ملف تخصصي: التعليم في العراق

المركز الوثائقي والمعلوماتي

 شبكة النبأ: تدار عملية التعليم في العراق عبر وزارة التعليم العراقية، وحسب تقرير اليونسكو، أن العراق في فترة ماقبل حرب الخليج الأولى عام 1991 ميلادية كان يمتلك نظام تعليمي يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة ، تقدر نسبة المسجلين في التعليم الإبتدائي بماتقارب الـ 100%، كذلك نسبة عالية للقادرين على القراءة والكتابة (literacy). لكن التعليم عانى الكثير بسبب ما تعرضه العراق من حروب و حصار وإنعادمية في الأمن.

نسبة القادرين على القراءة والكتابة بالبلد:

الذكور : 55%

الإناث : 23% (إحصائية 2000) "موسوعة ويكيبيديا"

التعليم في فترة ما بعد غزو العراق عام 2003 ميلادية

تباعاً لفترة مابعد غزو العراق ، هناك تعديلات أدت الى إلغاء الهوية البعثية من ضمن المناهج العراقية ، كذلك الزيادة في رواتب المدرسين والمدربين المهمشين في فترة حكم الدكتاتور صدام. نظراً لقلة الدعم للتعليم في فترة ماقبل عام 2003 ، ظهر أن مايقارب الـ 80% من نسبة المدارس العراقية (15000 مدرسة) بحاجة لإصلاح و دعم للمنشئات الصحية بها كذلك قلة المكتبات و المختبرات العلمية في هذه المدارس.

تدهور وضع التعليم في العراق مابعد فترة حرب الخليج الأولى ، فقلة نسبة المشاركين في منظومة التعليم ، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع . ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل . بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق ، أصبح النظام التعليمي في العراق يضم مايقارب الـ 6 ميلايين تلميذ مابين فترة الحضانة حتى الدرجة الـ 12 ، بالإضافة إلى مايقارب الـ 300,000 معلم و إداري. التعليم في العراقي إجباري حتى إكمال المرحلة الإبتدائية ، بعدها يخير الطلاب لإكمال دراستهم على حسب نتائجهم في الإختبار العام. بالرغم من وجود خيار التعليم المهني في منظومة التعليم العراقية ، لكن القليل من الطلاب يختارونه نظراً لرداءة النوعية التعليمية المقدمة فيه.

يفصل النظام التعليم العراقي مابين الجنسين حتى الدرجة السابعة منه. في عام 2005 ، نظراً لكثرة العوائق والتي منها الإضطرابات الأمنية ،النظام المركزي الحكومي ،قلة الإعتمادية على قدرات المدرسين والإداريين ، أدت إلى صعوبة تحسين النظام التعليمي العراقي في فترة مابعد الغزو الأمريكي. كان مايقارب الـ 240,000 تلميذ في معاهد وجامعات العراقية في فترة ماقبل 2003 ميلادية.

التعليم في فترة ما قبل غزو الكويت عام 1990 ميلادية

يمكن ملاحظة تأثير السياسيات الحكومية على التعليم في تلك الفترة على نسبة المشاركة في منظومة التعليم ، التدريب وكذلك التوظيف بالإضافة إلى نسبة الإجور. بسبب هذه السياسيات التوسيعية في التعليم ، إنتقل العديد من الطبقة الدنيا في الريف والمناطق الحضرية العراقية ليكونو طبقة الوسطى في المناطق الحضرية العراقية و كذلك نسبة منهم أصبحوا من قيادي حزب البعث و منهم من أحتل مناصب عليا في الحكومة أو القطاع العام و الإجتماعي.

تؤكد لنا الدراسات الإجتماعية في ذلك الوقت أن الحكومة ساهمت بقدر كبير في تعميم التعليم على مجمل سكان العراق ، فقد إزدادت نسبة المدارس الإبتدائية بمايقارب الـ 30% . في الوقت نفسه إزدادت نسبة المشاركات في التعليم من الإناث من 35% لتكون مايقرب 44% من المجموع الإجمالي للطلاب ، و إزدادت نسبة المعلمين للمدارس الإبتدائية بمايقارب الـ 40% في نفس هذه الفترة. في المرحلة الثانوية من التعليم العراقي ، إزدادت نسبة الطالبات بمايقارب 55% وفي المقابل نفسه إزدادت نسبة الطلاب (ذكوراً أو إناثا) بشكل عمومي في هذه المرحلة إلى مايقارب الـ 46% . العاصمة العراقية بغداد حيث كانت تحوي مايقارب الـ 29% من مجمل سكان العراق ، إحتفظت بمايقارب من الـ 26% من مجمل المدارس الإبتدائية في أنحاء العراق ، بالإضافة إلى 27% من المدارس الإبتدائية المخصصة للبنات ، وبمامجمله الـ 32% من طلاب الثانوية مقارنة بإجمالي طلاب الثانوية في البلاد. 

ويأمل المجتمع الدولي بعد أن يستتب الأمر في العراق ويؤول الحكم ومقاليد السلطة لحكومة وطنية عراقية منتخبة أن يتحرك العراق بسرعة لإعادة بناء النظام التعليمي وتأهيله وتجديده. وهناك أسباب كثيرة تدعونا إلى التفاؤل. أولها ما يتميز به العراق من تاريخ ثقافي عريق يمتد عبر قرون من الزمن، ويجد جذوره في الحقبة التي تصدر بها العلماء العرب في العالم، وفي موضوعات متعددة مثل الرياضيات والطب. والسبب الثاني أن العراق كان يعيش قبل عقد مضى حالة من الانتعاش الكبير في مجال التعليم، لم تدمرها الأحداث الأخيرة، ولكنها أضعفتها. والسبب الثالث أن الحكومة التي كانت تستعدي التبادل الحر للأفكار والمعرفة قد تمت الإطاحة بها. والسبب الرابع لهذا التفاؤل يكمن فيما يمتلكه العراق من موارد الثروة، وليس من المحتمل أن يقوم ثانية باستخدامها للأغراض العسكرية بعد أن مر بتجارب الحروب والنزاعات المريرة. وهذه الموارد الهائلة يجب ألا تبدد على الآلة والمغامرات العسكرية بل ينبغي تخصيصها لتحسين حياة الشعب العراقي. فقد حان وقت الطموح لتطور العراق الفكري والثقافي.

ومما لا شك فيه أن كلاً من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي سيواجهان تحديًا كبيرًا للعودة إلى الظروف الطبيعية في مرحلة ما بعد الحرب، وبالتالي إعادة البناء التدريجي وتجديد نظام التعليم بكامله على المستوى الوطني.

وهذه المهمة ستكون أقل كلفة في المحافظات الثلاث في شمال العراق حيث تعرض نظام التعليم إلى أضرار أقل في مرافق البنية التحتية وخدمات التعليم، وحيث تولت منظمة اليونيسكو مع صندوق اليونسيف تنفيذ برنامج التعليم هناك بصورة مشتركة، فشهدت المؤسسات التعليمية تطورًا كبيرًا، كما تم تزويدها بالمواد التعليمية على جميع مستويات التعليم وزادت قدرة الأفراد على الوصول إلى التعليم. وقد طرأ تطور على المرافق التعليمية بسبب توفر عنصر الدفع النقدي للصرف على عملية البناء والشراء محليًا، بينما اختلف الأمر في منطقتي وسط وجنوب العراق، حيث كان تزويد المعدات يتم عن طريق الأمم المتحدة في إطار برنامج «النفط مقابل الغذاء»، ولذلك نجد أن حالة معظم المدارس في منطقتي الوسط والجنوب كانت متدنية بسبب النقص في المخصصات التي يحتاج إليها قطاع التعليم وسيطرة الحكومة العراقية السابقة على تنفيذ البرنامج في 15 محافظة تغطي منطقتي الوسط والجنوب مع دور رقابي فقط للأمم المتحدة في توزيع المواد المشتراة. 

وعلى أية حكومة عراقية مركزية قادمة أن تسعى لسد الفجوة القائمة في قطاع التعليم في محافظات العراق الثماني عشرة سواء من حيث البنية التحتية أو التأثيث أو توفير المعلمين والكتب والمستلزمات المدرسية. ونتوقع أن ينصب جهد المسؤولين في البلاد على تطوير النظام التعليمي من حيث المناهج وتوفير المعامل والمؤسسات التعليمية المختلفة، بل وإعادة بناء بعضها، وتوسيع رقعة المستفيدين، ونعني بهم المستحقين للالتحاق بالهيكل التعليمي، وتعويض ما فات العراقيين من متابعة ومواكبة للخصخصة العلمية في الدول المتقدمة.

وسنعرض النظام التعليمي القائم حتى الآن في العراق ـ والذي يشابه كثيرًا مثيله في معظم الدول العربية ـ والذي نتوقع أن لا يتغير في هيكله العام في المدى القريب لاستقراره منذ زمن طويل وتمشيه مع برامج التعليم العالمية التي تدعو لزيادة مرحلة التعليم الأساسي الإلزامي لأطول فترة ممكنة وتناغمه مع برامج «التعليم للجميع» التي تتخذها منظمة اليونيسكو شعارًا عالميًا لها.

السياسة التعليمية:

ينص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970م أن الدولة تضمن حق التعليم المجاني في جميع المستويات ـ الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي ـ لجميع المواطنين.

والتعليم الابتدائي إلزامي ومحو الأمية الشامل هدف أساسي، وتعتبر الحكومة مسؤولة عن وضع السياسات التعليمية والإشراف عليها وكذلك تمويل التعليم وتطوير وتنفيذ البرامج التعليمية.

هيكل النظام التعليمي

تمتد الدورة التعليمية الرسمية في العراق إلى 12 سنة منها 6 سنوات إلزامية لمرحلة التعليم الابتدائي، الذي يبدأ من عمر ست سنوات، يتبعها 3 سنوات للمرحلة المتوسطة، ثم 3 سنوات لمرحلة التعليم الثانوي، الذي ينقسم إلى ثانوي عام علمي أو أدبي وثانوي مهني صناعي أو زراعي أو تجاري. وهناك أيضًا معهد المعلمين ومدة الدراسة فيه 5 سنوات بعد التعليم المتوسط.

ويمكن للطلاب الذين ينهون المرحلة الثانوية ويحصلون على مؤهلات الحد الأدنى للمتابعة أن ينضموا مباشرة إلى الجامعات أو المعاهد الفنية التي تمتد الدراسة فيها لمدة أربع سنوات كحد أدنى. ويستطيع طلاب معهد المعلمين وكذلك طلاب الثانوي المهني بأنواعه الذين يحصلون على درجات ممتازة في الامتحانات النهائية أن يلتحقوا بالكليات والجامعات لمتابعة تعليمهم العالي.

التعليم ما قبل الابتدائي

تقوم رياض الأطفال أو مرحلة ما قبل المدرسة بخدمة الأطفال من عمر 4 إلى 5 أعوام. وقد التحق ما مجموعه 68377 طفلاً بهذه المرحلة عام 2001 ـ 2002م (بعدد متساو من الأطفال الذكور والإناث) بانخفاض 76006 أطفال عن عام 1991 ـ 1992م. إن نسبة الالتحاق الإجمالية (مجموع الملتحقين مقارنة بمجموع إعداد الأطفال من عمر 4 إلى 5 إعوام) تأرجحت حول 7% خلال هذه الفترة، كما انخفض عدد رياض الأطفال من 580 إلى 566 روضة.

التعليم الابتدائي

بلغ عدد طلاب المرحلة الابتدائية على مستوى الدولة في عام 2000ـ 2001م ما مجموعه4.031.346 طفلاً أو طالبًا، وسجلت نسبة الذكور في هذا العدد 55.94%، بينما بلغت نسبة الإناث 44.06%. وبلغ عدد مدارس المرحلة الابتدائية في كامل العراق 11709 مدارس يعمل فيها 190650 معلمًا.

ويعاني التعليم الابتدائي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحياها العائلات الفقيرة مما يؤدي إلى عدم إرسال أطفالها إلى المدرسة أو إلى تسرب الأطفال من المدرسة في مرحلة مبكرة. علاوة على ذلك، هناك إحباط بين المدرسين بسبب ضعف الرواتب، ونقص شديد في الكتب المدرسية والوسائل التعليمية والتعلمية، وضعف في الحوار والاتصال بين المدرسين والآباء.

ومن أبرز مشكلات التعليم الابتدائي أيضًا ارتفاع نسب الإعادة للسنة الدراسية، ويعزى هذا لأسباب مختلفة أهمها نقص المعلمين المؤهلين وسوء أوضاع المدارس وعدم توفر الكتب والمواد التعليمية وعمل الطلاب لزيادة دخل الأسرة وازدياد كثافة الطلاب في الفصول.

وقد استطاعت وزارة التربية والتعليم في عام 2000م توفير ما يقارب 25% فقط من الكتب المدرسية المطلوبة في المدارس الابتدائية والثانوية، كما تمت طباعة 25% في الأردن وتلبية 50% من الاحتياجات بإعادة استخدام الكتب المستعملة من قبل طلاب في السنوات السابقة، ووفقًا لوزارة التربية والتعليم فقد اشترك العديد من الطلاب في كتاب واحد.

