المرجع السيد الشيرازي في حوار هام عن العراق يدعو الى ضمان عدم عودة الدكتاتورية والاصرار على اجراء الانتخابات في مواعيدها

شبكة النبأ: كرست المرجعية الشيرازية جهودها الفكرية والثقافية على نشر قيم حرية الإنسان وضمان أمنه ورفاهه, وتوطيد أسس العدالة بآفاقها الإنسانية والكونية, والعمل على إقامة دول السلام والأمان والازدهار في أجواء حرية الرأي والتعبير ورفض الاستبداد بكل أنواعه وأشكاله وأحجامه, واحترام تشريعات حقوق الإنسان ومبدأ السلم والتعاون بين الشعوب والدول, والإلتزام بمبدأ اللاعنف كطريق لحل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية والسياسية التي تحدث بين الأفراد والمجتمعات والدول.

لقد أكدت المرجعية الشيرازية رفضها المطلق لكل أساليب العنف والإرهاب التي تمارسها هذه الأيام تنظيمات وميليشيات وفصائل تدعي بأنها (إسلامية) في العراق وأفغانستان وعدد من دول العالم في شرق الأرض وغربها حيث يرى علماء هذا الخط المرجعي أن الإسلام دين يعمل على نشر الأمن والأمان والسلم والسلام في العالم، وانه دين يحرّم العنف والإرهاب، والغدر والاغتيال، ويحارب كل ما يؤدي إلى الذعر والخوف، والرعب والاضطراب في الناس الآمنين... كما أكدت المرجعية الشيرازية - وكانت رائدة في ذلك - على أنه ينبغي تجنب عمليات خطف الطائرات والأشخاص, وانتهاك حقوق الإنسان وقمع أصحاب الفكر المخالف, واعتقال الكتاب والمثقفين والباحثين وإشاعة الرعب والإرهاب التي هي من مصاديق العنف.

أطروحة المرجعية الشيرازية في مكافحة العنف المنتشر في العديد من المدارس الدينية المتشددة المتواجدة في العديد من الدول العربية والإسلامية أكدت على انه يمكن مكافحة العنف في المجتمع من خلال تعميم ثقافة اللاعنف, وتوضيح ان العنف نار تحرق الكل ولا تستثني أحداً, وعبر بيان مضار العنف النفسية والاجتماعية والدينية, وتوفير الحرية للمجتمع, فإنه في أجواء الكبت والإرهاب والاستبداد والديكتاتورية تنمو الاتجاهات المتطرفة والحركات التدميرية, وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية, وتوفير الفرص للجميع, وإعطاء حقوق الفقراء والمحرومين، وإعمال الرقابة الاجتماعية, وإقامة الأنظمة العامة التي تحمي المجتمع من حاملي راية العنف, وفتح قنوات الحوار البناء بين الأفراد والتجمعات إذ ان جذور العنف تكمن في الجهل والعصبية, والفهم الخاطئ للدين, والاستبداد والديكتاتورية والحرمان الاجتماعي, والظلم من قبل الحكومات والأفراد الذي يولد العنف المضاد, وغلق قنوات الحوار البناء, أو ضيق هذه القنوات.

وقد أشار سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في إطار أزمة العنف والإرهاب كخطر يهدد أمن الشعوب والسلام العالمي إلى مسألة في غاية الأهمية وهي ان العنف ضار بالأهداف المقدسة الكبرى على المدى البعيد, وإن فرض انه حقق بعض المكاسب الآنية السريعة من أضرار العنف.. وأن العنف يشوه صورة الإسلام في الأذهان, ويعطي ذريعة للأعداء كي يسموا الإسلام بالعنف والهمجية والوحشية, ويخلقوا حاجزاً نفسياً بين الناس والإسلام.

