خلفيات وتداعيات الحشود العسكرية على جانبي الحدود العراقية التركية

إعداد/ المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ: قالت مصادر أميركية مطلعة ان المعركة المقبلة  في العراق تتمثل في غزو تركي محتمل لأراضي كردستان لمطاردة حزب العمال التركي.

 واضافت هذه المصادر لوكالة(الملف برس)، ان الغزو التركي قد يقلب هدوء كردستان النسبي الى فوضى واراقة الدماء ستكون المسمار الاخير في نعش تركة بوش في العراق ولدعم الرأي العام الاميركي للوجود العسكري هناك، مشيرة الى ان يكون الوضع في كردستان العراق يجب ان يكون من اولويات العمل للرئيس بوش ولمن يعمل له  في الاسابيع المقبلة ،للتأكد من عدم حدوث ذلك.

ولكن تزايد احتمالات الضربات التركية على اقليم العراق الشمالي ، يتهدد بمحو ذلك الميراث الايجابي الاخير للغزو الاميركي ، ولتقويض الاحتمالات لاعادة توزيع كبير للقوات الاميركية ، من المدن العراقية المضطربة الى قواعد في الشمال في المستقبل القريب، حيث يتلهف الاكراد الى ذلك، ومثل اعادة الانتشار هذه تعارضها انقرة بقوة والتي تنتظر بشكل سريع ساعة الانتخابات.

وقبل شهر فان توافقا بين مراقبين ودبلوماسيين استبعد بأن يقوم الاتراك بالتدخل بالرغم من تهديداتهم .وهذا الخيار تغير بعد ان سيطرت  خيبة الامل واليأس الانتخابي في انقرة بالاضافة الى ذلك ، فان التنبؤات بان أي تدخل سيكون محدودا بالهجمات الجوية وعمليات التنظيف من قبل القوات الخاصة التركية على مواقع ال( ب ك ك )، يفتح الطريق للمخاوف من عمليات كبيرة كثيرة قد تستهدف لاحباط السيطرة الكردية على اقليم كركوك النفطي، وقد اتصلت رايس بوزير الخارجية التركي عبدالله غول ، للمحاولة لوقف التدخل ولكنها لم تستلم تأكيدات كافية .

وتعتقد هذه  المصادر بصعوبة (تدبر الضيم التركي المشروع ضد الثوار الاكراد الاتراك الذين وجدوا الملجأ بين اقرباؤهم العراقيين وهو ما يتطلب سرعة البديهة والحزم من واشنطن ، والى حد بعيد فان الادارة الاميركية لم تظهر اية خصوصية في التعامل مع العراق المحطم وجيرانه الجشعين ،وليس هناك وقت افضل من هذه اللحظة من تغير مظاهر السياسة المتطرفة).

وبشكل مماثل، تشير  هذه  المصادر الى ان الادارة الاميركية لم توصل رسالة تكون واضحة ومنتظمة بما فيه الكفاية لردع السياسيين الاتراك من الاعلان بشكل متزايد عن تهديدات مزعجة بالقيام بغزو كردستان العراق ،او لمنع الجنرالات الاتراك من الاحتفاظ بقوات كبيرة على الحدود ، كما فعلوا ذلك في الاسابيع الاخيرة .

وهذا الى حد ما فأن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحزبه العدالة والتنمية يواجهون معركة صعبة للسيطرة على البرلمان في الانتخابات التي تقررت في 22 تموز ـويجب ان يهزموا حزب الحركة الوطنية من اقصى اليمين لتأمين الاغلبية الحاكمة التي يحتاجونها للقيام بتعديلات دستورية يصعب التوصل اليها ، ولكن اتهامات حزب الحركة الوطنية لاردوغان بالضعيف حيال (الارهاب الكردي) تشجع الاجنحة اليمينية في التصويت لها  .

وتؤكد هذه  المصادر على التنافس الاستراتيجي ما بين جنرالات تركيا والسياسيين ، فالجنرالات لايريدون (حماية اميركية قوية لكردستان )على حدودهم، ومنزعجون من تلك الوعود الاميركية غير المنجزة، لكبح حزب العمال الكردي الصغير ونشاطات من يصفونهم بـ" القتلة من ب ك ك" والذين ينشطون من الاراضي العراقية ، وبذلك يخففون الضغط على انقرة من التدخل المباشر .

