الدور الاميركي السعودي في قمع الانتفاضة العراقية

 بقلم محمد حسن المالكي

من المتوقع ان تبدا محاكمة مجرمي مجازر المقابر الجماعية التي حدثت بعد قمع  الانتفاضة العراقية عام 1991وان  تشمل المحاكمة القادة العسكريين والحزبيين العراقيين  المشاركين في قمع الانتفاضة  لكننا نطالب بضم اميركا والسعودية الى جانب مجرمي المقابر الجماعية بعد فشل  الانتفاضة العراقية.

لقد ساهمت الادارة الاميركية في عهد جورج بوش الاب  مساهمة فعالة في اعطاء الضوء الاخضر للنظام العراقي النازي من اجل قمع الانتفاضة العراقية الوطنية عام 1991مما تسبب في قتل استشهاد مئات  الالاف من المواطنين الابرياء وضرب الاماكن المقدسة في النجف وكربلاء  وتدمير واسع للمدن العراقية الثائرة ضد دكتاتورية البعث النازي من اجل عراق حر خال من الظلم والعبودية.

وقد يقول قائل ما علاقة اميركا  والسعودية بقضية قمع وافشال الانتفاضة العراقية عام 1991وما هي المسؤولية القاونية المترتبة على الولايات المتحدة الاميركية والمملكة السعودية  في محاكمات قضايا المقابر الجماعية عام 1991 ؟

ان الموقف  الاميركي من الانتفاضة العراقية تمثل في سماح الادارة الاميركية لنظام صدام باستخدام القوة ضد المناطق الثائرة بما في ذلك السماح لقوات الجيش العراقي باستخدام الطائرات ذات الاجنحة الثابتة لقمع الثوار وقتلهم  والسماح للقوات العراقية باستخدام طائرات الهليكوبتر لقصف المدن الثائرة في شمال ووسط وجنوب العراق وقد نصت على ذلك اتفاقية سفوان  المذلة التي وقعها الرفيق  المقاتل سلطان هاشم وزير الدفاع الاسبق مع نورمان شوارزكوف قائد قوات التحالف عام 1991 حيث اعترف شوارزكوف بانه لبى طلبا للنظام العراقي في حينها من اجل فسح المجال للطيران العراقي ليحلق في الاجواء العراقية لقصف المناطق العراقية المنتفضة ضد دكتاتورية صدام  رغم صدور القرارات الاممية بمنع صدام من استخدام الطيران كما تمثل الموقف الاميركي  من انتفاضة اذار في قيام القوات الاميركية  بفك الحصار عن قوات الحرس الجمهوري التي كانت محاصرة بين الناصرية والبصرة  ومرورها من امام القوات الاميركية متوجهة لقمع العراقيين وقتلهم في البصرة والناصرية وباقي مدن العراق الثائرة  رغم معرفة الاميركيين بان هذا سيؤدي الى مجازر دموية ورغم معرفتهم بان العراقيين يريدون التحرر بانفسهم من الدكتاتورية وليس على ايدي القوى العظمى كما حصل ذلك  فيما بعد حيث ان الموقف الاميركي عام 1991 ادى بالعراقيين الى البقاء لاكثر من عشر سونات تحت مطرقة البعث النازي وكان بالامكان قيام حكم عراقي وطني منذ عام 1991.

 كما ان القوات الاميركية منعت الثوار من مواطني الناصرية والسماوة والنجف من الوصول الى مخازن السلاح العراقية الموجودة في تل اللحم ومطار الامام علي وغيرها من المخازن مما ادى الى فشل انتفاضة اذار 1991 واخيرا فان القوات الاميركية ساهمت في بعض الحالات بمنع الثوار من التحرك بين المحافظات الجنوبية

كل هذا يشكل ادلة  دامغة على وجوب تحميل الادارة الاميركية السابقة برئاسة جورج بوش الاب مسؤولية الاشتراك في قمع الشعب العراقي والمسؤولية الجنائية في تسهيل ارتكاب  مجازر المقابر الجماعية بحق العراقيين في السليمانية واربيل والبصرة والنجف والحلة وكربلاء ومدينة الصدر والناصرية والسماوة والعمارة والكوت والديوانية.

نحن نطالب المحكمة الجنائية المركزية حول جرائم المقابر الجماعية ان تكون الولايات المتحدة وادارة  جورج بوش الاب والقادة العسكريين للتحالف عام 1991 بمن فيهم الجنرال نورمان شورازكوف جزءا من المتهمين الرئيسيين  بالاشتراك السلبي او الايجابي في قمع انتفاضة اذار 1991 كما ان الحكومة العراقية مطالبة بعدم التدخل في قضية مثول جورج بوش الاب او نورمان شوارزكوف  او وزير الدفاع الاميركي في ذلك الحين او جيمس بيكر وزير الخارجية الاميركي امام القضاء العراقي عن دورهم في الاشتراك في جرائم المقابر الجماعية ومنعهم شعب العراق من تحرير نفسه بنفسه  وتاخير ازدهار العراق كل هذه السنين الي تلت انتفاضة عام 1991 الوطنية العراقية،   وعلى المحكمة الجنائية العليا ان تعلم انه ما من سبيل لاحقاق الحق في قضايا المقابر الجماعية سوى محاكمة اركان نظام صدام والقوى الاقليمية والدولية على حد سواء  التي ساهمت قولا او فعلا في ارتكاب مجازر المقابر الجماعية.

