العراق يعيش كارثة إنسانية وسط التغاضي العالمي

 شبكة النبأ: تشير التقارير العالمية الحديثة الى حلول كارثة انسانية في العراق بما يتعلق بالخدمات والبنى التحتية في وقت يتزايد فيه هرب الاطباء والممرضين والكفاءات العلمية من العنف الذي يعصف بحياة العراقيين.

وقالت صحيفة الاندبندنت البريطانية: ان العراق يتعرض حاليا الى كارثة انسانية بسبب النزوح الجماعي للكوادر الطبية التي تهرب من البلاد بسبب تصاعد العنف اليومي والفوضى المزمنة.

وقالت إن تقريرا صدر عن منظمة اوكسفام انترناشونال يبين ان تناقص اعداد الاطباء والممرضين يحطم النظام الطبي ويضعه على حافة الانهيار.

وأضافت ان التقرير كشف ان العديد من المستشفيات والمرافق الطبية والتعليمية في بغداد فقدت ما يصل الى 80 % من اعضاء الهيئات التدريسية.

ويقول التقرير ان العراق يعاني من ازمة انسانية مهولة وكبيرة وغير معلنة، لا تتعلق بكوارث التفجيرات اليومية، انما بملايين الناس الذين هم في حاجة ماسة للمساعدة الطبية والانسانية.

ومضت الصحيفة تقول، ان الكوادر الطبية حصلت على ارتفاع في مدخولاتها في اعقاب الحرب، حيث ارتفع متوسط رواتبهم من مبلغ ضئيل قدره 25 دولار (12.50 جنيه استرليني ) في الشهر، الى 300 دولار، لكن انعدام الامن والتهديدات الدائمة بالخطف، والتفجيرات، دفعت الكثير من تلك الكوادر الى مغادرة البلاد بحثا عن الامان.

وأضافت الصحيفة، ان الأطفال، كما هو الحال في معظم الصراعات، هم من بين الفئات الاكثر تضررا في المجتمع، فمعدلات سوء التغذية بين الاطفال في العراق مرتفعة بالفعل من 19 % قبل الغزو الى 28 %.، واكثر من 11 % من الاطفال يولدون ناقصي الوزن، أي بنسبة ثلاثة اضعاف منذ بدء الحرب.

وتتابع الصحيفة قراءة التقرير قائلة ان المستشفيات في المدن الرئيسية تواجه قضايا امنية اخرى، فمستشفى اليرموك في بغداد، تضطر بانتظام الى تقديم العلاج الى أفراد الشرطة والجيش، فضلا عن عناصر الجماعات المسلحة، في مقابل اهمال العناية بالمواطنين المدنيين المرضى او الذين يعانون من اصابات خطيرة.

وأضافت، بينما كان التركيز الدولي المباشر على العنف المستمر، تتواصل معاناة البلاد من النزوح الجماعي في داخل وخارج البلاد، ويشير تقرير اوكسفام انه بعد  أربع سنوات غزو العراق على يد الولايات المتحدة وبريطانيا، فان اكثر من 43% من العراقيين يعانون من الفقر المدقع، ونحو نصف السكان يعانون من البطالة".

وتتابع الصحيفة قولها ان من بين اربعة ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على المعونة الغذائية، فان  60 % منهم فقط يحصلون على نظام التوزيع الحكومي، وبنسبة انخفاض مريعة بلغت 96 % عما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات.

وتقول الصحيفة ان هناك دليلا آخر على التفسخ يتمثل في اعداد اللاجئين الكبيرة الذين فروا من البلاد، والمشردين في داخلها، حيث أن هناك  أربعة ملايين عراقي فروا من منازلهم، نصفهم هربوا الى خارج العراق، والباقى يعيشون في مخيمات النازحين في الداخل التي غالبا ما تفتقر الى ابسط المرافق".

وقالت ان اخر الارقام تبين ان 32 % منهم لا يحصلون على حصص غذائية، و 51 % يحصلون على الطعام بنحو متقطع. وان كثيرا من الذين فروا هم  من الاختصاصيين الذين توجهوا الى الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين ادعتيا بناء دولة ديمقراطية ومستقرة، وعراق ما بعد الدكتاتور صدام، ومن بين اولئك الفارين آلاف من الاطباء والممرضين، واساتذة الجامعات والمدرسين ورجال الاعمال، ومن بينهم أيضا مهندسو مياه من الذين ساهموا في الحفاظ على بنية العراق التحتية من الانهيار منذ حرب الخليج الأولى وسنوات طويلة من حصار امريكي وبريطاني على اساس عقوبات فرضتها الامم المتحدة.

وفى هذا الشأن قال التقرير إن عدد العراقيين الذين لا يحصلون على ما يكفي من امدادات المياه قد ارتفع من 50 الى 70 % في السنوات الاربع الماضية، و 80 % منهم يفتقرون الى المرافق الصحية الكافية.

وتتابع الصحيفة ان نهري دجلة والفرات، وهما من أكبر الانهار في الشرق الاوسط  وكانا مصدر رزق لمساحات كبيرة من الأراضي، يعانيان من التلوث الشديد بسبب تصريف مياه المجاري غير المعالجة، وكنتيجة لذلك، كانت هناك زيادة كبيرة في اعداد المصابين بامراض الاسهال من الشباب.

وتقول منظمة اوكسفام  ان شعب العراق له الحق المكرس في القانون الدولي في ان يحصل على المساعدة المادية التي تلبي احتياجاته الانسانية وحمايته، لكن هذا الحق يجري التغاضي عنه.

