ملف تخصصي (أزمة الحكومة العراقية)

المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ: مع استمرار التقاطع السياسي توقعت مصادر في واشنطن انهيار حكومة (نوري المالكي). ووصفت قرار تعليق التوافق لعضوية وزرائها في مجلس الوزراء وكذلك كتلة أياد علاوي من القائمة العراقية ومقاطعتهم لاجتماعاته بأنها آخر ضربة توجه الى حكومة العراق غير المؤثرة بشكل كارثي.

فيما وصف محللون سياسيون قرار التوافق بأنه سخيف ولا ينم عن شعور عميق بمسؤوليتها السياسية الكبيرة حيال ما يجري في العراق من عمليات قتل طائفي واسعة النطاق. وفقا لصحيفة النيويورك تايمز.

واتهمت المصادر الكتل السياسية الشيعية والسنية التي تدير شؤون الحكم الآن بأنها تتغافل عن الأزمة الخطيرة التي تعيشها البلاد.

وقالت بأنّ الجميع يشاركون في دفع الأوضاع الأمنية الى حافة الحرب الأهلية الشاملة. وتساءلت المصادر عما قدمته جميع هذه الأطراف من أجندات عملية سواء فيما يخص الحياة اليومية للناس، أو علاقتها بقوات التحالف أو بعلاقاتها مع بعضها. وقالت إن جميع الأطراف يفاقمون الأزمات الشكلية التي تعمق الخلافات وتساهم في إبعاد المشكلة العراقية عن نقطة الحل.

وسخرت المصادر من تصريح أحد أقطاب الكتلة (وهو عدنان الدليمي) الذي يتعهد باستمرار الوزراء بأعمالهم والاكتفاء بمقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء. وقالت المصادر: إنَّ الكتلة تظهر دائما ما يشبه العداء الشخصي سواء ضد المالكي أو ضد رئيس الوزراء السابق ابرهيم الجعفري أو حتى رئيس الوزراء المؤقت أياد علاوي. ووصفت ذلك بأنه قرار مسبق بعدم الرضا عن أي مسؤول سياسي شيعي يقود الحكومة العراقية التي يقرر البرلمان انتخابها بموجب اجراءات نص عليها الدستور الجديد للبلاد.

وقالت المصادر إنّ اختفاء وزير الثقافة أسعد الهاشمي بعد اتهامه بارتكاب جريمة قتل حالة مريبة، وتدعو الى القلق، فهذا الرجل الذي أتى به العرب السنة من الجامع ليترأس وزارة ثقافة البلد التي ترعى فنون الآداب والثقافة والصحافة والرسم والموسيقى والرقص، أمرٌ لا يمكن أنْ يشير الى دراية سياسية. وأطلقت المصادر على عملية اتهام وزير للثقافة بالقتل بأنها مؤشر خطير على فشل آليات الحكومة التي تعجز عن التدقيق الأمني في سيرة شاب قيل أنه يؤم المسلمين في جامع سلفي. وشددت المصادر على قولها: إنّ حكومة المالكي أدخلت نفسها في نفق مظلم، فهي إنْ تراجعت وقبلت بما يمكن تسميتها محاولة ابتزاز مصداقيتها، كذّبت قضاءها، وأصبح موقفها أمام شعبها مذلاً. وإنْ هي استمرتْ في ملاحقة الهاشمي للقبض عليه ومحاكمته أبقت الخصومة مع التوافق على أشدها وقادت البلاد الى أزمة كبيرة.

ووصفت المصادر حكومة المالكي بأنها ضعيفة وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، فيما قالت إنّ التوافق –كما يبدو- شاركت في العملية السياسية لمجرد إثارة الخلافات وتعميق المشاكل وزيادة التوترات التي تـُظهر عجز الأحزاب الشيعية عن قيادة الدولة. وأكدت المصادر إنّ أطراف التوافق يمارسون دوراً غبياً باتجاه دفع الشيعة الى مزيد من الاقتناع بمشاريع "أقلمة العراق" والتخلص من حالة التوافقات الهشة مع حلفائهم العرب السنة في السلطة. 

وكانت وكالة الأسوشييتد برس قد نقلت عن (أياد السامرائي) العضو البارز في التوافق قوله: إنّ الوزراء علقوا حضورهم اجتماعات مجلس الوزراء الذي يرأسه المالكي لإنهم يعدون موقفه غير مناسب. ودعا السياسيون السنة رئيس الوزراء الى وقف القرار القضائي الذي وصفوه بأنه صدر بدوافع سياسية لكن المالكي رفض الاستجابة لهم، قائلاً انه لا يتدخل في شؤون القضاء.