التعليم الثانوي

يتكون التعليم الثانوي من مرحلتين تمتد كل منها إلى ثلاثة أعوام. تشكل الأعوام الثلاثة الأولى المرحلة المتوسطة التي تؤدي إلى بكالوريا من المستوى الثالث، وتشكل الأعوام الثلاثة المتبقية المرحلة الإعدادية التي تؤدي إلى بكالوريا من المستوى السادس. وتدرس بعض المدارس في العراق المرحلة المتوسطة فقط وبالتالي على الطلاب إتمام دراستهم الإعدادية (المرحلة الثانوية الثانية) في مدرسة أخرى. وتدرس معظم المدارس المرحلتين المتوسطة والإعدادية، ويختار الطالب بعد السنة الأولى في المرحلة الإعدادية بين الدراسة العلمية أو الأدبية.

بلغ مجموع المسجلين في المدارس الثانوية لعام 2000ـ 2001م في العراق 1291309 طالبًا منهم 1063842 (نسبة الذكور 61.2% ونسبة الإناث 39.8%) في وسط وجنوب البلاد، و227.467 طالبًا (نسبة الذكور 57.1% والإناث 42.9%) في الشمال.

ازداد عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس الثانوية في كامل البلاد بنسبة 224% من 600 و315 في عام 1971ـ 1972 إلى 1023842 في عام 1990 ـ 1991م. وبقي الالتحاق في الوسط والجنوب ثابتًا في التسعينيات، ووصل إلى 1063842 فقط في عام 2000ـ 2001م. وبالنظر إلى معدل النمو السكاني المرتفع، يتضح أن نسب الالتحاق بالتعليم الثانوي كانت منخفضة. ويمكن أن نأخذ بعين الاعتبار في هذا الوضع تأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعاكسة والصعوبات داخل نظام التعليم نفسه. وقد أدت العقوبات التي فرضت على العراق إلى انخفاض الاقتصاد بشكل سريع وخفضت دخل الأسرة كذلك، فقام بعض الآباء بإبقاء أطفالهم خارج المدرسة أو سحبوا كبار السن منهم والذين تسمح أعمارهم بالمشاركة في أعمال تدر دخلاً لزيادة دخل الأسرة.

ويلاحظ أن نسب التسجيل في التعليم الثانوي في شمال العراق كانت أكثر إرضاء، فقد ازداد المجتمع الطلابي بواقع 5.78% من 127413 طالبًا في عام 1996ـ 1997م إلى 227467 طالبًا في عام 2000ـ 2001م. وشهدت هذه الفترة قدرًا من الاستقرار فتمكنت العائلات من الاستقرار وعاد النازحون إلى قراهم. وبعد إقرار برنامج النفط مقابل الغذاء في عام 1997م تم توفير مزيد من الأموال لإنشاء المدارس وتوفير المواصلات للطلاب من المناطق النائية وللطلاب الفقراء في الأحياء شبه الحضرية وشراء الوسائل التعليمية مما أدى إلى تخفيف الأعباء المالية على الأهالي.

وينبغي أن نذكر أن معدل التسجيل الإجمالي في التعليم الثانوي قد انخفض إلى 38.3% في عام 1999ـ 2000م في وسط وجنوب العراق مقارنة بـ47% عام 1990ـ 1991م.

سجلت نسب الإعادة للسنة الدراسية عام 1999ـ 2000م ما مقداره 34.4% للمرحلة المتوسطة و22.4% للمرحلة الإعدادية في جنوب ووسط العراق، بينما كانت نسب الإعادة للمرحلتين المتوسطة والإعدادية في عام 2000ـ 2001م في شمال العراق 24.8%، و21.7% على التوالي.

بلغ مجموع عدد معلمي المدارس الثانوية في عام 2000ـ 2001م في العراق 73989 معلمًا منهم 62840 في الوسط والجنوب و11149 في الشمال. ويلاحظ وجود تدن في نوعية المدرس سواء من حيث التأهيل أو بسبب تقلص رواتب المدرسين المؤهلين الشهرية بما يقارب 99% مما يساوي (500 إلى 1000 دولار أمريكي) إلى (5 إلى 40 دولارًا أمريكيًا). وقد ترك عدد كبير من المدرسين ذوي الخبرة التعليم الثانوي للبحث عن فرصة عمل ذات دخل أفضل في مكان آخر سواء داخل البلاد أو خارجها.

وقد دعم من تبقوا في العمل رواتبهم بإعطاء دروس خصوصية للأطفال الذين يستطيع آباؤهم الدفع أو بالعمل بعد الدوام المدرسي بوظائف بديلة، وهذا بالطبع يؤثر في نوعية التدريس.

وبعد سنتين من العزلة يحتاج أساتذة التعليم إلى فرصة لتحديث معرفتهم في مجال تخصصاتهم وتحسين نوعية برامج التدريب قبل وفي أثناء الخدمة. وتدعو الحاجة إلى إحضار خبراء من الخارج فقد كان المدربون المحليون معزولين عن التطورات الدولية وبحاجة إلى تدريب تحديثي وإنعاشي، وسيتطلب ذلك عقد المؤتمرات وحلقات الدرس والتبادل وبرامج التبادل المعرفي والمنح على المدى المتوسط.

يتلقى طلاب المرحلة المتوسطة 34 حصة صفية أسبوعيًا وتشمل التربية الإسلامية واللغة العربية واللغة الإنجليزية والعلوم (فيزياء وكيمياء وأحياء) والتاريخ والجغرافيا والاجتماعيات والرياضيات والتربية الفنية والتربية الرياضية العسكرية. وتتلقى الطالبات دروسًا في التربية الأسرية. وتضاف بعض المواد الاختيارية في المرحلة الإعدادية كاللغة الكردية وعلم الاجتماع والاقتصاد والتربية الوطنية. وتستثنى الصفوف المسائية من التربية الرياضية والتدريب العسكري، وتنظم نشاطات غير منهجية على مستوى المدرسة.

ويواجه التعليم الثانوي مشكلات عدة تحتاج إلى بذل جهود ضخمة من قبل أي حكومة عراقية قادمة وكذلك من قبل المجتمع الدولي. وأهم هذه المشكلات تهدم البنية التحتية للمدارس والمؤسسات التعليمية وتدني ونقص المعلمين المؤهلين، وتخلف المنهج الدراسي عن تطورات المناهج العالمية ونقص الكتب والوسائل التعليمية. ويكفي أن نعرف أن بعض المواد في التعليم الثانوي كان يتوفر لها كتاب واحد فقط يتم استخدامه من قبل خمسة أو ستة طلاب وذلك على حد ما صرحت به وزارة التربية والتعليم في يناير 2003م.

التدريب الفني والمهني

يعتبر التدريب المهني أحد فروع نظام التعليم الثانوي ولكنه بإدارة منفصلة، ويمتلك الطلاب العراقيون حق اختيار التعليم الثانوي المهني مباشرة بعد المرحلة المتوسطة عوضًا عن الاستمرار في التعليم الأكاديمي العام. وتهدف المراكز المهنية إلى منح الطلاب المهارات المهنية والفنية لتحضيرهم إلى الانخراط في أنواع المهن المختلفة بعد التخرج. تمتد مرحلة التدريب المهني إلى ثلاثة أعوام وتفضي إلى الامتحانات العامة. ويستطيع الطلاب أصحاب أفضل علامات (أعلى 10%) مواصلة دراستهم في الكليات الفنية.

وبلغ مجموع الملتحقين في المراكز المهنية لعام 2000ـ 2001م ما جملته 65750 طالبًا منهم 61861 طالبًا في الوسط والجنوب و3889 طالبًا في الشمال، على الرغم من أن هذا العدد وصل إلى 124497 طالبًا في الوسط والجنوب فقط في عام 1991ـ 1992م مما يعني انخفاضًا في التسجيل بنسبة 50% في المراكز المهنية. وكان الفرع التجاري أكثر الفروع تضررًا حيث بلغ الانخفاض 78.4% بينما كانت نسبة الانخفاض في الفرع الزراعي 38.3% وفي الفرع الصناعي 37.8% في فترة عشرة أعوام، كما انخفض عدد المعاهد من 278 إلى 236 خلال الفترة نفسها. 

وزادت أعداد المتسربين الكبيرة ونسب الرسوب المرتفعة الوضع سوءًا، فقد تسرب 1204 طلاب من المراكز المهنية خلال السنة الدراسية 2000ـ2001م ورسب 10976 طالبًا. وقام ما مجموعه 4043 طالبًا بالتسجيل في البرامج المهنية في شمال العراق في عام 2001ـ 2002م بزيادة مقدارها 24% منذ عام 1996ـ 1997م. ولا تتوفر أية بيانات عن توزيع الجنس في هذا النوع من التعليم.

رغم أن الطلاب لديهم حرية الاختيار بين فروع التعليم المهني الرئيسة الأربعة، فإن هذا الحق غير قائم دائمًا من الناحية العملية إما بسبب عدم احتواء كل مدرسة مهنية على جميع الفروع، وإما بسبب التوزيع الجغرافي للمدارس وإما لتوفرها في أماكن وانعدامها في أخرى.

ويعزى انخفاض التسجيل في المدارس المهنية إلى تأثير العقوبات السلبي في البنية التحتية والبرامج المتخلفة وفقدان الكوادر المؤهلة وقلة فرص العمل للخريجين.

تدريب المعلمين

ربما يكون تدريب المعلمين من أهم الفروع في حقل التعليم، لأن المعلمين يشكلون حجر الزاوية في العملية التربوية برمتها. ويساهم المعلمون في جميع مراحل التعليم ومستوياته ـ الابتدائي والثانوي بأنواعه والتعليم الجامعي ـ في تشكيل عقول الطلبة ومعارفهم وقدراتهم، ويحضونهم على طلب المعرفة في الحاضر والمستقبل.

منذ عام 1984 ـ 1985م، بدأت وزارة التربية والتعليم بترفيع دور المعلمين إلى معاهد تدريب المعلمين، وتقبل هذه المعاهد خريجي المرحلة المتوسطة للدراسة لمدة 5 سنوات تتوزع بين 3 سنوات للتعليم العام وسنتين للتخصص. ويمكن للطلبة أن يختاروا التخصص في الدراسات الإسلامية واللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والتربية البدنية والفنون الجميلة، ويستطيع الطلبة إكمال دراستهم في الكليات الجامعية. 

بالإضافة إلى معاهد تدريب المعلمين، تأسست في العراق معاهد تدريب معلمين مركزية، وهذه المعاهد تقبل خريجي المستوى الإعدادي للمدارس الثانوية «صف 12»، ويتلقى فيها الطالب دراسة تخصصية لمدة سنتين.

وقد ازداد عدد هذه المعاهد بصنفيها في منطقتي الوسط والجنوب من 35 في أواسط التسعينيات إلى 139 في العام الدراسي 2000ـ 2001م، إذ جرت محاولة لتخريج معلمين لتغطية التوسع الحاصل في المدارس.

تقوم كليات التربية والتعليم في الجامعات بتدريب المعلمين المحتمل التحاقهم بسلك التدريس للمرحلة الثانوية، وبعض الخريجين من هذه الكليات فضلوا أن يدرسوا في المرحلة الابتدائية على المرحلة الثانوية، لأنهم يفضلون أن يعملوا في منطقة جغرافية قريبة من منازلهم حيث لا توجد أحيانًا مدارس ثانوية.

ومن أجل تشجيع الطلبة للحصول على مؤهل معلم مدرسة ابتدائية، بالرغم من الصعوبات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، تأسس نظام الكلية المفتوحة للتعليم في العام الدراسي 1998ـ 1999م، وذلك لتوفير برامج التعليم للمناطق النائية حتى الدرجة الجامعية في التعليم ودورات التدريب في أثناء الخدمة للمعلمين.

في شمال العراق، قامت اليونيسكو بعقد عدد متنوع من دورات التدريب في أثناء الخدمة لمعلمي مختلف مراحل التعليم الثانوي، ومعظم مراحل التعليم العالي وذلك ضمن مهماتها في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء. وقد استفاد من هذه الدورات أكثر من 11 ألف معلم ومشرف ومدير في مواضيع متعددة (أساليب التعليم، والإدارة، والمهارات الأساسية في اللغة الإنجليزية والحاسوب... إلخ)، وذلك خلال عامي 2001 و2002م. وقد استهدفت هذه البرامج المعلمين في كل المدن والريف عبر رزم التعليم الذاتي، مقترنًا مع متابعة مباشرة في مراكز تدريب المعلمين.

وفي شهر ديسمبر عام 2001م، تلقى 238 من كبار المعلمين في منطقتي الوسط والجنوب تدريبًا في أثناء الخدمة عبر منحة سهلت اليونيسكو عملية الحصول عليها من وقف تديره الأمم المتحدة، يتلقى تبرعات من دول عدة من بينها هولندا والنرويج.

أما أبرز مشكلات المعلمين فتتلخص في تدني رواتب المعلمين مما يؤدي إلى تثبيط همم الطلبة المحتملين لمتابعة وإكمال تدريبهم في التعليم، ونقص المعلمين خصوصًا في اللغة الإنجليزية والرياضيات وفرار معظمهم للقطاع الخاص حيث الرواتب الأعلى. علاوة على ذلك، لا يتوفر للمعلمين الوقت أو الطاقة الكافية أو مصادر التمويل لتطوير أنفسهم مهنيًا، ولا يتاح لهم بسبب ظروف العراق امتلاك سبل الاتصال مع زملاء أجانب ولا إمكانية الوصول إلى مصادر الكتب والدوريات الحديثة ووسائل الحاسوب والإنترنت التي تساعد على التطور المهني. 

