المفقودون في العراق: واقع مرير ومأساة عالقة

اعداد/ صباح جاسم

 شبكة النبأ: تمتاز مأساة العراقيين بانها ملحمة من الألم، تتنوع حسب اطيافهم ومناطقهم الجغرافية، فمنهم من يعاني العنف والارهاب المفرط في مناطق محددة ومنهم من يشتكي التهميش والاقصاء والفقر والتغييب، واخرون يلوذون بالصمت فيما يبقون يلعقون جراحاتهم ويحملون آهاتهم بسبب فقد الأهل او الاقرباء على امل ان ياتي اليوم الذي تشرق فيه شمس الأمان ليعرفوا المصير الذي آل اليه مفقوديهم، حيث بلغ عدد المفقودين في العراق، منذ الحرب العراقية-الإيرانية وحتى الآن ما بين 375 ألفاً ومليون مفقود.

وأوضح تقرير صدر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، بعنوان "المفقودون في العراق: واقع مرير ومأساة عالقة"، أن عدم معرفة العدد الحقيقي للمفقودين في العراق يظل مشكلة حقيقية، وأنه حتى بوجود العدد الأدنى للمفقودين، أي 375 ألف مفقود، فإن ذلك يشكل مأساة حقيقية تواجهها عائلات المفقودين، وبخاصة في ظل مواصلة العثور على الجثث بشكل يومي ، وسط دوامة العنف التي تحصد المدنيين الأبرياءمن العراقيين.

وأكد التقرير أن معهد الطب العدلي في بغداد استلم حوالي 20 ألف جثة بين 2006 ويونيو/حزيران 2007، وأنه لم يتم التعرف على 50 في المائة من هذه الجثث، مشيراً إلى أنه تم دفن 4000 جثة مجهولة الهوية منذ عام 2003، في مقابر خاصة، نظراً لعدم وجود من يتعرف عليها. بحسب الـCNN.

وأشار إلى أن عملية البحث عن المفقودين غاية في التعقيد، بل وشبه مستحيلة، وذلك بسبب تردي الوضع الأمني، وانتشار البؤر المسلحة في أنحاء مختلفة من العراق.

وكشف التقرير أن فحص الحمض النووي يعد واحداً من وسائل التعرف على الجثث في معهد الطب العدلي، وأن العراق يعاني من نقص في الأخصائيين، مشيراً إلى أن عملية فحص الحمض النووي لنحو 20 ألف جثة ومطابقته قد تستغرق سنة كاملة، أو أكثر.

وبمناسبة اليوم العالمي للمفقودين، الذي يصادف الثلاثين من أغسطس/آب، ناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر المجتمع الدولي تجديد التزامه لمعالجة محنة المفقودين وعائلاتهم.

ونشرت اللجنة، بهذه المناسبة، تقريراً بعنوان "الأشخاص المفقودون مأساة منسية"، في محاولة لجذب الانتباه إلى الحالة المأساوية للأشخاص المفقودين بسبب النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى وعائلاتهم، وهي الحالة التي غالباً ما تُقابل بالإهمال.

 وصرح مدير العمليات باللجنة الدولية، وهو يقدم التقرير في مقر المنظمة بجنيف، بيير كراينبل، قائلاً: "متى اندلعت الحروب اختفى أشخاص."

ويتضمن التقرير روايات شخصية وحكايات لأهالي المفقودين، تبين من خلالها حجم المأساة الواقعة على أهالي وعائلات المفقودين.

وشدد كراينبل على أن "هناك إجراءات ملموسة يمكن للدول والأطراف الأخرى اتخاذها لمنع وقوع هذه الفاجعة في المقام الأول. فغالبا ما تكون الإرادة السياسية منعدمة للتصدي للمشكلة."

ورحب باعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في ديسمبر/كانون الأول 2006، التي هي وثيقة ملزمة تحظر للاختفاء القسري، معلناً "أن اللجنة الدولية تحث الدول على توقيع هذه المعاهدة المهمة وتصديقها وتنفيذها في أقرب وقت ممكن."

الاف العراقيين دفنوا دون التعرف على هوياتهم

من جهتها قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان الاف العراقيين الذين قتلوا منذ عام 2003 دفنوا دون أن تتعرف أسرهم على جثثهم.

