تشكل صحيفة الديلي تلغراف وصحيفة التايمز وصحيفة الأندبندت وصحيفة
الغارديان أعمدة الصحافة اليومية المقروءة التي يطل منها المواطن
البريطاني على الأخبار المحلية والأوروبية والعالمية، ولكن المواطن
البريطاني لاحظ من صحافته الصادرة يوم الأثنين 30/7/2007 ما لم يعتد
عليه طيلة حياته وعلى مدى عمر الصحافة البريطانية.
لأول مرة في تاريخ الصحافة البريطانية تتربع على كامل الصفحة
الأولى من جريدة التايمز (THE TIMES) صورة لعراقيين وسط شوارع لندن يوم
الأحد (29/7/2007م) يعبرون عن فرحتهم بفوز فريق كرة القدم العراقي بكأس
أمم آسيا، وفي ذيلها مانشيت عريض يقول: "لندن أفضل مكان آمن للعراقيين
للإحتفال بالكأس"، وتصدرت الصفحة الأولى من جريدة الديلي تلغراف (The
Daily Telegraph) صورة صبي عراقي في واشنطن يعبر عن فرحته بالنصر
الكروي وعلى رأسها عبارة بالفونت العريض تقول: "النصر الكروي وحّد
العراقيين"، في حين غطت افتتاحيتا الأندبندنت (THE INDEPENDENT)
والغارديان (Guardian) وبأقلام كتابها، الحدث الكروي والسياسي على حد
سواء.
كثيرة هي النقاط المستخلصة من هذه التغطية الإعلامية البريطانية
لحدث رياضي غير محلي ولا أوروبي، ولكن ما اعتقده أن حركة الجاليات
العراقية في بريطانيا وفي أنحاء العالم للاحتفال العفوي والمنقطع
النظير بفوز الفريق العراقي هو الذي حمل الإعلام الدولي على تسليط
الضوء على الحدث الرياضي في العراق، وعلى صدر صفحاته الأولى ونشراته
الإخبارية الأولى.
فالعراقيون في خارج العراق صوتوا للسلام ونبذ الإرهاب في العراق،
والعراقيون في داخل العراق صوتوا للسلام ورفض العنف المترشح عن بقايا
صدأ النظام البائد، والعنف القادم من خارج الحدود، فالاحتفالات في داخل
العراق مثّلت استفتاءاً حقيقيا دون اللجوء الى صناديق الاقتراع، من أجل
عراق جديد خال من الإرهاب والعنف الطائفي.
كما أن العراقيين في خارج العراقي أثبتوا المرة تلو الأخرى خطل
الأصوات النشاز التي تتحدث عن ثنائية عراقيي الداخل وعراقيي الخارج، بل
إن العراقيين في خارج العراق الذي تركوا العراق قسرا أو جبروا على تركه
مرغمين، أو أبعدوا بقرارات جائرة، يعود لهم الفضل في تحريك الماكنة
الإعلامية الدولية وتوجيه الأنظار الى العراق، بخاصة في هذا الوقت حيث
تتعمد الماكنة الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية العربية والإسلامية الى
تشويه الحقائق في داخل العراق، كما كانوا قبل السقوط العين التي تنظر
منها المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية الى واقع العراق المرير،
فتتعاطف مع الشعب العراقي بالضد من نظام صدام البائد.
نتمنى على من يحمل مثل هذه الأفكار الرمادية ان ينظر بعين الوطنية
الى ألوان الطيف العراقي الذين شكلوا لوحة فنية من الوحدة والتوحد،
وشّحت جدار الكرة الأرضية، فكما أن لا شرعية للثنائية الظالمة:
"اللّفوّة وإبن الولاية"، فلا شرعية للثنائية الزائفة: "عراقيو الداخل
وعراقيو الخارج"! |