التعليم غير الرسمي

يقصد بالتعليم غير الرسمي مراكز محو الأمية. وقد أطلقت الدولة عام 1978م حملة شاملة للقضاء الإجباري على الأمية، حيث توجب على كل مواطن في الفئة العمرية ما بين 15 سنة إلى 45 سنة أن يلتحق بمراكز محو الأمية لإنهاء الصف الرابع من تعلم القراءة والكتابة والحساب. وكان نتيجة هذه الحملة أن انخفضت نسبة الأمية في الفئة العمرية من 15 سنة إلى 45 سنة من 48% عام 1978م إلى 9.19% في عام 1987م، وبسبب فعالية هذه الحملة منحت اليونيسكو خمس جوائز للعراق. وفي الوقت الحاضر، تصل نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة من الرجال 71% ومن النساء 45%.

وقد أسست مدارس خاصة كثيرة في إطار الحملة المذكورة وتأسست «مدارس شعبية» كانت تعنى بمنع الشباب من سن 15 سنة إلى 35 من العودة إلى الأمية، وتأسست «مدارس الشباب» للأطفال الذين يتسربون من المدارس بين عمر 10 سنوات إلى 15 سنة والذين لا يمكن قبولهم في المدارس الابتدائية. 

ونتيجة الحصار والصعوبات المالية، تباطأت الحملة بصورة كبيرة في أوائل التسعينيات، وانخفضت بصورة حادة أعداد مدارس الشباب والمدرسين والطلاب في التعليم غير الرسمي بين السنوات الدراسية (1990 ـ 1991م)، (1998ـ 1999م)، وانخفض عدد المسجلين في دورات التعليم غير الرسمي من 9432 إلى 388 فقط، بينما انخفض عدد المدارس التي تعطي هذه الدورات من 112 مدرسة إلى 4 فقط.

جاهدت وزارة التربية والتعليم كثيرًا في كفاحها لمحو الأمية وخصوصًا بين الفتيات. وأنشأت الوزارة في عام 1994 ـ 1995م بالتعاون مع اليونيسكو والاتحاد العام للمرأة العراقية برنامجًا للتعليم غير الرسمي للبنات من سن العاشرة فما فوق، ويغطي هذا البرنامج نشاطات أساسية لمحو الأمية والأشغال اليدوية والرعاية الصحية وتصنيع الأغذية... إلخ.

وفي عام 1995م، تم تنظيم 1217 برنامج تدريب استفادت منه 18884 فتاة وامرأة (بينهن 7000 في الفئة العمرية من العاشرة إلى 17 سنة وهي الفئة العمرية المستهدفة من البرنامج).

ولا شك أن هناك حاجة ماسة الآن لبرنامج تأهيل وإعادة بناء للمعاهد والمرافق اللازمة لتقديم التعليم غير الرسمي وكذلك للمعلمين في هذا المجال. ويجب توفير مصادر التمويل اللازمة ووسائل التعلم بالإضافة إلى إطلاق حملة وطنية لتسهيل وتشجيع الأميين على الانخراط في برامج معرفة القراءة والكتابة خاصة وقد فات البلاد الكثير بسبب الظروف التي مرت بها، حتى إن الأمية أصبحت منتشرة لا بين الكبار ولكن بين من هم في سن التعلم والدراسة بسبب ارتفاع نسب التسرب من التعليم وتدهور الظروف الاقتصادية بسبب الحروب المتكررة التي ضيعت ثروات البلاد.

التعليم العالي

يستطيع العراق أن يفاخر بامتلاك أقدم الجامعات في العالم، ونعني بها الجامعة المستنصرية، التي تم تأسيسها عام 1280. ومع أن نشاط الجامعة قد توقف، إلا أن هناك جامعة تحمل الاسم نفسه لا تزال قائمة إلى اليوم.

وتتكون مؤسسات التعليم العالي في العراق من 19 جامعة (منها 3 في الشمال) و9 كليات فنية (في الوسط والجنوب) و38 معهدًا تقنيًا (منها 11 في الشمال).

بلغ مجموع الملتحقين بالتعليم العالي للعام 2001ـ2002م في جميع أنحاء العراق 317993 طالبًا منهم 297292 في الوسط والجنوب و20701 في الشمال، وبلغ عدد الأساتذة 14743 معلمًا منهم 13167 في الوسط والجنوب و1576 في الشمال.

دراسة «البكالوريوس» في العراق تحتاج إلى 4 سنوات ماعدا في الطب البيطري والصيدلة وطب الأسنان فهي تحتاج إلى 5 سنوات، أما الطب البشري فيحتاج إلى 6 سنوات. ودرجة الماجستير تتطلب من 2 إلى 3 سنوات من الدراسة، وتحتاج درجة الدكتوراه من 3 سنوات إلى 8 سنوات. أما المعاهد الفنية فتمنح درجة الدبلوم العالي من خلال ما تقدمه من دورات قصيرة المدى. 

يتم قبول الطلبة في الجامعات العراقية على أساس شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها. وهناك طلب كبير على كليات الطب والهندسة والعلوم، أما كليات الدراسات الإنسانية فليس لها اعتبار كبير. وتحتوي كل الجامعات على كليات تربية لتخريج المعلمين وخصوصًا للمدارس الثانوية. ولغات التدريس هي العربية والإنجليزية في الوسط والجنوب، والفرنسية في جامعة الموصل فقط، واللغتان الكردية والإنجليزية في الشمال، وفي بعض الأحيان، يدعى أساتذة من بغداد للتدريس في جامعات الشمال.

تبدأ السنة الأكاديمية في شهر أكتوبر من كل عام، وتمتد إلى ثلاثين أسبوعيًا وتقوم الدولة بتمويل الجامعات، باستثناء الكليات الخاصة، ومع ذلك، ونتيجة الظروف الصعبة التي سادت خلال السنتين الماضيتين في الوسط والجنوب، يطلب من الملتحقين الجدد دفع ما قيمته 12 دولارًا أمريكيًا كرسوم تسجيل.

أهم جامعات البلاد هي جامعة التكنولوجيا (بغداد)، جامعة المستنصرية، جامعة بابل، جامعة الكوفة، جامعة البصرة، جامعة الموصل، وجامعة ذي قار، وفي محافظات الشمال هناك جامعة صلاح الدين، وجامعة دهوك، وجامعة السليمانية.

وتتضمن المشكلات والقضايا الكبرى لمؤسسات ا لتعليم العالي ما يلي:

ـ عدم كفاية البنية التحتية والتسهيلات، كالمختبرات والمكتبات.

ـ عدم كفاية المعدات، في كليات الهندسة والعلوم والمعاهد الفنية.

ـ الحاجة إلى إنشاء قنوات اتصال بين الكليات في العراق والجامعات الأجنبية.

ـ ضعف العلاقة بين التعليم العالي وخريجيه وسوق العمل.

ـ الحاجة إلى مراجعة شاملة لأنظمة الإدارة للتعليم العالي، بما في ذلك تكييف المناهج ومحتويات الفصول الدراسية لمواكبة تغيرات الحالة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. ويجب وضع خطة استراتيجية للتأكد من أن الجامعات ستؤدي دور الوسيط في عملية التحول الديمقراطي، وضمان وصول الجميع إلى مواقعهم حسب جدارتهم، ووفق أسس مهنية وليس أسس سياسية.

ـ تخفيض الدعم الحكومي للطلبة، وتشجيع القطاعين العام والخاص على الاضطلاع بدورهم في دعم التعليم العالي، والتعجيل بإجراء مشروعات وإصلاحيات اقتصادية لتخفيف الضغوط التي يعيشها المجتمع وتؤثر في تطوره العلمي.

دور اليونيسكو في العراق

حاولت الأمم المتحدة، قبل غزو القوات الأمريكية للعراق وإسقاط حكومته، أن تجد السبل الفعّالة والمجدية لمساعدة الشعب العراقي في تحقيق أهدافه. وتحاول المنظمة الدولية أن تضطلع بالقيام بدور فعال في مرحلة إعادة إعمار العراق وقيام حكومة وطنية منتخبة في البلاد، لكن هذا الدور ما زال يصطدم برفض الولايات المتحدة أن يتولى غيرها مسؤولية إدارة البلاد بعد أن خاضت حربًا منفردة بعيدًا عن الشرعية الدولية في العراق، ولم يساندها في ذلك إلا بريطانيا.

وقد وقع على عاتق اليونيسكو مسؤولية واضحة، وإن كانت مشتركة بالطبع مع آخرين، في الإشراف على تحسين أوضاع المؤسسات التعليمية والثقافية في العراق، وذلك في إطار برنامج «النفط مقابل الغذاء» وقد استطاع برنامج اليونيسكو أن يحرز النتائج التالية:

ـ إصلاح/ بناء 157 مدرسة ثانوية و89 مرفقًا للتعليم العالي.

ـ تأمين نقل زهاء 20 ألف تلميذ في المناطق الريفية إلى المدارس وتوزيع عربات على المؤسسات التعليمية تفوق قيمتها الإجمالية 6 ملايين دولار.

ـ تدريب 11 ألفًا من معلمي الثانوية و1800 من أعضاء هيئات التدريس بالتعليم العالي.

ـ توزيع 152 ألف مكتب مدرسي.

ـ توزيع كتب مدرسية على المدارس الثانوية تبلغ قيمتها الإجمالية 1.5 مليون دولار وتوفير معدات لطباعة ما يزيد على مليونين من الكتب المدرسية.

ـ إجراء دراسة استقصائية لسوق العمل من أجل تحديد الاحتياجات والاتجاهات الراهنة في مجال العمالية.

ـ تنفيذ مشروع لإنتاج الخرائط المدرسية المستخدمة في التعليم الثانوي.

ـ تقديم الدعم لوضع السياسات وإعداد خطة استراتيجية مدتها ثلاث سنوات.

ـ إنشاء ثلاثة مراكز للموارد المتعددة الوسائل توفر وثائق ومواد في مجالات التربية والعلم والثقافة وغيرها من المجالات التي تندرج في اختصاص اليونيسكو.

ـ في أعقاب النزاع، حثت اليونيسكو بقوة على الإسراع في إعادة تشغيل المؤسسات التعليمية وإتمام السنة الدراسية 2002ـ بداية 2003م، التي انقطعت نتيجة النزاع في منتصف شهر مارس 2003م، وذلك لإيجاد إحساس بعودة الأوضاع إلى طبيعتها وإحياء الأمل في المستقبل. وقدمت اليونيسكو كل ما سهل تنظيم امتحانات نهاية العام الدراسي في شمال العراق، وكل ما يلزم لتنظيم امتحانات نهاية العام الدراسي في الوسط والجنوب.

ـ بحثت اليونيسكو مع معهد الولايات المتحدة للسلام ومركز تسوية النزاعات الدولية في جامعة كولومبيا إمكانات إعداد برامج ترمي إلى بناء التوافق وتحسين نوعية التعليم العالي في العراق.

ـ تبحث اليونيسكو حاليًا مع عدة شركاء مسألة تجديد التعليم العالي في العراق، ونذكر في هذا المجال مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند من قطر، المبعوثة الخاصة لليونيسكو للتعليم الأساسي والعالي، من أجل دعم إنعاش التعليم العالي في العراق.

وقد وقع كل من صاحبة السمو والمدير العام لليونسكو في 23 يونيو 2003م، على مذكرة تفاهم لإنشاء صندوق دولي لترميم التعليم في العراق، مع تبرع حكومة قطر بمبلغ أولي قدره 15 مليون دولار. وسيكون الصندوق مفتوحًا لمانحين آخرين.

إن تجديد النظام التعليمي أمر لا غنى عنه لجعل العراق بلدًا مزدهرًا وناجحًا ومسالمًا. وظهور عراق من هذا النوع سيسهم بصورة نشطة في ميادين العلوم والتكنولوجيا والاتصال والثقافة وسيعود بالخير على المنطقة ككل وعلى العالم بأسره. فالعراق يملك إمكانات ضخمة وموارد طبيعية هائلة يمكن أن تستثمر في التعليم والعلوم والثقافة، وستؤتي مردودها في إثراء ثروة العراق المتمثلة في موارده البشرية.

وضع التعليم في العراق

لا يخفى على أحد أن أحوال التعليم تكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد، فمن المفترض أن تبدأ السنة الدراسية رسمياً في العراق في 20أيلول إلا أن العديد من المدارس لم تتمكن من بدء الدراسة في هذا التاريخ، فقد أصبحت المدارس خاوية بسبب الهجمات الطائفية والهجمات الإجرامية الأخرى بصورة متزايدة وصار الآباء قلقون على سلامة أبناءهم وبصفة خاصة البنات اللاتي يتعرضن إلى التحرشات الجنسية والخطف، ووفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم فقد قتل أكثر من 300مدرس وجرح 1158آخرون في عام 2006م بينما أغلقت مدارس عديدة أبوابها نتيجة لأعمال العنف والتهديدات.

