الكاتب المسعور

 بقلم: نجاح محمد علي

 اختارني أحدهم وهو نكرة في عالمي السياسة والكتابة، ليجعلني غرضا لسهامه، منسجما في ذلك مع جماعة طائفية من حزب البعث وضعتني هدفا لها فيما تنشر من سخافات وشتائم تعكس طبيعة هؤلاء القوم وخلفياتهم وحقيقتهم.

أحدهم هذا هو في الواقع ليس كاتب مقال، ولاينطبق عليه هذا الوصف اطلاقا كما لاينطبق على تلك الفئة البعثية الطائفية الشوفينية العنصرية، لأن ماينشره على مواقع الأنترنت ليس الا ترهات لاتملك مواصفات المقال بأي حال من الأحوال، اضافة الى أن كتاباته تعج وتضج بالمتناقضات جملة وتفصيلا،فهو يفتح أقواسا داخل أقواس ويدور في حلقات متعرجة يظن أنها خطوط مستقيمة،وينثر يمنة ويسرة وبالطول والعرض مايعتقد أنها معلومات عني، ويستعير جملا اعتراضية مطولة ومملة ،ويستخدم ألفاظا وكلمات نافرة، ويصف،ناقلا وليس مبدعا، الرسول محمد صلى الله عليه وآله بالعربي ليلغي رسالته العالمية،فقد فعل ذلك من قبل كبيرهم الذي علمهم السحر "ميشيل عفلق " في خطابه الذي ألقاه في الجامعة الأمريكية : في ذكرى الرسول العربي!.

هذا الرجل يقيم في الغرب ويهاجم حضارته، ويعيش على معونة الغربيين ، وبها يكتب ضد الغربيين ويتهم كل من يقف في الجهة الأخرى من حزب البعث بالعميل والمخابراتي، وينسى نفسه لاجئا في دولة غربية تحصي على العرب والمسلمين أنفاسهم وتجند العديد منهم لتدسهم في الحركات والتنظيمات وليس البعث عن ذلك ببعيد.

هذا الكاتب الأنترنيتي في مواقع مجموعة البعثيين الشوفينيين العنصريين الطائفيين، يضعني - أنا المعارض لتعاون المعارضة العراقية مع الأمركيين لاسقاط نظام صدام - ، في صف من خدم الاحتلال وعمل من اجل ( وصول الأمريكيين الصـليبيين الصـهاينة إلى بغداد واِحتلال العراق) ، وهو يشرق ويغرب بكلمات وجمل ليس لها أول وليس لها آخر،خصوصا حين يقول عني : (ولغت بعض كلماته وغالبية تقاريره الصحفية في دماء العراقيين المناوئين للحضارة الغربية)، وهو بالطبع لايميز بين بعض وغالبية،لأن الحقد العنصري ، وربما الحسد وأشياء أخرى لا اعرفها، تكمن وراء حملاته المسعورة عليّ تحديدا منذ العام 2004.

وهذا غيض من فيض!.

يطالبني بحجج تفسيرية وبالتطرق لمضمون ماسماها بمقالاته الأربعة السابقة،وهو يعلم أنني لا أعتبرها مقالات فهي لاتملك أبدا أيا من معايير المقال،ويصف ماتناوله ضدي " نقدا سياسيا لمواقف محددة، وينسى أو يتناسى أنه شخصيا حين يهاجمني بسيل من الاتهامات، مايتعلق منها بجانبه الشخصي " أنا وأسرتي وأولادي " فانه لايستند الى أي دليل ، ويبقى يردد ما يكتبه جناح البعثيين الطائفي العنصري حول ايران الفارسية الصفوية!.