وكان النائب علاء مكي من الحزب الإسلامي العراقي الذي وصفته رويتر أنه معتدل قد طالب بإجراء تحقيق مستقل في الاتهامات التي وجهت الى وزير الثقافة بالمشاركة في قتل إثنين من اولاد النائب في البرلمان مثال الآلوسي. ونقلت الوكالة عنه قوله ان العرب السنة مهمشون في الحكومة ومعزولون عن أدائها. وكانت التوافق قد أشارت الى أنّ مثل هذه الاجراءات ضد العرب السنة تعمق النزاع الطائفي بين سياسي البلد.

ومن جانب آخر كان (سامي العسكري) المستشار في الحكومة العراقية قد أشار الى ان مشاركة جبهة التوافق في عمل الحكومة لم تكن فاعلة، بل حاولت التوافق في مرات متعددة عرقلة عمل الحكومة، ولم تنجح . واضاف قوله: في  حين كانت مشاركتها  اصلا  بمطالبة وضغوط  سياسية اميركية،  لمنح العرب السنة موقعا في حكومة وحدة وطنية ، وهذه  الحكومة ايضا  كانت  رغبة  من  الكتل  البرلمانية، بان  تشارك فيها  جميع  الكتل، ولكن  نتائج  الاوضاع  التي يمر بها  العراق، اثبتت  ان  تشكيل  حكومة للأغلبية  البرلمانية  افضل  لتقدم  مسيرة  العملية  السياسية  ولنشاط  وكفاءة  عمل  الحكومة.

ورأت مصادر سياسية محايدة في بغداد –فضلت عدم الكشف عن هويتها- إنّ تصريح (العسكري) تهديد مبطن باستعداد الأحزاب الشيعية التي تشكل الأغلبية في البرلمان للانفراد بالسلطة. وقالت إن الدخول في سياقات هذا الأسلوب في التفكير تدفع البلد برمته الى الدمار. وعابت على العسكري حديثه عن مشاركة التوافق بمثل هذا الأسلوب لإنه اعتراف مجاني بعزلها وتهميشها.

وعلى صعيد آخر أكدت المصادر السياسية العراقية أنّ (التوافق) لابد أنْ تتخلـّص من اتباع أساليب المراهقة السياسية التي تقودها الى مشاكل عنيفة. ويجب أنْ تعرف أنها ليست أكثر وطنية من الكتل الشيعية فكلاهما في زورق واحد ويتعاملان مع الاحتلال وجهاً لوجه. وكلاهما أيضا يتحمّلان مسؤولية الدماء التي تراق يوميا في العراق. فضلاً عن أنّ الطرفين (الإئتلاف الشيعي) و(الكتل السنية) ليس لديهما أي مشروع سياسي منهجي لتقصير فرصة حضور الاحتلال في البلد أو تصور مستقبل العراق في المديين القريب والبعيد.

وقالت المصادر إن الحقيقة الغائبة عن (التوافق) هي أنها في الحكم وليست في المعارضة. وقالت إنها تتهم الحكومة كما لو أنها ليست جزءاً منها وسبق لمسؤول سني كبير أنْ اتهم (الاحزاب الشيعية الحاكمة بالعمالة للاحتلال) مع أنه يسافر الى واشنطن ويلتقي المسؤولين فيها ويجتمع مع القادة العسكريين والسياسين والدبلوماسيين الأميركيين في بغداد. لكنه يتحدث كما لو أنه يقود المعارضة المسلحة.

ونظرت المصادر بقليل من الاحترام للمنهج الذي تتبعه الحكومة العراقية التي يقودها المالكي ووصفته بأنه عاجز ومشلول لإنه في أقل الحسابات لم يعرف كيف يحتوي أحد أهم الأطراف في الإئتلاف الشيعي من حيث تأثيره في الشارع العراقي.

أياد جمال الدين يهدد باتخاذ خطوات جديدة ضد حكومة المالكي

تعمّقت الأزمة السياسية في العراق بانسحاب خمسة وزارء آخرين من اجتماعات مجلس الوزراء، موجهين ضربة كبيرة الى رئيس الوزراء (نوري المالكي)، ومساهمين بتهميش ما يسمّى وحدة الحكومة العراقية وجهودها لتصالح الأطراف السياسية العراقية المتنازعة-المتحاربة.