لقد أشارت أدبيات المرجعية الشيرازية إلى اختلاف ذاتيات الأفراد, وإن الناس معادن كمعادن الذهب والفضة, وان التربية العائلية والمحيط الاجتماعي والنظام الحاكم لها أكبر الأثر في إذكاء حالة العنف في النفوس, وإشعال جذوة العنف في المجتمع, واستكمالاً لمنظومة العنف واللاعنف الفكرية, فيقول السيد المرجع: (إذا هاجم البلاد عدو غاشم, فلا مانع من استخدام القسوة لصده, إذا لم تنفع الوسائل السلمية كالإضرابات والمظاهرات ونحوها في ذلك, إلا أن ذلك لا يسمى "عنفاً" بل "دفاعاً مشروعاً" ولذا تستخدمه جميع الدول في مواجهة الأعداء المهاجمين من دون أن توصم بـ "العنف").

وقد حدد سماحة السيد المرجع السبب في لصق أعمال العنف التي تجري هذه الأيام بالإسلام, والإسلام منها براء, قائلاً: من المعلوم أن كلمة الإسلام ترادف اللاعنف والسلام, ولكن اليوم صارت أعمال العنف والقتال والاغتيالات تلصق بالإسلام, والسبب في ذلك يعود إلى بعض الممارسات اللامسؤولة لبعض الجماعات التي تنتمي إلى الإسلام والتي تستهدف أعمالها المدنيين الأبرياء, والإعلام العالمي المغرض الذي يحاول تشويه سمعة المسلمين وإيجاد الفاصلة النفسية والخارجية بين المسلمين والعالم الذي أخذ يبحث بشدة عن الإخلاص, وأخذ يتطلع إلى الإسلام كمنقذ من أزماته النفسية والروحية والاجتماعية وغيرها, وربما تكون هناك أسباب أخرى غيرها.

وعن العراق, أرض أهل البيت والأنبياء (ع), ووطن الآباء والأجداد, ومحل الذكريات والعلم, يطول الحديث عن اهتمام المرجعية الشيرازية بهذا البلد المظلوم والممتحن, والذي تعرض شعبه العزيز لظلم فادح ومظلم لعقود بل قرون, فقد استقطب هذا البلد الكبير جهوداً كبيرة من أقطاب المرجعية الشيرازية ومؤسساتها المنتشرة في أنحاء العالم, فرسمت آلية عمل لبناء العراق الجديد بعد تحريره من نظام المقبور صدام, فقال سماحة السيد المرجع في الأيام الأولى بعد تحرر العراق من العام 2003م: ينبغي على بناة العراق الجديد تبني مبدأ اللاعنف، والمطالبة بالحقوق المشروعة عبر الطرق السلمية وتحكيم الحوار البنّاء، والتفاهم الصريح واللّين. وان من المردودات الايجابية للانتخابات, وصول الشعب العراقي إلى حقوقه المشروعة، ومنع قيام أنظمة دكتاتورية تضطهد الشعب، كما أنها الطريق إلى خروج القوات الأجنبية واستقلال وسيادة العراق, وتأكيداً على انتقال العراق إلى مرحلة إيجابية تأمل العراقيون أن يعيشوا فيها بحرية وأمان وسلام واستقرار ورفاه, وقال سماحته: "نأمل ببناء عراق مستقل وموحد وعلى أسس التعددية والمشورة والعدل والحرية المشروعة.... ويلزم تعبئة كافة الشرائح كامل الطاقات لبناء عراق الغد كي ينعم الجميع بكامل الرفاه والخير والسعادة والعدل".

من جانب آخر, فقد حذر سماحة السيد المرجع من الإرهاب "التكفيري – القاعدي" قائلاً: "لدينا ما يؤكد بأن الوهابيين في صدد إعداد الخطط والبرامج لمستقبل العراق, ونحن نعلم ان الوهابيين سيأتون إلى العراق بإمكاناتٍ هائلة، علما أن العراق ليس عراق أفكار الضلال والقتل والذبح والهدم والتكفير.. ويجب الحذر من العدو اللدود الذي يتربّص بالشعب العراقي المظلوم، ويحاول بشتّى الوسائل أن يشعل فتنة طائفية بينهم،ومثل هذه الفتن لا تنتهي إلا بفشل الجميع، كما أنها تعبّد الطريق لهيمنة الضلال والانحراف، والظلم والفساد".

وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العراقيون والتي يحتاج بها العراق إلى الكلمة الطيبة والرأي الحصيف والنصيحة الواضحة والحكمة البليغة تفضل المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي من خلال مكتب سماحته في مدينة قم المقدسة بطرح وجهات نظره حول ما جرى ويجري في العراق وامتدادات ذلك إلى دول أخرى ودوامة الفكر العنفي وأزمة الإرهاب العالمي مستشرفاً عبر ذلك آفاق المستقبل, وذلك من خلال الحوار الصحفي الذي أجراه مع سماحته موقع "شبكة عراق المستقبل" في 1/7/2007م وذلك عبر البريد الألكتروني والذي أكد فيه سماحته على أهمية نشر وترسيخ ثقافة تقبل الآخر معتبراً ان الاستماع لرأي الآخر ملاك التعقل الذي كرر القرآن الكريم الحث عليه.

 كما دعا محذراً المسلمين إلى إصلاح أمورهم وتغيير واقعهم نحو الأحسن والأفضل مؤكداً سماحته على ان لم يغير المسلمون واقعهم، فان التغيير قد يأتي من الخارج وضمن أجندة خاصة قد لا تتفق مع مصالح المسلمين, وأشار مكتب سماحته في اللقاء إلى ضرورة إيجاد هيئات عالمية لحماية الأمة ومقدساتها من أيدي الظالمين, والعمل على اجتثاث فكر البعث اللااسلامي واللاانساني عبر توعية الجماهير بدينهم ودنياهم.

كما نوه إلى انه لا يحق لأحد الاستيلاء على الأموال العامة فان الأمر فيها يرجع إلى الحاكم الشرعي. وحول الجدل الدائر بين الفرقاء العراقيين حول التقسيم والفدرالية أشار مكتب سماحة السيد المرجع إلى ان خطر التقسيم قائم حتى دون إقرار الفدرالية، وذلك لفقدان الثقة بين مكونات الشعب.

وفيما يلي نـص اللقـاء الصحفي الذي أجـراه مـوقـع شـبكة عـراق المستقبـل - www.iraqfuture.net مع المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي عبر مكتب سماحته في مدينة قم المقدسة:

رفضت المرجعية الشيرازية ومنذ انطلاقتها قبل أكثر من مئتي عام الاستبداد بشقيه الديني عبر نظرية «شورى الفقهاء» والسياسي عبر «الاستشارية» التي هي تعبير آخر عن «الديمقراطية» يمسك النهايات السائبة فيها، من خلال تقنين الحريات في الحكومات الديمقراطية لئلا «يجد المخربون مآربهم في ظل القانون الذي يفقد حرمته عند الحريات الكثيرة فتنحرف الديمقراطية عن مسيرها الشعبي»، وقد أكدت هذه المرجعية على رفضها المطلق لكل أساليب العنف والارهاب التي يمارسها الآن كم كبير من التنظيمات والميليشيات والفصائل (الاسلامية) في العراق ومناطق كثيرة من العالم حيث يرى علماء هذا الخط المرجعي أن الاسلام دين يعمل على نشر الأمن والأمان والسلم والسلام في العالم، وانه دين يحرّم العنف والارهاب، والغدر والاغتيال، ويحارب كل ما يؤدي إلى الذعر والخوف، والرعب والاضطراب في الناس الآمنين.

لقد أشار المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في العديد من محاضراته ولقاءاته مع السياسيين والمثقفين والحوزويين إلى ان العراقيين ومنذ عدة قرون، وبالأخص منذ عدة عقود، في ظل حكم البعث العفلقي، يعيشون مأساة شديدة ويكفيهم كل هذه العقود المظلمة على الرغم من ان في العراق كل مقومات التقدم والتطور والرفاه والراحة حيث عانى العراقيون عقودا طويلة من العزل والارهاب والبطش والتجهيل في ظل أعتى ديكتاتورية في العالم لذلك -والكلام للمرجع الشيرازي- فان العراق بحاجة إلى التعددية لا الدكتاتورية، ويلزم صنع مستقبل العراق، من خلال الدستور الذي سوف يطبق على الجميع.

