توالي القيادة.. توالي المظالم

علي الطالقاني

 تعرف القيادة على انهاعملية إلهام الأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة. وتتعلق بتوجيه الأفراد للتحرك في الاتجاه السليم, والحصول على التزامهم, وتحفيزهم لتحقيق أهدافهم. "مركز التمييز للمنظمات الغير الحكومية".

ونحن نمر بحقبة جديدة في العراق نستطيع القول أن الصفات التي تطلق على القيادة قد يحتاج اليها العراق أكثر مما كان عليه قبل، ويظهر هذا  أكثر وضوحا مما هو عليه اليوم. 

العراق يعاني من أزمة قيادية لا تقف عند حدود معينة وإنما تمتد لتصل جميع المؤسسات الحكومية والاهلية. وما لم تتم معالجتها بدقة فان العراق الذي شهد الهبوط الى أدنى مستويات الدنيا بمعايير التقدم الحضاري. سيشهد مزيدا من ركام الخراب والدمار.

فما كانت الدول العظمى التي أنظمت تحت قيادات أستطاعت أن تثبت جدارتها لتصل إلى ما هي عليه اليوم من وحدة واستقرار لولا القيادة المتميزة لقادتها والنخبة التي التفت حولهما. واما بعض الدول التي أستقلت كالهند من الاستعمار الانكليزي و فيتنام من السلطة الفرنسية وكذلك استقلال الولايات المتحدة،وتركيا بعد إنهيار السلطنة العثمانية، وبنغلادش إثر حرب مع باكستان،والبرازيل، واليونان التي خضعت للسيطرة العثمانية وتمكنت من تحقيق إستقلالها، ولتوانيا ودول جنوب أفريقيا لتنعم كل هذه الدول بالحرية بفضل القيادة الفذة. 

الوصف لحال الشعب العراقي اليوم، لا يملك إلا أن يستنشق هول الخراب ويزفر آهة ملتهبة من حرارة انعدام القيادة القادرة على إدارة البلد، وتوفير الحرية والرفاه لمواطنيها. وواحد من المواصفات  السلبية للقيادة، هو القصور في امتلاك الرؤية والإرادة والبعد الجريء لكل قرار وتحرك.

وفي وقفة مع الاعمال الارهابية نجد أن أجهزة أراقة الدم الدولية اغتالت الشرفاء من ابناء هذا البلد، بالإضافة إلى عشرات الكوادر من القيادات الدينية والسياسية والجماهيرية، وتصفية العلماء والمثقفين والكوادر الشابة الواعدة بحيث تحرم العراقيين من قيادات مستقبلية تحسن التفكير والعطاء والرؤية والعمل من أجل إنقاذ المستقبل العراقي من الآثار الكارثية للاحتلال المدمّر والارهاب الذي لا يستثني أي فئة وطنية. بالإضافة طبعاً إلى الالاف من ابناء هذا البلد.

وبصورة أخرى، فإن الظالم والمظلوم يعانيان من أزمة قيادة. فأي قيادة تريد أن تجعل من هذا البلد إنموذج لكل معاني الفشل، قيادة تجر أبناء الطوائف المختلفة إلى حروب وحشية دموية راح ضحيتها آلاف من أبناء العراق وهدرت المليارات فضلا عن القتل اليومي وتهجير المدنيين الأبرياء في العراق، مما سينهي الدور التاريخي  للعراق كدولة أخلاقية أو حريصة على صيانة حقوق أبنائها.  

وهناك وقفة أخرى تكشف عن التخبطات في السياسة الامريكية والتي تريد من العراق أن يكون مختبرا للتجارب من خلال ترويجها لأفكارا تروض بها المجتمعات ومن بين هذه التجارب أشارت تقارير غربية تروج عن عملية تغيير في انظمة الحكم, فهي بادرة خطرة ان لم تكن مدروسة وقد أصدر في هذا الشأن مركز الشؤون الدولية التابع لجامعة نيويورك تقريرا يتضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العراق لما بعد الانسحاب الأميركي ، ويقضي احد السيناريوهات إلى القول ان انعدام الإستقرار الأمني في العراق قد دفع بكل دول الجوار فضلاً عن الولايات المتحدة إلى قبول ظهور قائد عراقي دكتاتوري يوحد البلاد تحت قيادة مركزية قوية،هذه الحالة ليست وليدا جديدا، وإنما هي خلاصة مرحلة تاريخية طويلة تعرضت أصوات للصمت وتراجعت فيها أصوات أخرى وطنية،إن تطوير الذات الأخلاقية لدور القيادات والالتزام بها هو معيار للقياس وكذلك يعتبر  في غاية الأهمية بالنسبة  للدول المتقدمة لأنه يصب في خدمة الشعوب والحرص على  حاظرها ومستقبلها.

