نقلت وسائل الإعلام العالمية خبرا عن تعرّض مجموعة من
المعتمرين العراقيين للاعتداء بالضرب والسجن في أقدس بقاع المسلمين
–الحرم المكي-الذي جعله لله آمنا ويتخطف الناس من حوله،حيث واجه
المعتمرون الشيعة اعتداءً مشينا بدأ بالاستفزاز اللفظي وبعدها تطور إلى
الضرب بالعصي والهراوات بلا أدنى مراعاة لقدسية بيت الله وحرمته،
وبعدها تم حبس المعتدى عليهم في سجن داخل المسجد الحرام!.
لم تكن هذه الحادثة المؤلمة الأولى من نوعها بل هي فقط عيّنة واحدة
لما يواجهه الحجاج والمعتمرون الشيعة في كل عام من شتى صنوف الاعتداء و
الاهانة والتي غالبا ما تنتهي بالسجن أو حتى الجلد ، والمحظوظ من
الشيعة الزائرين للديار المقدسة هو من يخرج فقط محملا بالسباب والوصف
بأقذع الأوصاف من قبيل-مشرك،كافر ،رافضي(وكلمة رافضي يطلقها الوهابيون
على الشيعة تحقيرا لهم،لكن الشيعة يعتزون بهذا الاسم لأنه يدل على
رفضهم للظلم والانحراف).
والملفت للنظر في حادثة الاعتداء الأخيرة إن من قاموا بها ينتمون
إلى المؤسسة الحكومية الرسمية من البوليس الديني الوهابي والذي يطلق
عليهم تسمية(هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) السيئة الصيت والتي
أصبح من الصعوبة التغطية على جرائمها، واخذ التململ والشكوى من أفعال
رجالها يظهر حتى على صفحات الصحف السعودية.
والسبب الذي جعل هذه الحادثة تطفو على السطح وتتلقفها وسائل الإعلام
الغربية هو إن المعتدى عليهم هم ممن يحملون الجنسية البريطانية
والأمريكية مما استدعى تحرك سفارات هذين البلدين لمتابعة قضيتهم
والمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
إن تكرار حوادث الاعتداء على المسلمين الشيعة أثناء تواجدهم في
البلد الحرام ما هو إلا نتيجة طبيعية للحقد والكراهية اللذان تحملهما
العقلية السلفية الوهابية على الشيعة،بل هو ترجمة واقعية لعقيدتهم
التكفيرية التي تعتبر المسلمين الشيعة- كفرة، وإنهم اشد خطرا على
الإسلام من اليهود والنصارى- وانه يجب القضاء عليهم ومنعهم من دخول مكة
والمدينة.
إن هذه العقيدة التكفيرية يتم تلقينها للمسلمين وبشكل يومي وبمختلف
الوسائل من قبل المؤسسة الدينية الوهابية التي هي جزء من الدولة
السعودية التي شاء الله أن يفضح نفاقهم والذي أصبح صفة يمتاز سلاطين
النفط من آل سعود بالإدمان عليها.
فعندما يتكلم هؤلاء السلاطين أو تتكلم ماكيناتهم الإعلامية تراهم
يُظهرون أنفسهم بمظهر الساعين إلى الوحدة بين المسلمين وأنهم يقضون
الليالي الحمراء سهرا من اجل العمل على نبذ التفرقة والخلاف بين
المسلمين!
ولا ننسى مقررات مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقدوه في مكة المكرمة
والتي اعتبرت المسلمين هم أتباع المذاهب الثمانية والتي من بينها
المذهب الشيعي، لكن في نفس الوقت تراهم يدفعون رجال هيئاتهم المسعورة
لمضايقة الشيعة ويبذلون الملاين في إمبراطورياتهم الإعلامية لإثبات أن
الشيعة كفّار وأنهم اشّد خطرا على الأمة من الاسرائليين الذين يجب أن
نتصالح معهم بمبادرة الملك عبد الله آل سعود ونتفرغ لقتال الشيعة اخطر
أعداء الإسلام.
ان صفة التدليس والنفاق أصبحت صفة لازمة للحكومة السعودية وعلى
جميع الأصعدة، ففي الشأن العراقي صدّع السعوديون رؤوسنا وهم يتحدثون
عن حرصهم على وحدة واستقرار العراق في الوقت الذي لم يعد حتى حلفائهم
الأمريكيين يتحملون موقفهم المنافق والتخريبي في العراق فقاموا بفضحهم
على لسان(خليل زاد) وقرص أذنهم على يد السيدة(كوندي).
ولابد لكل متتبع للشأن السعودي من أن يخرج بنتيجة مهمة وهي أن-
النفاق- يعتبر إستراتجية مهمة في السياسة السعودية، وهذا بالضبط ما
أصبح يتردد على ألسنة الكثير من السياسيين والإعلاميين الأمريكيين حيث
اخذوا يصطلحون على سياسة آل سعود بمصطلح (السياسة ذات الوجهين).
ففي الوقت الذي يصرف فيه آل سعود الملايين لتحسين صورتهم لدى الغرب
نراهم في ذات الوقت يبذلون الملايين من اجل نشر الثقافة الوهابية والتي
تتسم بالتزمت والكراهية وعدم الاعتراف بالآخر!
وفي الوقت الذي يصرفون الأموال الطائلة على نشر ثقافة العري وثقافة
أليسا ونانسي وهيفاء من خلال الفضائيات الداعرة التي يملكونها، تراهم
يجزلون العطاء لدعم المتشددين والتكفيريين في فضائياتهم الدينية !!
وأخيرا نتوجه إلى الحكومة السعودية بهذا السؤال والذي من المؤكد
إننا لن نجد جوابا له:
أذا كان الشيعة الروافض كفرة كما ُتقرّر وتُؤكد مؤسساتكم الدينية
الرسمية، فلماذا تسمحون لهؤلاء الكفار باستفزاز مشاعر المسلمين وتدنيس
الحرمين الشريفين الذي لاينبغي لكافر أن يدخلهما ؟
وان لم يكونوا كذلك بل هم مسلمون، كما قررتم في مؤتمر القمة
الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة، فلماذا لا توقفوا سعار مؤسساتكم
الدينية ضدهم وتكفوا أيدي جلاوزتكم عنهم وتتركوهم ليُؤدّوا مناسكهم مع
حفظ كرامتهم حالهم حال الآخرين من امة الحبيب المصطفى محمد(ص)؟
* رئيس تحرير جريدة المهاجر/الولايات المتحدة |