وآخر مقاطعة من الوزراء الخمسة، وهم خليط من الوزراء السنة والشيعة الموالين لرئيس الوزراء السابق الدكتور (أياد علاوي)، تلت القرار الذي اتخذته الكتلة السياسية السنية الكبيرة لسحب وزرائها الستة من مجلس الوزراء.

وترك قرار الوزارء الخمسة –في الأقل خلال الوقت الحاضر- الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة، تعمل بدون أي وزير سني في مجلس الوزراء.

ويقول أعضاء في البرلمان العراقي موالون لـ(علاوي) إنّ الوزارء سوف يستمرون في إدارة وزاراتهم لكنهم لن يحضروا اي اجتماع لمجلس الوزراء. وذكروا بعض الأسباب التي أدت الى اتخاذهم لقرار المقاطعة، مشيرين الى عدم التقدم في قضايا مثل (وضع العراقيين المتحجزين)، و(عودة المرحلين من مناطق سكناهم بسبب العنف الطائفي)، و(عدم عودة الأعضاء السابقين في حزب البعث الى مناصبهم الحكومية).

ويرى محللو وكالة الملف برس أنّ لعبة الكرّ والفرّ التي تمارسها الكتل الأربع الشيعية (الحكومية)، والصدرية الشيعية (المعارضة للحكومة)، والسنية (الرافضة للحكومة)، وأخيرا كتلة (علاوي المتهمة بالتآمر على الحكومة)، لن تخدم العملية السياسية من جهة، وتضر بمصالح العراقيين من جهة أخرى، فالأطراف الأربعة عاجزة حتى الآن عن توضيح مساراتها السياسية، بشكل صريح، فهي راغبة في احتياز المزيد من مسؤوليات السلطة التي يدير الاحتلال قوانينها العامة مع علمها بذلك وراغبة في الوقت نفسه بـ الظهور أمام المواطنين العراقيين بمظهر الرافضة للاحتلال، والمدافعة عن مصالح العراقيين.

إنّ الكتل جميعها تقريباً تكيل بمكيالين –كما يصف ذلك محللو الأخبار في وكالة الملف برس- فهي تتعامل برؤية إعلامية ولأغراض الكسب السياسي من جهة ومن جهة أخرى تحاول توظيف كل الأزمات التي يعيشها البلد في خدمة مصالحها السياسية الذاتية. وبمعنى من المعاني فإن كل ما يجري في العراق منذ أربع سنوات وأكثر هو نتاج هذه المخاتلة السياسية التي إنْ لم تكف عنها الكتل، وإنْ لم ترعو عن المتاجرة بالمشاريع التي تطرحها بما في ذلك (عودة البعثيين)، فإن فضيحتها مع الزمن ستزداد انتشاراً، وسيصبح من العسير عليها لملمة "سمعتها السياسية" من جديد.

وبكلام دقيق ومحدد –يقول محللو الأخبار في وكالة الملف برس- إن جميع الكتل السياسية التي تعتبر نفسها مؤثرة تستمد قوتها بشكل من الأشكال من وجود الاحتلال الأميركي، فالحكومة محمية بدعمه ومساندته، وكتلة علاوي لا يمكن أن تقف ضد الاحتلال الأميركي لإنه خالقها ومموّلها، والكتلة السنية موجودة أيضا بحماية الأميركان ودعمهم ومساندتهم، بل ورغبتهم في منحها مزيد من السلطات والمشاركة الأكبر في الحكومة. أما الكتلة الصدرية، فهي –على الرغم مما تجابهه ميليشياتها من عنف أميركي في تفكيكها ومطاردتها- موجودة في البرلمان برضا الأميركان وليس بحماية الشعب أو حكومة المالكي. ولهذا فإن المخرج الوحيدة لأية كلتة من أزمتها (وليس فقط أزمة حكومة المالكي) هو أنْ تعمل بمسارات حقيقية تخدم مصلحة المجتمع العراقي لا مصالحها هي، وتضع في الوقت نفسه حلولاً بمعزل عن إرادة المحتل. لإنّ المحتل هو الذي يفرض على الكتل جميعها (لغة التفاهم بحدودها الدنيا)، ورفع غطائه عنها، سيكشف (حقائق توحّشها السياسي)، لإنها جميعاً ستتفاهم (بلغة الرصاص)، وهذه هي المعادلة الصعبة التي سعى الاحتلال الى ترسيخها مستغلاً جهل الكتل السياسية وطائفيتها أو براغماتيتها (وتعفن بناها الداخلية)، لكي يبقى هو (الضمانة الوحيدة) لحوارها السياسي بالحدود الدنيا (المتدنية) التي نراها.

