الإدارة الزراعية

عدنان عباس سلطان

 

شبكة النبأ: البلد العراقي ليس من الدول الصناعية ولا حتى السائرة باتجاه الصناعة وانما هو بالاصل بلد يعتمد الزراعة ويتكئ  جانبه السياسي المتعاقب على ما لديه من خزين نفطي متذبذب الانتاج صعودا وهبوطا لكنه كان كافيا بدرجة كبيرة للحكام القائمين على السلطة ومرض لترفهم ومركّزا لهيمنتهم على مقدرات الشعب.

والزراعة منذ الثمانينات شهدت فوضى كبيرة جدا حيث قوضت زراعة الشلب ما كان متبقيا من نظام معلول حينذاك وتحت رغبة الدولة لإدامة الحرب ومن ثم لمواجهة الحصار الاقتصادي في زمن التسعينات.

وقد ظلت آثار تلك الفترة ماثلة الى الآن متمثلة بالارض الموات الواسعة في الرقعة الزراعية التي يحتمل فيها نمو زراعي، ويضاف الى ما ذكرنا وجود عامل خطير ومزمن متمثلا بالهجرة المتعاظمة من الارياف الى المدن، وقد اتخذت تلك الهجرة منحا في انها تنتخب مدن بعينها ويتخذ فيها استقرارا دائميا وهي المدن التي تتمتع بنشاطات سياحية دينية على وجه التحديد، وبهذا فان التراجع الكبير الذي حصل في الجانب الزراعي قد اودى بالبنية التحتية الضعيفة جدا وافقدها القوى البشرية وهي العامل الفعال في الجهد الزراعي.

فيما ظلت هناك جهود فردية فقيرة الامكانيات واغلب تلك الجهود لا تستثمر إلا الجزء اليسير من الارض وتدعم اقتصادياتها بما يدره النخيل في الموسم السنوي المعروف ، وهو موسم يتراجع عن غلته كل عام لعدم وجود المكافحات للآفات الزراعية، وللاهمال المفرط في هذا المجال.

والنتيجة فان الدولة العراقية لم تتخذ اية خطوة جادة طوال فترة ممتدة بين 1958 ولحد الآن في تطوير وتنمية الوضع الزراعي.

وفي ظل الحاجة الضاغطة في الوقت الراهن من الازدحام الحضري والازمات الخطيرة في الخدمات والتنمية البشرية ماذا بامكان الدولة ان تفعله لدرء الخطر المعلن والواضح في الساحة العراقية؟.

قبل ان نخوض في هذا الموضوع نرى بان نتعرض الى التسليف الزراعي الذي اعلنت الدولة سريانه منذ شهر آب 2007 وهو تسليف تشجيعي لاصحاب المزارع لتنمية مزروعاتهم وتعضيد جهودهم وامكانياتهم بما يسهل على المزارعين عملية الادامة في الحدود الضيقة التي يتحركون ضمنها.

والخطوة هذه تظل خطوة غير فعالة لانها اولا سلف قليلة وثانيا تفتقد الى الضمانات. فالفلاح قد لا يباشر الارض بقدر التزامه بايفاء المبلغ المطلوب وتهيئة اقساط السلفة الزراعية من اي جهد آخر كان يوظف المبلغ في نطاق آخر غير الزراعة والمبلغ المتحصل يساعده في المجال غير الزراعي وقد يكون المجال مجال طفيلي غير منتج على النطاق العام، وقد يكون على شكل سيارة ترفد الازدحام المروري او دكان يضج مع زحمة الاسواق.

واذا نحن امام فقدان الآلية في انفاق وتخصيص المبلغ المسلف الى الفلاح. والسؤال ماهو الضمان ان تكون السلفة بكاملها قد استثمرت في الارض؟.

ماهو التعهد الذي يبديه الفلاح لتصرف له سلفة زراعية؟.

هل هناك لجنة متابعة وكم من المرات تتحقق عن الاستثمار في جهد السلفة والفلاح؟.

ماهو الدعم الذي ينبثق وراء المتابعات الميدانية كان تكون تلك المتابعات كل ثلاث اشهر؟.

هذه الاسئلة وغيرها يجب ان تكون واضحة ومحددة في قرار التسليف.

الحقيقة ان اي جهد باتجاه التنمية الزراعية في العراق يجب ان يبدأ بخطوة كبيرة وواسعة لان الخطوات الصغيرة غير قابلة للتطوير بقدر كونها اهدارات مالية محدودة النتائج ومحرضة الى تشتيت الفعل الحكومي على النطاق الواسع.

ومن المهم ان تبدأ الدولة بصورة جادة وقوية برصد مالي كبير ومتواصل منه:

1ـ انتخاب ارض زراعية واسعة تمتلك اساسيات طبيعية كمرشحات لأهليتها.

2ـ ايجاد نقطة خدمات زراعية قريبة منها، تتسع لتقديم جهود المكننة والمواد الزراعية المنوعة كالبذور والتسميد والمستلزمات الاخرى.

3ـ ادارة استشارية زراعية ومتابعة ميدانية في نطاق الارض المنتخبة.

4ـ التخصص في الصنف الزراعي لتلك الارض وانتاج نوع واحد من الزراعة فيما تتخذ المزارع الاخرى أي التي يجري اختيارها كنموذج آخر وفي مكان آخر صنفا مغايرا للذي اختير في المزرعة الاولى.

5ـ اعتبار هذه الزراعيات الكبيرة التي تباشرها الدولة في مرحلة الريادة نماذج يمكن للقطاع الخاص ان يباشر استثماره فيها بعد مرور ثلاث سنوات وهي الفترة التي يتخلى منها الجهد العام بعد بناء قواعدها التحتية.

6ـ تكفل الدولة تسويق المحصول وتهيئ له الآليات المتميزة للتسويق، وآلية التسويق ايضا يتورثها القطاع الخاص بعد ثلاث سنوات.

7ـ التعريف الجماهيري بالتجربة من خلال الاعلام وسبل التثقيف باتجاه تشجيع الفلاحين الذين لم يشاركوا بالتجربة.

8ـ اصدار قوانين لها طابع السريان على القطاع الخاص بما يحفظ ويصون حقوق المزارعين وينظم العلاقة بينهما.

9ـ تحسين المصادر الطبيعية وتحديثها كمشاريع رائدة في الزراعة.

10ـ الابقاء على الاشراف العام على الاستثمارات سواء في المزارع الكبير النموذجية او التي تحت استثمار القطاع الخاص.

11ـ توسيع التجربة على نطاق واسع وفي جميع المحافظات.

12ـ الحث على الهجرة المعاكسة من خلال المغريات الزراعية وقانون منح الاراضي على الفلاحين الذين بامكانهم احياء الارض.

13ـ وضع اليد العامة على الاراضي ذات الملك الخاص التي لم تستثمر بعد مرور ستة سنوات على جهد الزراعيات النموذجية. بامكان الدولة ان ترفع يدها عن الاملاك الخاصة بشروط محددة في صالح النمو الزراعي وعلى ان تكفل الدولة التعضيد الزراعي فيها.

14ـ الاعتماد الاساسي على المكننة الزراعية وتشجيع الاستيراد للمواد والمستلزمات الزراعية ورفع الضريبة عنها بصورة كاملة وتحديد اطراف منتجة لتلك المعدات وحصر الاستيراد منها على وجه الحصر.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 27 آب/2007 -13/شعبان/1428