-  ففي جريدة البيان الصادرة يوم 2تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت باسم محافظ ديالي أن نسبة المدارس المغلقة وصلت إلى 90% بسبب التهديدات والأعمال الإرهابية.

-  ووصلت إلى مكاتب حقوق الإنسان معلومات عن نزعة للهجرة الجماعية في أوساط ذوي الكفاءات العراقيين من مناطق النزاع إلى أجزاء أكثر أمناً.

-   كما سجلت وزارة التعليم العالي تقارير عن اغتيال 154أستاذاً جامعياً خلال الفترة من 2003 إلى 2006 .

-  كما شهدت بغداد أعلى معدل للاغتيالات بلغت حوالي 44% من إجمالي حوادث اغتيالات الأكاديميين في العراق بل ارتفعت نسبة اغتيال الطلاب إلى أكثر من 5% من إجمالي الاغتيالات .

ونحن نسأل كل عاقل من ترى وراء كل هذه الاغتيالات ؟

ومن المستفيد الأول من إحراق وتدمير الأخضر واليابس، أحد يقول إسرائيل نعم صادق، وآخر يقول أمريكا نعم صادق ، وهناك آخر يقول أعداء الدين نعم أنت صادق .

ومنا من يقول هي حرب صهيونية على الإسلام والمسلمين نعم كلنا صادقين ، لكن أين نحن ؟ وما دورنا ؟

400 أكاديمي قتلوا ورسائل تهديد تقض مضاجع الأساتذة والطلاب

فتحت الفوضى التي يشهدها العراق شهية الجماعات المسلحة للإفصاح عن مطالب جديدة تتجاوز رحيل القوات الاميركية من البلاد. وبدأت أخيراً مجموعات مسلحة توزع رسائل تهديد في الجامعات العراقية تطالب فيها الطلبة والأساتذة على حد سواء بترك الدراسة، ما دفع أكثر من 2000 طالب من المناطق الساخنة أي في جامعات بغداد والمستنصرية والتكنولوجية والنهرين الى الانتقال الى جامعات أخرى قريبة من مناطق سكنهم, بحسب ما أكدت الإحصاءات الرسمية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية.

في المقابل فضل آخرون تقديم طلبات لتأجيل الدراسة في جامعاتهم أملاً في العودة الى مقاعد الدراسة في العام المقبل. ويثير العنف المتزايد داخل الحرم الجامعي مخاوف كبيرة في نفوس الطلبة وعائلاتهم لا سيما الطلبة الآتين من المناطق الساخنة امنياً مثل الرمادي والفلوجة وبعقوبة والموصل وبعض المناطق والمدن الصغيرة التي تحيط بغداد. ففيما يتوجه طلبة هذه المناطق الى جامعتهم في ساعات الصباح الباكر تبقى عائلاتهم حبيسة القلق والخوف لحين عودة الأبناء الى المنزل. ويقول احمد الدليمي طالب دكتواره في كلية الاعلام في جامعة بغداد انه حصل على موافقة رسمية لتأجيل دراسته لمدة عام اثر تعرضه لتهديدات علنية من قبل مجموعة من الطلبة الثائرين في إحدى التظاهرات بحجة انتمائه الى حزب البعث المنحل. وقال أحمد لـ «الحياة» ان النشاط المتزايد للحركات السياسية في الوسط الجامعي «أدت الى تحويل الجامعات العراقية الى بؤرة صراع واسعة بين أشكال مختلفة من التصعيد الحزبي والطائفي بعدما نقلت الأحزاب السياسية بتوجهاتها المختلفة صراعاتها الى داخل الحرم الجامعي». ويعتبر أحمد أن الصراع الأيديولوجي «لا يقتصر على الطلبة انما يمتد الى الاكاديميين والأساتذة الجامعيين الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن التصدي لاستفحال هذه التيارات في الأوساط الجامعية».

ويصف مجيد ياسين، طالـــب دكتوراه في كلية العلـــوم في جامعة بغداد، وضـــع الطلبة والأساتذة في الجـــامعات العراقية

بأنه «مخيف»، موضحاً ان ثلاثة من زمـــلائه في الكلية تركوا الدراسة بعد وصول رسائل تهديد موقعة من فصائل مسلحة «تحذرهم من الاستمرار في الدراسة في جامعات الكفر». ويقول ان أعمال العنف لا تميز بـــيـــن الــطلاب والأساتذة «الذين باتوا ضحايا عنف الجماعات المسلحة من جانب والأحزاب السياسية والدينية من جانب آخر». وتؤكد ايمان سامي، طالبة في كلية الهندسة في جامعة بغداد- قسم الهندسة المدنية، ان الطالبات العراقيات يتعرضن الى ضغوط نفسية كبيرة بسبب سوء الوضع الأمني والخوف من الخطف والقتل، وتقول ان دوامها يقتصر على الامتحانات والمحاضرات العامة وان والدتها تتصل بها مراراً أثناء الدوام للاطمئنان عليها والتأكد من وصولها. وتشير إيمان الى ان غالبية العائلات العراقية التي يدرس أبناؤها في الجامعات والمدارس تعيش الحالة ذاتها.

وتنطلق مخاوف العائلات من تعرض العديد من الطلبة والطالبات الى عمليات اختطاف وتصفيات جسدية أمام جامعاتهم كان آخرها مقتل احدى الطالبات في كلية الأعلام في جامعة بغداد في 17 نيسان (ابريل) الماضي، على يد ثلاثة مسلحين بعدما فشلوا في اختطافها من أمام مجمع الكليات في باب المعظم وسط بغداد ما دفعهم الى اطلاق نيران أسلحتهم باتجاه الضحية واردوها في الحال وسط ذهول المئات من الطلبة والحرس الجامعي الذين لم يتدخلوا تحت وطأة التهديد. وعلى رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لعدد الطلبة والطالبات الذين لقوا حتفهم في أعمال العنف، فإن «الرابطة الطلابية الاسلامية» تؤكد مقتل اكثر من 370 طالباً في حوادث أمنية متفرقة توزعت بين عمليات اغتيال على يد الجماعات المسلحة والقتل الطائفي خارج الحرم الجامعي. ويؤكد طلال سالم رئيس الرابطة في جامعة بغداد ان الإحصاء لا يشمل ضحايا التفجيرات والسيارات المفخخة. ويضيف سالم إن غالبية الطلبة الذين تلقوا تهديدات بالتصفية من سكان مدينة بغداد يقتصر دوامهم على الامتحانات ويحصلون على المحاضرات اليومية من زملائهم في المراحل الدراسية فيما يفضل طلبة المدن الساخنة الانتقال الى جامعات قريبة من مناطق سكنهم. 

 ويقول سامي المظفر وزير التعليم العالي والبحث العلمي لـ «الحياة» ان الوزارة سمحت لطلبة الجامعات ممن تعرضوا للتهديد بالانتقال الى جامعات أخرى تقع في مناطق سكنهم بعد أحداث سامراء في شباط (فبراير) الماضي التي زادت من نسبة الاحتقان الطائفي في الجامعات وأدت الى انقطاع طلبة الموصل والانبار وتكريت عن الدراسة في جامعة بغداد». ويشير المظفر الى ان الوزارة تدرس حالياً إمكانية إلغاء القبول المركزي المعمول به منذ أكثر من ثلاثين عاماً في العراق وتطبيق نظام التوزيع الجغرافي الذي يقضي بقبول الطلبة في جامعات قريبة من مناطق سكنهم. وكانت الوزارة فشلت في تطبيق هذا النظام العام الماضي بسبب اقتصار وجود بعض الاختصاصات في جامعات بغداد واعتراض سكان المدن الآمنة في جنوب وشمال العراق الذين يرغبون ان يكمل أبناؤهم الدراسة في اختصاص محدد من دون غيره على رغم الصعوبات الأمينة في بقية المحافظات العراقية لا سيما بغداد.

ويضيف المظفر بتوزيع جماعات مسلحة منشورات تحذر فيها الطلبة من الاستمرار في الدوام لكنه يقول ان «الحل العسكري ليس الأمثل وانه يفضل ان تبقى الأجهزة الأمنية بعيداً من الجامعات وإن كانت الحاجة للاستعانة بها ملحة في بعض الأوقات». ويرى باسل الخطيب مدير الدائرة الاعلامية في وزارة التعليم ان حماية الطلبة والأساتذة «باتت أمراً مستحيلاً» بسبب تزايد أعداد الطلبة في الجامعات واختلاف مواقع سكنهم وامتداد الصراع السياسي الى الجامعات على رغم التحذيرات المستمرة لوزارة التعليم من تحويل الجامعات الى أرضية للصراع السياسي بين الأحزاب والتيارات السياسية. ويقول الخطيب ان الوزارة لا تملك إحصاءات دقيقة لعدد ضحايا العنف من الطلبة لكن الإحصاءات الرسمية لعدد الأساتذة تشير الى مقتل 105 أساتذة جامعيين ممن هم مدرجون في ملاك وزارة التعليم العالي. ويؤكد ان الإحصاءات لا تمثل الأساتذة الجامعين في كليات الطب كونهم على ملاك وزارة الصحة كما لا تشمل المحاضرين غير المتفرغين. وأشار الخطيب الى هجرة أعداد كبيرة من الأساتذة الجامعيين بعد حصولهم على أجازات طويلة من دون راتب لمدة عام او عامين. ويؤكد رئيس رابطة المدرسين العراقيين عصام الراوي لـ «الحياة» إن الإحصاءات الرسمية المتوافرة لدى الرابطة تؤكد مقتل 206 أساتذة جامعيين منذ بدء عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية بعد دخول القوات الاميركية الى العراق في نيسان (ابريل) 2003.

ودفع تصاعد وتيرة العنف في الجامعات وتفاقم ظاهرة اغتيال الأساتذة وهجرة العقول وزارة التعليم العالي الى إغلاق بعض الاختصاصات في الموسم الدراسي الحالي الى جانب إغلاق أقسام الدراسات العليا في العديد من الكليات التابعة لجامعتي بغداد والمستنصرية لعدم توافر الكادر التدريسي اللازم لتشغيل الاقسام المذكورة. ولا تقتصر عمليات التصفية الجسدية والعنف على طلبة الجامعات وأساتذتهم بل تمتد لتطاول المدرسين في المدارس الابتدائية والثانوية وطلبتهم الذين غالباً ما شهدوا عمليات ذبح معلميهم وسط مشاعر الذعر والخوف الكبيرين وكان آخرها نحر مدير مدرسة «آمنة» الابتدائية في مدينة الشعب في 19 نيسان الماضي. وأعلن وزير التربية العراقي عبد الفلاح السوداني يوم الثاني عشر من نيسان يوماً للطالب الشهيد وهي ذكرى مقتل أول طالب عراقي في مواجهات مسلحة العام 2004. ويؤكد السوداني ان عدد المعلمين الذين قتلوا جراء أعمال العنف بلغ أكثر من 400 معلم الى جانب 100 طالب منذ بدأ الاحتلال الاميركي للعراق في نيسان 2003.

آلاف الأساتذة المهددين في الجامعات يغادرون البلاد

   وقال الأستاذ صلاح علاوي ، مدير عام التخطيط والدراسات في وزارة التعليم العالي، أن عدد الأساتذة الذين يهربون من البلاد هذه السنة ضخم جدا وهو تقريبا ضعف أولئك الذين هاجروا في عام 2005,

