امواج هائلة من السلاح تغذي دورة العنف في العراق

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم ان مايزيد على سبعة ملايين قطعة سلاح كانت هي ارث النظام السابق في العراق قد تبعثرث بين ليلة وضحاها في كافة انحاء البلد إلا ان الدولة وكذلك القوات الامريكية لم تولي اية اهمية في ايجاد طرق استرجاع الملايين من آلات الموت هذه، حتى تحولت الى ايدي فصائل العنف والارهاب لتحل لعنتها على العراق والعراقيين.

ورغم الاعداد الهائلة من الاسلحة الموجودة اخذت تظهر بين الحين والاخر منذ عام 2005 فضائح استيراد اسلحة عبر طرق غير شرعية ومن قنوات مختلفة حكومية وخاصة، منذ حكومة علاوي التي اشتهرت بالفساد وحتى الان. الامر الذي يغذي دورة العنف في العراق ويجعلها ذاتية وغير مرتبطة بنهاية.    

ونشرت صحيفة انترناشونال هيرالد تربيون الامريكية، تقريرا يسلط الضوء على كميات الاسلحة التي تدخل العراق، قال، إن العراق الآن غارق في أمواج من السلاح تتدفق عليه عبر قنوات مشروعة وكذلك من السوق السوداء.

وقالت الصحيفة انه، في اثناء الغزو الامريكى للعراق فى العام 2003، هرع اللصوص لنهب مستودعات الاسلحة، وفر الجنود العراقيين مصطحبين معهم بنادقهم الى بيوتهم، ومنذ ذلك الوقت والبلاد تغرق في بحر من الاسلحة التي تتدفق من اسواق شرعية وغير شرعية.

وتضيف، بالاضافة الى ذلك، فان ما يزيد عن 700.000  بندقية، واسلحة اخرى وصلت العراق في اطار عملية تسليح الجيش العراقي والشرطة، وهناك على الاقل 7 ملايين قطعة سلاح يعتقد انها في أيدي المدنيين، بمن فيهم المتمردين والميليشيات، في بلاد يقدر عدد سكانها بـ 27 مليون نسمة، حسب ما افادت تقارير صدرت عن فريق مراقبة الاسلحة الصغيرة  ومقره جنيف.

وقالت الصحيفة ان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) قالت في 26 من تموز يوليو الماضي ان نحو 122 الف قطعة سلاح جديدة بصدد الارسال الى القوات الامنية العراقية عبر قنوات رسمية. واضافت، ان اكثر بكثير من هذا العدد يصل العراق عبر قنوات السوق السوداء.

وأضافت، في 31 من تموز يوليو الماضي لم يعثر المفتشون في سجلات القيادة الامريكية في العراق على 190.000 بندقية من نوع AK-47 واسلحة اخرى، وكان اكثر من نصفها اعطي الى القوات العراقية بين العامين 2004-2005، وحتى وان عثر على مثل هذه الاسلحة في ايدي المتمردين او الميليشيات فلا يمكن تتبع الخيط الموصل الى الجنود الذين اوصلوها الى تلك الجماعات.

كما يقول التقرير، ان تجهيزات كثيرة، بما فيها اسلحة، قد اعطيت الى قوات الشرطة في محافظة الانبار، لكنها فقدت من مراكز الشرطة، حسب ما اخبر ضباط من المارينز  الكونجرس الامريكي في  ايار مايو الماضي.

وتتابع الصحيفة قولها ان العراق يعتزم شراء على الاقل 100،000 بندقية هجومية من نوع M16  و M14  امريكية الصنع ليجهز بها جيشه، بدلا من بنادق AK-47 الروسية. وستعمد السلطات الى اخذ بصمات الجنود وتصويرهم مع بنادقهم الجديدة لضمان اجراءات المساءلة.

وتعلق الصحيفة قائلة، ان بنادق AK-47 المتروكة ستكون في هذه الحال هدفا مغريا لتجار السوق السوداء.