ونقلت اللجنة التي مقرها جنيف عن مصادر عراقية أن ما بين 375 ألفا ومليون عراقي لا يزالون مجهولي المصير نتيجة سلسلة من الصراعات بدأت بالحرب الايرانية العراقية من عام 1980 وحتى عام 1988. بحسب رويترز.

وقالت في تقرير صدر قبل الاحتفال باليوم العالمي للاختفاء القسري في 30 اغسطس اب "المفقودون ربما أسروا أو خطفوا.. وربما قتلوا ودفنوا في قبور غير معلمة.. أو ربما يرقدون في مستشفيات في حالات خطيرة أو يحيون في مكان اعتقال خفي."

وقال مدير عمليات اللجنة بيير كراينبويل انه لا توجد احصائيات بخصوص حوادث الاختفاء منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق قبل نحو أربع سنوات رغم أنها تحدث يوميا ورغم أن المشارح ترزح تحت ضغط استيعاب عشرات الجثث التي لا يتعرف عليها أحد.

واضاف خلال مؤتمر صحفي أن نحو عشرة الاف جثة نقلت خلال العام الماضي الى معهد الطب الشرعي ببغداد لم يتم التعرف عليها وان 4000 ضحية مجهولي الهوية دفنوا في مقابر خاصة في النجف وكربلاء منذ عام 2003.

وتابع كراينبويل ان أحد أكبر التحديات يتمثل في ضمان أن يحافظ المسؤولون على مواقع دفن ظاهرة لتلك الرفات البشرية حتى يتسنى التعرف بسهولة على تلك الجثث في المستقبل.

وأكدت اللجنة الدولية على الحاجة الى مصدر مركزي للمعلومات بخصوص المفقودين والجثث التي لم يتعرف عليها أحد في ضوء المشكلات التي يواجهها الناس عند البحث عن ذويهم في العراق.

وقال تقرير اللجنة "بالنسبة لاسرة عراقية.. ربما تكون عملية البحث عن مفقود شديدة التعقيد أو ربما شديدة الخطورة وأحيانا مستحيلة."

واضاف أنه حتى عندما يتم العثور على الجثث فان السفر لاستعادتها يمكن أن ينطوي على خطورة شديدة.

واشار الى أن الاسر العراقية مضطرة "للعمل غالبا عبر التكهن" للعثور على مفقوديهم وان الكثيرين دفعوا مئات الالاف من الدولارات لاشخاص يزعمون كذبا أنهم يعلمون أماكن مفقودين.

ويبلغ عدد سكان العراق أكثر من 27 مليون نسمة.

وقال كراينبويل ان من الضروري أن تساعد السلطات في أنحاء العالم أسر المفقودين في معرفة ما حدث لهم وذلك كمسألة مبدأ انساني.

وأضاف "عدم معرفة ما اذا كان أحد الاحبة ميتا أو حيا يسبب القلق والغضب وشعورا عميقا بالظلم.. ويجعل من المستحيل بالنسبة للاقارب الحداد والوصول أخيرا الى شعور بالوصول الى نهاية." من لورا ماكينيس

تزايد معدلات القتلى بالعراق رغم العمليات العسكرية

ورغم نجاح زيادة الحشد العسكري الأمريكي في خفض معدلات العنف العالية في العصمة العرقية بغداد، إلا أن إحصائية حديثة أكدت أن محصلة ضحايا الهجمات الطائفية الدموية التي تجتاح أنحاء البلاد، قد تضاعفت بصورة كبيرة، كما أن العمليات العسكرية المتعددة لم تنجح في تحجيم المليشيات المتشددة. بحسب الـCNN.

وأشارت الإحصائية، التي أعدتها وكالة الأسوشيتد برس، إلى أنه رغم فرار المليشيات المسلحة من وجه العمليات العسكرية الواسعة والمتعددة في العاصمة، إلى المناطق الشمالية من العراق، إلا أن بغداد، مازالت تساهم بأكثر من نصف قتلى العراق - وهو نفس معدل العام الماضي.

