بين الكهرباء والمواطن احاديث كثيرة

عدسة وتحقيق:عصام حاكم

 شبكة النبأ: كثيرة هي ألازمات التي تعصف بواقعنا هذه الايام، ولكن تبقى مشكلة الكهرباء تحتل الحظ الاوفر ليس لكونها ضرورة بيتية وحياتية فحسب، بل هي تمثل سمة رئيسية بدأت تطفو على سطح المعاناة اليومية للفرد العراقي، حيث لها أنعطافات وأنعكاسات خطيرة على جوانب الحياة المتعددة، فالكثير من أنقطاعات المياه يعزى سببه الى أنقطاع التيار الكهربائي عن محطات الضخ، مما يسبب ضعف في تجهيز المواطنين بماء الشرب وكذلك أزمة الوقود، بالاضافة الى تأثير الكهرباء المباشر على عملية تجهيز المواطنين بالوقود في محطات التعبئة لأنقطاع التيار الكهربائي في أغلب الاحيان وعدم قدرة المولدات العاملة في المحطات على التواصل لساعات عديدة في عملها، ولذلك سبب أنقطاع الكهرباء أرتفاعا حادا في مادتي الكاز والبانزين في السوق السوداء، التي يضطر المواطن وخاصةًًًًًً الذي يمتلك سيارة لشرائه من خارج منافذ البيع، أذن فواقع الحال يشير الى وجود أزمة كهرباء حقيقية، بل وان هذه الازمة تزداد وتستشري بدلا من ان تعالج، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام البائد، وعن أزمتنا الدائمة وامالنا المتجددة دون تنفيذ حقيقي لها كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع المواطن(وائل رحيم) حيث قال، لقد تفاقم الوضع وازداد سوءاًً، بل وتحطمت كل الاحلام والامال بغد أفضل فمنذ ثلاث سنوات والمعاناة ذاتها، بل على العكس ازدادت، كما مللنا تلك الوعود والعهود التي قطعها المسؤولين على أنفسهم، على ان يكون الشتاء القادم هو الفيصل لازمة الكهرباء، ويذهب الشتاء ويأتي الصيف ولا شىء قد تغير الا لغة الخطاب فقط ووعود جديدة.

ومن ثم التقينا (قيس عواد) فقال، لا أستطيع ان اقتنع بان الكهرياء تشكل معضلة لا يمكن تجاوزها، حيث يمكن للحكومة ان تستورد من الدول المجاورة مثل دولة الامارات او الكويت مولدات كبيرة تفي لسد حاجة المحافظات الآمنة على اقل تقدير، علما بانها يمكن ان تسدد مبالغ تلك المولدات من اهالي المحافظة انفسهم كحل مؤقت.

وقد شاركتنا الحديث السيدة( ام علاء) وهي ربة بيت، بالقول ان الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والتذبذب في نوعية الكهرباء بين القوة والضعف اوجد حالة مستمرة من العطب للاجهزة المنزلية، ونحن نتمنى ان تستقر الكهرباء على وضع معين، اما الانطفاء او الاستقرار لتعود العافية الى الثلاجات والمجمدات.                    

اما السيد(علي حازم) وهو موظف بدائرة الكهرباء، فيقول لـ(شبكة النبأ)، ان أزمة الكهرباء مفتعلة حيث يجني القائمين عليها ملايين الدولارات من خلال افتراض حلول سطحية وهامشية، وبحسبة بسيطة جداًً لو أمعنا بالمبالغ المصروفة على تصليح الكهرباء، لأدركنا ان اعادة الكهرباء من جديد أقل بكثير من المبالغ المصروفة حاليا على ترميمها.

اما السيد(خالد عباس) فيقول، ان مشكلة الكهرباء متداخلة حيث أوجدت طابور من العاطلين من اصحاب المهن الحرة التي تعتمد على الكهرباء كالخياط والحلاق والحداد والنجار، فضلا عما سببته من زيادة في أسعار مشتقات النفط والبانزين والكاز.

