التاريخ الاسلامي.. قراءة معاصرة

عدنان عباس سلطان

الحلقة الاولى

شبكة النبأ: ان القراءة المتفحصة للتاريخ واسلوب القراءة في استحصال العبر منه انما يتم بكيفية ليست كالكيفيات التي يقرا فيها التاريخ لمجرد الاطلاع والمعرفة وانما تكون تلك الدراسة من اجل الواقع الذي تعيش به الامة الاسلامية في راهن الزمن ومستقبله ايضا.

وبما ينفعها من اجل ان تصنع هذا الحاضر وذاك المستقبل بالصورة الاكثر اشراقا واكثر إنسانية.

يجب النظر للتاريخ على انه شئ حي ينبض بالحركة ، فحينما ندرس شخصية الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، مثلاعلينا الا ندرسه كانسان ذا بعد واحد.

انما الواجب ان ندرس شخصية متكاملة وحينما ندرس حياة الامام باعتباره رجلا حيا قائما بالمبادئ والمواقف، فإن نظرته لتلك الحياة التي عاشها مختلفة تماما وستكون تلك الدراسة في العمق الانساني الخلاق، ليس كما يدرسها بصورة هامشية لإنسان عاش قبل 1400 سنة ضمن حلقة من حلقات التاريخ المنصرم.

وهكذا الحال مع بقية الحقب التاريخية والشخصيات التي عبرت الافق الانساني من آلـ البيت وغيرهم من الصالحين.

هناك اذن سوء فهم تاريخي يقع فيه من قرأوا التاريخ حيث ان القشور تظل لصيقة بذلك التاريخ طالما ان القراءة في اغلب الاحيان تستبعد الظروف الموضوعية المتمثلة في الانساق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والتكونات البيئية ودرجة الرقي الثقافي والمفاهيم السائدة.

اننا حينما نقرا بان الحركة الرسالية استوعبت الموالي وهم الفرس والاقباط والروم، وهم مجموعة من العناصر البشرية المتواجدة في الكوفة عاصمة الدولة الاسلامية وان تلك المجاميع احتضنت الرسالة، نتساءل من هم الموالي؟ وكيف كانوا يعيشون، ماهي القوانين والانظمة التي حكمت حياتهم وكونت علاقتهم بالعرب؟.

هذه الاسئلة يجب ان تطرح بصورة حية لمعرفة الظروف التي واكبت ثورة الامام الحسين عليه السلام، ومعرفة الحركات والانظمة والمجتمعات والتكتلات التي كانت في الساحة السياسية.

اذن حينما نريد ان ندرس التاريخ سواء بالنسبة لحركة من الحركات كحركة الرساليين في التاريخ او سيرة قادة ومرشدين مثل الائمة المعصومين عليهم السلام، او سائر الناس فلا بد ان ندرسها باعتبارها حياة متحركة امامنا، فما هي الحياة الحافلة وماذا تقتضي وكيف تكون؟ كل هذا يجب ان نعكسه على التاريخ وبالتالي ندرسه من خلال نظرتنا الى الواقع الحاضر ومعرفتنا به، وبهذه الطريقة نستطيع ان نعرف التاريخ.

لقد سعت التنظيرات السلطوية للتاريخ على مر العصور الى التزييف في اغلب الرؤى والاحداث التاريخية وخصوصا تلك الاحداث المرتبطة بشخصيات حاربت الظلم الاجتماعي وسوء العدالة في دول القهر الاجتماعي والسياسي، حتى بات التاريخ مسجلا رغبات السلطات القائمة واصبح التاريخ تاريخ سلطات وليس تاريخ شعوب تعاني من غياب العدالة تحت نير واستبداد تلك السلطات.

 ويبقى ان لا بد من اعادة النظر بهذا السجل المزيف والمدعي بكونه تاريخ مشكوك بصحته من وجوه عدة، وبما ان عملية مثل هذه تعد شبه مستحيلة بسبب تضارب الرؤى واختلاف المرجعيات في الازمنة الراهنة فليس ادل الى الحقيقة التاريخية من الرجوع الى المضان التي لا يرقى اليها الشك وهي الينبوع الصادق والذي تثبت صدقه اقوال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك بكون اهل البيت النبوي الشريف قد توزعوا على طول التاريخ وسجلوا لنا تفاعلاتهم عبر ذاك التاريخ الطويل.

في التاريخ منعطفات حادة تتمثل في مرحلة ما يكون تسارع الاحداث كبيرا عندما تتدخل عوامل خارجية او داخلية او الاثنين معا في اعطاء دفق غير متوقع او انه متوقع لكنه غير محدد المعالم او انه لا يطرح حلول محتملة او اختيارات ويبقى الامر منوط الى حد كبير بالشخصية التي يمكنها ان تستنبط اطروحة ما تستوعب الوضع الجديد وهذا القرار انما يكون لدى الافذاذ الثوريين في الغالب.

لقد قدم العلويون التضحيات وكان في طليعتهم الامام الحسين عليه السلام وتبعه زيد بن علي ويحيى بن زيد واولاد الامام الحسن عليه السلام كصاحب فخ وباخمرا ومن شابههم، كذلك من ثأر طلبا للرضا، مثل سليمان بن صرد والمختار، وياتي السؤال لماذا إذا انتصر العباسيون؟.

فقد كانت التضحيات من العلويين والمغانم للعباسيين، ومن الممكن ان تتكرر هذه الحالة مرارا في التاريخ، حيث يقدم الرساليون التضحيات بينما يجني المغانم والمكاسب الانتهازيون والوصوليون وثوار الفنادق.

لقد زرع زيد بن علي، والمنصور والسفاح وهارون الرشيد هم الذين حصدوا،.

ان معرفتنا بهذه القضية الواقعية التاريخية تعطينا سلوكا جيدا لمستقبل حياتنا ولمستقبل الرسالة، ان الحركات الاسلامية لو كانت تعرف هذه المنعطفات ولو درستها بدقة لأستطاعت ان تنجح.

في العراق وعلى اكتاف المسلمين مناهل الوسط والجنوب قام الاستقلال ولكنه كان من نصيب الملك فيصل الذي ينتمي الى اقلية سكانية، والسبب ان الثوار كان ينقصهم الوعي التاريخي فلم يكونوا يعرفون بان تنازلهم عن حقهم ماذا يعني في مستقبل العراق؟.

انه يعني المجازر والتشريد والتهجير الجماعي والاستغلال والاستعباد لفترة طويلة لازالت ممتدة منذ قرن تقريبا.

من هنا فان طريقة دراسة التاريخ تتخذ اهمية قصوى لمعرفة القوانين التي يحفل بها والمتحكمة بالظروف الموضوعية، ويكون من السهل ان نطبقها على الواقع الحاضر بكل يسر وسهولة ونتوقى تلك المنعطفات المفاجئة التي تتصدى لنا ونحن بخضم النضال، ويجهزنا التاريخ وفهمه بتعدد الاختيارات والبدائل.

................................................................

المصادر/

* وحدة التنوع وحضارة اسلامية/ الامام الشيرازي

* الحكومة الاسلامية/ المصدر السابق

* التاريخ الاسلامي/ السيد محمد تقي المدرسي 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22 آب/2007 -8/شعبان/1428