وتعتقد هذه المصادر، ان كل من البنتاغون او السي أي ايه ، قد سارا خطوة باتجاه تلك المهمة، وترجح الشكوك التركية حول هذا الكسل الاميركي، لاسيما في  توقف جنرالات انقرة امام الاجندة الاميركية السرية المضادة لايران والتحالف بين الولايات المتحدة والسعودية والاردن والاجهزة الاستخبارية الاخرى التي لها المزيد من النفوذ على الاولويات الاميركية، في  الاستجابة  للتعهدات الاميركية من بوش وكبار مساعديه لانقرة.

هذه  التعهدات التي جعلت الحكومة التركية تستبعد قبل حوالي الشهر القيام بالتدخل  العسكري بالرغم من التهديدات، لكن هذا الخيار استبعد بعد ان سيطرت خيبة الامل والياس في حمى الاجواء الانتخابية الحالية.

 ويرجع الاخفاق الاميركي في تحقيق التحول في العراق الى العديد من الاسباب ،ليس اهمها عجز ادارة بوش عن العمل بوضوح وتحديد الاولويات التي يمكن تحقيقها ، وللعمل على تثبيتها حينما تصطدم مع المصالح الواسعة لجيران العراق وقسم مهم من البيروقراطية الاميركية .

وتقول هذه  المصادر "لم يعمل بوش بنصيحة الاميركيين في  الكونغرس،وبالرغم من خطابه عن استراتجيته الجديدة ، فانه لم يتعامل مع العراق باعتباره الصراع الدفاعي لقواتنا ، من النوع الذي يحتاج الى تضحيات اساسية ووضوح الهدف، وكان يتنقل من هدف الى هدف ، ومن فصيل الى فصيل في الحكومة الاميركية ، في العراق وفي الاقليم ، بدلا المهمة المقررة الثابتة والتي كانت – وهي لاتزال – مطلوبة للقواتنا هناك ".

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد قال الاثنين في مؤتمر صحفي ان تواجد حزب العمال الكردستاني على الاراضي العراقية ليس برغبة عراقية وانه متواجد منذ زمن طويل وان مخاوف الجانب التركي مشروعة واننا نتابع اللقاءات مع الجانب التركي لحل الاشكال بالطرق السلمية.

انقرة حشدت 140 الف جندي

وقال وزير الخارجية العراقية، هوشيار زيباري، إن أنقرة حشدت 140 ألف جندي على حدودها مع العراق، مبدياً تخوفه من عملية عسكرية تركية واسعة النطاق ضد حزب العمال الكردستاني في المنطقة. وشدد زيباري على أن العراق "لن يتسامح" مع أي خرق لسيادته من قبل القوات التركية، داعيا إلى ضرورة حل مشكلة حزب العمال عبر لجنة أمنية تشارك فيها بغداد وأنقرة وواشنطن.وقال وزير الخارجية العراقية، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي ببغداد، "نحن نتفهم مخاوف تركيا المشروعة جراء نشاطات حزب العمال، لكننا نرى أن هذه المسألة قابلة للتفاوض."

ولفت إلى أن الجيش العراقي يرغب في نزع فتيل التوتر، غير أنه ينفذ حالياً عمليات واسعة في بغداد وسائر المناطق لمكافحة الحركات المتشددة، وهو بالتالي غير قادر حالياً على شن هجوم ضد متمردي حزب العمال في جبال كردستان.

وكان وزير الخارجية التركي، عبد الله غول، قد كشف إن الحكومة التركية وضعت بالاتفاق مع الجيش خطة تفصيلية لعملية عسكرية عابرة للحدود ضد قوات حزب العمال الكردستاني المتمركزة شمالي العراق.وطلب غول من الحكومتين العراقية والأمريكية التدخل لضرب مواقع الحزب في المنطقة الجبلية الشمالية من العراق، مشدداً بالمقابل على أن بلاده "جاهزة لإطلاق عملية هجومية ضد مواقع الحزب إذا اقتضى الأمر ذلك."يذكر أن تركيا تواجه منذ عقود حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد على الحدود مع العراق، وتعتبر تركيا أن الحزب يمتلك العديد من المواقع داخل الحدود العراقية، وقد هددت عدة مرات بمهاجمتها.غير أن واشنطن وبغداد عارضتا مراراً أي عملية عسكرية تركية في المنطقة التي تسكنها غالبية كردية متحالفة مع الولايات المتحدة.