يعترض عليّ لأنني أضفيت صفة الطهارة على جثامين أهل بيتي التي لم نعثر عليها ولا في أي واحدة من مئات المقابر الجماعية، متسائلا وهو يناقض نفسه أيضا (ومَنْ هو الكفيل بتقويم ((الأفراد الحاضرين أو الغائبين)) والذي يزكي الأحياء والأموات في آن؟ هل نحن البشـر غير المعصومين، أم القادر القدير الواحد العزيز خالق البلاد والعباد؟ أعتقد أنَّ الجواب على ذلك التساؤل واضح بما فيه الكفاية، إذ أنَّ الأمر متروك لله الواحد العليم بكل شيء والمحيط بكافة الأمور، وبالتأكيد أنَّ الموتى أصحاب الأجساد ((الطاهرة)) ذهبوا ضحايا الاِبن ((المجاهد المسلم))، كحالة شاخصة في سياق المقالة، الذي كافح بالظفر والناب والرأي والكلمة المكتوبة، من أجل وصول الأمريكيين الصـليبيين الصـهاينة إلى بغداد واِحتلال العراق).

يرفض أن أصف بالطاهر: فتى من أهل بيتي عمره أحد عشر عاما فقط غيبه البعثيون وقتلوه مع شقيقه الشاب اليافع ذي الربع والعشرين ربيعا والثالث بسنينه التاسعة والعشرين، أو ذلك الكريم شقيقي بكواكبه التي لم تكمل التسعة عشر .الجميل في كل شيء والوديع في كل شيء، وقد غاب وضاع بعد أن جاء رفاق هذا الرجل ليعتقلوه قبل أكثر من 27 عاما ، وقد قُتلوا صبرا وظلما ، والله سبحانه وضع المعايير لنحتسبهم عنده من الشهداء.

يناقض نفسه هذا الرجل فهو لايساوي فقط بين الضحية والجلاد، وإنما يريد أن يترك لله أمر اعتبار شهداءنا من الطاهرين، بينهم يعتبر هو قاتلا وجلادا كصدام شهيدا ،أدخله الجنة وهو الذي قتل بنفسه وبيديه العشرات من البعثيين ومن غيرهم!، وأصدر بنفسه قرارات بإعدام وإبادة مئات الآلاف، بدء من قرار إعدام المنتمين الى حزب الدعوة الاسلامية وبأثر رجعي مرورا باعدام أعضاء الحزب الشيوعي وباقي الأحزاب المعارضة، ومرورا بمجازر "الأنفال" وجرائم الابادة الجماعية في الجنوب والوسط، وقتل الالوف من سكان الرمادي انتقاما لمحاولات انقلابية ضده...الخ.

في مقابلة مع صحيفة "الحقيقة" الأليكترونية قال البعثي الفلسطيني ناصيف عواد مدير مكتب الإعلام القومي السابق في العهد السابق ما أنقله بنصه:

- كان صدام حسين كمثال قاسيا مع الدكتور منيف الرزاز.. ومع رفاقه في مجلس قيادة الثورة سنة 1979 لأنهم تآمروا عليه.

استقالة البكر

س: ما هي المؤامرة.. لم تنشر تفاصيل أية مؤامرة..؟

- نشرت.. صارت انحرافات.

بدأت المؤامرة عندما استقال الرئيس أحمد حسن البكر. أصبح البكر بعد وفاة زوجته، وابنه محمد في حادث سيارة وقعت في النهر ، زاهدا بالحكم، و لا قبل له بمواصلة مهام عمله رئيساً للجمهورية.. وأصبح يلح على الاستقالة قائلاً أنه تعب.

س: هل استمعت شخصياً الى هذا الكلام من البكر..؟

ـ لا. لكني استمعت للتفاصيل من طارق عزيز الذي تربطني به صداقة وعلاقات اخوية.. قال لي إن الذين كانوا يعرفوا برغبة البكر بالاستقالة اربعة هم صدام حسين, عزت ابراهيم وطارق عزيز.. ولا أذكر الرابع.. قد يكون طه ياسين رمضان.

س: متى أبلغك طارق عزيز بهذه المعلومات.. قبل الاستقالة أم بعدها..؟  

ـ بعد الاستقالة، وعندما تكشفت المؤامرة.

عندما عقد اجتماع للقيادة.. مجلس قيادة الثورة الذي كان يضم كل أعضاء القيادة القومية للحزب، تحدث محيى الشمري قائلاً "هذا (في اشارة للرئيس البكر) حاملينه على كتافنا، شمعنا هسه يستقيل..؟!".