يمكن إحياء مفهوم القيادة بين الجماهير بإعطائها روحا حقيقية تتجاوز التفكير الحزبي الضيق، وربما من الممكن جدا ابتكار آليات تجمع بين هذا المفهوم والحاجة المتنامية للدور القيادي في ادارة الدولة، وضرورة ان يكون القائد مسؤولا بما يكفي عن سياسات وبرامج الاجهزة التي تعمل ضمن نطاق مسؤوليته  ويتحرر من اختراق التفكير الفئوي كي يصبح بمستطاع الاجهزة الاخرى عن مساءلته، وباستطاعته أن يتخذ موقف واضح من  الذين يعملون تحت لوائه  و متجردا عن الاعذار عند فقد السيطرة عليهم . 

وأخيراً أن يعرف القادة في العراق انهم أمام مسؤوليات كبيرة تتلخص في بناء تجربة جديدة, وحضارية.عليهم المعرفة من أن الميدان السياسي هوخدمة الانسان أولا وأخيرا والتصرف بما يناسبه, وليس ميدان السياسة التسلط على الاخرين والهيمنة على مقاليد الامور بالحكم. و من لا تتوفر فيه صفات القائد الناجح, و مقومات الشخصية القيادية فهو سياسي غير مؤهل, وعليه ألايقحم نفسه والاخرين معه بدخول مضمار السياسة.

وقد ذكر"مركز التمييز للمنظمات الغير الحكومية" مواصفات عامة في القيادة التي  يطمح لها كل سياسي يرمي ويتطلع الى قيادة سياسية ومنهجية ويكون قادرا على تحمل المسؤولية التاريخية أن يأخذ على عاتقه عدة أمور:

* إنجاز المهمة ولهذا تتواجد مجموعتهم. ويضمن القادة الوفاء بهدف المجموعة. وفي حالة عدم الوفاء بالهدف فإن النتيجة ستكون حالة من خيبة الأمل وعدم الاتساق والنقد وربما في النهاية تفكك المجموعة.

* الحفاظ على العلاقات الفعالة ما بين أنفسهم وأعضاء جماعتهم, وبين الأفراد داخل المجموعة.

*الموهوب / غير الموهوب: يعتمد القادة الموهوبون على شخصياتهم وقدراتهم على الإلهام والتحفيز وعلى الهالة المحيطة بهم. وهم عادة قادة خياليين يميلون لتحقيق الإنجازات, ويمكنهم تحمل المخاطر المحسوبة, ولديهم قدرات عالية في فنون الاتصال. أما القادة غير الموهوبين فيعتمدون بصورة أساسية على معارفهم (السلطة تذهب إلى من يعرف), وعلى ثقتهم الكاملة بأنفسهم وهدوئهم, واتجاههم التحليلي في التعامل مع المشكلات.

*الاستبدادي / الديمقراطي: المديرون الاستبداديون يفرضون قراراتهم, ويستخدمون مواقعهم في إجبار الأفراد على تنفيذ ما يقال لهم. أما القادة الديمقراطيون فيشجعون الأفراد على المشاركة والاشتراك بأنفسهم في اتخذا القرار.

*المتمكن / المتحكم: المدير المتمكن يلهم الأفراد من خلال رؤيته للمستقبل ويمكّنهم من تنفيذ أهداف الفريق. أما المتحكم فهو يحرك الأفراد لإجبارهم على طاعتهم له.

*إجرائي / تحويلي: المدير الإجرائي يبادل المال والوظائف والأمن بالطاعة. أما المدير التحويلي يحفز الأفراد على بذل المزيد من الجهد لتحقيق مزيداً من الأهداف.

*الحماسة: لإنجاز الأشياء التي يمكنهم من خلالها الاتصال بالآخرين.

*الثقة: الإيمان بأنفسهم بصورة يمكن أن يشعر بها الآخرون (ولكن لا ينبغي أن تكون الثقة زائدة عن الحد, فقد تقود إلى الغطرسة).

*الشدة: المرونة, الإصرار والمطالبة بمعايير مرتفعة, والسعي للحصول على الاحترام وليست الشعبية بالضرورة.

*التكامل: اصدق مع النفس, التكامل الشخصي, الرشد والأمانة التي تولد الثقة.

*الدفء: في العلاقات الشخصية, رعاية الأفراد ومراعاة مشاعر الغير.

*التواضع: الرغبة في الاستماع للآخرين وتحمل اللوم, لا يكن متكبراً أو متغطرساً.

a_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22 آب/2007 -8/شعبان/1428