    وأضاف كلّ يوم، نحن نفقد أكثر الناس تجربة، وهذا يسبّب مشكلة خطيرة في نظام التعليم العراقي وفي استطلاع لآراء عدد من الاساتذة والمتخصصين تقول هالة جواميري - أستاذة الهندسة في الجامعة المستنصرية عندما كنت طفلة، حلمت بان أكون أستاذة لكي أعطي المعرفة إلى آلاف الناس في بلادي، لكن وبعد أن أنجزت حلمي، أنا اليوم أهرب من وطني حفاظاً على سلامتي لأن العنف وصل إلى قاعات الدروس." وبعد تلقيها تهديدات بالقتل فان هالة وعائلتها يحزمون حقائبهم وسيتركون البلاد خلال أيام ، وكان قد قتل اثنان من زملائها لا لشيء سوى إنهم كانوا يؤدون وظيفتهم، وأضافت هناك "عصابات تريد تدمير العقول العلمية في العراق ومع الوضع الحالي من انعدام الأمن، فان إعطائك درجة منخفضة إلى طالب ما في الامتحان يمكن أن يكون سببا كافيا لكي تهدّد أو تقتل.فكونك معلما فأنت الخطر يستهدف وجودك وكأنك جندي في المعركة، وهو خطر لا يرغب الكثيرين مواجهته. ومنذ شباط الماضي  استشهد تقريبا 180 أستاذا وعلى الأقل 3250 منهم قد هربوا إلى الدول المجاورة، طبقا لوزارة التعليم العالي.التقينا بالسيدة سلوى محمد وهي زوجة احد الضحايا حيث اجابت عن سؤالنا عن سبب اغتيال زوجها فقالت: : زوجي كان أستاذ في جامعة بغداد ، وأحد طلابه الذي لم يكن يهتم بدروسه رسب في هذه السنة، وقام هذا الطالب الذي كان غاضبا جدا بقتل أستاذه في باب الكلية في 26 يوليو/تموز . الأستاذ هو براق فاروق 58 عاما- وهو أحد العشرات من الأساتذة الآخرين الذين قتلوا في ظروف مشابهة، طبقا لوزارة التعليم العالي. وكذلك قتل الدكتور علي الخفاف الأستاذ في جامعة بغداد بنفس الظروف لعدم إنجاحه الطلبة، وكان قد أستلم تهديدات على شكل رسائل التي تهدده بالقول: إذا لم تنجح كلّ الطلاب في الصف فسنقتلك - وقد أصبح التهديد حقيقة. حيث قتل في 5 آب بعد رسوب ثلاثة من الطلاب،يقول زميله في الجامعة الأستاذ فؤاد يحيى.لقد كان أستاذا جيّدا و قريبا ومحبوبا من قبل الطلاب وموته كان حقا مفاجأة إلينا، ويضيف يحيي "لقد تركوا ملاحظة قرب جثته تقول ' الموت لأولئك المسؤولين عن الظلم في قاعات الدروس.الدّكتور عصام الراوي، رئيس اتحاد أساتذة الجامعة في العراق قال بأنّ مثل هذا الاستهداف من قبل الطلاب يبعد الأساتذة من البلاد وخلقت هذه الهجرة فجوة كبيرة في نظام التعليم في العراق.وقال"نحن لا نستطيع إنجاح طالب أو تخريجه ما لم يكون أهلا لذلك. لكن اليوم نحن في وضع آخر حيث أنّ العنف الطائفي يجبرنا على القيام به ومن لا يقبلون هذا هربوا من العراق لذا فهم فازوا بالأمان وقال الراوي: بعض الأساتذة استهدفوا لأنهم كانوا أعضاء سابقين في حزب البعث المحظور أو لأنهم ينتمون إلى بعض الطوائف في البلاد. هذا وليس هناك إحصائيات موثوقة نحن عدد الأساتذة الذين تركوا العراق منذ نيسان 2003 لكن إحصائيات إتحاد أساتذة الجامعة العراقي تظهر بأنّ أكثر من 10,000 من الكفاءات العليا بضمن ذلك الأطباء قد هربوا من البلاد.

التكفيريون يستبيحون جامعة المستنصرية والطلبة مصرون على المواصلة

 و سادت حالة من الترقب الحذر بغداد غداة التفجيرات التي استهدفت جامعة المستنصرية واوقعت سبعين قتيلا فيما اكد طلاب اصرارهم على مواصلة الدراسة لمحاربة الارهاب.

وحضر عدد قليل من افراد الهيئة التعليمية والموظفين الى الجامعة لتفقد المكان ومعاينة الاضرار بعد هذا الاعتداء الاول من نوعه وسط حالة من الذهول بدت واضحة على اوجه الجميع.

ورفض معظمهم التحدث الى الصحافيين لكنهم شددوا على "الاستمرار" في عملهم رغم المخاطر.

وقال احد اساتذة اللغة الفرنسية لوكالة فرانس برس "لم يحضر الطلاب اليوم كما تغيب غالبية الاساتذة والموظفين".

واضاف ان ادارة الجامعة ووزارة التعليم العالي اعلنت الحداد ثلاثة ايام. وتابع "نحن في حالة من الترقب حاليا (...) فالاوضاع ليست مستقرة".

ونظم حوالى ستين من طلاب الجامعة التكنولوجية اعتصاما للاحتجاج على التفجيرات وتجمعوا امام مبنى رئاسة الجامعة فيما طوقت قوات امن عراقية المكان خارج الحرم الجامعي واغلقت الطرق الرئيسية بغية منع تكرار هجمات مماثلة لما حدث الثلاثاء.

وابدت غالبيتهم خشية تجاه احتمال استهداف جامعات او معاهد اخرى.

ورفع المشاركون لافتات كتب عليها "نستنكر وندين العمليات الارهابية والفعل الوحشي ضد الطلاب" و "كلنا يد بيد من اجل عراق واحد" كما طالبوا الحكومة "بحماية الطلاب والاساتذة من الاعتداءات الارهابية".

وقال ياسر محمد احد اعضاء اتحاد الطلاب "رغم بشاعة العمل الاجرامي العملية الدراسية لن تتوقف في بغداد (...) هذه الاعمال تتكرر نشهد تفجيرات مماثلة في المناسبات الدينية والاسواق لكن تفجيرات الامس هدفها وقف عجلة العلم".

وتابع "سنواصل الدوام حتى بقاء اخر استاذ واخر طالب".

من جهتها قالت الطالبة ياسمين محمد ان "الارهابيين يحاولون قتل كل المعلمين والطلاب لانهم عجزوا عن ذلك بوسائل القتل الفردي".

واضافت "هذه العملية لا تستهدف طائفة معينة لان الجامعة تضم خليطا من الشيعة والسنة والاكراد والمسيحيين انها حرب على كل شيء اسمه عراقي".

واكدت ياسمين اصرارها على مواصلة الدوام رغم معارضة اسرتها.

وقالت "اسرتي ترفض باستمرار ذهابي الى الجامعة بسبب الوضع الامني المتدهور واصروا اكثر بعد تفجيرات الامس لكني رفضت لان ذلك يعتبر نصرا للارهاب".

بدوره حمل الطالب ياسر غازي الحكومة المسؤولية بسبب عدم توفير الحماية الكافية للجامعات وقال "انها المسؤولة لانها وعدت بتوفير الحماية لكنها لم تفعل وتركت الامور سائبة فكانت هذه النتيجة".

وافاد مصور لوكالة فرانس برس ان جثث الطلاب تناثرت في الشارع واحترق معظمها.

وقال شرطي في مكان الحادث "كان رنين الهواتف النقالة لبعض الطلاب متواصلا في جوار جثثهم" واضاف متسائلا "على من اجيب؟ وماذا ساقول له؟ ابنك قتل حرقا".

وقد تحولت الباحة الامامية للجامعة الى مستنقع من الدم اختلط باوراق المحاضرات والكتب والاقلام.

واحترقت اكثر من عشر سيارات بينها حافلة يستقلها عدد من الطلاب ولم يتمكن الدفاع المدني والاطفاء من اخراج الجثث التي تفحمت الا بعد ساعة.

وأدان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، الهجمات، وألقى بتبعتها على "صداميين وإرهابيين يائسين."

وتعهد المالكي بملاحقة منفذي الهجمات، التي تزامنت "وتعرض فلول النظام السابق لضربة قوية وضعت نهاية لأحلامهم للأبد، وإنهاء العراقيين لفصل مظلم لطاغية وديكتاتورية بإنزال العقاب بالمجرمين، والذين كانوا وراء القبور الجماعية بالعراق"، وفقا لبيان صادر من مكتب المالكي.

وقد شهدت جامعة المستنصرية، شمال شرقي بغداد، أكثر هجمات الثلاثاء دموية سقط خلالها 70 قتيلاًً و170 مصاباً في هجومين مزدوجين.

وبدأ التفجيران المتزامنان بعملية انتحارية فجّر خلالها المنفذ حزامه الناسف في المدخل الخلفي للجامعة، ليعقبها انفجار سيارة ملغومة متوقفة قرب المدخل الرئيسي للمبنى.

وجاء في التقرير أن نحو 155 تربوياً، على الأقل، قتلوا منذ غزو العراق عام 2003.

من جانبه قال السيد حاكم الزاملي وكيل وزير الصحة اليوم الاربعاء ان جرحى انفجار المستنصرية الذي حدث امس توزعوا على مستشفيات الجملة العصبية والكندي والامام علي وابن النفيس وان فريقا طبيا برئاسته يقوم الان بزيارة الجرحى الراقدين في تلك المستشفيات للاطمئنان على اوضاعهم الصحية."

وزير التعليم العالي يكشف فساد اداري ومالي اممي - اميركي في وزارته

اكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عبد ذياب العجيلي ان وزارته من خلال اطلاق اليد للمفتش العام فيها استطاعت فضح فساد مالي واداري لمبالغ يعود انفاقها للامم المتحدة ومكتب "اعادة اعمار العراق" التابع للولايات المتحدة الاميركية والذي يشترك فيه فيلق مهندسي الخليج مع السفارة الاميركية .

واكد العجيلي في مؤتمر صحفي عقد في الامانة العامة لمجلس الوزراء ضمن سلسلة مؤتمرات تقيمها اللجنة الوطنية للاعلام بمناسبة مرور عام على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية اكد ان مقادر المبلغ المرصود هو 27 مليار دينار عراقي بمايعادل 20 مليون دولار اميركي

واضاف الوزير ان في محور انجازات وزارته تم كشف المبالغ المالية الخيالية ضمن تبعيات الفساد الاداري والمالي لجهات استغرب ان تقوم بذلك كالامم المتحدة ومكتب اعمار العراق .

واضاف العجيلي اين وصلت التحقيقات بشان مقتحمي دائرة البعثات التابعة لوزارة التعليم العالي.

مدارس (الطين) في الناصرية شاهد على مأساة التعليم في العراق

حذر أساتذة ورجال تربية ومختصين في الشأن التربوي من الانحطاط والتخلف والتردي الكارثي في العملية التربوية والتعليمية في سائر أنحاء العراق عامة والمنطقة الجنوبية على وجه الخصوص لاسيما التدهور الخطير في شخصية المعلم الذي تهاوت تحت ضغط الوضع المعيشي الصعب بعدما كان موسوعة في المعرفة ومثالا يحتذى به في عموم المجتمعات العراقية.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي اعلن الاحد إجراء مراجعة جذرية لنظام رواتب المعلمين والعمل بنظام جديد يبدأ سريانه مطلع العام القادم لتحسين المستوى المعيشي للمعلمين، حسبما أفاد بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء.

مدارس  "الطين"

ويضيف قائلا "وإذا أردت أن أتطرق إلى واقع المدرسة الابتدائية من خلال تجربتي كمشرف تربوي , فذلك سيكون في خانة غير المعقول فمن يسترخون على كراسيهم الدوارة من العراقيين , ناهيك عن الأجانب الذين سيعتبرون كلامي هذا ضربا من الخيال , فهل تعلم إن موظف الخدمة في مدرسة من المدارس التي زرتها جلب لي بساطا من بيته القريب لاجلس عليه في إدارة المدرسة التي هي عبارة عن غرفة من الطين لا تتجاوز ( ثلاثة في ثلاثة متر مربع ) وفيها ( بارية واحدة ) وسقفها يتدلى منه آلاف الخيوط من البردي وأوراق القصب القديم .. هذه الغرفة التي تمثل إدارة المدرسة في بلد الرافدين ليس فيها كرسي واحد يجلس عليه المدير ولا منضده ولا دولاب , هكذا ونحن في القرن الواحد والعشرين ".

وتابع بالقول  "وهل تعلم إن مدارس الطين ، بدون أبواب ولا شبابيك فيواجه أبناؤنا وبناتنا بخدودهم الطرية اليانعة لفحات سموم الصيف ورذاذ المطر أيام الشتاء القارص".

ويحاول ان يشخص افة  الفساد  التي ابتلعت اموال بناء المدراس قائلا " هل تعلم إن بناية مدرسة يداوم فيها أكثر من ألف تلميذ وتلميذة دواما ثلاثيا بدون مرافق صحية طيلة عام دراسي كامل , لا لسبب إلا لان حلقة من حلقات المقاولات لم تجر الأمور لصالحه فخرج المقاول من مقاولته ولم يعد "، حيث إن المقاول الرئيسي يبيع على آخر والآخر يبيع على ثالث وهكذا والله العالم كم هو عدد الحلقات التي هي مستفيدة بالكامل فالذي حصل إن احد هذه الحلقات.

ويؤكد المشرف التربوي ان الأطفال يعانون ما يعانون ولا احد يشعر بمعاناتهم احد،بالاضافة الى إن المعلم يقطع عشرات الكيلومترات في حوض سيارة ( البيك آب ) ليصل إلى مدرسته وهو قطعة من التراب لم يجد في مدرسته مرافق صحية ليعيد فيها وضعه واستعداده لمواصلة عمله .

من هم قادة الشعب ؟؟

ومن جانبه قال عدنان الجهلاوي مدير مدرسة ابتدائية :إن رواتب مجلس النواب والسادة الوزراء الذي لا يرون أشعة الشمس فهم محاطون بالزجاج المظلل في سياراتهم وبيوتهم ودوائرهم تفوق رواتب المعلمين بعشرات الآلاف من المرات شهريا ولك أن تقارن بين راتب قدره اثنا عشر مليون دينار وراتب قدره مائتي ألف دينار , والفئة الأولى تقول عن نفسها إنها ( قادة الشعب ) ولكن الفئة المظلومة الثانية تقول عنها الدنيا بكاملها بأنهم ( قادة الشعوب ) ,

وهذا الوضع الاقتصادي البائس الذي يرزح تحت اتونه المعلم دفعه إلى أن يعمل في الأسواق في مهن لا تليق به ولا يليق بمكانته لسد رمق عائلته سيما إيجار ابسط بيت أصبح ( 200 ) ألف دينار على اقل تقدير .