الخلفيات والتداعيات

تم نشر قوات البشمركة التابعة لرئيس حكومة إقليم كردستان العراقي، مسعود البرازني وحلفائه، على طول الحدود العراقية- التركية، في حالة تأهب قصوى تحسباً للمواجهة المحتملة مع قوات الجيش التركي التي احتشدت بالأساس على الجانب التركي من الحدود العراقية.

التعبئة العسكرية بواسطة الطرفين الكردي والتركي تأتي على خلفية:

- التهديدات التركية بشن حملة عسكرية، من أجل تصفية قواعد حزب العمال الكردستاني الموجودة في شمال العراق.

- تهديدات رئيس حكومة كردستان الإقليمية العراقية، مسعود البرازاني، بتصعيد التمرد الكردي داخل تركيا.

واختلفت التفسيرات حول دوافع هذا التهديد الكردي –غير المسبوق- لتركيا، وقد تمحورت وجهات نظر المراقبين والمحليين، ضمن ثلاثة تفسيرات:

• التفسير الأول: إحباط مخطط الاقتحام العسكري التركي: المخطط التركي يهدف إلى اقتحام شمال العراق بواسطة القوى العسكرية، وذلك بما يحقق الأهداف الآتية:

- تصفية القواعد والبنى التحتية العسكرية لميليشيا حزب العمال الكردستاني، وبقية الفصائل الكردية الأخرى ما أمكن ذلك.

- إضعاف النفوذ السياسي والاقتصادي للقوى والفصائل الكردية.

- تشتيت التمركز الديمغرافي الكردي، وذلك لأن إقليم كردستان العراقي أصبح قاعدة لتمركز الحركات الكردية الموجودة في تركيا، العراق، وإيران، وأصبح يشكل ملاذاً آمناً للحركات الانفصالية الكردية، والتي أصبحت تستخدم الإقليم كـ(مؤخرة) للإعداد والتدريب وتنفيذ الهجمات.

- إقامة منطقة عازلة (Buffer Zone) تركية، على غرار المنطقة العازلة التي سبق أن أقامتها إسرائيل داخل جنوب لبنان، على النحو الذي يؤدي إلى منع عناصر حزب العمال الكردستاني من التسلل عبر الحدود إلى تركيا.

- إحباط مخطط تنظيم القاعدة، الهادف إلى إقامة تنظيم قاعدة كردستان، وقاعدة تركيا، وحالياً تقول المعلومات بأن حوالي 300 من عناصر تنظيم القاعدة، ينشطون داخل إقليم كردستان العراقي من أجل إعداد وتدريب العناصر الكردية، والتركية بحيث تنخرط في تنظيم القاعدة، ثم بعد ذلك تستقل كل مجموعة في منطقتها.

استطاعت قوات البشمركة والفصائل المسلحة الكردية، أن تعزز قوتها العسكرية خلال الأعوام الأربعة الماضية التي أعقبت احتلال العراق، وتعتقد القيادات العسكرية الكردية، بقدرتها على عرقلة أي هجوم عسكري تركي، وذلك لأن بنية شمال العراق الجبلية إضافة إلى دعم السكان المحليين سوف تعزز قدرتها هذه المرة في مواجهة الجيش التركي وشن حرب لا متماثلة ضده على غرار حرب حزب الله مع إسرائيل في الصيف الماضي.