وتتابع، ان تقارير يومية تصدر عن القوات العراقية والامريكية تفيد بوجود عمليات تهريب سلاح من ايران وسوريا، او من اماكن اخرى، تدخل الى العراق بواسطة شاحنات او دراجات نارية، او حتى على ظهور الحمير، ففي كانون الثاني  يناير الماضي، فتشت قوات من الشرطة قافلة تتكون من 4 صهاريج مموهة لنقل النفط ووجدت بداخلها مخابئ لاسلحة رشاشة.

وتتابع الصحيفة ان في الشهر الماضي اشتكت تركيا من أن الاسلحة التي تجهز الولايات المتحدة بها القوات العراقية تنتقل الى ايدي الانفصاليين الاكراد في شمال العراق، وفي العام الماضى، اعلنت ايران ان الاسلحة الامريكية تتدفق من العراق لتصل الى ايدي عناصر في ايران.

صفقة سرية

وفي سياق متصل قالت صحيفة واشنطن تايمز ان الصدفة قادت عناصر تحريات مكافحة المافيا في مطار فيوميسينو في روما الى اكتشاف صفقة سوق سوداء سرية ضخمة يتورط فيها عراقيون وايطاليون لشحن ما يزيد على 100 ألف قطعة سلاح اوتوماتيكي روسي الصنع الى العراق.

وأوضحت الصحيفة ان هذه الصفقة الضخمة كانت تجري بسرية تامة، وكانت على وشك الانتهاء عندما تحركت السلطات الايطالية واوقفت عددا من الاشخاص واحبطت العملية.

وأضافت، لكن الاسئلة الرئيسية عن هذه الصفقة بقيت بلا اجابات، مشيرة إلى أن احد تلك الاسئلة يتعلق بما تردد من ان مسؤولين في الحكومة العراقية متورطون في هذه الصفقة، والظاهر من دون علم القيادة الامريكية في بغداد ـ وهو ما يعني تجاوز النمط المعتاد في اشراف الولايات المتحدة على مشتريات السلاح العراقي.

وقالت ان  الوسيط العراقي في الصفقة الايطالية، قال في رسائل الكترونية جرى اعتراضها، ان الترتيبات جرت بموافقة امريكية إلا أن متحدثا امريكيا في بغداد نفى ذلك.

ونقلت الصحيفة عن الكولونيل دانيل ويليامز من القيادة الانتقالية، التي تشرف على تسليح وتدريب قوات الشرطة والجيش العراقية قوله ان المسؤولين العراقيين لم يُبلغوا القيادة الامنية للقوات المتعددة الجنسيات في العراق بانهم يجرون هذه الصفقة.

وأضافت الصحيفة ان  التحريات التي يقودها داريو رازي، المدعي الخاص بمكافحة المافيا في مركز مدينة روما، قد بدات في عام 2005 كجزء من تحريات روتينية لمتابعة تجارة المخدرات.

وأن  وثائق المحكمة توضح ان تحريات السيد رازي انطلقت في وقت مبكر من العام الماضي عندما كانت الشرطة تراقب احد المشتبه بهم بتجارة المخدرات وفتحوا حقائبه سرا حينما كان متوجها في رحلة الى ليبيا وبدلا من العثور على مخدرات متوقعة، وجدت الشرطة خوذا وستر مضادة للرصاص ومخططات لاسلحة، عندها عمدت الشرطة الى وضع مكالماته وبريده الالكتروني تحت المراقبة، وقادت تحريات السيد رازي الى مجموعة من رجال الاعمال الايطاليين كانوا يبيعون السلاح الى ليبيا، وفي اواخر العام 2006، حولوا نشاطاتهم الى العراق من خلال شركات خارجية انشأوها في مالطا وقبرص.

وأضافت ان السلطات اوقفت اربعة ايطاليين وتتهيا لاعداد لائحة اتهام بتشكيل تجمع اجرامي والمتجرة بالسلاح من دون الحصول على اجازة حكومية. وأشارت إلى أن البحث ما زال جاريا عن ايطالي خامس في افريقيا.