وقد وجه موقع «شبكة عراق المستقبل» أسئلته إلى مكتب سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في مدينة قم الايرانية وتفضل بالاجابة عنها، وفيما يلي نص اللقاء الذي تم عبر البريد الألكتروني:

شبكة عراق المستقبل: في أجواء الاحتقان الطائفي والمذهبي المتواجدة في عدد من البلاد الاسلامية... أين تكمن المحطة الأولى التي ينبغي أن ينطلق منها المسلمون من أجل الوصول إلى الاقتناع بحتمية وجود الآخر ليكون (الآخر) مصدر غنى وليس عامل فرقة وفتنة؟

الإجابة: يجب رفع المستوى الثقافي في الأمة الاسلامية، كما يجب السعي للوعي أي وعي المسلمين بدينهم الذي يأمرهم بالعدل والاحسان، لأن القراءة المنحرفة عن الاسلام هي التي تؤدي إلى بروز فكر كفكر الخوارج، قال الله تعإلى: «فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ الله ُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ» الزمر: 17-18، وقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا اِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ» الحجرات: 13، فالتقوى هي معيار الأفضلية كما أن ثقافة تقبل الآخر واستماع الرأي الآخر هي ملاك التعقل الذي كرر القرآن الكريم الحث عليه.

شبكة عراق المستقبل: هل يحتاج المسلمون إلى تسييد مفاهيم التعايش السلمي وتعميق وترسيخ التعاون؟!

الإجابة: يحتاج المسلمون في ممارسة الحكومة إلى اتباع سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث تعاملا مع الآخر افضل تعامل وقد قال الله تعإلى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا اِلَيْهِمْ اِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الممتحنة: 8 وقال سبحانه: «وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ» الأعراف: 85 وقال عز من قائل: «فَذَكِّرْ اِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ،لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ » الغاشية:21-22، وقال جلّ وعلا: «لاَ اِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» البقرة: 256.

شبكة عراق المستقبل: يرى البعض أن تداعيات اسقاط النظام في العراق من تسلط الطاغية صدام المقبور ونظامه البائد تفوق الجرائم التي ارتكبها، وأن عملية اسقاط النظام كانت وبالا على الشعب العراقي وانه كان من الأفضل الابقاء على نظام صدام وتحمل جرائمه. ما هو رأيكم في ذلك؟ وهل تستحق الحرية هذا الثمن الكبير؟

الإجابة: يجب على المسلمين السعي لتغيير الوضع الفاسد القائم في بلادهم -ضمن الضوابط الشرعية- وارجاع الأمر إلى المفاهيم الاسلامية السامية كالحرية كما قال تعإلى: «وَيَضَعُ عَنْهُمْ اِصْرَهُمْ» الأعراف: 157، والشورى كما قال سبحانه: «والَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بينهم...» الشورى:38، والأخوّة كما قال عز من قائل: «اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ» الحجرات: 10 ونحوها، وذلك يستلزم دفع ثمن كبير، وان لم يغير المسلمون واقعهم، فان التغيير قد يأتي من الخارج وضمن أجندة خاصة قد لا تتفق مع مصالح المسلمين، أما التغيير الحاصل في العراق فانه لم يكن بقرار عراقي او اسلامي، وقوى الظلال تحاول الانتقام من العراقيين وخاصة اتباع اهل البيت صلوات الله عليهم لأحقاد ورثوها، لكن باذن الله تعإلى فان المحصلة النهائية هي بصالح الشعب المظلوم بوعد الله تعإلى ان ينتصر للمظلوم.

شبكة عراق المستقبل: قام مجموعة من المحسوبين على الخط الديني بالتحالف مع البعثيين والتكفيريين بدعوى «حشد الطاقات لمحاربة الاحتلال» رغم أن من يدعي محاربة الاحتلال يقوم بسفك دماء الأبرياء يوميا. ماذا تقولون في من يجمع الدين مع البعث؟ وهل محاربة الاحتلال تجيز التحالف مع من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء؟

الإجابة: ورد في الحديث الشريف: «لا يطاع الله من حيث يعصى» وان البعث ونهجه هما سبب الاحتلال، وهما ايضاً السبب فعلاً للتفجيرات والقتل والتشريد وما معارضة بعضهم له الا محاولة لارجاع الامر إلى الوراء، ولو أن الاحتلال أعطاهم مطالبهم الظالمة التي يريدونها فانهم يرجعون إلى عمالته كما كانوا من قبل، وينبغي اليقظة الشاملة والعميقة في هذا المجال دون الغفلة وقد قال تعإلى: «... وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ...» النساء:102.

