الوحدة والبناء  بدل التفرقة والدمار

علي الطالقاني

 المتتبع للاحداث اليومية يقع في دهشة وحيرة؟ فأخبار العراق هي لوحة ترتسم عليها آمال مفقودة، وخوف مرتقب وعتمة ينتظر منها أن تلد بصيصا من الأمل ليولد فجر جديد لا يذبح به شاب او تيتم أسرة بيد أرهابية، وأسلحة الحرية الغربية ولكن هذه المرة على صخرة الفتنة والطائفية والشقاق. 

هل أصبح العراقيون اليوم يعيشون في عالم المجانين؟ ومن شدة جنونهم ترى بعضهم يعج بالحديث أمام وسائل الإعلام، محدقي النظر تجاه هول الدمار الذي جلبته الديمقراطية الغربية، ، يطبق صمت محير على أفواههم وأعينهم ، بينما يتحول بلدهم إلى ساحات صراع تسعى منذ سنين لتهميشهم وسلب ثرواتهم.  

بعض ما يجري ليس حوارا وتفاهما بل تناحر حول المناصب والثروات، ومن اجل اكتشاف ان كانت هناك امكانية لحل النزاع الامريكي العراقي، والعراقي تحديدا. إذ تواجه اللقاءات هزيمة سياسية وميدانية وعقلية، بسبب كثرة الملفات الساخنة، وعجز السياسيين عن حل النزاعات ذات الاهمية الكبرى على سلم الاولويات. 

فالخلاف العراقي بين الطوائف يأخذ حيزا كبيرا من تفكيرهم أكبر من حبهم  لوطنهم. الخلافات المعقدة المحاور، الايرانية الاميركية، تأخذ مساحة هي الأخرى من الوقت والتحرك، ولم يبق للمشروع التاريخي الذي كافحنا من أجله في الانتخابات الا القليل المتروك لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، الذي يحاول دفع الأمور باتجاه الحوار والتفاوض. وهو الآخر لا بد انه يعاني من تفاقم خلافات شركائه حتى في الأمور الجزئية، من قضايا ادارة البلاد فضلا عن الخدمات الحكومية.  

وبدون وعي وتركيز حقيقي، يضع الأولوية لإقامة الحكومة العراقية، فان الجميع سيغرقون في التفاصيل الصغيرة التي لا تحل اياً من القضايا العالقة.

ولو رجعنا الى الوراء وقيمنا الاتفاقيات، أي اتفاق العهد في السعودية، والمصالحة، لوجدنا هذه الاتفاقيات نجحت على المستوى النظري فقط بسبب ضغوط الإدارة الأمريكية وثقلها وراء تنفيذها.  

الاتفاقات، التي جاءت في اعقاب الانتخابات ، الزمت امريكا بالانسحاب وبدأت المدن العراقية تقضي على الحلم الأمريكي. وكذلك حوصرت خارجيا حتى لم يعد يسمح لها بالعمل داخل الاراضي العراقية. 

ان المناخ الآن يساعد على اقامة الدولة العراقية. فأن انتشار التنظيمات المتطرفة، والمعركة المحتملة مع ايران، والنزاعات المستمرة في المنطقة تحت عناوين اقليمية مختلفة، كلها تحث على حل مرض للقضية العراقية. 

إنّ التقصير الأساسي هو تقصير في  تركيز الذهن والفكر، وهما أساس كل تقدم، وكل إنجاز وانتصار.

المطلوب هو خطوة  لحماية وجودنا المعرض يومياً لمحاولات التفكيك والتدمير في كافة أشكاله، والخطوة هذه هي صحوة الضمير والارادة، أولا، والاخلاص بالعمل الدؤوب عبر تخصيص منظومة فكرية  وعملية ، تستطيع ان  ترفع الضيم والمعاناة عن العراقيين، ومؤازرتهم، وشرح حقيقة النزاعات في بلدهم للعالم المتخم بالدعاية الكاذبة.

كما ان الضغط التي تتعرض له امريكا اليوم لا يمكن ان يخلق فيها إلا حالة التخبط  في سياستها والهروب من واقع العملية السياسية، والتي تضيع من جهودها في معارك صغيرة، نجحت حتى الآن في تخريب أجواء الحل الذي يمكن ان يحقق حلم العراق، وإقامة دولة آمنة مستقلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16 آب/2007 -2/شعبان/1428