
شبكة النبأ: مرة اخرى تجد اوروبا
نفسها امام اختبار جديد معقد للغاية لا مفر امامها من تجاوزه والمعنى
في مسيرتها التوحيدية في عالم متغير مزدحم بالاخطار والتهديدات التي لن
ينجو احد منها الا بالوحدة والتعاون متعدد الاتجاهات والمجالات!.
والقمة الاوربية تتصدى لهذا التوجه اعتمادا على الرغبة التي تحض
الاطراف المشاركة فيه لكن الطريق الى تحقيق الاهداف يمنى بالعثرات وهي
الاشكالات التي سيتم الجدال حولها.
فقد افتتحت في بروكسل القمة الأوروبية المكرسة للبحث في مستقبل
الدستور الأوروبي وسط انفراج جزئي في موقف بولندا المتشدد من الاصلاحات
المرتقبة لاحياء اقرار الدستور بعد سنتين من رفضه في استفتائين أجريا
في فرنسا وهولندا، مقابل تشدد بريطانيا حيال المطالبة لتقليص دور وزير
خارجية الاتحاد الأوروبي ونفوذه، وتأكيدها ضرورة اجراء تعديلات.
وتطمح القمة الى وضع (خريطة طريق) لمعاهدة تؤمّن تماسكا أكبر بين
المؤسسات الأوروبية وآلية أكثر عدلا لاتخاذ القرارات في الاتحاد الذي
ارتفع عدد اعضائه الى 27 دولة.
ومع وجود الكثير من المتفائلين بحلول توافقية للأزمة الخاصة
بالدستور الا ان هناك ايضا من هو اكثر تشاؤما لتحقيق الاجماع المطلوب
مما يجعل القمة ساخنة للغاية. بحسب رويترز.
مسيرة تتعثر
فبعد ثلاث سنوات على معاهدة الدستور التي استغرق وضعها 15 شهرا وبعد
فترة تفكير وتأمل استغرقت سنتين إثر تعثر المسيرة بعد الاستفتاءات
السلبية، يسعى الزعماء الأوروبيون الآن لانقاذ الدستور الذي ولد ميتا
بسبب اللاءات الهولندية والفرنسية التي أعادت هذا المشروع الأوروبي الى
عالم الخطوات الصغيرة وفق وصف المحللين.
وتعرض المستشارة الألمانية انغيلا مركل التي تترأس بلادها القمة
مسودة معاهدة جديدة لتعويض فشل اقرار الدستور للمساعدة في تفعيل مؤسسات
الاتحاد وتتناول المسودة كل بنود الدستور الذي صادقت عليه 18 دولة في
محاولة للتوصل الى حل وسط يبسط الدستور السابق ويحوله الى معاهدة
مصغرة.
وتقترح مركل عقد مؤتمر لحكومات الدول الأوروبية يستمر 6 شهور ويمهد
لتوقيع دستور جديد قبل نهاية السنة، وهو ما اعتبرته وزيرة الخارجية
البريطانية مارغريت بيكيت امرا صعبا.
وقالت امام لجنة برلمانية انها شعرت بالاحباط لعدم اجراء مفاوضات
تفصيلية قبل القمة، مؤكدة ان بلادها لن توقع على أية معاهدة تنتهك
الخطوط الحمر التي حددها رئيس الحكومة توني بلير.
ساركوزي ومقترحات واقعية
وكان الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي اقترح مشروعا سماه
(المعاهدة المبسطة) ويسعى الى فك قيود الماكينة الأوروبية وتمكينها من
المضي قدما من دون اية أوهام من حيث الحلم الأوروبي أو اكتراث لما يراه
الأوروبيون ولما يمكن ان يوحدهم ويجمعهم.
ويحظى المقترح الفرنسي من حيث الشكل بقبول الغالبية العظمى من
الزعماء الأوروبيين ولكنهم ما زالوا مختلفين حول جوهره، اذ في الشكل لا
يمانع هؤلاء على مصادقة البرلمانات الوطنية على المعاهدة الجديدة وتجنب
اية استفتاءات غير مضمونة النتائج.
الا ان تراجع دول عن وعودها بالعودة الى مواطنيها في قضية كهذه
يجعلها مضطرة لاقناعهم بان نصا جديدا هو معاهدة مختلفة واكثر تواضعا
وهو مايستلزم استبعاد تلك الاجزاء التي تثير نفور الناخبين.
ولعل جوهر المشكلة يكمن في ان الدول الـ27 ليست متفقة على هذه
المسألة وهي منقسمة الى ثلاثة معسكرات: الاول يضم الدول الـ18 التي سبق
لها ان وافقت على معاهدة الدستور واربعا اخرى مستعدة للقيام بذلك دون
مشاكل لانها لاتريد الغرق في تفاصيل مسائل تم تجاوزها داخليا، والثاني
يضم رافضي المعاهدة سواء من صوت ضدها والفرنسيون والهولنديون، ام اولئك
الذين كانوا سيحذون حذوهم لو اتيحت لهم الفرصة(البريطانيون والتشيك)
وهم يطالبون بمعاهدة مختلفة ومقتضبة ويسعون لتسوية سريعة، فيما الثالث
يتمثل في بولندا وحدها لكونها ترفض بالتحديد اليات التصويت ولاتبدو
مستعجلة لحل الازمة.
الوحدة الطوعية
ان اوروبا التي توحدت طوعا على مبادئ الحرية والتوازن الاجتماعي
واستطاعت ان تبنيمساحة للسلام على انقاض النازية من السيطرة
السوفياتية، نفسها منقسمة ازاء عملية لاحتساب الاصوات بين (غالبية
مزدوجة)، و(جذر تربيعي).. اذ فيما تنعم في صوفيا بموجب نظام التصويت
الحالي بالعدد نفسه تقريبا في الاصوات (27) الذي تتمتع به برلين (29)
على الرغم من ان بولندا تعد نصف سكان المانيا، تقترح المعاهدة الجديدة
اليات تصويت تقوم على تبني القرارات اذا اعتمدته 55 % في البلدان
الاوروبية تمثل 65 % من سكان الاتحاد الاوروبي، وهو ماينقل التصويت من
الدول الصغيرة والمتوسطة كبولندا الى الدول الكبيرة كالمانيا.
ديستان واسئلة متشككة
الخلافات والتعارضات بين الاوروبيين حول دستورهم الموحد دفعت رئيس
هيئة صياغته الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكار - ديستان الى اطلاق
نداء اشبه بالتحذير الى الرؤساء ورؤساء حكومات الدول الاعضاء في
الاتحاد الاوروبي متسائلا: هل ان التبسيط بالمنشود يهدف الى تسهيل
مصادقة بعض الدول التي لا تزال متحفظة - ام يخفي مناورة ترمي الى
العودة عن بعض انجازات معاهدة الدستور؟ وقال ديستان: نعم لمعاهدة مبسطة
بنزاهة لا تعود عن اي من الانجازات المؤسساتية ولكن لا حاسمة لمعاهدة
مبتورة. |