التنظيمات الإرهابية في العراق بين حقبتين

تقرير: علي الطالقاني

شبكة النبأ: يقول المتخصصون بشؤون الإرهاب الذين يعملون على رصد ومتابعة ومراقبة أنشطة التنظيمات الإرهابية، إن الشبكات التي تدعي الإسلام  وتأخذ التطرف منهجا لا تزال تشكل خطرا كبيرا بالرغم من إحراز بعض التقدم في مكافحتها وتصفية قسم كبير من قياداتها.

ويعرف الإرهاب على انه أي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى الوسائل العنيفة. ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع بها استخدام العنف.

 فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية من خلال الاختطاف، والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات. ويُعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الآمنين بالإرهابي أو الإرهابية.

المناطق المحيطة ببغداد كانت ومازالت نموذج يذكر بالمجاميع الإرهابية  فنجد عندما أطلق زعماء المجاميع المسلحة  خطاباتهم النارية باديء الامر في تلك المناطق المتمثلة  باليوسفية والمحمودية واللطيفة ومنطقة الرضوانية وابو غريب ومنطقة الشرطة وحي الفرات القريب من منطقة البياع جنوب بغداد، كانت هذه الخطابات تعزز بفعاليات أعلامية تشيع مفاهيم وكلمات حق يراد بها باطل حتى انخدع الكثير من الشباب وشيوخ العشائر فضلا عن بعض النساء اللواتي عملن على نقل المعلومات، وأخذت ظاهرة التصفيات الفردية تطفو على السطح يوما بعد يوم حتى كان كل من يقتل يتهم بالعمالة والجاسوسية وهكذا بدأت العمليات تتدرج على مسرح الأحداث حتى وصلت إلى ماوصلت اليه الآن.

الفصائل الإرهابية والمتشددة بشتى مسمياتها الجيش الإسلامي وفيلق عمر وكتائب ثورة العشرين ..الخ التي بدأت نشاطها الملحوظ في تلك المناطق استطاعت تكوين قاعدة يرتكز عليها من حيث تجنيد الشباب وإغرائهم بالجهاد المصطنع وتخويفهم من الذين سيحكمون العراق ومن لف لفيفهم.

وفي فترة ما قبل الحرب الامريكية على العراق أي مابين عام 2000 و 2003، ظهرت الكثير من الحركات والتيارات المتخفية والمتجمعة في المناطق انفة الذكر وباتت تشكل مجاميع غير ملموسة للعوام من الناس إلا أن بعض المراقبين والسياسيين كانوا على اطلاع تام بما يجري.

ومن بين المرتكزات الأساسية وبشهادة الكثير من سكان تلك المناطق أزدهر بناء المساجد التي تأوي هذه الجماعات وخصوصا في منطقة اليوسفية والرضوانية وابوغريب امتدادا الى الفلوجة والتي عرفت بمدينة المساجد كما وصل عدد المساجد في اليوسفية وحدها  أكثر من      50 مسجدا في مساحة لا تتجازو 30 كم 2، وخلال هذه الفترة أيضا ظهر بعض رجال الدين ومروجي الافكار العقائدية المتشددة القادمين من الدول العربية مثل المغرب والجزائر وفلسطين في تلك المساجد واستضافتهم في مجالس الفاتحة والعزاء، ومن المستغرب في تلك المناطق ان يأتي شخص لإلقاء موعظة باعتبار أن العراق بلدا لايفتقر الى رجال الدين الذين يمثلون الاوقاف الدينية التابعة للحكومة في ذلك الوقت، ولكن الامر الأكثر استغرابا مثل هذه الشخصيات تطرح أفكار جديدة على المجتمع الريفي كإقامة المؤتمرات والندوات والحوارات التي كانت ممنوعة في تلك الفترة ومختصرة على الأجهزة الحكومية فقط.

أما على المستوى الحكومي فقد ظهرت أمور أخرى لا تقل أهمية وغرابة ألا وهي ظهور بعض أزلام المخابرات كرجال للدين بعد أن احالتهم الحكومة على الاستقالة ولأسباب لايعرفها احد وعمل هؤلاء على مواضيع مهمة وحساسة كإمامة الناس بالصلاة وعقد الجلسات الخاصة في المساجد بعد أن ينتهوا من الصلاة وكان الامر واضحا في شهر رمضان.

