التغيرات المناخية تسبب البطالة والكوارث البيئية والحروب المستقبلية 

 شبكة النبأ: تهدد التغيرات المناخية الاستقرار العالمي بشكل غير مسبوق قد يفوق تحديات الكوارث البيئية وحتى الحروب الاقليمية  حيث ان التصحر - وهو احد نتائج الاحتباس الحراري- قد يخرج عشرات الملايين من الاشخاص من ديارهم وغالبيتهم من أفريقيا الى جنوب الصحراء ووسط اسيا. فضلا عن ارتفاع مستوى سطح البحر الذي قد ينتج عنه غرق مئات الجزر الآهلة بالسكان والحضارة.

ويهدد الجفاف في جنوب شرق اوروبا بالفعل محاصيل الغلال في دول من بينها بلغاريا ورومانيا وتركيا مما يدعو للتوقع ان ينخفض محصول القطن العام الحالي بنسبة 50 بالمئة.

وقال بير شتيج مولر وزير خارجية الدنمرك إن البطالة في شمال أفريقيا والشرق الاوسط والتغير المناخي يهددان بإثارة الاضطراب على عتبات أوروبا.

ويقول صناع سياسة وعلماء ومحللون إن البلدان الفقيرة ستكون الاكثر تضررا من جراء ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض الذي يؤدي الى التصحر ونقص المياه لان هذه البلدان هي الاقل قدرة على التكيف.

وقال مولر إن مشكلات من بينها ضغوط الهجرة قد تمتد الى أوروبا من شمال أفريقيا والشرق الاوسط حيث تتزايد أعداد العاطلين عن العمل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 عاما و20 عاما. بحسب رويترز.

وتابع مولر الذي كان يتحدث في مؤتمر عن التغير المناخي في تشاتام هاوس في لندن قائلا إن تلك الفئة العمرية هي التي "تسببت في الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة النازية."

وأضاف، اننا نتجه حقيقة نحو مشكلات في شمال أفريقيا والشرق الاوسط. واذا أضيفت كذلك المشكلة المناخية فان ذلك سيكون وصفة للاضطرابات في المستقبل.

وكان جوك ستيراب قائد القوات المسلحة البريطانية حذر من أن التغير المناخي قد يؤدي الى اضعاف الدول الى درجة تفككها ويؤدي الى كوارث انسانية كبيرة أو استغلال من جانب جماعات مسلحة.

وقال ستيراب لمركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن، ان الامر يبدو لي كسكب البنزين على حريق.

واستشهد مولر بالنموذج الدنمركي الناجح لاستغلال الطلب العالمي المتزايد على طاقة الرياح التي كانت في جانب منها وسيلة لمعالجة مشكلة التغير المناخي للبرهنة على أنه يمكن للعالم مكافحة درجة حرارة الكوكب وتحقيق أرباح.

وقال، لا تزال هناك فرصة للتحرك للحيلولة دون وقوع كارثة عالمية. هناك فرصة لان يربح الجميع. في الدنمرك لا تلتقي الاهداف الاقتصادية والبيئية وحسب وانما تعزز أيضا بعضها البعض. فمن بين كل ثلاثة توربينات لتوليد الكهرباء من الرياح في العالم هناك توربين من انتاج الدنمارك.

التصحر يهدد الاستقرار العالمي

وحذرت دراسة للامم المتحدة من ان التصحر قد يخرج عشرات الملايين من الاشخاص من ديارهم غالبيتهم من أفريقيا جنوب الصحراء ووسط اسيا.

وبينت الدراسة الصادرة عن جامعة الامم المتحدة والتي تقع في 46 صفحة ان النازحين بسبب التصحر يشكلون ضغوطا جديدة على الموارد الطبيعية وعلى المجتمعات الاخرى القريبة ويهددون الاستقرار الدولي. بحسب رويترز.

وقال ظفار اديل المحرر الرئيسي في الدراسة ورئيس الشبكة الدولية للمياه والبيئة والصحة التابعة لجامعة الامم المتحدة "هناك سلسلة من التفاعلات... تؤدي الى اضطراب اجتماعي."

وحثت الدراسة الحكومات على ايجاد سبل لابطاء زحف الصحاري الذي تسببه عوامل مثل تغير المناخ وانهاك الاراضي بالافراط في استخدامها. وقالت الدراسة ان وسيلة افضل لزراعة المحاصيل والغابات بالقرب من الاراضي الجافة يعتبر اجراء بسيطا يساعد على وقف التصحر.

وقالت الدراسة "ظهر التصحر كازمة بيئية على مستوى عالمي وحاليا يؤثر على ما يقدر بنحو 100 الى 200 مليون شخص ويهدد حياة ومصادر ارزاق عددا اكبر بكثير."

وجاء في الدراسة "فقدان التربة للانتاجية وتدهور انشطة دعم الحياة التي تقدمها الطبيعة تشكل اخطارا وشيكة على الاستقرار الدولي". واستقت الدراسة مادتها من عمل 200 خبير في 25 دولة.

ذكرت الدراسة ان 50 مليون شخص بما يعادل عدد سكان جنوب افريقيا او كوريا الجنوبية معرضين لاحتمال الاضطرار الى ترك منازلهم بسبب تصحر لا يمكن السيطرة عليه في العقد القادم.

وقال اديل لرويترز، اكبر منطقة هي على الارجح الصحراء الكبرى في افريقيا حيث ينتقل الناس الى شمال افريقيا او الى اوروبا... المنطقة الثانية هي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في وسط اسيا.