• التفسير الثاني: تعزيز قدرة ونفوذ مسعود البرازاني:

بعد تكوين حكومة إقليم كردستان التي تتمتع باستثناءات كبيرة وفقاً لبنود الدستور العراقي الجديد الذي أشرفت على وضعه سلطات الاحتلال الأمريكي، وتولي الزعيم الكردي مسعود البرازاني لرئاسة حكومة إقليم كردستان، ومنافسة الزعيم الكردي جلال الطالباني لرئاسة الجمهورية العراقية، بدا واضحاً أن روشتة تقسيم السلطة لا تلبي طموحات الزعماء والحركات الكردية، وبدأت هذه الأطراف تسعى بمساندة سلطات الاحتلال الأمريكي من أجل فرض وثيقة تقسيم الثروة، وفقاً لما عرف بقانون توزيع عائدات النفط العراقي الجديد، وهو قانون الهدف الأساسي منه هو إضعاف أي حكومة مركزية عراقية، لأنه بعد أن حرم الدستور العراقي الجديد الحكومات العراقية القادمة من ممارسة حقها السيادي الكامل على كامل التراب وموارد السلطة في العراق، فإن هذا القانون يحرم هذه الحكومات من مورد القوة الاقتصادية الرئيسي، على النحو الذي يؤدي لإضعاف قوتها العسكرية، والاجتماعية.. وغير ذلك.

لم يعد الخلاف عربياً- كردياً فقط بالنسبة للأكراد، بل برزت الخلافات الكردية- الكردية، وتصاعدت حدّتها على خلفية رفض الكثير من الأطراف الكردية للصيغة التي نفذها تحالف البرازاني- طالباني في طريق اقتسام وتوزيع حصة كردستان من الموارد والقيم المتعلقة بالسلطة والثروة ضمن حصة إقليم كردستان.

أبرز نقاط أجندة الخلافات الكردية- الكردية تتمثل في الآتي:

- إشكالية تطبيق الديمقراطية: ظل ثنائي البرازاني- طالباني يحارب طوال فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين من أجل تحقيق شعارات تطبيق الديمقراطية، والآن بعد أن سيطر هذا الثنائي على الأوضاع انقلب على الديمقراطية، وأصبح يرفض تطبيق الديمقراطية داخل إقليم كردستان، على النحو الذي أدى إلى حرمان المواطنين الاكراد من حقوقهم السياسية.

- إشكالية حكم الرشيد، يتعرض  إقليم كردستان حالياً لأسوأ أساليب الإدارة الحكومية، بحيث أصبحت المصالح العشائرية واللامؤسسة تسيطر على القرارات والأداء الحكومي الرسمي لحكومة الإقليم.

- الفساد: تسيطر جماعات المحاسيب والمقربين على أجهزة صنع واتخاذ القرار، وعلى وجه الخصوص أفراد عشيرتا البرازاني وطالباني، وأصبحت موارد الإقليم الاقتصادية تحت رحمة هذه الجماعات التي تحولت إلى ما يشبه خلايا المافيا المتغلغلة داخل أجهزة الحكومة الإقليمية.

الأكراد أصبحوا يتهمون بوضوح مسعود البرازاني وبدرجة أقل جلال طالباني بالمسؤولية والتقصير في التصدي للفساد المستشري وحسب، بل وبالتورط فيه وتوفير الحماية لخلايا المافيات الكردية المقربة إليهم، والتي أصبحت تسيطر على كل شيء بدءاً من السيطرة على الوردات التي يديرون شبكاتها عبر الحدود التركية والإيرانية والسورية، وحتى الواردات النفطية والاستحواذ على ميزانية الإقليم الرسمية.

إزاء هذا الموقف المتدهور، لجأ مسعود البرازاني إلى استخدام وتوظيف نظرية المؤامرة والخطر الخارجي الداهم، من أجل تحويل انتباه الأكراد ودفعهم إلى التركيز على الخطر التركي، وذلك بما يتيح لمسعود البرازاني الظهور بمظهر البطل الكردي الذي يقود شعبه في مواجهة وصد الهجوم العسكري التركي الذي بات وشيكاً.

• التفسير الثالث: تنفيذ عملية أمنية بالوكالة:

يقوم هذا التفسير على أساس اعتبارات أن الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية قد لجأتا لاستخدام الملف الكردي وتحريكه على النحو الذي يؤدي إلى التأثير على اتجاه التطورات السياسية الجارية حالياً داخل تركيا..

الهجوم التركي على شمال العراق: أسبابه ونتائجه

اكتملت الاستعدادات التركية لشن عملية عسكرية واسعة النطاق، تقوم بموجبها قوات الجيش التركي بتنفيذ مخطط اقتحام عسكري لشمال العراق.