واخيرا ان ازمة الكهرباء تتمحور بين الفساد الاداري والمحسوبية والرشوة وضعف الحس الوطني والافتقار الى عامل التخطيط الصحيح للنهوض بهذا المرفق الحيوي فلو كانت هذه الازمة في بلد اخر هل تستمر هذه المدة ياأصحاب الضمائر الوطنية.          

اما وقفتنا الاخيرة فكانت مع المهندس(عامرعبد النبي) وهو يعمل في احدى منشات توليد الكهربائية، حيث قال لـ(شبكة النبأ): من السذاجة ان يتم تقييم أي حالة ما وفق قراءات سطحية وبسيطة ما لم تكن تمتلك الدراية التامة في حيثيات هذه المشكلة او تلك.

 فاني اتحدث وفق معيار علمي ودقيق فان المنشأة الكهربائية كانت تدار وفق نظام دكتاتوري وهي تعيش حالة الاحتضار منذ زمن بعيد فالنظام السابق لم يولي هذا  القطاع أي اهتمام ، فضلا عن  تلك الظروف الامنية الخارقة التي يمر بها العراق اليوم، ولم ينتهي الامر عند هذا الحد بل حتى القوات الاجنبية لها شأن كبير في انضاج ازمة الكهرباء، ناهيك عن الملابسات الاخرى كافتقار الخبرة وعدم توفر المواد الاحتياطية، بالاضافة الى ذلك المرض العضال الا وهو داء الفساد الاداري وشحة الوقود.

 وهذه الارهاصات جميعا قد تضافرت جهودها من اجل القضاء على حلم استمرار التيار الكهربائي، اذن أخي العزيز نحن امام معضلة يصعب التكهن بحالها ما لم نضع استراتيجية مهادها الاخلاص والحرص على هذا الوطن وهذا المواطن، علما بان الامم المتطورة لم تنل هذا الشرف عبر بوابة الشجب والاستنكار ورفع الشعارات الزائفة والبراقة والتي هي عمرها لم تغني فقير ولم تشبع جائع.

 اذن فلنتفق بان التطور مرهون بهمة ابناء هذا البلد وبتعاون بعض الدولة المتطورة كاليابان او دول اخرى، كما اود ان اضيف شيئا اخر يتلخص بان العراق لا يفتقر الى العقول الجيدة، بل هو يفتقر الى الخبرة الحديثة، كما يفتقر الى الامان وهو عامل مهم وحيوي في الظرف الراهن، بيد ان الامر يبقى حبيس الامنيات الراكدة ما لم تتضافر كل الجهود من اجل توفير المناخ المناسب لارجاع التيار الكهربائي الى سابق عهده.

 ولكن من الظلم والاجحاف ان تكال التهم جزافا من دون استبيان الحقائق المبهمة بالنسبة للكثير من المواطنيين لانهم ليست لديهم دراية بملابسات وظروف ازمة الكهرباء.

ومن هنا نستدل بان ازمة الكهرباء تحمل بين طياتها مضامين متعددة، لا نستطيع ان نحيط بها بهذه السهولة، ولكن ثمة اسباب واضحة يمكن الاشارة اليه من جملة الضروف الكثيرة التي يمكن ان نراها بالعين المجردة وهي تتلخص، بالوضع الامني وعدم توفر الخبرة العلمية بالاضافة الى عدم امتلاك المواد الاحتياطية، فضلا عن آفة الارهاب وما تسببه من تخريب مستمر لشبكات نقل الطاقة الكهربائية، وعدم وجود استراتيجية واضحة بالاضافة الى الدور المهم الذي تضطلع به القوات الاجنبية في ايقاف  او عرقلة عجلة النمو في هذا المرفق الحيوي.

 وفي الختام يمكن ان تكون هناك اسباب اخرى متمثلة بالفساد الاداري واسباب لا يتسنى لنا الوقوف عندها ما لم تتضافر جهود كل الخيرين في عراقنا الجريح وذلك لسد الباب بوجه كل اولئك العابثين بأمن وامان هذا البلد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7 آب/2007 -23/رجب/1428