فلم (الى السويد عبر تايلند) بطولة قيادات عراقية

علي الحسناوي

 إرتبطت الإنشطة الحياتية العراقية، وعلى كافة الاصعدة، بعقاقير التخدير الجزئي والكلي إرتباطا وثيقا حتى اكاد أجزم من ان العراق ممكن ان يكون في الوقت الحاضر أكبر وأرقى معمل مختبري للدراسات والبحوث التي تتناول التجارب العراقية دراسة وتحليلا وبالتالي الإستفادة من نتائجها في وضع برامج جديدة لتحريك العديد من النواحي البشرية في العالم المعاصر بعد ان تحوّل العراق الى مَعاصِر.

فالقرارات تُتَخذ من اجل حالة مؤقتة فرضت نفسها لأي سبب من الأسباب. والقوانين تُسَّن بغية تصريف أمور عرقلتها قوانين اخرى. والتشريعات تُكتَبُ ولا تنفّذ. حتى أضحت القرارات والقوانين والتشريعات عبارة عن مراكب مثقوبة تُبحر في بحرٍ من الفوضى الأدارية والقانونية والتشريعية فلا السائل يعرف اين الجواب ولا المُجيب يعرف مغزى السؤال.

 إن حالة التخبّط العراقية هي إفراز طبيعي لكل (الغدد) التي تحاول بطريقة أو بأخرى من وضعٍ علاجٍ مؤقت كل مايراد منه تحقيق رؤية مؤقتة من خلال دخان المعارك. فما ان ينجلي غبار المعركة حتى يحلّ الظلام لتدور رحى معارك جديدة.

وتدور المؤسسات الحكومية العراقية (الداخلية منها والخارجية) أو (المستوطنة منها دول أخرى وتلك القابعة تحت مصير مجهول في الداخل) تدور في حالة من عدم الإستقرار وعدم وضوحٍ في الرؤيا حتى وصلنا الى ظاهرة جديدة يمكن ان يُطلق عليها بثقافة الداخل والخارج أو هي خليط من  مفهومي النضال السري والنضال العلني.

 ولعلّي لا أُغالي إذا اسميته بالنضال (السلني) وهو تعبير يعني ببساطة ان تنتعش وتثري القيادات في الخارج على حساب موت وفقر القاعدة في الداخل. فقديما كان من الطبيعي ان تتحرك القواعد السرية في الداخل وهي تعكس الصورة الحقيقية التي عليها القيادة في الخارج  ولو ان لهذه القاعدة بعض الإستثناءات إلا  اننا اصبحنا في عالم عراق اليوم نرى قواعدا تتحرك بكل علنية (في الداخل) قد يصل الى حد الإستهتار في بعض الاحيان في حين تدور قياداتها في عالم أصبح يفرض عليها مفاهيم لغوية جديدة كأن يكون الأمر قد صدر من (البيه العراقي) أو (طويل العمر العراقي) أو (الزَلَمه العراقي) لكي يقوم العراقي (فقط) بتنفيذه في الداخل ودون أدنى وعي ومواصلة بين سلطة صناعة القرار وبين قواعد التنفيذ اللهم إلا عملا بمبدأ هذا ما يريده الحزب أو هذا ما تستوجبه الطائفة أو وعلى أقل تقدير هذا ما تفرضه متطلبات المرحلة.

وللأسف فقد بدأت تبرز على السطح العديد من نتائج هذه المرحلة والتي أدت وبشكلٍ لا يقبل الشك الى شراء العديد من قيادات الخارج الأمنة المطمئنة للعديد من أصوات قواعد الداخل الباحثة عن الطمأنينة والأمان حتى لو كلف ذلك بعض من (رجالات) هذه القواعد في الداخل ان تتنازل مؤقتا عن تأريخها لتشتري خطوة وهمية لها في مسلسل (الى اليونان على الطريق البري) أو (فلم الى السويد عبر تايلند) أو مسرحية (الى بلجيكا بفيزا تجارية) وذلك عبر وعود قياداتها التي تسلّحت (باليورو) لتقاتل (بالدولار) وغَدَت تحضر باكرا أمسيات الشعر النسائي المُغلّف برائحة الأنثى وحيدين من غيرٍ نسائهم أكثر من حضورها لندوات الثقافة والسياسة الرجالية المختنقة بروائح (الكتب القديمة) و(الجرائد العتيقة).

مرة وصل أحد الرفاق  ومن قيادات الداخل على مستوى المحافظات الساخنة من الذين (تركوا في نفسي أثرا طيّبا) الى بلدٍ أوربي وعبر طريقة لم الشمل الشائعة. وفي اول لقاء له برفاق الأمس، وهم يجترّون الماضي الأليم ويعيشون على الحاضر السعيد، لم يسمع منهم كلمة (الحمد لله على السلامة) بل نطق الجمع الغفير وبصوتٍ واحد:

ـ ها إشوصّلّك .. وشلون إجيت ... ومنو بقه هناك.

وبين هنا وهناك ضاع الخيط والعصفور.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 30 حزيران/2007 -14/جماد الاخرى/1428