• أهداف الاقتحام العسكري الوشيك:

على الصعيد (المعلن) تقول الأطراف التركية بأن عملية الاقتحام العسكري تهدف إلى القضاء على قوات وقواعد حزب العمال الكردستاني الموجودة في مناطق شمال العراق.. أما على الصعيد (غير المعلن) فإن أهداف عملية الاقتحام العسكري كما أشارت صحيفة ويكلي التركية إلى الآتي:

- إضعاف حكومة إقليم كردستان العراقية.

- إعطاء رسالة قوية لدول العالم والأطراف الداعمة للحركات الكردية بأن تركيا موجودة ولن تسمح بقيام أي كيان كردي مستقل أو حتى يتمتع بقدر كبير من الاستقلال الذاتي.

- إقناع الحركات الكردية بأن المشروع الانفصالي الكردي سوف يظل طريقه مسدوداً.

- إقناع الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية بأن دعم الحركات الكردية من أجل إضعاف البلدان العربية والإسلامية هو أمر غير مجد، وذلك لأن تركيا مهما كانت وثيقة الصلة بأمريكا وإسرائيل، فإنها غير مستعدة للتنازل مهما كان الثمن عن موقفها الواضح إزاء (المسألة) الكردية.

- إحباط مخطط ضم منطقة كركوك إلى إقليم كردستان.

- حرمان الحركات الكردية من الاستفادة من عائدات النفط العراقي.

- إضعاف الضغوط الكردية داخل البرلمان العراقي والحكومة العراقية الحالية، والتي تهدف إلى تمرير قانون توزيع عائدات النفط العراقي.

- القضاء على كل البنى التحتية العسكرية والأمنية للفصائل الكردية المسلحة.

- إقامة منطقة عازلة شمال العراق، بحيث يكون الوجود العسكري التركي مستمراً بشكل دائم فيها.

• سيناريو الاقتحام العسكري.. الفرص والمخاطر:

حشدت تركيا حوالي 200 ألف مقاتل، وفقاً للمعلومات التي أوردتها صحيفة الأخبار اللبنانية نقلاً عن وكالة رويترز، والقراءة العسكرية لمثل هذا العدد من القوات تشير إلى الآتي:

- يتشكل قوام القوات التركية من ثمان إلى عشرة فرق على الأقل، أي حوالى 30 إلى 35 لواء.

- ان الأصناف السائدة في هذه القوات سوف تشمل في معظمها القوات الخاصة، وقوات المشاة، والقوات المحمولة جواً.

- العملية العسكرية التركية سبقتها عملية استخبارية ضخمة حول قدرات الفصائل الكردية الموجودة في المنطقة.

تتوقع الفصائل الكردية المسلحة، بأن قتالها مع القوات التركية سوف يكون على غرار مواجهة بين قوات ميليشيا تخوض عمليات عسكرية وفقاً لمذهبية (الحرب اللامتماثلة) في مواجهة قوات نظامية حكومية تخوض عمليات عسكرية وفقاً لمذهبية (الحرب التقليدية المخفضة الشدة).

ولكن على ما يبدو من حجم الحشد التركي، فإن المواجهة لن تكون على غرار سيناريو المذهبية اللامتماثلة في مواجهة المذهبية التقليدية المنخفضة الشدة، وأكثر السيناريوهات المحتملة أن تقوم القوات التركية بتطبيق مذهبية مختلفة تمثل خليطاً من المذهبيات الأخرى بحيث:

- التركيز على نقل القوات التركية جواً لمحاصرة المعسكرات والسيطرة على الطرق والممرات الرئيسية.

- استخدام الطيران والهلكوبترات الهجومية من أجل عرقلة تحركات البشمركة الكردية وحرمانها من استخدام وسائل النقل الكبيرة.

- قصف المعسكرات وإلحاق أكبر الخسائر بالبنى العسكرية الكردية.

- الاستخدام المكثف للمشاة والوحدات الخاصة وقوات الصاعقة في تنظيف الممرات وجيوب المقاومة.