وتقول بسمة التميمي ( تربوية ) :إن واقعنا التربوي الذي هو جزء من الواقع العراقي العام هو واقع مزر ومأساوي وإذا أردت الربط بين الواقعين فلا أغالي إن سوء الواقع بشكل عام ومن جميع جوانبه, هو إفراز لسوء الواقع التربوي, فالذي أراه إن الإرهاب الذي يتفشى في كل مفاصل حياتنا لم يشعه الناس المتحضرون والمتعلمون والمثقفون بل إن معظم أدواته ومسببي نجاحاته التي تتحقق هنا وهناك هم من الجهلة والمتخلفين والقتلة , انضم حولهم المنتفعون وأصحاب الأغراض الدنيئة من المتعلمين وجعلوا هؤلاء أدوات وسخروهم لتحقيق أهدافهم الخبيثة .

الماضي لا يعزف للحاضر

اما علي محسن العبودي ( مدرس ) يقول :أتذكر بالعرفان جميع الأحياء من المعلمين الذين وضعوا خطانا على الطريق الصحيح وعلمونا كيف نتصرف وفق الأصول في كل شيء .. علمونا نحترم النظام ..علمونا بان لا سبيل لنا من أن نتقدم خطوة واحدة على من هو اكبر سنا منا , ليكون ذلك مبدأ لا نستطيع التمرد عليه ... علمونا كيف نختار الألوان في ملابسنا لتبدو منسجمة متناسقة , وبدأ ذوقنا ينفر من كل نشاز في اللون أو التصرف أو الذوق العام ... علمونا إن التوقيع نيابة عن الآخرين والذي هو في منتهى السهولة في وقتنا الحاضر أمر غير ممكن حتى لو كان نيابة عن الابن أو الأخ أو اقرب الاقربين .

كنت احلم بالارتقاء بمستوى المعلم والوصول إلى المزيد .. كنت احلم إني اسلم ابني الذي يمثل الأعز من كل شيء في الحياة إلى الشخص الذي يمتلك القدرة الكافية إعدادا وتأهيلا لرعايته وبث السرور في قلبي لأراه نبتة جميلة تزداد جمالا ورونقا وبهاءا في كل يوم في ظل راع جدير ومقتدر . لكن الذي لم يدر في خلدي إنني اسلم ابني وابنتي إلى من يرشقه بالسهام ليلقيه صريعا دونما وجود من يقول للجاني إن على عينيك حاجب , هذه النبتة الرقيقة التي هي بحاجة إلى رعاية عالية ومكثفة إلى شخص مهني حقيقي بارع الإمكانيات أصبحت عرضة لكل عوامل القتل والتدمير .

الحمير والدكتوراه

الأستاذ شاكر حسين دمدوم أستاذ قسم التاريخ في جامعة ذي قار قال بلوعة وحسرة :معلم الأمس كان موسوعة من الموسوعات الواعية في المعرفة , فعندما يتحدث يصغي له الآخرون لأنه يعرف ما لا يعرفون ويملك ما لايمتلكون .. كان راقيا في علمه وسلوكه ومنظره والتزامه وفي كل شيء , فليس بوسع احد أن يجاريه ويسابقه وله الصدر دون العالمين . لكن خرج علينا جيل من المعلمين الذي افسدوا النظام التعليمي في العراق وانعكاس ذلك على تربية النشء الجديد الذي يصل إلى مرحلة المتوسطة ولا يجيد القراءة والكتابة .

الأمر لم يتوقف على المعلم والمدرس فحسب بل ينسحب كذلك على حملة الشهادات العليا وطلاب الكليات , وكثيرا ما نطق أستاذنا الجليل الدكتور صادق السوداني الاستاذ في كلية التربية – جامعة بغداد قائلا ( ما أكثر الحمير من حملة شهادة الدكتوراه ) ويعني إن الكثير من حملة الشهادات العليا لم يتجذر فيهم ( الوعي الناضج ) ويعانون من أمية ثقافية ولم يحاولون تربية حسهم الذوقي والادراكي والقرائي والمعرفي وملتزمين بالمنهج الامي , ولا يملكون حس تحليلي واع مثلهم كمثل الذي ينظر إلى الهرم من جانب واحد دون أن يكلف نفسه أن ينظر إلى الهرم من جميع الجهات .

 أما طلاب الكليات فحدث ولا حرج  فالكثرة الكاثرة منهم لا تجيد قراءة جملة واحدة بشكل صحيح بل في أكثر الأحيان يقراون ولا يفهمون مايقراون , واضرب لك مثالا إلى إنني وخلال مناقشتي لأحدى طالبات المرحلة الرابعة في قسم التاريخ وجهت لها سؤالا محددا هو ( كم عدد الملوك الذين حكموا العراق فقالت ( هواي ) فقلت لها بتقديرك ماهو عددهم فقالت اعتقد أكثر من مائة , وعليك  يا سيدي العزيز حجم الكارثة في المستوى الوعي الاكاديمي والثقافي من إجابة الطالبة التي ذكرتها سلفا .

تقارير أمريكية تتحدث عن تغيير مناهج التعليم في العراق

 نشرت جريدة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا في السادس من أبريل الحالي يتحدث عن سعي الحكومة الأمريكية بالتعاون مع بعض العراقيين المغتربين إلى تغيير المناهج التعليمية في العراق على غرار ما قامت به الحكومة الأمريكية في أفغانستان، وذكر التقرير أن وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية (AID) رصدت 65 مليون دولار أمريكي لتقدمها كعقود للمؤسسات سوف تعمل على تغيير هذه المناهج ومن بينها منظمات أمريكية أشرفت على صياغة مناهج تعليمية جديدة للمدارس في أفغانستان، وذكر التقرير أن الإدارة الأمريكية تأمل في أن تجري هذه التعديلات في الشهور الخمسة القادمة وقبل أن يعود الطلاب العراقيون إلى مدارسهم في بداية العام الجديد.

ويقول التقرير أن الحكومة الأمريكية تهدف من خلال مجهودها هذا إلى مكافحة أفكار مثل النزعة العسكرية المتطرفة والولاء المطلق لصدام حسين والتي ترى أنها منتشرة في المقررات الدراسية العراقية التي قررت في عهد نظام صدام حسين.

وقد أشار المقال إلى أن نظام التعليم في العراق كان يعد من أفضل نظم التعليم في العالم العربي قبل حرب الخليج الأولى في عام 1991 وقبل الحصار الذي فرض على العراق بعد الحرب، وذلك وفقا لتقارير أصدرتها الأمم المتحدة.  

طلب العلم أصبح هاجسا مخيفا في العراق

ويجمع التلاميذ والطلبة والمسؤولون التربويون في العراق على الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع التعليمي في البلاد لا سيما انعدام الأمن، مما ينعكس سلبا على سير الدروس والامتحانات والنتائج.

 ولا تدري العائلة العراقية ماذا تفعل وهي تواجه المخاطر من كل صوب في سبيل حصول أولادها على تعليم يؤمن مستقبلهم رغم كل العراقيل.

 الحاجة أم نوري التي أصيب حفيدها سنان بجروح بالغة في تفجير قرب مدرسته, قالت "لا يمكننا أن نضع الولد في قنينة من زجاج. واجهنا كل المخاطر لأجل الامتحانات التي يجب أن يؤديها ولا يحرم منها".

أما إسراء رحيم فقالت إن ولدها أحمد أدى امتحاناته كلها في يوم واحد "لأن مدير المدرسة من أقارب والده ولأن تردده اليومي إلى المدرسة في هذه الظروف أمر صعب وخطير للغاية".

المسؤولون قلقون

من جهة المسؤولين اعتبر مدير مدرسة ابتدائية جنوب بغداد أن أصعب أيام حياته هي التي يكون فيها مسؤولا عن مئات التلاميذ الصغار الملزمين بالدوام في المدرسة ومواصلة التعليم.

 أما الأستاذ رياض محسن مدير مدرسة الشهداء في منطقة الكرادة الشرقية التي تضم 250 طالبا، فقد أكد أنه "لا يستطيع أن يجعلهم يعيشون وسط معسكر من الأسلحة والحراس والترقب والتأهب".

 ويضيف محسن "إنها قضية معقدة من الصعب فهمها أو التكيف معها بالنسبة لهؤلاء الصغار الذين من المفترض أن يتقبلوا التربية الأساسية وفق الأساليب الحديثة للتعليم".

من جهته قال المدير في مديرية التربية في منطقة الكرخ محسن عبد الله "طلبنا من الأولياء مواصلة تدريس أولادهم وتحدي الظروف القاهرة التي يمر بها الشعب العراقي".

لوائح التعليم العالي العراقية.. تساؤلات وتطلعات؟

وتخيِّم على العراق بعض غمامة جراء غبار التفاعلات التي أعقبت انهيار طغيان الاستبداد الدكتاتوري الذي مسخ كلَّ شيء فيه بما في ذلك مؤسسات الدولة المدنية التي تحولت بالقوة البوليسية إلى مؤسسات خدمة الطاغية لوحده! وبعامة فإنَّ هذه الغمامة لن يطول بها الزمن حتى ترحل منقشعة عن شمس وعي أهل البلاد وثقافتهم الأصيلة التي تنتمي إلى آلاف أعوام الحضارة التي شادوها مؤسسين للبشرية قيم الدولة المدنية..

فلقد كانت أول دولة مدينة وكان فيها أول مدرسة وأول لوح للكتابة والمعرفة وأول أبجدية فكانت سومر مهد الإنسانية وتراثها المعرفي الثرّ.. وجاءت بابل وأكد وآشور ومنجزات شعوب وادي النماء التي بقيت شعاعا حتى صارت قوانين المدن السومرية فقوانين مسلة حمورابي أساسا ومقدمة لقوانين البشرية.. وصارت لوائح المؤسسة المدينية تقعيدا للوائح لاحقة وتأسيسا لها...

وتأتي دار الحكمة ثم الجامعة المستنصرية لتطلق لوائح للعمل المعرفي العلمي وتتأسس الجامعة العراقية الحديثة بناء على خبرات رصينة وإبداعات مشرِّفة لحكماء العراق ولعقله العلمي الجديد.. فتبدأ رحلة معاصرة للصراع بين بيت المعرفة وعقل العراق العلمي من جهة وسلطات الدولة العراقية التي ظلت في أغلب مراحلها المعاصرة تبغي التخلص من تأثير أهل الحكمة والعقل!

وكانت لوائح الجامعة العراقية والتعليم العالي قد سُنَّت في ظروف التوازنات التي خضعت لسطوة دكتاتورية الدولة والحكّام الذين عادة ما كانوا من جهلاء القوم أي من معاديّ العلم وأهله. فكانوا بتعمدون استيزار [جَهلة] لا ترقى شهاداتهم  أو خبراتهم لما يؤهل لإدارة مراكز البحث والجامعات والأكاديميات..

لقد حاول أكاديميو العراق في فسحة زمن ثورة الرابع عشر من تموز أنْ يطوروا في لوائح رحلة التأسيس ولكن ذلك سرعان ما غار بعيدا في مجاهل زمن دموي بشع استلب حتى أوليات التأسيس واليوم لا ينبغي الانشغال في مجريات الأجواء وغبار معركة التحولات الجذرية.. فمهمة كل فئة من مجتمعنا العراقي يلزم أنْ تنصبّ في مجالها. ومجال عمل الجامعة العراقية والأستاذ العراقي يكمن في تعديل لوائحه المشوَّهة التي خلَّفها زمن التخلف والعبث بكل مفردات الحياة العراقية...

وسيكون من غير المعقول أنْ تستمر تلك اللوائح والقوانين التي سنَّها زمن الاستلاب والقسر والإكراه، زمن التخلف ومعاداة العلم وأهله. ليس من الصحيح ولا من الصحي الصائب أنْ نتعامل على وفق منطق ما سنَّه أزلام الظلمة والتضليل تحت يافطات احترامروح وطني أو قومي [مزيف]  أو قدسيةروح ديني أو اعتقادي [مدَّعاة]. فكل شيء اليوم متاح لأكاديميينا لكي يراجعوه ويُعمِلوا عقولهم النيِّرة لتغييره بكنس ضلالات الماضي المهزوم..

ومن هنا وجب على مؤسسة التعليم العالي العراقية من مراكز بحثية ومعاهد علمية وجامعات أنْ تنهض بمهمة تنظيف أجوائها تماما وكتابة لوائحها الإدارية والأكاديمية بما يخدم مسيرة العلم وأهله ويصبّ في مصالح إعادة بناء الروح العراقي الوطني ويفتح آفاق التعليم العالي والبحث العلمي على أوسع مصاريع بواباته بلا تضييق وبلا تشويه وبلا مصادرة لحرية البحث ولحرية اكتساب نور العلم لبناء البلاد وقبلها نقاهة العباد وصحتهم المعرفية الروحية..

ومن أجل ذلك نجد أنَّ بعضا من بقايا عهد المحافظة والتقليد ممن يخشون كل تغيير وممن يرون في التمسك بعهود ومواثيق الماضوية المندثرة صحة لهم وممن يرفضون كل جديد وكل رأي علمي مصيب؛ نجد هؤلاء ما زالوا يمسكون بخيوط القرار في بعض مفاصل التعليم العالي وليس لنا مع مثل هؤلاء المعرقلين الضلاليين الظلاميين مناقشة ولكننا نحاور ونجادل ونناقش فيما بين أهل العقل والرشاد والحكمة لكي نصل إلى البدائل المعرفية العلمية المشرقة المشرّفة التي تقوم على أحدث ما توصلت إليه البشرية من قوانين ولوائح وتشكيلات إدارية وأساليب تعليمية محدثة تتناسب ومستوى التطورات العاصفة التي حدثت في عالمنا المعاصر.. 