 وقالت الصحيفة ان رجال التحريات يقولون ان هذه الصفقة العراقية ظهرت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عندما قام شخص عراقي ـ يملك شركة تجارية، بارسال رسالة الكترونية الى ماسيمو بيتينوتي، 39 عاما، يملك شركة مالطا المحدودة، يسال فيها عن امكانية تجهيز 100 ألف بندقية هجومية من نوع AK-47، و10 ألاف بندقية آلية الى وزارة الداخلية العراقية، مضيفا ان الصفقة تأتى بموافقة الجهات الامريكية العاملة في العراق.

وتقول الصحيفة، يبدو ان الوسيط ـ وهي شركة الهندل للتجارة العامة ومقرها دبي، في الامارات العربية المتحدة ـ قد كان على اتصال بالسيد بيتينوتي منذ وقت مبكر بخصوص شراء نواظير ليلية، ومن ثم ابلغته ان بامكانه تزويدها بالسلاح.

وأضافت ان شركة الهندل كانت قد دخلت في صفقات مثيرة للجدل قبل ذلك، عندما حددتها تحريات امريكية قبل ثلاث سنوات بانها شركة واجهة في عمليات سجلت في فضائح برنامج النفط مقابل الغذاء.

وقالت الصحيفة ان المسؤولين العراقيين يشتكون من ان الولايات المتحدة تتباطا في توفير التجهيزات، ابتداء من الخوذ حتى الزي الرسمي، للقوات العراقية.

وأضافت ان تقريرا اخر صدر عن البنتاغون في حزيران يونيو الماضي اشار الى احتمال حصول الوزارة على سلاح من قنوات سرية.

صفقة اسلحة بريطانية قيمتها مليار دولار إلى العراق 

وفي سياق متصل ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن الحكومات البريطانية تواجه تساؤلات بشأن صفقة أسلحة بقيمة مليار دولار أبرمتها شركة بريطانية واجازها قسم التجارة والصناعة البريطاني لتوريدها  إلى العراق.  

وقالت الصحيفة ان لجنة من مجلس النواب البريطاني ومنظمة العفو الدولية طالبتا معرفة ان كانت  الصفقة خرقت حظر الامم المتحدة لتوريد السلاح للعراق وقوانين تصدير السلاح للحكومة البريطانية، كما طالبتا معرفة الاشخاص المشتركين في الصفقة والكفالات  التي وضعت  لضمان تصدير السلاح الى المكان المنصوص عليه (العراق).  

وقالت الصحيفة ان النصوص المتوفرة لديها تظهر ان شركة بريطانية باسم (بروكيومنت مانجمنت سيرفزس) ابرمت صفقة لتوريد بنادق هجومية لزياد القطان, الوكيل السابق للسكرتير العام لوزارة الدفاع العراقية,  ومسؤول المشتريات فيها، وان الشركة البريطانية اجيزت لشراء 40,000 بندقية من يوغسلافيا السابقة لصالح بريطانيا.  

واوضحت الصحيفة ان قسم الاجازات رفض حتى امس التصريح بشأن معرفته بالصفقة التي تضمنت عقد لتوريد 300 مدفع رشاش عيار 7.62  ملم من يوغسلافيا السابقة الى زيادة القطان في وزارة الدفاع العراقية حتى منتصف سنة 2005.

جدير بالذكر ان زياد قطان الذي كان مسؤول المشتريات في وزارة الدفاع مطلوب حاليا  للسلطات القضائية العراقية بقضايا فساد شابت عقود صفقات الاسلحة الموردة للعراق.  

يذكر ان توريد السلاح للعراق من بريطانيا مسموح به قانونيا ، لكن توريده عبر شركة بريطانية من دولة اجنبية الى دولة اخرى يتطلب اجازة رسمية من الدائرة الرقابية المختصة.

وتضيف الصحيفة، انه لا يتوفر حاليا اي سجل او اجازة رسمية تتيح توريد السلاح من البوسنة الى بغداد.  

وقال اوليفر سبراجيو مدير برناج الاسلحة في منظمة العفو الدولية، التدقيقات التي نقوم بها على تصدير السلاح ضعيفة على نحو يثير القلق.  

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 17 آب/2007 -3/شعبان/1428