- تركيز الهجوم في المناطق الشمالية الشرقية من إقليم كردستان والمتاخمة للحدود مع سورية وتركيا، بحيث يغدو انسحاب الميليشيات الكردية حصراً إلى المناطق الجبلية (جبال قنديل) الموجودة على مقربة من الحدود الإيرانية.

• أجواء ما قبل الاقتحام العسكري.

كانت الفصائل الكردية، ومازالت تعول على أمريكا وإسرائيل في درء الاقتحام العسكري التركي ومنعه من الحدوث، وقد نجحت هذه الاستراتيجية خلال الفترة السابقة، ولكن ترتب عليها انقسام خطير بين الحكومة والمؤسسة العسكرية التركية، إضافة إلى أن الملف الكردي أصبح الأكثر أهمية بالنسبة للرأي العام التركي، وذلك بعد حالة الإحباط التي تفشت إزاء ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي.. وقد ظلت الحكومة التركية والجيش التركي يمتنعان عن اللجوء لاستخدام القوة، وذلك خشية الإضرار بالعلاقات التركية- الأمريكية، والإضرار بموقف تركيا في ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي، وبسبب فشل ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي، لم يعد للأتراك ما يخسرونه إزاء القيام بعملية الاقتحام العسكري، إضافة إلى إدراكهم التام بأن أمريكا وإسرائيل لن يغامرا بالتخلي عن تركيا والوقوف إلى جانب الأكراد في حالة اندلاع المواجهة العسكرية.. وذلك لأن العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية-

الكردية، هي علاقات تكتيكية مؤقتة، والعلاقات مع تركيا هي علاقات استراتيجية دائمة.

- على مستوى الفصائل الكردية، برزت الكثير من التصريحات المطالبة بمقاومة الاقتحام العسكري التركي لشمال العراق، وفي هذا الخصوص تحدث سيميل باييك (أحد أقوى زعيمين في حزب العمال الكردستاني) إلى صحيفة أوراسيا أنسايت بهذا الخصوص وقال بأن حزب العمال الكردستاني ملتزم باتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعها مع الحكومة التركية منذ تشرين الثاني 2006م، ولكن في حالة الاقتحام العسكري التركي، فإن مقاتلي الحزب سوف يمارسون حق الدفاع عن النفس.

- الرئيس العراقي، والزعيم الكردي (جلال الطالباني) واصل تحذيراته لتركيا وإيران، وقال بأن الاقتحام العسكري التركي هو عدوان على العراق، وبالتالي فإن العراق، وعملاً بمبدأ المعاملة بالمثل سوف يتدخل في كردستان التركية، وكردستان الإيرانية، وأيضاً في إقليم خوزستان الإيراني.

- ناميك تان، المتحدث باسم الخارجية التركية، حذر العراق قائلاً بأن حزب العمال الكردستاني لا يشكل خطراً ضد تركيا وحسب، بل وضد العراق أيضاً.

- اسماعيل أحمدي مقدم، المدير العام للأمن الإيراني، التقى مع قوكان أيرينار مدير عام الأمن التركي وناقشا ضرورة القيام بعمليات مكافحة قوات حزب العمال الكردستاني، وعبر مدير الأمن التركي عن ترحيب تركيا بأي مساعدات إيرانية في هذا الخصوص.

- الإدارة الأمريكية أبلغت الزعماء الأكراد العراقيين بأن الوقت قد بدأ ينفذ، وبأن عليهم القيام بشيء من أجل حل مشكلة حزب العمال الكردستاني.

وعموماً أصبح واضحاً أن هناك صفقة أمريكية- إيرانية- تركية إزاء التعاون التركي- الإيراني في الملف الكردي يعرفه الأمريكيون جيداً، خاصة وأن جذوره تمتد من مطلع ستينيات القرن الماضي عندما استخدم شاه إيران البشمركة التابعة للملا مصطفى البرزاني في الحرب ضد العراق.