وتمثل الإحصائية، التي تأتي بالرغم من نشر 30 ألف جندي أمريكي إضافي في بغداد في محاولة لإستعادة السيطرة على المدينة، أهم النقاط التي سترد في تقرير "التقدم في العراق"، الذي سيرفع إلى الكونغرس الأمريكي في سبتمبر/ أيلول المقبل.

وتتضمن الإحصائية القتلى من المدنيين العراقيين والمسؤولين الحكوميين وعناصر الأمن الذين قضوا نحبهم في مواجهات أو تفجيرات، التي تعزى غالباً إلى العناصر السُنية المسلحة، بجانب الجثث المجهولة، التي يتم تصفيتها على أيدي "فرق الموت" الشيعية.

وذكرت الوكالة أن المحصلة الحقيقية أعلى بكثير، كما أن الأرقام لا تشمل  قتلى العناصر المسلحة.

وخلص التقرير إلى الآتي:

- تضاعف أعداد القتل المتصلة بالحرب في كافة أنحاء العراق خلال العام الحالي حيث بلغ متوسط القتلى في اليوم 62، حتى اللحظة هذا العام، مقارنة بـ33 العام الماضي.

- زاد قتلى الثمانية أشهر الماضية بحوالي ألف قتيل عن إجمالي قتلى العام الماضي: فقد قتلي نحو 14800 شخص حتى أغسطس/آب الجاري، مقارنة بـ13811 شخصاً قضوا خلال عام 2006، بالرغم من إشارة الأمم المتحدة إلى محصلة أعلى.

- تراجع معدل قتلى بغداد من 76 في المائة في يناير/كانون الثاني إلى 52 في المائة في يوليو/تموز الفائت.

- ارتفع عدد المهجرين من 447،337 في يناير/كانون الثاني إلى 1.14 مليون في يوليو/تموز الماضي، وفق إحصائية الهلال الأحمر العراقي.

وتأتي الإحصائية مناقضة لتصريح نائب قائد تخطيط العمليات في هيئة الأركان المشتركة في البنتاغون، العميد ريتشارد شيرلوك التي جاء فيها "يتواصل تراجع العنف في العراق وهو عند أدنى معدلاته منذ يونيو/حزيران عام 2006."

إلا أن القائد العسكري حذر من تكثيف العناصر المسلحة لهجماتها في العراق للتزامن مع الذكرى السادسة لهجمات 11/9 عام 2001 على الولايات المتحدة، وبدء شهر رمضان ورفع تقرير الكونغرس.

وتشير الوكالة أنه من المبكر لأوانه وضع صورة نهائية لمدى التأثير الفعلي لرفع أعداد القوات الأمريكية خاصة وأن انتشار القوات الإضافية لم يكتمل وحتى 15 يونيو/حزيران.

وتثار مخاوف من أن تدفع العمليات العسكرية الواسعة في بغداد بالعناصر المسلحة لنقل عملياتها إلى شمال بغداد.

فالإحصائية تظهر أن 35 في المائة من إجمالي عمليات العنف وقعت في المحافظات الشمالية، مقارنة بـ22 في المائة في السابق.

وقال أنطوني كوردسمان، الخبير في شؤون العراق في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن إن العديد من الفصائل المسلحة ستحاول إيجاد موطئ قدم في وسط العراق.

وتوقع أن تكثف تلك العناصر من هجماتها قبيل رفع قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس والسفير الأمريكي لدى بغداد رايان كروكر تقريرهما إلى الكونغرس.

وأضاف كوردسمان قائلاً، هل سينجم عن محاولات المسلحين لاستغلال الجدل السياسي الأمريكي المزيد من الهجمات الدموي؟ .. فالجواب نعم.

ومن جانبه أعرب ثاني أعلى مسؤول عسكري أمريكي في العراق، الجنرال ري أوديرنو، عن مخاوفه من هجمات كبرى في الأيام التي ستستبق التقرير، إلا أنه استدرك قائلاً إن العمليات العسكرية الأخيرة هزت تلك الفصائل في بغداد والمناطق المحيطة بها.

وأضاف قائلاً، جراء الضغوط المتواصلة وسحق قياداتهم تم دحر المتشددين من العديد من المناطق السكانية وهم في حالة تحرك بحثاً عن قواعد أخرى في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4 أيلول/2007 -21/شعبان/1428