كانت لهذه التيارات ورجال الدين المصطنعين بعد سقوط النظام دور خطير عملوا من خلاله على تنظيمات جديدة كل واحدة منها تعمل على اتجاه معين وبدأت هذه التنظيمات تبحث في تلك المساجد والقرى عن دعم مادي ومعنوي لتنفيذ عملياتها من قتل وخطف وتهجير وتفجير السيارات المفخخة في وسط الأسواق المناطق أللآمنة.

والجدير بالاهتمام أن الذين لايشاركون في تلك العمليات الإرهابية عليه أن يدفع دية لتلك المجاميع أو يعيرهم سيارته الخاصة لتنفيذ عمليات الخطف أو القتل. فضلا عن تزويجهم من نساء تلك القرى والأرياف ويذكر أن بعض العشائر القاطنة في تلك المناطق أول من قام بهذه البادرة.

القوات العراقية أو الامريكة من جانبها تعمل على تصفية هذه التنظيمات وتكون هناك  حملات واسعة يتم البحث من خلالها على هذه المجاميع ولكنها تفتقر إلى عوامل عديدة فترى القوات تتخبط في عمليات البحث بعيدة عن مناطق الخطر لا تصل إلى أهدافها المنشودة .

أما المجاميع المسلحة فقد تعمل على أخفاء نفسها ولتطمئن القوات الأمنية برحيلها في حين تظهر مرة أخرى للاستمرار في أداء مهامها. ولذلك نرى أن تركيز العمليات ضد قوات الجيش والشرطة والمدنيين تأخذ فترات متفاوتة في تنفيذها بسبب سياسية الكر والاختفاء.

ومن اجل توفير أجواء آمنة  يسودها الأمن والأمان ولتمكين القوات الحكومية في دحر قوى الإرهاب من خلال التوجه على عدة محاور وان كانت هناك صعوبات ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله:

1.    الاعتماد على المعلومة الصحيحة من خلال زرع عناصر استخباراتية قوية ومدربة في المناطق الساخنة.

2.    التنسيق مع رجال العشائر الأقوياء والمخلصين ذوي النفوذ في المناطق المعنية.

3.    تقديم الدعم المادي والمكافئات القيمة لكل من يبلغ القوات الامنية بالمعلومة الدقيقة.

4.    الاستعانة بالطاقات الشابة في المناطق القريبة من زمر الإرهاب حيث يسعى الكثير من الشباب إلى التطوع من الذين يحملون الروح الوطنية ويهدفون إلى تخليص مناطقهم من هذه الزمر من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية في تقديم المعلومة الصحيحة ولذلك يجب فسح المجال أمامهم ومنحهم الفرصة الكافية.

5.     تمشيط وحصر المناطق المذكورة بعد الحصول على معلومات كافية من خلال عمليات واسعة النطاق ومدعومة بآليات حديثة.

6.    التخلص من العناصر المشبوهة داخل القوات الحكومية وذلك لإشاعتهم خبر العمليات قبل قيامها.

7.    من الملاحظة قبل تنفيذ العمليات العسكرية من قبل الأجهزة الأمنية يكون هناك اعلام واسع يدل بأن الأجهزة ستقوم أو تقوم حاليا بعمليات واسعة النطاق، وهذا من الأخطاء الكبيرة خصوصا وإن هناك تجارب سابقة عمل الإرهابيين من خلالها على خروجهم من تلك المناطق على أن يعاودوا نشاطاتهم عند انتهاء المداهمة والتفتيش.

8.    ملاحقة الشبكات الإرهابية في المدن الأخرى عندما يتم تفكيكها.

9.    غلق المنافذ والطرق الزراعية المشبوهة أمام وسائط النقل التي يتنقل بها الإرهابيين في المناطق الساخنة وان كان ذلك قد يؤدي الى عرقلة السير والمواصلات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12 حزيران/2007 -24/جمادي الأول/1428