شبكة عراق المستقبل: تقوم دول العالم المتقدمة على أساس وجود مؤسسات المجتمع المدني، حيث تقوم هذه المؤسسات بتنظيم المواطنين على مستوى نقد أداء الحكومة وتقصي الاحتياجات وتقديم المساعدات. ما هو رأيكم بمؤسسات المجتمع المدني من الناحية الشرعية؟ وهل تتعارض مع وجود المؤسسات الدينية؟

الإجابة: لا تعارض بينهما، بل هنالك ارتباط وثيق وتكامل بين الطرفين اذا عمل كل منهما حسب الموازين الشرعية.

شبكة عراق المستقبل: يشن التيار التكفيري وعلماؤه حربا لا هوادة فيها على عقيدة أهل البيت ومتبعيها، وتمثلت شدة هذه الحرب بالاعتداء السافر على الروضة العسكرية الشريفة وتهديمها واقامة مأساة بقيع أخرى في العراق. ما هو الرد الذي ترونه مناسبا للرد على هذه الهجمة، علما بأن نداءات التهدئة لم تزد التكفيريين الا اصرارا على منهجهم؟

الإجابة: يجب نشر ثقافة القرآن الحكيم والمتجسدة في ثقافة أهل البيت عليهم السلام في الأوساط الاسلامية والعالمية، فانها كفيلة بانقلاب الاتجاه العالمي إلى أهل البيت عليهم السلام، كما ينبغي ايجاد هيئات عالمية لحماية الأمة ومقدساتها من أيدي الظالمين.

شبكة عراق المستقبل: يقوم البعض في العراق بتسيير مجموعات تأخذ على عاتقها تنفيذ «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وتعاقب الناس في الشوارع وبشكل علني من أجل نغمة جوال أو نمط ملابس، رغم أنهم ليسوا من المؤهلين فقهيّاً لتحديد الحلال والحرام ولا يلمون بعلم الأصول او الفقه. فهل هذا العمل مشروع من الناحية الشرعية؟ وما هو الحكم الشرعي لمن يتصدى لهذه الأمور دون مؤهلات؟

الإجابة: قال الله تعإلى: «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» آل عمران: 104 مع لزوم مراعاة شروطها، ومنها علم الآمر والناهي بالمعروف والمنكر، كما ينبغي ان يكون بالحكمة والموعظة الحسنة.

شبكة عراق المستقبل: شن نظام صدام المقبور حربا على المؤسسة المرجعية أدت إلى خروج الكثير من المجتهدين إلى خارج العراق واضعاف المراكز الدينية التي كانت ناشطة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وغيرها من المدن العراقية، وتنشط الآن دعوات لعودة هذه الكودار لاعادة ألق المرجعية إلى هذه المدن. ما رأيكم في هذه الدعوات؟ وهل يمكن استعادة الاجواء الحوزوية العراقية التي كانت سائدة قبل الحقبة الصدامية المشؤومة؟

الإجابة: الحوزات العلمية المقدسة في الكاظمية وسامراء المشرفتين والحلة الفيحاء وبغداد، ذات التاريخ الطويل المشرق، لابد من استعادتها وتجديد حيويتها كما هي عليه الآن في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة لتكون نبراساً مضيئاً للشعوب الاسلامية كما كانت من قبل باذن الله تعإلى.

