساهم الجميع في تقديمها لها؟!

حقا نحن بائسون، عن أي حقوق انسان نتحدث؟ وما شكل هذا الانسان وما هي ابعاده؟!

لعل الانسان يختلف من مكان الى اخر ومن بيئة الى اخرى ومن عرق الى آخر، وتبعا لذلك تختلف الحقوق... فلنغلق مكاتبنا ونحرق اوراقنا ونختم بالشمع الاحمر افواهنا... لان انساننا له طعم آخر ولون آخر.

لست متشائمة، ولكني ثائرة على كل ما هو ظلم، فمن سيثور معي؟!

من سينظر الى عيون اولئك الصغار، ليخبرني ماذا رأى؟

لن اطالب بمشاركتكم في مراسيم العزاء (فيما اذا كانت هناك مراسيم)، ولن اطالب تعويض (فمن عوضهم فقد ابيهم وامهم ودارهم)، ولن اطالب بجمع مساعدات (فهذا تجاوز على انسانيتكم)، كل ما اريده منكم هو النظر في عيونهم، ألا يملك احدكم شجاعة ذلك؟!

* مديرة منظمة بنت الرافدين / بابل

alyaa@brob.org

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 5 أيلول/2007 -22/شعبان/1428