ونقلت الواشنطن بوست عن (عليه نصيف جاسم) عضو البرلمان، وهي من كتلة (علاوي) الشيعية العلمانية قولها: هذا العمل ليس عملية تصعيد للموقف، لكنه اعتراض على ما تعمله الحكومة. وأكدت قولها: إنّ كتلة العراقية تعمل في الحكومة على قاعدة التشارك أو المشاركة في القرار لكنّ هناك من يتعمّد تهميشها. 

من جانب آخر أكدت صحيفة النيويورك تايمز أنّ تعليق الوزراء الخمسة لعملهم في مجلس الوزراء، كان رسالة تحذير الى رئيس الوزراء (نوري المالكي) الذي تعاني حكومته من عزلة متزايدة، للانسحاب نهائياً من الوزارة إنْ لم تتحق مطالبهم. وتذكر الصحيفة ان انسحاب وزراء كتلة علاوي (التي تزعم ابتعادها عن خطوط التقاطع الطائفي بين الشيعة والسنة) اقترن بانسحاب ستة وزراء من السنة. وتؤكد ما قالته الواشنطن بوست من أنها ضربة ثانية تتلقاها وزارة (المالكي) التي يسيطر عليها الشيعة. 

وأكدت النيويورك تايمز أنّ المراقبين في بغداد يتوقعون تأثيراً بسيطاً لانسحاب وزراء (كتلة علاوي) من اجتماعات مجلس الوزراء، لإنهم سيستمرون في إدارة وزاراتهم. لكنّ قرارهم هذا سيجعل عدد الوزارء الغائبين عن الاجتماعات الوزارية 17 وزيراً أي تقريباً نصف عدد أعضاء مجلس الوزراء الذي بات شيعياً بالكامل. فالوزراء الستة التابعون الموالون لمقتدى الصدر انسحبوا في نيسان الماضي بعد رفض (المالكي) طلبهم بوضع جدول لموعد انسحاب القوات الأميركية. وتبعهم ستة وزراء من الكتلة السنية. 

وكان الدكتور (أياد علاوي) الشيعي العلماني والعضو السابق في حزب البعث خلال حكم صدام، قد انتقد حكومة المالكي لإنها تتبنـّى فلسفة طائفية، كما انتقد سياسات الحكومة حيال الاعضاء السابقين في حزب البعث، واتهمها بالاستمرار في خلق التكتلات الطائفية. 

وأنكر (أياد جمال الدين) أحد أعضاء البرلمان الذين يمثلون كتلة العراقية التابعة لـ (علاوي) أنْ يكون تعليق الكتلة لعضوية وزرائها في اجتماعات مجلس الوزراء، ذا علاقة بقرار انسحاب وزراء الكتلة السنية. وزعم –كما تقول النيويورك تايمز- أن الاحتجاج كان موجهاً بالتحديد (لفشل المالكي في الاستجابة لطلبات كتلة العراقية التي قدمت قبل خمسة شهور). ووصف التحرك بأنه خطوة أولى مشيراً الى ان (كتلة العراقية) ستنتظر لترى كيف سيكون رد فعل الحكومة. وقال: "كل شيء ممكن، وكل الأبواب مفتوحة أمامنا. 

إنّ العراقيين برأي –محللي الأخبار في الملف برس- ينظرون الى الحكومة الفاشلة والكتل التي تعارضها أو ترفضها أو تتآمر عليها، كلها في قفص الاتهام، وكلها معرّضة للزوال لأنّ الشارع العراقي في واقع حاله يقابلها بالسخط والنقمة وبـ "رفض مساراتها" في سياسة التخاتل أو التقاتل التي قادت العراق الى محنته الكبرى. 

وتتابع وكالة الملف برس في تقارير أخرى تطورات (أزمة الحكومة) العراقية وانسحاب الوزراء منها، كي توفرّ لقرائها المزيد من فرص النظر المشكلة من زواياها المختلفة. 