وتقول الصحيفة ان بلايين الدولارات تنفق على العمليات العسكرية التى تقوم بها القوات الامريكية والبريطانية في البلد، ولكن منظمات المساعَدة تشكو من نقص حاد في الاموال، ولكن على الرغم من مساعدات التنمية، وغالبيتها تتركز على مشاريع اعادة الاعمار، ولا شك في ارتفاعها، الا ان هناك هبوطا حادا فى الاموال المخصصة لاعادة الاعمار.

ويقول التقرير ان المانحين الدوليين لا يدركون حجم الاحتياجات الانسانية، فمساعدات التنمية المقدمة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومن المانحين قد ارتفعت بنسبة 922 % بين عامي 2003-2005، الا أن تمويل المساعدة الانسانية انخفض بنسبة 47%.

العراق يحتاج 100-150 مليار دولار

 وفي سياق متصل قال وزير المالية العراقي بيان جبر إن العراق يحتاج الى ما لا يقل عن 100 مليار دولار لاعادة بناء البنية التحتية المدمرة بعد أربع سنوات من العنف وحالة الافتقار للقانون عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.

وقال لرويترز في عمان ان العراق بلد مدمر وان الحكومة بحاجة الى ما بين 100 و150 مليار دولار على الاقل لتجديد البنية التحتية من صرف صحي ومياه وكهرباء الى الجسور والاحتياجات الضرورية للبلاد.

واضاف أنه جرى انفاق نحو أربعة مليارات دولار على مشروعات البنية التحتية هذا العام حتى الان وهي أكثر من اجمالي ما أنفق في العام 2006 عندما تسبب العنف الداخلي ومحدودية قدرة القطاع الخاص العراقي في استخدام نحو 40 في المئة فقط من ستة مليارات دولار خصصت لذلك في الموازنة.

ووصف جبر ما حدث في عام 2006 بانه كان فشلا في قدرة الحكومة على التنفيذ.

وخصص العراق في موازنة عام 2007 مبلغ 14 مليار دولار للاستثمار وقال جبر ان الحكومة سحبت 7.4 مليار دولار من صندوق تنمية العراق الذي يتم ايداع ايرادات النفط العراقي به وتشرف عليه الامم المتحدة.

وتابع الوزير العراقي ان العام الحالي شهد تنفيذا أفضل للمشروعات حيث انفقت بعض الوزارات والمحافظين أكثر من 60 في المئة من مخصصاتهم في ميزانية عام 2007 حتى الان مشيرا الى أن هذا يعادل تقريبا مثلي ما استخدم من المخصصات في عام 2006.

وقال جبر ان أكثر من عشرة مليارات دولار من ايرادات النفط المودعة في حساب صندوق تنمية العراق ببنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك تركت دون استخدام العام الماضي نظرا لعدم امكانية تنفيذ المشروعات.

وكان تقرير للمفتش العام الامريكي المكلف باعادة اعمار العراق صدر في يوليو تموز قد حمل الحكومة مسؤولية الفشل في تحمل مسؤولية مشروعات اعادة الاعمار. وقال التقرير انها أنفقت 22 في المئة فقط من ميزانيتها لعام 2006 غير أنه توقع امكانية وصول هذه النسبة الى 50 في المئة في العام 2007.

وافاد جبر بأن مسودة ميزانية العام القادم يتوقع أن تبلغ اجمالا نحو 36 مليار دولار اعتمادا على التقديرات بخصوص انتاج النفط مقارنة مع 41 مليار دولار في العام 2007.

وقال وزير المالية العراقي ان انتاج النفط ارتفع الى 1.6 مليون برميل يوميا في يوليو تموز من متوسط 1.5 مليون برميل يوميا في النصف الاول من العام 2007 عندما تأثر الانتاج بالاضرار التي لحقت بخط أنابيب يؤدي الى ميناء جيهان التركي من حقول حول مدينة كركوك بشمال العراق.

وأعرب عن أمل الحكومة في وصول الانتاج قريبا الى 1.7 مليون برميل يوميا وقال ان خطط وزارة النفط تستند الى عودة العراق لتصدير 3.4 مليون برميل يوميا وهي تمثل حصته في منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) متوقعا أن يستعيد الاقتصاد عافيته عندما تبلغ الصادرات هذا المستوى.

ويمتلك العراق ثالث أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في العالم كما يعتمد على ايرادات النفط في الحصول على العملة الاجنبية بالكامل تقريبا. وستكون تلك الاموال حيوية لاعادة بناء البنية التحتية والخدمات العامة التي تدهورت بشدة بسبب الحرب وسنوات من العقوبات الدولية التي سبقتها.

وتوقع جبر أن يرتفع معدل النمو من 3.4 في المئة في عام 2006 مدعوما جزئيا بالانفاق على اعادة الاعمار.

وقال ان العراق يتوقع نموا بنسبة سبعة في المئة هذا العام وان التوقعات الاقتصادية افضل بكثير هذا العام.

وأضاف أن التضخم الذي زاد من الصعوبات التي يواجهها العراقيون بلغ 46 في المئة خلال الفترة حتى يونيو حزيران 2007 انخفاضا من 57 في المئة في النصف الاول من العام الماضي. وقال ان التضخم الاساسي الذي لا يشمل الوقود والنقل تراجع الى 19 في المئة من 32 في المئة.

ومضى يقول ان العراق لن يرفع أسعار الوقود الرسمية أكثر مما هي عليه لابقاء التضخم تحت السيطرة رغم التزام بالغاء دعم الوقود على مراحل بموجب برنامج اقتصادي قيمته 715 مليون دولار اتفق العراق عليه مع صندوق النقد الدولي.

وقال انه اعتاد دوما تنفيذ الاتفاقات السابقة غير أنه سيوقع هذه المرة ترتيبا بديلا مع صندوق النقد الدولي سيكون خاليا من أي زيادة في أسعار المنتجات البترولية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 2 أيلول/2007 -19/شعبان/1428