إيران سوف تقدم المعلومات الاستخبارية والأموال لتركيا، وأمريكا سوف تعمل على تقديم المعلومات الاستخبارية والعتاد العسكري، إضافة إلى أنها سوف تقوم بالعمل على تهدئة الفصائل الكردية العراقية، للقبول بالاقتحام العسكري التركي كأمر واقع، أما تركيا فسوف تمثل المتغير المستقل في المعركة.. وقد قال ذلك بوضوح الناطق الرمسي لوزارة الخارجية التركية، عندما علق على تصريح الرئيس العراقي جلال الطالباني الذي قال فيه بأن أمريكا قد أكدت له بأن تركيا لن تقوم باقتحام شمال العراق، قائلاً بأن على جلال طالباني أن يفهم بأن تركيا قد جهزت قواتها، واتخذت قرارها، ولن تتراجع عنه مادام حزب العمال الكردستاني موجوداً في شمال العراق.

الموقف من إقليم كردستان العراقي أصبح أكثر سخونة، ومن المتوقع أن يتصاعد الخلاف بين الزعماء الأكراد، والذين باتوا محتارين في مواجهة السيناريوهات الآتية:

ــ سيناريو القتال ضد القوات التركية، وهو سيناريو سوف يقضي على قدراتهم العسكرية، وينهي مكانتهم ووزنهم السياسي في الساحة العراقية.

ــ سيناريو التخلي عن حزب العمال الكردستاني، وهو السيناريو الذي تريده أمريكا، ولكنه سوف يؤدي إلى انقسامات وانشقاقات خطيرة داخل الحركات الكردية، خاصة وأن حزب العمال الكردستاني هو القوام المسيطر على النزعة القومية الكردية في أوساط المقاتلين الأكراد الشباب، وفي حالة حدوث هذا السيناريو:

ــ سوف ينضم عدد كبير من مقاتلي الاتحاد الوطني الكردستاني (جلال الطالباني)، والحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود البرازاني) إلى القتال مع حزب العمال الكردستاني.

ــ حزب بيجاك الكردي الإيراني، سوف يقاتل بكامل قواته إلى جانب حزب العمال الكردستاني، وذلك لأن هذا الحزب تم تكوينه بالأساس من العناصر الكردية الإيرانية التي كانت تقاتل ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني في الأعوام السابقة.

ــ القيادات الكردية السياسية (مسعود البرزاني وجلال الطالباني) سوف يضعف وزنها السياسي داخل إقليم كردستان والحركة الكردية، إضافة إلى وزنها السياسي في العملية السياسية العراقية.

ــ العلاقات الكردية- الأمريكية، والعلاقات الكردية- الإسرائيلية سوف تمر بحالة توتر كبيرة، وقد يترتب على هذا التوتر تزايد وزن الفصائل الكردية الإسلامية التي ظلت تحذر الاكراد من مغبة التعامل مع أمريكا وإسرائيل، وفي هذه الأوضاع سوف تستغل الفصائل الأصولية الإسلامية الكردية، فرصة الغضب والسخط الكردي إزاء أمريكا وإسرائيل، وتقوم بتنفيذ العديد من الهجمات ضد الأهداف الأمريكية والإسرائيلية الموجودة في إقليم كردستان العراقي.

إن الاقتحام العسكري التركي لشمال العراق سوف يفتح الباب على مصراعيه أمام المزيد من التحولات (النوعية) الجديدة في الصراع الكردي- العربي، الكردي- التركي، الكردي- الإيراني، بإضافة صراع كردي- أمريكي، وكردي- إسرائيلي، يلعب تنظيم القاعدة دور البطولة في مشاهده الدراماتيكية القادمة.

كذلك سوف يؤدي التدخل التركي إلى تقارب سني- كردي، شيعي- كردي، في الصراع داخل العراق، ولكن بشرط أن يتصاعد الصراع الكردي الأمريكي إلى درجة المواجهة.

أما في تركيا فقد أصبح السيناريو واضحاً، وعلى ما يبدو فإن صفقة للانتخابات الرئاسية التركية، والبرلمانية التركية، بين المؤسسة العسكرية التركية، وحزب العدالة والتنمية، والتي لعبت أمريكا دوراً فيها، هي صفقة انتخابية سوف يتم تنفيذها في انتخابات يوم 22 تموز الحالي، وبعدها سوف تكون أنقرا جاهزة لتنفيذ قرارها الذي اتخذته بشأن شمال العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12 تموز/2007 -27/جماد الاخرى/1428