شيروان الوائلي يسعى للاطاحة بالمالكي

ما زالت وزارة الامن الوطني ووزيرها شيروان الوائلي تثيران جدلاً واسع النطاق في الاوساط السياسية العراقية، كما الاوساط الصحفية الغربية. فوزارة الدولة للامن الوطني استحدثت في حكومة علاوي في ظرف معين اريد منه تقليص دور مستشار الامن الوطني .. 

ويقول الصحفي داريا سنغ في ( الاندبندنت فري برس) بتاريخ 5 – تموز -2007 ان الاوضاع الامنية في العراق بالغة السوء بسبب وجود سلطات ودوائر ليس لها واجبات ولا مصادر تمويل حكومية رسمية او معلومة، مشيراً الى ان هناك مخاوف من ان تتمدد سلطات هذه الاجهزة لتشكل دوائر واجهزة امنية على غرار ما كان موجوداً في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. 

لكن اللافت في ما كتبه سنغ هو الاشارة الى ان هذه الاجهزة تسعى وتمهد للاطاحة برئيس الوزراء نوري المالكي. ويروي سنغ كيف انه توفرت له فرصة لقاء مسؤول رفيع المستوى في وزارة الامن الامن الوطني مطلع حزيران الماضي الذي ابلغه ان الوزارة التي تتلقى دعماً مالياً من الحكومة الا انها غير خاضعة للمساءلة امام البرلمان. 

وكان مجلس النواب العراقي قد ناقش في اذار الماضي مقترح قانون انشاء وزارة الامن الوطني بمهام توازي جهاز المخابرات الذي يديره اللواء الشهواني، لكن البرلمان رفض قانون الوزارة ولم يوافق عليه، ورغم ذلك فان الدعم المالي الحكومي ما زال موصولاً . 

وبعد ايام قليلة على رفض البرلمان قال شيروان الوائلي امام تجمع بمركز الخوئي في لندن ان الاكراد تراجعوا عن تحويل وزارة الدولة لشؤون الامن الوطني الى حقيبة وزارية. 

وحين سألت المسؤول - يقول داريا سنغ – كيف يرفض البرلمان ذلك. اجاب: ان الوزارة تتلقى الدعم المالي من مصادر عديدة من بينها الحكومة العراقية، ذلك ان الضرورة تحتم وجود جهاز امني يراقب اولئك الذين يعارضون الحكومة. 

ويواصل سنغ سرد وقائع لقائه المسؤول الامني بالقول : وسألت المسؤول ثانية هل يأتي الدعم من حكومات اجنبية، امتنع عن الاجابة. وحين مارست ضغطاً عليه، قال : ان شيروان الوائلي وزير الدولة لشؤون الامن الوطني يعمل على تغيير المالكي، وان جهاز المخابرات العراقي يخدم سلطات الاحتلال ولا يمثل الشعب العراقي. 

وخلص سنغ الى انه  يمكن ملاحظة وجود قوى عديدة تعمل على عرقلة استقرار العراق بمثل هذه الممارسات التي تخلق التوتر والصراع داخل الحكومة الامر الذي سيزيد من زعزعة الاوضاع الامنية ومنع احراز اي تقدم على صعيد بسط الامن والاستقرار في البلاد. 

الجعفري يسعى لكسب السنة والاكراد تمهيدا للاطاحة بحكومة المالكي

بعدما كان حديثا يدور في الاوساط السياسية وبين قيادي حزب الدعوة انفسهم ، اتسع الامر فبات حديثا رسميا وموثقا ، ألا وهو سعي الدكتور ابراهيم الجعفري بالاطاحة بحكومة المالكي ، واسترداد منصب رئاسة الوزراء منه .!! وجاء تقرير الاسوشيتدبرس عن هذه القضية مدعما بتصريحات لقياديين في حزب الدعوة هذه المرة وعلى لسان المساعد الايمن للجعفري وهو فالح الفيض . 

وحسب هذا التقرير ، يبدو ان الدكتور الجعفري قطع طريقا لاباس به ليضمن حلفاء يستقوي بهم لينال منصب رئاسة الوزراء ثانية ، ومنذ ان سافر الى كوردستان العراق في الثاني والعشرين من الشهر الماضي ولقائه المسؤولين الاكراد هناك ، انتشرت بعض الانباء عن هذا المشروع الجديد للجعفري ولكن ليس بهذا المستوى من التوثيق .

