المعروف في المعارك ان الانسحاب يسحب الى صاحبه الخذلان والجبن ولكن
كيف يكون الانسحاب في المعترك السياسي، فهذه الكلمة كثيرا ما بدأ
العراقيون ان يعتادوا عليها إسوة بالديمقراطية والحرية والخطة الامنية
والتهجير والتفجير، بل وحتى ان الانسحاب كثيرا ما يشبه الخطة الامنية
والتهجير او التفجير حيث لكثرة التكرار وعدم الوصول الى الهدف المنشود
تكون مملة ومن الامور التي لا يبالي لها لا من قبل العراقيين ولا
السياسيين.
العراق ليس البلد الوحيد الذي تحصل فيه ازمة سياسية فكثير من
البلدان تحصل فيها ازمات ولكن هل علاج الازمة يتم بالانسحاب هذا هو
المهم، الكونغرس الامريكي وتحديدا صاحب الاغلبية فيه الديمقراطيون
والتي تجاهل مطالبهم وقراراتهم الجمهوريون والنتيجة انهم لم ينسحبوا
هذا مع العلم لو انسحبوا سيكون تاثيرهم اكثر بكثير من تاثير من ينسحب
في العراق ولكن لعلمهم ان الانسحاب لا يداوي جرح، اما اذا كان هنالك
اهداف وغايات يروم الى تحقيقها المنسحب فهنا تكمن العبرات وتستحق
الوقفة، فلو كان المنسحب خالي من كل نية سوء وهدف سلبي عندها يكون
انسحابه زلة تحسب عليه واما اذا كان العكس فعندها يكون الانسحاب مهزلة.
الانسحاب والاستقالة وجهان لعملة واحدة ولو قدم على احداهما اي حزب
او شخصية سياسية فعندها يكون حفظا لماء وجهه عدم التراجع عن قراره، قد
يقال ان الانسحاب يحصل وغاية المنسحب بعض المطالب يروم تحقيقها فاذا ما
تحققت يحق له العدول عن الانسحاب او الاستقالة،اقول ان الانسحاب لا
يحقق المطالب فلو كنا نؤمن بالديمقراطية عندها يكون تحقيق المطالب عبر
طريقين لا ثالث لهما هو البرلمان او المظاهرات السلمية من قبل مؤيدي
صاحب المطالب سواء كانت كتلة او شخصية سياسية.
هنا في العراق كتلتان ووزرائهم كثيرا ما ينسحبون من الحكومة
والبرلمان ومن ثم يعودون وعودتهم لا تتم باقتناع الحكومة بسبب
الانسحاب بل اما بفبركة سياسية او ضغوط امريكية، ولنضع النقاط على
الحروف وان كان القاريء اللبيب علم من هم الكتلتين هما الصدرية
والتوافق اما العراقية فتاثيرها اقل بسبب الخلاف بين وزرائها واعضاء ها
وتحديدا رئيسها والتي بسببها انسحب البعض من الكتلة والبعض الاخر يفكر
بالانسحاب والشيء بالشيء يذكر فهنا عندما انسحب الدكتور مهدي الحافظ من
كتلته لم يرجع اليها ولم يقدم مطالب معين ولكن بسبب امور لا تتفق
ومباديئه انسحب فالانسحاب هنا مرجلة وليس مهزلة، الكتلة الصدرية كثيرا
ما تنسحب ولاسباب تافهة منها مثلا انسحابها بسبب لقاء المالكي مع بوش
في عمان والنتائج معلومة للجميع الاجتماع تم والانسحاب تقوض فان
الادارة الامريكية لا تبالي بالتيار الصدري ان انسحب او بقى بل انها
تفضل خروجه من العملية السياسية برمتها، اما ما يعني الادارة الامريكية
هو التوافق وكثيرا ما تضغط على المالكي لغرض ارجاع التوافق الى العملية
السياسية وتلبية ولو بعض مطالبهم، هنا يدور سؤال في خلدنا ما هي
العلاقة بين الادارة الامريكية والتوافق ؟ فالمعلوم للجميع ان العرب
السنة لم يشتركوا في الانتخابات الاولى الا انه بسبب الضغط الامريكي تم
اشراكهم في الحكومة وكتابة الدستور.
لو كان هدف المنسحب اضعاف الحكومة فهذا امر بعيد المنال وذلك لسببين
فاذا كانت الحكومة منتخبة من قبل الشعب فتغيرها يكون امر صعب وان حصل
فان البديل يكون على شاكلة المبدل طبقا لرغبة الشعب واذا كانت الحكومة
خاضعة لاجندة اقوى من الشعب ومنها عندها متى ما ارادت هذه الاجندة تغير
الحكومة فانها تفعل ذلك من غير حاجتها الى انسحاب كتلة او وزير فاذا
كانت حكومة المالكي عملية عندئذ الانسحاب لا يجدي نفعا.
انا لا ادعي بان ما تقوم به الحكومة هو الصحيح وغيرها الخطأ بل
هنالك اخطاء ارتكبتها الحكومة منها رغما عنها او سوء تخطيطها واما اذا
ما اتخذت قرار لا يتفق ورغبة هذه الكتلة او تلك فلا يعد هذا خطأ ان كان
القرار يرضي الاغلبية ومن غير ظلم الاقلية اذا كان لهم ممثل شرعي
وحقيقي لهم في الحكومة والبرلمان.
اتمنى على السياسيين ان يعيدواحساباتهم كلهم وان يضعوا الانسان
العراقي نصب اعينهم بغض النظر عن معتقدهم وقوميتهم واسال الله ان
يوفقهم لما فيه الخير للجميع. |