صدام أجابه: "محيى شنو هالحشي..؟!". و كان معترضا على الاستخفاف بالرئيس البكر.

س: هل كان البكر حاضرا الاجتماع..؟

ـ لا.

مؤامرة 1979

س: لكنه كان رئيس مجلس قيادة الثورة..؟

- كان هذا الاجتماع بعد تقديم البكر لاستقالته.

صدام طلب من محيي الشمري مغادرة الاجتماع حين تحدث بهذه الطريقة، وطلب من الحرس اخراجه.. طرده من الاجتماع.

محمد عايش مرر أثناء حديث محيي ورقة له كتب عليها لا تقل هذا الكلام. أحد الجالسين بجوار عايش أمسك بيده وبالورقة وقرأ ما هو مكتوب فيها.

محيي قال في التحقيق.. هل فقط أنا.. نصف القيادة مع ذات التوجه.. عدنان حسين الحمداني، غانم عبد الجليل، وذكر أسماء كثيرة..

س: هؤلاء كانوا ضد استقالة البكر..؟

ـ لا.. هؤلاء ضالعين في مؤامرة.

س: ما هي المؤامرة..؟  

ـ "المؤامرة شغلة قديمة".. المؤامرة هي منع صدام حسين من تولي رئاسة الجمهورية وأن يصبح الرجل الأول في العراق.

س: لماذا..؟

ـ لأن لكل واحد طموحاته. صدام حسين اكفأهم، وأشجعهم، وأبعدهم نظراً.

س: من كان الشخص الذي كانوا يدعمونه ليخلف البكر..؟

ـ كانت هناك عدة أهداف.. كان الدكتور منيف الرزاز معهم.

س: لماذا لم يحاكم الرزاز..؟

ـ لأنه سبق أن شغل أمين عام الحزب. محيي الشمري واجه الدكتور الرزاز بحضور بدر الدين مدثر عضو القيادة القومية (سوداني). وقال له يا دكتور أنت كنت تجتمع معنا في بيت فلان وفلان وفلان لكن الرزاز نفى.

هنا سأل صدام حسين الدكتور الرزاز: هل أحضر لك عدنان حسين لتواجهه أيضا..؟

أجاب الرزاز: لا تحضر عدنان ولا غيره.

لكن الذي شهدته بنفسي من مؤشرات يتمثل فيما يلي:

كان عفلق أمين عام الحزب موجودا في باريس حين تكشفت المؤامرة ، فأرسلت طائرة خاصة لإحضاره. وكنت في استقباله أنا والدكتور منيف الرزاز وعدد محدود آخر.

في اليوم التالي زرت عفلق في منزله، فوجدت لديه الدكتور الرزاز، وكان متجهم الوجه. انتهزت مغادرة الأستاذ عفلق للصالون، لأسأل الدكتور الرزاز عن سبب انفعاله، أجابني محتدا ومتحسبا: لا شيء.

في اليوم التالي تم افتتاح المبنى الجديد للقيادة القومية للحزب في الحارثية، ولاحظت تغيب الدكتور الرزاز.. عندما عدت للبيت طلبت من زوجتي الاتصال بزوجة الدكتور الرزاز وأن تخبرها أننا نريد زيارتهما.. كانت علاقتنا بعائلة الدكتور الرزاز وثيقه جدا.. وكنا نتزاور باستمرار. رحبت زوجة الدكتور الرزاز بالزيارة، لكنها عاودت الاتصال بعد قليل تعتذر عن عدم استقبالنا.

سألتني قبل قليل لم لم يحاكم الدكتور الرزاز..؟

لم يحاكم أحد من المتآمرين. صارت اعترافات.. اعترفوا على بعضهم البعض، واعترف الجميع.

....................................................

انتهى كلام الفلسطيني ولي أن أسأل :

لماذا قتل كل أولئك البعثيين من دون أي محاكمة ، وهكذا بالكيلو؟ هل هي جريمة أم لا؟.

وما من كاتبِ الا سيفنى وُيبقى الدهرُ ماكتبت يداهُ

فلا تكتب بكفك غير شئ ُيسرك في القيامةٍ أن تراهُ

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 11 تموز/2007 -26/جماد الاخرى/1428