شبكة النبأ: اكد القرآن بصورة متواترة
على وجوب ان يستخدم الانسان العقل والتفكر حيث عد ساعة من التفكر بما
يوازي عبادة مضاعفة وذلك لأن العقل هو جزء من حكمة الله سبحانه وتعالى
أي ان العقل هو ربيب الله في دار الدنيا وهو الذي انشأه وعلمه الحكمة
اذ علمه الاسماء كلها وامتحن الملائكة فعجزوا ان يؤدوا ما لدى الانسان
من تلك الروح المتفكرة التي زجها فيه.
وصار العقل بمثابة الهادي الى نور الله وتوحيده والاعتراف بالربوبية
له.
ان الله لما خلق آدم عليه السلام مسح على ظهره فاخرج ذريته من صلبه
نسما في هيئة الذر فالزمهم العقل وقررهم انه الرب وانهم العبيد فاقروا
له بالربوبية وشهدوا على انفسهم بالعبودية لله عز وجل.
فالعبادة بحسب تصنيف الامام على على ثلاث اقسام هي عبادة العبيد
وعبادة التجار وعبادة الاحرار.
** فعبادة العبيد تحكمها البيئة والتقليد فانهم ان وجدوا في مجتمع
نصراني تنصروا وفي اليهود تهودوا وفي الاسلام كانوا مسلمين يقودهم
الخوف من العقاب.
اضافة الى ذلك فان عبادة من هذا النوع وهو السائد تجري هذه العبادة
تحت مقياس هكذا وجدنا آباءنا سالكون فسلكنا مسلكهم، وهي عبادة غير
عقلية أي انها لم تات من تفكير عميق اودى في نهاية المطاف الى اليقين
والحقيقة الكبرى.
** واما التجار فانهم يحسبون الحساب التجاري فلا تفوتهم الربحية
الآخروية بما انها مكسب ومرغب لتشكيل الصورة المناسبة ازاء المجتمع
الذي يعيشون فيه ولو كانت البيئة نصرانية فانهم سيحسنون الصورة
الاجتماعية فيتنصرون لدفع تجارتهم تحت الرضا الاجتماعي العام.
** واما عبادة الاحرار فان هذه لا تتم الا من خلال القناعة العقلية
ويكون المحرض لها هو الشك.
فقد سئل الامام جعفر الصادق عليه السلام عن الشك فقال هو بداية
الايمان او هو مدخل الايمان. ولعلنا نقف كثيرا امام الآية الكريمة التي
تقول:
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل سيئاتهم حسنات وكان
الله غفورا رحيما.
فما هي تلك السيئات التي يبدلها الله سبحانه وتعالى بل أي من
السيئات يمكن ان تبدل لو استخدمنا المنطق والعقل.
هل يمكن ان نتصور ان الربا او الزنا او السرقة او اكل مال اليتيم او
غير ذلك من توافه الافعال يمكن ان يبدلها الله الى حسنات؟.
ان امورا مثل ما ذكرنا قد يمحوها الله برحمته او انه يستر عليها وهو
خير الساترين ولكن ليس من منظار العقل البشري ان يرى انه يبدلها بقدر
التجاهل رحمة وسترا للعبد المقترف.
في حين ان التفكر واعادة النظر بالكون والشك فيه وفي القرآن كفكر
وكمنهج وكفلسفة وكدين من منطلق التوصل الى القناعة الباتة أي من اجل
الوصول الى الحقيقة فان هذه سيئات وتعديات قد تكون سيئات كثيرة
وارتكابات خلال فترة الشك والتفكير التي قد تطول لسنين وفيها اهمال
واسع لتادية العبادات واخطاء في المعاملات والسير الخاطئ في الدروب
الوعرة لكنها ليست اشياء تافهة وغير مخلة بالعقل والتفكر والتقصي وبذل
الوسع لإيجاد القناعة اليقينية والوصول اخيرا الى مرفأ الحق الاكبر في
نهاية المطاف هذه ليست امور تافهة ان تكون نتائجها ان يعبد الله عن
قناعة فذلك هو الايمان الذي لايتزعزع ولا يحيد.
ومن هذا فهي تستحق ان تبدل برحمة الله الواسعة وتتحول الى حسنات،
كونها استندت الى التوبة أي البراءة من الاعمال السيئة السابقة وايضا
كانت التوبة عن ايمان مطلق وبما ان الايمان الذاتي دافع كبير وقوي
باتجاه العمل الصالح فان جميع اسباب العمل الصالح حاضرة ومنتهزة لكل
فرصة سانحة فانها حركة ديناميكية وماكنة خيرة صالحة وحاضرة في الجسد
الاسلامي وهذا هو العمل الصالح.
** في قول للامام علي(ع): اللهم اني ما عبدتك طمعا ولا خوفا ولكن
رايتك اهلا لذلك فعبدتك!.
فكيف راى الإمام الاهلية للعبادة هل رأى سعي الآباء والاجداد
والعشيرة والبيئة فشب عليها
وانسحب تحتها دون ان يسال ويتقصى؟.
ام انه اعاد النظر وتفكر مليا وبذل الوسع والاستقصاء ثم اقتنع
بايمان واعتنق الحقيقة العظمى للربوبية والتوحيد؟.
** واذن ليست هناك خطوطا حمراء لايتصل بها الفكر والتفكر طالما انها
جسور تؤدي الى المآل والمبتغى الكبير من خلال الحرية الحقيقية
والاختيار الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للانسان.
** وفي قول قاله الامام علي عليه السلام عند انتهاء حرب الخوارج بما
معناه.، لا تحاربوا الخوارج من بعدي فانهم طلبوا الحق فأخطأوه، وليس من
طلب الحق كمن طلب الباطل، واي كانت الصيغة في النقل فانها في ذات
المحور العقلي فالخوارج ارادوا طلب الحق لكنهم اخطاوه أي انهم استخدموا
العقل أي بمعنى استخدام الجدلية للوصول الى الحقيقة الكبرى وبما انه
تفكر فان احتمال افضاءه الى الحقيقة في نهاية المطاف والوصول الى
اليقين في نهاية الامر.
ولذا فان الامام راى ببصيرته ان هؤلاء يتوصلون اليها طالما استعملوا
الوسيلة الموصلة التي كان القرآن يؤكد عليها على طول الخط، فاوصى ان لا
يقاتلهم احد من بعده ما بقوا على صيغة العقل والتفكر.
يقول الامام(ع) وقوله خير تعبير عن الايمان بالقناعة وليست
بالميراث المتداول بين جيل وآخر:
لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا، واذن فان اليقين ليس له حاجة بعد
الاستدلال العقلي
بقدر الاطمئنان النفسي الذي هو ليس بشك وانما هي نازعة الشك
المواربة في اللاشعور التي يدخرها الفكر في العقل الباطن وهي الممحصة
بتحفز لدى الانسان.
ولذ فقد قيل(كي يطمئن قلبي)، على لسان احد الانبياء، نتيجة انه قد
خلق مفكرا يستدل بالجوهرة التي باهى بها الله الملائكة، حتى قالوا ربنا
لا نعلم إلا ما علمتنا..
.....................................................
المصادر/
امير المؤمنين-يوم الدين/الجزء الاول |