وحسب مسؤولين ، فان تقرير الوكالة الاميركية  اشار الى "إن الجعفري بدأ مؤخرا في مغازلة العرب السنة، مُقترحا عليهم تغييرا في العملية السياسية بمجملها والقائمة على المحاصصة الطائفية. وعرض عليهم أن يشغلوا منصب رئاسة الجمهورية، لإضفاء المزيد من التوازن الطائفي والعرقي في البلاد، ولتحسين العلاقة مع باقي الدول العربية ، ولتعويض الأكراد عن منصب رئاسة الجمهورية وعدهم بمنصب رئاسة مجلس النواب الذي يشغله حاليا العرب السنة. كما سيقدم الجعفري اغراءا اكثر للاكراد  بتقديم وعود لهم بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي وإجراء استفتاء شعبي قبل نهاية السنة الحالية لتقرير مصير محافظة كركوك. 

ويبرر المساعد الايمن للدكتور الجعفري فالح فياض هذ المسعى بان الدكتور" يسعى الى تشكيل حكومة  وطنية غير طائفية ، متناسيا الفياض ان حكومة المالكي جاءت تعبيرا عن نتائج الانتخابات!!

مسؤولون في مكتب المالكي قالوا للاسوشيتدبريس  : أن الجعفري يبرر خطوته هذه بما وصفه بفشل المالكي في اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية، مما قاد البلاد إلى وضع كارثي. وقد وصل الجعفري إلى مرحلة متقدمة في تنفيذ خطته بالاتصال بالمرجع الديني السيد علي السيستاني، لاخباره نيته تشكيل حكومة إنقاذ وطني تحل بديلا لحكومة المالكي الائتلافية، إلا أن السيستاني رفض مباركة المشروع."

وحسب  هذا التقرير، هؤلاء المسؤولون لم يدلوا بمزيد من التفاصيل حول هذا الانشقاق بين الجعفري والمالكي. واكتفوا بالقول إنه بدأ قبل شهرين عندما قرر حزب الدعوة في مؤتمره الداخلي استبدال الجعفري بوصفه رئيسا للحزب بنوري المالكي. 

ولكن النائب فالح الفياض قال  أن الجعفري وقياديين آخرين في الدعوة يشككون في شرعية التصويت الذي أدى إلى الإطاحة بالجعفري رئيسا لحزب الدعوة، وأن الجعفري قاطع اجتماعات الحزب ونشاطه الرسمي منذ ذلك الحين. ! 

وأضاف تقرير الوكالة إلى أن حزب الدعوة المكون من فصيلين لديه 25 نائبا من أصل 275 ولكنه يستمد أهميته بكونه أحد المفاتيح الرئيسة في الائتلاف العراقي الموحد. 

والجدير ذكره ، ان الدكتور الجعفري لم يكن يتوقع ان ينال منصب رئاسة الوزراء لولا دعم السيد مقتدى الصدر له ، ولكنه ، حسب بعض القياديين في التيار الصدري ، لم يبد وفاء يتناسب وذلك الدعم ، حتى ان قناة بلادي الفضائية التابعة له شخصيا الناطقة باسمه ، تجاهلت كل عمليات المطاردة والقتل التي تعرض لها قياديون في التيار الصدري وجيش المهدي على يد القوات الاميركية ، بل ان قناة بلادي لاتعكس على الاطلاق وجهة نظر التيارر الصدري في حده الادنى ، ولاتعطيه مساحة من التغطية الاعلامية في الموضوعات السياسية.

والسؤال هو : هل سينجح الدكتور الجعفري في تحقيق حلمه والعودة ثانية لمنصب رئاسة الوزراء .؟

قياديون في حزب الدعوة مخالفون للجعفري قالوا : " للاسف ان الدكتور لايملك ما يقنعنا بانه قادرعلى مواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها العراق حاليا سياسيا وامنيا واقتصاديا ، خاصة وانه فشل في الحصول على تاييد داخل الائتلاف العراقي الا من القلة ، نعم ..لعله حقق نجاحات مع السنة بعد اغرائهم بالعمل على اسناد منصب رئاسة الجمهورية لهم ولكراهية التوافق للمالكي، ولكن الجعفري ، فشل في ضمان قناعة الاتئلاف به وقناعة المرجعية الدينية به ايضا ، رغم ان مرجعيتنا حفظها الله لاتتدخل في تعيين رؤوساء الحكومات ولا اي من المسؤولين .