فهل لزمن صناعة الورق أنْ يمضي في استخدام لوح طيني في الكتابة المدرسية؟ لقد مضى زمن السؤال بإجابة أنهت ألواح الطين وشرعت بجديد الزمن.. وصرنا نسأل اليوم هل لنا أن نمضي بالورقة والكتاب المطبوع في زمن الإنترنت والرقائق الرقمية؟ وهل سنمضي في استخدام الرياضيات التقليدية أمام الرياضيات الحديثة؟ وهل سنمضي في استخدام آليات التعليم التقليدية من دون أية إفادة من آليات التعليم الحديث؟

هل سنمضي من دون أن نفيد من الكومبيوتر والإنترنت؟ هل سنلزم جانب التعليم التقليدي بحدوده وشروطه ومستلزماته التي كادت تمّحي من معاجم التعليم الحديث عالميا؟ هل سنمضي بآليات دول التخلف ولا نرفع أعيننا متطلعين لهضم واستيعاب ما توصلت إليه دول التقنيات الحديثة؟

هل سنطبق قوانين ولوائح التعليم في دول الظلمة, دول ذيل قوائم الحياة المعاصرة ونغض الطرف عن النظر إلى دول المعرفة والعلوم الحديثة؟ هل يناسبنا البقاء في مؤخرة ركب الحضارة ونحن أهل العقل والحكمة والسداد؟ هل نقبل أنْ تدخل إلينا تقنيات العصر من شبابيك استخدامها السلبي الخطير بدلا من أنْ نُدخِلها نحن من بوابات المعرفة الإيجابية بما يتيح لنا تسريع البناء وإعادة الإعمار بوساطتها بدلا من تخدير شبيبتنا بخزعبلات توظيفات رخيصة لها؟

لماذا لا يكون الكومبيوتر أداة بحثية في جامعاتنا وفي مسيرة التعليم لا مرآة تخديرية رخيصة خطيرة؟ أليس الاعتراف بلوائح جديدة في التعليم العالي، بالتحديد تغيير مفاهيم حصر التعليم بالتقليدي من وسائله، أمرا مجديا ومهما لملاحقة أفضل وسائل تسريع التغيير ومعالجة مشكلات سباق الزمن الذي تأخرنا عنه طويلا؟

لقد نهض الأستاذ والأكاديمي العراقي بمهماته في افتتاح مشروعات مراكز البحث والأكاديميات والجامعات الأهلية التي تستخدم طريقة التعليم المفتوح والتعليم الألكتروني، التعليم عن بُعد بتوظيف آليات التعليم الحديثة فيما بقينا نسمع بسلطة لوائح التعليم التقليدي بوسائله التقليدية الثابتة التي تكلست وتجمدت وتشوّهت بسياسات ماضوية..

وما يُنتظر أنْ يحصل هو فسح المجال لتغيير تلك اللوائح التقليدية بما يتيح معالجة التشوهات في تلك اللوائح وما يتيح تحديثها وتطويرها وتقويمها فضلا عن فتح فرص الإفادة الأوسع من أساليب التعليم الحديثة سواء منها التعليم المفتوح أم التعليم الألكتروني بما يؤدي إلى أفضل نتائج المردود من تلك الأساليب المتطورة الحديثة..

هل سننتظر طويلا لأي سبب مثل هكذا تغيير وكل أعمدة التعليم الأهلي من مفتوح وألكتروني قد شرعت بالعمل الميداني؟ هذا يعود للإرادة السياسية للحكومة وللقرار الإداري الخاص بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.. وهو يعود لمصادقية التوجه الذي أعلنه وزراء التعليم الذين تعاقبوا على الوزارة خلال السنوات الثلاث فقد تقرر بحث مثل هذه التغييرات واتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ الجديد من التصورات الإيجابية وأعلن السيد وزير التعليم العالي قبيل مدة قصيرة توجها جديا مسؤولا لافتتاح الجامعة الألكترونية ولاهتمام مميز منتظر بالتعليم المفتوح والتعليم عن بُعد وبالتعليم الأهلي ...

كل ذلك يشكل تأسيسا يُؤمَّل فيه حشد قوى التغيير العلمية الصادقة في خدمة العراق الجديد المتجهة لأفضل أساليب التعليم ولأرقاه ما يجعلنا نقول لن ننتظر طويلا مع تضافر جهود الجميع والدخول في محادثات مسؤولة عن أشكال استثمار التعليم الأكتروني سببا في مراجعة شاملة للوائحنا بما يتيح إزالة رواسب ماضي الأنظمة الاستبدادية الغاشمة ولوائحها التي كرست التخلف وخدمة الفرد الطاغية وأمراضه..

هذه رسالة موجهة إلى معالي وزير التعليم العالي وإلى إدارات الوزارة والمراكز البحثية كما تشكل نداء لمجموع أكاديميينا وأولهم الجامعة المستنصرية التي شرعت بتوظيف التعليم الألكتروني من أجل عقد مؤتمر التغيير في التعليم العالي العراقي لنكون أسبق من غيرنا بعد أن وضعنا قزم التخلف والجهل الدكتاتور المهزوم في خانق وشرنقة الظلام وأساليب التقليد المريضة لنتحول إلى أفضل لوائح العمل الجامعي والأكاديمي الحديث.. ولدينا نحن العراقيين كل الطاقات الكافية للنهوض بمشروع التحديث..

وسيكتب التاريخ لجيل التغيير كلمته.. وثقتي أن أسئلتي هذه لن تبقى مجرد أسئلة وتذهب أدراج المكاتب وريح التقليد المرضي المحافظ بل ستجد إجابتها في غضون عام التحول العلمي المعرفي والتغيير في لوائح الماضي البغيض لنسابق الزمن ولنسابق أجواء تتربص بنا لتركيز رخيص الأمور ومريضها بدل مشرق الغايات وكبير الأهداف والمطامح وتحية سلفا لكل رأي نبيل وصاحب حكمة وقول رشيد وقرار سديد.

تراجع مستوى التعليم في العراق ... اسبابه وسبل معالجته

تراجع المستوى العلمي والتربوي في العراق كثيرا خلال السنوات الماضية التي سبقت سقوط النظام البائد ولمختلف المراحل الدراسية واسباب ذلك لا تعود الى عوامل دون اخرى وانما جملة عوامل مترابطة ادت الى تدني العملية التربوية فاحد هذه العوامل كانت سيطرة ذلك النظام على جميع مرافق التعليم وتسخيرها لمصلحته الشخصية وسيطرته على جميع مناهج التعليم التي اخذت تمجده فضلا عن العامل الاقتصادي الذي يعد المحور الاساسي للبناء ومن ثم عدم استقرار الدولة يؤدي الى الانهيار الشامل الذي انعكس على الواقع التربوي والعلمي في البلد حيث تعرض البلد لحصار دام اكثر من ثلاثة عشر عاما اضعف الكيان التعليمي والتربوي بشكل كبير.

ولمعرفة الاسباب التي ادت الى تراجع المستوى التعليمي في العراق وتحديد السبل الكفيلة التي يمكن من خلالها الارتقاء بالمستوى التعليمي والدراسي للطلبة من خلال اراء عدد من المختصين والمعنيين بالشان التعليمي.

 (محمود كاظم العقابي) التدريسي في جامعة بغداد الذي قال:ان اسباب تراجع مستوى التعليم في العراق يعود الى سيطرة النظام البائد على المؤسسات التعليمية وتسخيرها لمنفعته الشخصية كما ان اغلب الاسر اخفقت في الارتقاء بواجباتها نحو ابنائها جراء غياب المتابعة اليومية وتجاهل مشاكل الطالب واحتياجاته وغياب المتابعة الدورية مع ادارة المدرسة وكذلك العامل الاقتصادي الذي اجبر الكثير من الطلبة على ترك مقاعد الدراسة والاتجاه نحو العمل لاعانة اسرهم مضيفا ان الكادر التعليمي كان قد مر بظروف صعبة وقاسية قبل السقوط وخصوصا طيلة فترة الحصار الاقتصادي فالمصلحة العامة غابت من قاموس ضمائرهم وغياب الشعور بالمسؤولية الشرعية والقانونية كما ان هبوط المستوى العلمي والثقافي للمعلم وانحسار مهمة التعليم على ما يحتوي الكتاب المعد دون سواه مما تسبب في تحجيم عقلية المعلم والطالب معا ونسف المغلوط اي تفضل بين المعلم والطالب معا مما ادى الى تمادي المتعلم على المعلم وربما يصل ذلك الى الهدايا ثم الى الرشاوي وفيما بعد الى مرحلة بيع الاسئلة ومن خلال السماسرة موضحا ان هناك اسبابا اخرى تتعلق بقصور  المنهج الدراسي عن مواكبة الحالة الحضارية التي وصلت اليها شعوب العالم وتحسين المنهج الدراسي ابتداءا من قراءة الصف الاول وصولا الى المرحلة الجامعية وغياب التقنيات الحديثة التي تساعد على قبول المادة بالاضافة الى سوء الادارة ابتداء من الوزارات وصولا الى ادارة المدرسة اذ كانت هذه الادارة تخضع تماما لتوجيه السياسي كما ان المدارس تعاني الاهمال من حيث فقدان المقاعد الدراسية والسبورات بل ان بعض المدارس لا يوجد في صفوفها ابواب. 

فيما ترى السيدة (هناء اسعد) تدريسية في الجامعة المستنصرية ان العملية التربوية تقوم وكما هو معروف على ثلاثة اركان الطالب والمدرسة والاسرة ويمكننا صياغة عملية رياضية توضح ترابط هذه الاركان المدرسية والاهل التي ينتج عنها طالب جيد والذي يعني تقدمه وتطور الحركة العلمية واضافت ان المدارس وخلال السنوات المنصرمة مقيدة بمناهج قليلة الجودة اذا اعتمد التقسيم الكلاسيكي لتوزيع المواد الدراسية في مختلف المراحل الابتدائية والثانوية كما لاحظنا خلال زيارتنا للمدارس تراجع ملحوظ لادوار تلك الاركان بسبب بروز صوت الحزب الواحد بوصفه قوة سلطوية على كاهل الواقع التعليمي مشيرة الى ان اطراف المعادلة العلمية لم تكشف بالانسحاب بل امتد الامر بخضوعها للهيمنة الحزبية اذا اخذت عناصر غريبة من الجو العلمي تدخل في رحاب هذا الصرح وبعد سقوط النظام البائد ودخولنا في عصر جديد يظهر التفكك بين اطراف المعادلة اهم ما يمكن تشخيصه على واقع الحركة العلمية حيث اخذت ادارات المدارس تهتم بالاثاث والبناء المعماري لها اكثر من انشغالها بتجديد المدارس او تاسيس المكتبات فضلا عن انشغال الاهالي بالظروف الحالية التي يمر بها البلد فتردي الاوضاع الامنية وعمليات التهديد بالخطف والتهجير القسري التي تجري حاليا على نطاق واسع ساهمت وبشكل فعال في عزوف الاهالي عن ارسال ابنائهم الى مقاعد الدراسة اما الطالب فلم يتطور علميا وان انتقل الى مرحلة دراسية متقدمة اذ صار شغله الشاغل الحصول على النجاح بأسهل الوسائل الممكنة موضحة ان هناك وسائل عديدة لتطوير الواقع العلمي  بالوسائل العلمية من خلال تغيير المناهج الدراسية وتطويرها وتكثيف الدورات التطويرية للاساتذة لتاخذ شكلها الحقيقي لا الشكلي والاهتمام بالطالب لا كونه مستهلك لجهد بل الانشغال به بوصفه طاقة نقدر على توجيهها للاتجاه الصحيح والاهتمام بمواهبه التي نستها المدارس والجامعات فضلا عن توعيه الاهالي باهمية العلم لا النجاح المجاني. 

فيما يرى السيد (سلام عمران) احد العاملين في تربية الرصافة ان التعليم مر في فترة مظلمة خلال العقد الاخير من القرن الماضي حيث لم يلق التعليم انذاك اية رعاية او اهتمام بل على العكس اراد النظام السابق ان يهبط التعليم الى الحضيض كي يستطيع تحقيق مآربه من خلال مجتمع متخلف وقد استهدف المعلم من مختلف النواحي مما جعل عطائه بالحد الادنى فضلا عن عزوف الطلبة عن التعليم بسبب الظروف السياسية والاقتصادية في جعل مخرجات التعليم متدنية من حيث النوع مضيفا ان هناك عدة افكار يمكن من خلالها الارتقاء بالعملية التربوية والتي تتجسد بالعمل بقوانين الاداء في العمل والتشديد على تطبيقها بحق المقصرين من الكادر التدريسي وتفعيل قانون الثواب والعقاب ليكون الثواب حافزا والعقاب رادعا واعادة النظر في اليات قبول الطلبة في كليات التربية ومعاهد اعداد المعلمين بوضع شروط لا تسمح بتسريب الطلبة  للمؤهلين لهذه المهنة من خلال رفع معدلات القبول فيها واعادة النظر في المناهج الدراسية لكل مرحلة تأخذ بنظر الاعتبار كل ما يتعلق بالطالب العراقي من ثقافة وبيئة ومعتقد وانتماء ةالعمل على استقلال المنهج وعدم تسيس الجانب الاداري والاعتماد على معيار الكفاءة للوصول الى هذا المنصب او ذاك واقامة الدورات وفتح باب البعثات او الزمالات للهيئة التعليمية ووضع حد لكل القرارات التي من شأنها ان تسبب في تدني المستوى التعليمي ومتابعة ادارات المدارس ولاسيما البعيد عن مركز المحافظة من قبل المشرفين بشكل دوري مما يولد شعورا لدى بعض المعليمين بان ادارة التربية على علم بما يحدث في المدارس وبالتالي تفعيل المراقبة وتزويد المدارس بما تحتاجه من اثاث واجهزة ولوازم مدرسية.

