قبسات من وحي ذكرى إستشهاد الامام الكاظم(ع)

عدسة وتحقيق: عصام حاكم

شبكة النبأ: ليس هناك ثمة شك أنه في السنين الاخيرة، حدثت قفزة واسعة الابعاد نحو قراءات جديدة لفكر أهل البيت(ع) بالاخص تلك الفكرة التي جسدها الامام موسى بن جعفر الكاظم(ع) عبر سيرته الذاتية، هذا مما أستنطق الكثير من المعطيات والمعاني  للحياة السياسية في العالم الاسلامي وخارجه، فلقد تصدى الكثير من رجال السياسة والتاريخ والدين لأن يجعلوا  من مفاهيم هذه السيرة مراس للبحث والدراسة، فصدرت دراسات وكتب عديدة نالت الاقبال والاستحسان بين الاوساط السياسية والشعبية، كتب تناولت فكر أهل البيت وبالتحديد المدرسة الكاظمية العظيمة.

وللوقوف عند أبعاد هذه الذكرى العظيمة أستطلعت ( شبكة النبأ المعلوماتية) اراء بعض  الشيوخ الاجلاء والمثقفين لاستشراق هذه المضامين فكانت الحصيلة ما يلي:

اول من توقفنا عنده الاستاذ (فاهم عزيز) أستاذ في جامعة كربلاء، حيث يقول، لا يمكن بأي حال من الاحوال ونحن نحيي ذكرى أستشهاد الامام موسى الكاظم(ع)، من دون ان نستذكر مضامين  تلك النهضة العظيمة، وان نستلهم شيئا من أبداع هذه الفاجعة التي تستحق الثناء والتبجيل، مدرسة أمامنا تحمل أرثا تاريخيا عظيما لكل العالم، وهي منهل عذب ينحو نحوه الظامئون من كل الاديان والاجناس ليغترفوا من عذب ماءه حتى الوصول الى الكمال الانساني الذي مثله عبر عذاباته المستمرة.

اما السيد (يحيى الموسوي) فهو يقول، لم تكن واقعة الجسر المعروفة في بغداد حدث تاريخي فحسب او صراع بين طرفين، بل هي تمثل الصراع الازلي بين قوى الشر وقوى الخير، حيث كانت عبارة عن حراك بين  القيم العليا بكل أنواعها  ضد اعداء الحياة،  فهم لم يستهدفوا الامام(ع) لشخصه، الا انهم أستهدفوا فكر ومعنى وابعاد تلك الوقفة السامية التي جاهد من أجلها الامام للقضاء على كل فكر منحرف يحاول تقويض حالة التعبيرعن الراي ومهما تكون وسائل ذلك التعبير.

الا ان الشيخ (كاظم الاسدي) يرى في  سيرة وشخصية الامام موسى الكاظم(ع) بعدا اخر، فيقول، واهم جدا من يجسد معركة الامام مع هارون الرشيد بالحسابات التقليدية العسكرية فحسب، بل يجب ان يدرك ما ذهبت اليه تلك المدرسة الكاظمية من خلال ما تحمل من معطيات او تداعيات تشير الى حالة الرفض وعدم الخنوع والى حرية التعبير عن الراي، وقف راهب بني هاشم(ع) ليعبر عن هموم هذه الامة، التي طالما تعودت على الرضوخ، لذا ذهب لمقارعة الطغاة والظلمة عبر اصراره وصبره ليعطي درسا ما بعده درس في التفاني من اجل اعلاء كلمة الله (سبحانه وتعالى).

اما الشيخ (كاظم ساهي) فقال لـ(شبكة النبأ): ان الامام موسى ابن جعفر(ع) تصدى للامامة الالهية في أمور الدين والدنيا بعد والده الامام جعفر ابن محمد الباقر(ع)، حيث كانت الحوزات العلمية والمدارس الدينية مزدهره اي ازدهار في ظل ايام الامام الصادق(ع) فكان  الامام الامام موسى ابن جعفر (ع)  الامتداد المباشر لهذا الازدهار لكن في زمن الامام موسى الكاظم يختلف من حيث معاصرته للطغاة الظلمة، حيث يطلقون على تلك الفترة بالعصر الذهبي من باب النفاق، هذا مما جعل دور الامام صعب جدا فتارة يحمل لواء التصدي لهؤلاء الظالمين، وتارة اخرى يتوجب عليه ديمومة استمرارية أحياء العلم الجعفري والمدارس الحوزوية المحمدية، وثالثا يقع على عاتقه متابعة امور الامة الاسلامية والعالم اجمع، وقد مارس هذا الدور بكل شجاعة حيدرية.

واشار الشيخ (ستار البصري) بكل فخر واعتزاز الى  الدور الذي اضطلع به الامام في تغيير أستراتيجية التعبير عن حالة الاشعاع الفكري ليس حصرا بمن حوله بأطار ضيق، بل يتعداه الى كل العالم ، ليضع منهاج عمل لكل الثائرين. لانتهاج درب الشهادة كعنوان من عناوين ابداء الراي والصمود على المبدا مهما تكن سمة التضحيات، ولم تقتصر او تختص  تلك الفكرة بزمن محدد، بل هي ممتدة وتكاد ان تكون مدرسة الهمت الاحرار في كل الدنيا، فمنذ  قرون ولحد الان ومدرسة الامام الكاظم(ع) تخرّج الثوار والاحرار على مختلف صنوفهم والوانهم، فعشاق الحرية لا ينتمون الى عرق معين بل هم دوما كالكواكب يلتفون حول رائد النهضة العلوية. وقد اختص الإمام بالقاب عدة فمنها ذو الثفنات ومنها راهب بني هاشم وسمي بكاظم الغيظ وسمي بباب الحوائج.

 ومن هنا ندرك بان مسيرة العظام هي بمثابة الجذوة التي توقد  الظمائر في النفوس، فضلا عن كونها تعد مدرسة  لكل الاحرار والشرفاء في كل العالم وفي كل العصور، من دون ان تستظل بنور الشمس  فهي كالصباح عندما يطفىء اليل بنوره ليستمد منه كل عشاق الحرية اريج التفاعل الانساني المعبر عن الاخر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 10 آب/2007 -26/رجب/1428