لقد سعت الولايات المتحدة بعد ان تحول العراق الى نهر من الدماء البريئة بعد الانتفاضة العراقية عام 1991 الى اصدار القرار المرقم (688) الخاص بحريات الشعب العراقي وحماية الشعب العراقي لكن المطلع على ثنايا القرار  سيعلم ان القرار  كان ضوء  امريكي اخضر لصدام بالمزيد من الجرائم ضد الشعب العراقي اذ ان جميع قرارات  مجلس الامن التي تلت غزو الكويت كانت تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يهدد باستخدام القوة اما القرار (688) الخاص بحماية الشعب العراقي  فلم يكن قرار ملزما او ينذر صدام بالقوة العسكرية بل كان قرار مهلهلا لاقيمة لهم الا قيمة الحبر الذي كتب به مما شجع صدام على المضي قدما في قتل شعبه  وارتكاب المجازر الدموية.

وعلى من يريد تحقيق العدل في العراق ان يطالب بان يقف شوارزكوف الى جانب علي حسن المجيد وان يقف جيمس بيكر الى جانب ماهر عبد الرشيد وطالع الدوري وان تكون المحاكمات عادلة وواضحة لاتستثني مجرما من داخل وخارج العراق بمن فيهم من كانوا مشاركين في مجازر عام 1991واليوم هم جزء من حكومة العراق  ويتحدثون عن حقوق الانسان.

انا اعتقد جازما ان محاكمات المقابر الجماعية ان حصلت وفق ما يريده شعب العراق وليس وفقا لما يريده بعض سكان المنطقة الخضراء  ستكون افضل مثال لاحقاق الحق في عالم اليوم  الملئ بالظلم والاستعباد والاستعمار.

اما الدور السعودي في مجازر الانتفاضة العراقية  فاننا ننقل ما قاله الامير السعودي سعود الفيصل في كلمة له امام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك  حيث قال (( لقد خضنا مع اميركا حربا لابعاد ايران عن العراق بعد طرد العراق من الكويت )) وهو يقصد قمع الانتفاضة الشعبانية العراقية الوطنية الخالصة  وبهذا كشف الامير السعودي عن الدور القذر الذي لعبته المملكة  واميركا في منع الشعب العراقي من نيل حريته واستقلاله عام 1991 عبر اعترافه الصريح بان المملكة تعاونت مع الادارة الاميركية في قمع انتفاضة اذار عام 1991 اما دور السعودية في تشويه الانتفاضة العراقية واتهام الثوار بانهم تابعون لايران فهو يمثل مساهمة فعالة للسعودية في تسهيل قمع الانتفاضة  العراقية بلا رحمة والتغطية الاعلامية للجرائم التي ارتكبها ازلام صدام ضد العراقيين الاكراد والعرب الثائرين ضد الدكتاتورية  عبر اتهام الانتفاضة بانها انتفاضة ايرانية الدعم والاهداف.

ونحن هنا نقول حقيقة واحدة ان  زعيم الانتفاضة العراقية في وسط وجنوب العراق والفرات الاوسط كان السيد  الشهيد الصدر الثاني الذي القى البيان الاول للانتفاضة قرب الصحن الحيدري في النجف الاشرف كما ان القادة الاكراد كانوا يقودون الانتفاضة في شمال العراق  ومن لديه عكس ما نقول فليثبت لنا ذلك واقوى دليل على عراقية الانتفاضة  ان الشهيد الصدر الثاني هو اول المعتقلين في سجن الرضوانية مع اولاده  بعد فشل الانتفاضة عام 1991 كما تم اعتقال  السيد ابو القاسم الخوئي ونقله الى بغداد اضافة الى اعتقال  المئات من طلبة الحوزة العلمية في النجف الاشرف  وهم عراقيون بلا خلاف اضافة الى قتل  واعتقال مئات الالاف من العراقيين بعد انتكاسة الانتفاضة بسبب التامر الاقليمي الدولي عليها  كما ان اغلب المشاركين في الانتفاضة هم من العسكريين العراقيين المنسحبين من الكويت بعد الهزيمة  الذين  عرفوا حقيقة جرائم صدام ودوره في تدمير الجيش العراقي عبر الحروب والمغامرات الخاسرة.  

لذلك نحن نطالب  قاضي المحكمة العليا حول  جرائم المقابر الجماعية  ان تكون القيادة السعودية بمن فيهم سعود الفيصل ووزير الدفاع السعودي السابق  والحلقة القيادية الحاكمة بضمنهم ولي العهد سابقا الملك عبد الله جزء مهم  من قائمة المتهمين بقمع انتفاضة اذار 1991 الى جانب الادارة الاميركية السابقة ومجرمي نظام البعث القتلة.

لايمكن مطلقا قبول مثول القادة العسكريين في الحرس الجمهوري والحرس الخاص واعضاء حزب البعث في مناطق الانتفاضة لوحدهم في المحاكمة المقبلة للمقابر الجماعية  بعد انتهاء محاكمة  الانفال  بل لابد من تقديم كل الاشخاص والمسؤولين  الفاعلين الاصليين والمشاركين  والمساهمين فعلا او قولا في قمع الانتفاضة الوطنية العراقية  في داخل وخارج العراق وسواء كانوا خارج  الحكومة العراقية ام كانوا من صناع القرار فيها، عراقيين كانوا ام اجانب.

اما اذا حصل ما يؤدي الى تاخير المحاكمة او الغائها فهذا سيكون دليلا قويا على المساهمة الدولية والاقليمية في انتكاسة انتفاضة العراقيين الاحرار عام 1991.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14 حزيران/2007 -26/جمادي الأول/1428