ومضى يقول ان من الصعب عزل التصحر عن عوامل اخرى تجعل الناس يتركون اماكن سكناهم مثل الفقر او الصراعات المسلحة. وقال ان اقليم دارفور في السودان هو أحد الامثلة.

ويقول خبراء دوليون ان نحو 200 الف شخص لقوا حتفهم وان 2.5 مليون شخص نزحوا عن ديارهم في اربع سنوات من الصراع. ويقول السودان ان 9000 شخص ماتوا.

وحث التقرير الحكومات على تنسيق الجهود قصيرة الامد غالبا لوزارات الاقتصاد والزراعة والبيئة لمكافحة التصحر.

وقد تستطيع عمليات زراعة محاصيل محسنة وغابات في الاراضي الجافة التي تغطي أكثر من 40 في المئة من الاراضي في الكرة الارضية ابطاء التصحر وتساعد ايضا في التصدي لارتفاع درجات حرارة الكوكب الذي تتحمل الغازات المنبعثة من استخدام الوقود الحفري جانب كبير من مسؤوليته.

وتمتص النباتات ثاني اكسيد الكربون العامل الاساسي الذي يسبب ظاهرة الاحتباس الحراري خلال عملية التمثيل الغذائي. ولكن هذا الغاز ينبعث منها عند حرقها او تعفنها.

وقد يطور سوق الكربون اليات مالية لدعم الاتجاه الى زراعة الاراضي الجافة.

ومن بين الجهود التي بذلت للتصدي لزحف الصحاري زرعت الصين "سورا اخضر عظيما" طوله 700 كيلومتر من الاشجار يتخللها غطاء من الحشائش. وتزرع الجزائر ايضا جدارا اخضر في مواجهة الصحراء. وقال اديل "مثل هذه الخطط قد تجدي ولكنها قد تؤدي ايضا الى مشكلات."

اصابة الحياة البرية والمحاصيل في اوربا

وأثرت موجة حارة أودت بحياة أكثر من 30 شخصا في مناطق بجنوب شرق أوروبا على الحياة البرية والمحاصيل ابتداء من ضفدع الطين في البحيرات الضحلة باليونان الى الغلال في أنحاء المنطقة بينما نضجت الفاكهة مبكرا عن موعدها باسابيع في ايطاليا.

وتشهد اليونان أسوأ موجة حارة منذ 110 اعوام اسفرت بالفعل عن وفاة سبعة اشخاص مع وصول درجات الحرارة الى 46 درجة مئوية في موجة حر شديد استمرت خمسة ايام ولم تظهر يوم الاربعاء أي علامات على تراجع حدتها. بحسب رويترز.

وفي جنوب ايطاليا وبعد أعلى فصول الربيع حرارة في البلاد منذ قرابة قرنين من المتوقع ان يكون حصاد الكروم وغيره من الفاكهة والخضراوات العام الحالي مبكرا بحوالي شهر عن موعده المعتاد في مطلع اغسطس اب.

وقالت جماعة كولديريتي الخاصة بالمزارعين ان الحر "ينضج بالمعنى الحرفي" ثمار الليمون الصقلي على الاشجار بينما يتعرض البطيخ والفلفل والقرع والخوخ والطماطم للخطر.

كما تعاني الحياة النباتية والحيوانية في اليونان وحذر خبراء البيئة من ان الحرارة القائظة يمكن ان يكون لها تأثير طويل الامد على الحيوان والنبات.

وقال مارتن جايثليتش من الجمعية اليونانية لحماية الطبيعة " تتعرض الطيور لخطر كبير عندما تضع البيض في اعشاش مكشوفة وهي حاليا في فترة احتضان البيض.

"البيض يسخن أكثر من اللازم اذا ترك دون غطاء لهذا يتعين بقاء الطيور على البيض لفترة أطول."كما حذرت أيضا جماعات أخرى معنية بالطبيعة من خطر الحر.

وتواجه طيور السنونو مشكلات في العثور على الطين من اجل بناء اعشاشها مما يجبرها على الرحيل لمسافة أبعد بحثا عن مواد بناء اعشاشها بينما تجف مواطن معيشة الضفادع والسلمندر الامر الذي يقصر دورة حياتها وهو ما يؤثر بدوره على الحيوانات التي تتغذى عليها.

وقال جايثليتش،هذه الكائنات مرتبطة بعضها ببعض. بتناقص عدد الضفادع وضفادع الطين ستواجه الطيور التي تتغذى عليها مشكلات في العثور على طعام حيث انها تبقى في اليونان حتى الخريف.

واضاف ان الشتاء المعتدل على غير العادة الذي شهدته اليونان والدفء اكثر من المعتاد في شهر مايو ايار اثار بالفعل تغيرات يمكن ان تستمر لوقت طويل.

ويتناقص السمك في الانهار والبحيرات حيث تضخ المياه من اجل الاستخدام في الزراعة بسبب نقص المطر مما يهدد بالخطر ثعلب الماء اليوناني النادر الذي يتغذى عليها.

وقال ان موجة من حرائق الغابات التي اندلعت في الايام الاخيرة بسبب الطقس الجاف ودرجات الحرارة المرتفعة أدت الى تفاقم مشكلات الطبيعة.

وقال جايثليتش،هذا الطقس يوجد شبكة من المشكلات سيكون لها تأثيرات طويلة الامد اذا استمرت او اذا عاودت الظهور في السنوات المقبلة.

وفي صقلية انتشرت الحرائق بسرعة في ظل الحر الشديد في الايام الاخيرة وتسببت في تدمير الاف الافدنة من محاصيل القمح والغلال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 1 تموز/2007 -14/جماد الاخرى/1428