و يعاني التعليم في العراق من مشكلات عديدة بعضها موروث عن الحقبة السابقة وبعضها موروث عن أساليب التعليم القديمة التي لم يستطع الجهاز التعليمي العربي الخروج منها منذ سقوط الدولة العثمانية.

 وأهم مشكلات التعليم في العراق هو غلبة المواضيع النظيرة على المواضيع التطبيقية والعملية الأمر الذي يؤدي الى تخرج كوادر أكاديمية تدور في فلك الثقافة التقليدية ولا تستطيع الانتفاع بما تعلمته عملياً في مجال العمل.

وأن قدم المناهج وأساليب التعليم في العراق يؤدي الى تخريج كوادر لا تحسن أداء شيء في الغالب وتلقي بعبأ عملها على عاتق الحكومة. وللخروج من هذا الوضع لابد من ثورة في مناهج التعليم وتفعيل دور النشاطات اللاصفية والدروس التطبيقية للحصول على كوادر مسلحة بالعلوم العصرية بما يتيح لها النهوض بالبلد واعماره.

في التعليم تتجلى روح الأمة

عندما انتصرت اليابان في الحرب على روسيا مطلع القرن العشرين، أطلق جنرال ياباني مقولة (انتصر المعلم الياباني)، وأراد من هذه المقولة، أن تعبر عن جوهر وحقيقة هذا الانتصار، حيث ربطه بالتعليم.

 وعندما وقعت فرنسا تحت الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية، اعتبر شارل ديغول أن هذا الوضع يصور هزيمة المدرسة الفرنسية أمام المدرسة الألمانية، وعندما سبق الصاروخ الروسي نظيره الأمريكي عام 1957م، صور هذا التفوق العالم الأمريكي كارل الندورفر بأن المدرسة الروسية انتصرت على المدرسة الأمريكية، وعندما وجد الأمريكيون ضعفاً في نظامهم التربوي والتعليمي دقوا ناقوس الخطر، وأصدروا تقريراً بهذا الشأن عام 1983م، حمل عنواناً لافتاً للغاية هو (أمة في خطر)، العبارة التي اكتسبت شهرة لقوة دلالتها، وشدة الدهشة فيها.

تكشف هذه المواقف كيف أن التعليم يمثل روح الأمة، ويعكس وجدانها، وتتجلى فيه كل خصائص وسمات الأمة، قوة وضعفاً، تقدماً وتراجعاً.

ويمكن القول أن من يريد التقدم والمدنية والحضارة عليه أن يبحث عنه في التعليم، ومن يريد المحافظة على النظافة، وحماية البيئة، والتقيد بالنظام، والالتزام بالوقت، وإتقان العمل، عليه أن يبحث عنه في التعليم، ومن يريد البحث عن الأخلاقيات والفضائل والآداب الحميدة عليه أن يبحث عنها في التعليم، وهكذا من يريد البحث عن ترسيخ الوحدة الوطنية، وتماسك النسيج المجتمعي، وتقوية الروابط والعلاقات بين الناس، عليه أن يبحث عنها كذلك في التعليم.

وهذا يعني أن هناك ثروة عظيمة علينا أن نكتشفها في مقاعد الدراسة، وبإمكان كل طالب أن يتحول إلى منجم، يختزن من الثروات التي لا تنصب، عن طريق التعليم المثقف والفعال.

هذه هي عظمة التعليم، وهي ليست بحاجة إلى اكتشاف، لكنها بحاجة إلى تخلق، تتجلى في حب العلم، وعشق المعرفة، واكتساب فضائل العلم وآدابه.

ونحن كأمة من السهولة علينا كما يفترض، التعرف على قيمة العلم، وعظمة التعليم، بحكم معرفتنا أن أول كلمة نزلت من الذكر الحكيم، هي كلمة (اقرأ)، التي تفيد نفي الجهل كقاعدة عامة، وتأكد أن الأصل في الإنسان المسلم أن يكون متعلماً، وكيف أن الدين جعل من العلم نقطة البدء، وبحكم أن الدين جعل من طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، كما جاء في الحديث النبوي المعروف، ودعا إلى طلب العلم ولو بالصين.

والمشكلة أن هذه الأمور نعرفها جيداً، ونحفظها عن ظهر قلب، وتمر على أذهاننا باستمرار، لكنها لا تغير فينا شيئاً، ولا تحرك ساكناً في حياتنا، ولم تعد تدهشنا مع شدة وقوة الدهشة فيها، والسبب يكمن في ذلك التخلف الجاثم علينا بقوة، والذي يشكل مانعاً وحاجزاً لا نستطيع أن نقدر حجمه وتأثيره كماً ونوعاً، فهو الذي يحجب عنا الرؤية، ويسلب منا البصيرة، ويشل إرادتنا، ويهبط بطموحنا، وبالتالي لا يجعلنا نقدر قيمة العلم وعظمة التعليم.

وقد سرني ما سمعته من الدكتور سهيل زكار أستاذ التاريخ بجامعة دمشق، متحدثاً في ندوة عن حوار الحضارات بدمشق عام 2002م، داعياً إلى أن تكون وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي هي الوزارات السيادية والأولى في حكومات العالم العربي، وأن تحل من حيث الأهمية والسيادة والإنفاق مكان وزارات الداخلية والأمن والدفاع.

وإذا كنا نريد إصلاحاً وتمدناً فعلياً وحقيقياً في العالم العربي، فعلينا أن نعطي وزارة التربية والتعليم صفة الوزارة الأولى بشرطها وشروطها في حكومات هذه الدول، ونجعل من حقل التربية والتعليم الحقل الذي نرى فيه معركتنا الحضارية، ومصيرنا ومستقبلنا، ونضع له أكبر ميزانية مالية، ونبذل فيه أكبر إنفاق في ميزانية الدولة. وبهذه الخطوة سنكون على الطريق الصحيح في عملية الإصلاح وبناء التمدن.

  المسألة التعليمية والإطار الثقافي

يتزايد الحديث ويتراكم عندنا حول المسألة التعليمية والتربوية، وتتعدد حولها وجهات النظر، وقد تختلف وتتباين في مداخل البحث عن الحاجة الملحة للتطوير والتحديث، وكيفية تدارك وتجاوز نقاط الضعف وعناصر الخلل، ومنهجية معالجة المشكلات والإشكاليات المحيطة والمتصلة بهذا الشأن.

فهناك من يرى أن المدخل الأصوب في معالجة هذا الوضع، يتحدد في تطوير وتحديث المناهج الدراسية والتعليمية، بالشكل الذي يجعلها تواكب حركة العصر ومنجزاته، وتتناغم مع روح القرن الحادي والعشرين، وتتفاعل مع ما وصل إليه العالم من تقدم في ميادين ثورة المعلومات، وتكنولوجيا الاتصالات، وشبكات الإعلام، وتتنبه إلى ما تفرضه العولمة من فرص وتحديات.

وهناك من يرى أن المدخل الأصوب، يتحدد في تطوير وتحديث طرائق ومنهجيات التعليم والتوجيه، لتجاوز الأساليب التي تكرس الحفظ والتلقين، ولا تثمر إلا بناء ذهنية جامدة وساكنة، والتوصل إلى أساليب تعزز الفهم والإدراك، وتساهم في بناء ذهنية نقدية ومبدعة، تنطلق في رحاب الحياة بطموح سام، وبأمل في المستقبل الواعد.

إلى الجانب من يرى أن المدخل والأولوية، تتحدد في الاهتمام برفع مستوى إعداد المعلمين، والعناية المستدامة بتدريبهم، لتطوير كفاءاتهم التعليمية والتربوية، وإكسابهم المزيد من الخبرة والتجربة، ليكونوا في المستوى اللائق والناضج، لأداء مهامهم ووظائفهم وبالشكل الذي ينعكس في بناء وتكوين الطلاب تعليمياً وتربوياً.

إلى غير ذلك من وجهات نظر تتصل بهذا الشأن، وتعطي الأولوية لمداخل أخرى.

والذي أراه أن هناك مدخلاً مختلفاً، في تحليل طبيعة هذه المشكلة التعليمية عندنا، وبحسب هذا المدخل فإن هذه المشكلة لها علاقة بنيوية، بطبيعة المشكلة الثقافية في مجالنا الاجتماعي، العلاقة التي تفرض ربط المشكلة التعليمية بالإطار الثقافي، الذي يمثل بحسب هذه العلاقة، جوهر المشكلة في التعليم وأساسها، وبالتالي لابد من النظر إلى هذه المشكلة من خلال هذا الإطار الثقافي.

وبحسب هذا الإطار الثقافي يمكن النظر إلى المشكلة التعليمية من خلال الأبعاد التالية:

أولاً: أن المشكلة التعليمية هي متفرعة عن المشكلة الثقافية التي هي الأصل، بمعنى أن جوهر المشكلة التعليمية وعمقها، يمتد ويرجع إلى أساسيات المشكلة الثقافية.

ثانياً: أن كون المشكلة في جوهرها وعمقها لها طبيعة ثقافية، فهذا يعني أن المشكلة من حيث الأساس ترتبط وتتصل بالمجتمع، وليس بالمؤسسة التعليمية فحسب، وبالتالي لابد من النظر لهذه المشكلة في داخل المجتمع، وليس في حدود المؤسسة التعليمية.

ثالثاً: أن أي بحث في معالجة المشكلة التعليمية، لابد فيه من الالتفات إلى الإطار الثقافي المتصل بهذه المشكلة، وتكوين المعرفة بطبيعة مشكلتنا الثقافية في مجالنا الاجتماعي.

وحين نريد أن نبرهن على صحة هذه الفرضية، فإن بإمكاننا أن نلمس أثر المشكلة الثقافية على مختلف أبعاد ومكونات العملية التعليمية، بما في ذلك المناهج والمعلمين والطلاب.

فعلى مستوى المناهج، نلمس أثر هذه المشكلة في التبسيط الشديد الذي تتصف به مناهجنا، وبالذات مناهج المرحلة الابتدائية، وكأنها وضعت لكي تناسب البيئات البسيطة من ناحية الفهم والإدراك والذكاء، ونلمسها كذلك في الميل الشديد إلى الماضي، وفي قوة حضور التراث بطريقة لا تخلو من مبالغة، ونقصد بالتراث المنتج الفكري الإنساني، وليس النص الديني المعصوم كتاباً وسنة.

وعلى مستوى المعلمين، نلمس أثر المشكلة الثقافية في ضعف التكوين الثقافي لقطاع كبير من المعلمين، بالشكل الذي يجعل هؤلاء يتقيدون حرفياً بالمادة العلمية، ولا يقدموها بشرح ناضج تمتزج فيها المعرفة بالثقافة، والعلم بالتربية، وبسبب هذا الضعف في التكوين الثقافي، فإن المعلم لا يظهر أمام الطلاب، وحتى في رؤيتهم له، بشخصية المعلم المربي والمثقف، والذي كاد أن يكون رسولا.

أما على مستوى الطلاب، فإن أثر المشكلة الثقافية، هي أكثر وضوحاً، حيث نرى أن قطاعاً كبيراً من الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم، وهم لا يحملون معهم أية خلفية ثقافية، ويضلون لزمن غير قصير، على هذا الضعف بدون أي تغيير جوهري، والمدهش في الأمر أن الكثير من هؤلاء يحملون معهم هذا الضعف الثقافي، إلى ما بعد تخرجهم من الجامعات. في حين أن المفترض في الطالب الجامعي أو المتخرج من الجامعة، أن يكون مثقفاً أو صاحب ثقافة أو تأهيل ثقافي، بعد هذا الزمن غير الطويل نسبياً، من التعليم الذي يعد كافياً بالتأكيد في البناء العلمي، والتكوين الثقافي في شخصية الطالب.

ولهذا يمكن القول أن مشكلة التلقين والحفظ في التعليم، ترجع إلى هذا الضعف الثقافي عند المعلمين، وعند الطلاب على حد سواء.

لهذا كان ينبغي أن تلفت المشكلة التعليمية، النظر إلى طبيعة المشكلة الثقافية في مجالنا الاجتماعي، وإذا أردنا البحث عن معالجات جذرية وعميقة وبعيدة المدى لهذه المشكلة التعليمية، فعلينا أن نجعل من الثقافة والإطار الثقافي، مدخلاً للنظر والتحليل والاستشراف.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 5 أيلول/2007 -22/شعبان/1428