كما ان محاولاته نزع الثوب الشيعي عنه  ، في وقت يلبس التوافق ثيابا طائفية وبعثية متراكمة على جسده ويصبغ تصريحاته بكل الوان التعصب والكراهية ، كل ذلك يشير الى عدم قدرة عل قراءة الواقع ، والسعي لمجرد الفوز برضى الاخرين ولو على حساب ثوابت وطنية وسياسية .

صحفيون غربيون في بغداد علقوا على هذا النبأ قائلين : لقد كان المالكي يتوقعها من الاعداء والمخالفين ، واذا به يفجأ بان رفيق درب النضال في  حزب الدعوة يريد الاطاحة به ، ولعل المالكي لن يجد مايقوله للجعفري الا تلك القولة الشهيرة للقيصر يولويس عندما هجموا عليه االمتآمرون لقتله ، فوجد معهم صديقه الحميم يشترك في الاغتيال فصاح.. حتى انت يابروتوس  !! 

استنتاج

لم يعد من الصعب القول والملاحظة ان العراق عاد بلا دولة تحمي سكانها ولا حكومة تؤدي وظائفها. فاما غياب الدولة فاصيل منذ سقوطها مع سقوط الصنم في عام 2003 ومع استمرار غياب الجهد الوطني السليم لإعادة بنائها، واما الحكومةـالسلطة التي جرى تشكيلها قبل بناء الدولة فهاهي تتآكل بالانسحابات المتتالية لأعضائها وبتراجعها امام سلطة المليشيات ومتنفذي المحافظات حتى عادت غير قادرة حتى على حكم المنطقة الخضراء، فضلا عن ادارة شؤون البلد وتقديم الخدمات للناس. ولولا نعمة النفط لكان من المستحيل التفكير بدفع رواتب موظفي الدولة الذين يعانون من جانبهم من قلة الرواتب من جهة، ومن بطالة مقنعة سببها جزئيا ضيق مقرات الوزارات والادارات الحكومية بموظفيها.

وبالامس القريب يعلن وزير الكهرباء ان منظومة بغداد على وشك ان تنهار بسبب الاعمال التخريبية وانعدام الوقود وعدم التزام المحافظات بحصصها المقررة ما يعني ايضا ان سلطات المحافظات لم تعد ملتزمة بقرارات الحكومة. وليست هذه معلومة جديدة بطبيعة الحال، فمنذ اشهر ذكر تقرير بريطاني رصين ان الحكومة العراقية لا تمارس صلاحياتها على معظم الاقليم العراقي وانها غير قادرة على انفاذ كلمتها في الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية للبلاد. هذا مع التفاقم المستمر في كل جوانب الأزمة السياسة والامنية والاقتصادية والخدمية. 

لم يعد من القبول ان تستمر الحكومة بحوالي نصف اعضائها بعد انسحاب الصدريين و التوافقيين وتوقف وزراء القائمة العراقية عن حضور اجتماعات مجلس الوزراء. يؤدي هذا الى منح البلاد وزارة ناقصة فضلا عن كونها غير قادرة على الاداء. 

لم تولد هذه الازمة ، ولا في وقت قريب انما ثمرة تراكم في نتائج منهج مسدود الافق بدأ يوم تشكيل مجلس الحكم على اساس المحاصصات الطائفية والعرقية والحزبية، ثم استمر في التوالد واعادة الانتاج في تشكيل الحكومات الاربع التي تعاقبت على الادارة فضلا عن تشكيل الجمعية الوطنية ومجلس النواب وبقية هيئات الدولة. 

الان وصل نظام المحاصصة الى نهاية طريقه غير السعيد، ولم يجد الماشون فيه غير باب موصد سوف يتعذر عليهم فتحه بمفاتيح المحاصصة. ولن ينفع ندب الحظ والبكاء على الاطلال الان، انما لا بد ان يدركوا ان البلد والعملية السياسية بحاجة الى هزة قوية تعيد الامور الى نصابها الصحيح، من اجل اجراء تغيير جذري في النظام السياسي تكون اولى فقراته الغاء نظام المحاصصة والشروع ببناء دولة وتشكيل حكومة وفق مناهج الدول الحديثة المدنية الديمقراطية الوطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9 آب/2007 -25/رجب/1428