شبكة عراق المستقبل: أدى حكم صدام والبعث الكافر إلى اجراء تغييرات جوهرية في البنية الفكرية والاقتصادية والاجتماعيه للعراق، مما استلزم القيام باجراءات لاجتثات البعث والتخلص منه عبر آليات معينة. ما هو رأيكم في عملية (اجتثاث البعث) الحالية؟ وهل تقترحون اجراءات أخرى للتخلص من الارث الصدامي: فكريا واجتماعيا واقتصاديا؟

الإجابة: يجب اجتثاث فكر البعث اللااسلامي واللاانساني عبر توعية الجماهير بدينهم ودنياهم، ويجب أن لا يسمح لمن يريد ارجاع عقارب الساعة إلى الوراء وهدم الدين والدنيا بتبوؤ مناصب حساسة.

شبكة عراق المستقبل: لا يزال الكثير من البعثيين يمني نفسه بالرجوع لحكم العراق والتسلط على الشعب العراقي، فهل لديكم تصورات لضوابط تمنع تحقق هذه الاحلام المريضة من التحقق؟

الإجابة: يلزم وضع الآليات المناسبة لضمان عدم عودة الدكتاتورية بأي شكل ولباس ومن المقومات الأساسية لذلك الوعي والتثقيف الديني والدنيوي، والاصرار على اجراء الانتخابات في مواعيدها ليكون الحكم صناديق الاقتراع وعدم تجاوز نتائجها، والالتزام الأكيد بثوابت الشريعة الاسلامية المقدسة التي هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة.

شبكة عراق المستقبل: قام نظام صدام المقبور بالاستيلاء على أملاك الكثير من العراقيين المظلومين، وزاد الأمر سوءا عندما باع هذه الأملاك إلى بعض المواطنين. ما هو رأيكم فيمن لا يزال يتشبث بهذه الاملاك بدعوى أنه اشتراها بحر ماله؟

الإجابة: يجب ارجاع الأملاك إلى اصحابها الأصليين، وبقاء الذين اشتروها من الدولة الظالمة غصب محرم، نعم ينبغي على الدولة تعويض هؤلاء تعويضاً مناسباً، خصوصاً الذين لم يكونوا يعلمون بالغصب.

شبكة عراق المستقبل: ينظر بعض العراقيين إلى الاموال الحكومية باعتبارها أموالا مباحة، فيستسهل اخذها بعنوان «اموال الدولة»، مما أدى إلى موجة من جرائم الفساد تحت ذريعة «حلية» هذه الاموال. ما هو الوضع الشرعي لأموال الدولة العراقية؟ وما هو حكم من يأخذها دون وجه حق؟

الإجابة: لا يحق لأحد الاستيلاء على الأموال العامة فان الأمر فيها يرجع إلى الحاكم الشرعي فلا يجوز الاقدام على شيء بدون اذنه.

شبكة عراق المستقبل: أين يكمن الدافع الأقوى في تحزب أطراف دولية وحزبية ضد الوضع الجديد في العراق على الرغم من الاختلاف الديني والفكري والسياسي الكبير بين تلك الاطراف المتحالفة؟

الإجابة: طائفية البعض وخشيتهم من نيل اتباع اهل البيت عليهم السلام بعضاً من حقوقهم اضافة إلى خوفهم على كراسيهم، والطريق الأمثل لهذه الأطراف احترام آراء الناس والاحتكام اليها وعدم الاستبداد.

شبكة عراق المستقبل: هل مازالت المخاوف قائمة من فدرالية الأقاليم، والاكتفاء بامكانية اقامة فدرالية المحافظات؟

الإجابة: ان خطر التقسيم قائم حتى دون اقرار الفدرالية، وذلك لفقدان الثقة بين مكونات الشعب، بسبب سوء تصرف بعض الأطراف وتاريخها الدموي واتخاذها الارهاب وسيلة، ويلزم ازالة اسباب عدم الثقة بقبول الآخر، وقبول صناديق الاقتراع حكماً وعدم محاولة ارجاع الأمر إلى الأمر السابق.

شبكة عراق المستقبل: ماذا ترون في مستقبل العراق؟

الإجابة: نأمل الخير والفرج القريب باذن الله تعإلى مع تطبيق ما تقدم في الجواب عن السؤالين الأول والثاني... والله المستعان... 

قم المقدسة

مكتب المرجع الديني

السيد صادق الحسيني الشيرازي

المصدر: s-alshirazi.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 20 تموز/2007 -5/رجب/1428