صيف ساخن ينبأ بمواجهة حاسمة مع القاعدة في العراق

 شبكة النبأ: مع استمرار العنف في حصد ارواح الكثير من المدنيين العراقيين وكذلك قوات الامن والجنود الامريكيين يتعرض بوش لضغوط متزايدة من الديمقراطيين في الكونجرس لاظهار تقدم في استراتيجيته الجديدة حيال العراق او البدء في سحب القوات، وهو ما يرفضه بوش حتى الان.

وتتنافس مراكز الابحاث العالمية والامريكية بين حين واخر لطرح رؤى واقعية وتصورات عملية للخروج من الازمة في العراق بوضع يحفظ ماء الوجه للولايات المتحدة ويحقق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

ونشرت منظمة ابحاث جديدة يديرها مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع الامريكية خطة مفصلة تضع تصورا لانسحاب القوات الامريكية على مراحل من العراق تبدأ من الشهر المقبل وتنتهي في 2012.

كما يحدد التقرير الذي نشره مركز الأمن الامريكي الجديد بقيادة مسؤولي وزارة الدفاع السابقين كيرت كامبل وميشيل فلورنوي ما يقول انها أهداف "أكثر واقعية" للولايات المتحدة في العراق.

وتشمل هذه الاهداف منع نشوء ملاذات آمنة لتنظيم القاعدة ونشوب حرب في المنطقة وتنفيذ أعمال ابادة جماعية بدلا من الهدف الذي حدده الرئيس جورج بوش وهو اقامة نظام ديمقراطي. بحسب رويترز.

وضم المركز الذي يهدف لطرح استراتيجية مركزية قوية بشأن الامن القومي صوته الى الجدل الدائر في الوقت الذي يستعر فيه العنف في العراق.

وقال التقرير انه ينبغي أن تضع الادارة الامريكية حدا لزيادة الجنود في العراق و، تبدأ مرحلة انتقالية تقصر دور القوات الامريكية على تقديم الاستشارة وتخفض وجودنا العسكري في العراق من نحو 160 ألف جندي اليوم الى نحو 60 ألفا بنهاية عام 2008.

ومن العوامل الاساسية للخطة المؤلفة من أربع مراحل تحديد جداول زمنية لتحقيق أهداف سياسية وأمنية ولانسحاب القوات الامريكية نهائيا من العراق في عام 2012، على أقصى تقدير.

وقال التقرير انه استند على تقرير مجموعة دراسة العراق التي كانت تضم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ويقودها وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر والنائب السابق لي هاميلتون لكنه يتجاوزه بالتوصية بوضع جداول زمنية لانسحاب القوات الامريكية من العراق ووضع خطة مفصلة لكيفية تنفيذ ذلك.

وتقضي المرحلة الاولى التي تبدأ في يوليو تموز 2007 وتستمر حتى يترك بوش منصبه في يناير كانون الثاني 2008 بتسليم القيادة الامنية للعمليات الى العراقيين بينما تبذل واشنطن جهودا كبيرة لتدريب مستشارين أمريكيين بهدف زيادة عددهم من ستة الاف الان الى 20 ألفا بنهاية 2008.

وسيكون هؤلاء جزءا من عدد القوات المستهدف لاوائل 2009 وهو 60 ألف جندي.

وقال التقرير ان الادارة، ستسلم (الادارة المقبلة) وضعا مضطربا على أقل تقدير في العراق. لكن باتباع التغييرات الموصى عليها فقد تتفادي الادارة استنزاف أمريكا استراتيجيا.

ودعا التقرير بوش الى الاعلان بأن الولايات المتحدة لا تعتزم أن يكون لها قواعد عسكرية دائمة في العراق لكنها ستحتفظ بوجود عسكري كبير في المنطقة.

وذكر التقرير أنه تحت قيادة خليفة بوش يمكن سحب القوات بشكل أكبر في المرحلة الثانية واكتمال انسحابهم تماما بحلول عام 2012.

وخلص التقرير الى أن البعض قد يقترح انسحاب الولايات المتحدة فقط عندما يتحقق النصر لكن، لن يكون هناك نصر أمريكي في العراق بالشروط التي حددتها ادارة بوش.

القوات الامريكية تبدأ مرحلة جديدة

وفي سياق متصل انتشر الاف الجنود الامريكيين في المناطق المحيطة ببغداد من الشمال والجنوب في عمليات متزامنة ضد المتشددين وصفها الجيش بأنها بداية،صيف من القتال العنيف في العراق.

وتشير هذه العمليات الى مرحلة جديدة في استراتيجية واشنطن بخصوص العراق. ويواصل الجيش هجومه الرامي للقضاء على تنظيم القاعدة ومسلحين اخرين تحدوا حملة أمنية كبرى لتأمين بغداد باللجوء الي الاراضي الزراعية كثيفة الاشجار والبلدات الريفية المتاخمة للعاصمة العراقية.

والى الشمال من بغداد واصل عشرة الاف جندي أغلبهم أمريكيون مدعومين بطائرات هليكوبتر هجومية ومركبات قتالية مدرعة من نوع سترايكر وبرادلي هجومهم المستمر منذ يومين ضد متشددي القاعدة في محافظة ديالى المضطربة.

وقالت القوات الامريكية ان 41 مسلحا على الاقل قتلوا حتى الان وانها ضبطت كميات كبيرة من الاسلحة.

والى الجنوب من العاصمة قال الجيش الامريكي ان الجنود وبينهم قوات محمولة جوا في طائرات هليكوبتر شينوك قتلوا أربعة يشتبه في أنهم مسلحون واعتقلوا 62 وعثروا على عشرة مخابيء للاسلحة ودمروا 17 قاربا مما عطل عمليات المتشددين في نهر دجلة.

وقال الاميرال مارك فوكس المتحدث باسم الجيش الامريكي في بغداد، قواتنا تواصل الهجوم ... لكننا نواجه صيفا من القتال العنيف.

وبدأ الجيش الامريكي عملياته بعد وصول الكتيبة الاضافية الخامسة والاخيرة من القوات الامريكية الى العراق لتكتمل بها الزيادة المقررة في عدد القوات.

وقال فوكس، نحن الان نرى الزيادة الحقيقية في القوات بالكامل .. سترون عمليات متزامنة ومنسقة جيدا في كل المحافظات المختلفة.

وكان الرئيس الامريكي جورج بوش أرسل 28 ألف جندي اضافي للمساعدة في الحد من العنف الطائفي ومنح حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الوقت الكافي لتحقيق مصالحة سياسية مع الاقلية السنية العربية الساخطة التي وقعت في براثن دائرة مفرغة من العنف مع الاغلبية الشيعية.

وعلى مدى أربعة أشهر ركزت الحملة الامنية على العاصمة بغداد بؤرة العنف في العراق. وبينما تمكنت القوات الامريكية والعراقية من خفض معدلات اراقة الدماء في العاصمة نقل المسلحون المعركة الى محافظات أخرى مثل ديالى.

واستخدم مقاتلو القاعدة ديالى كقاعدة لشن هجمات ضخمة ينفذها انتحاريون وأخرى بسيارات ملغومة على العاصمة مثل تلك التي ضربت مسجدا للشيعة في وسط بغداد بمنطقة الخلاني وأسفرت عن مقتل 87 شخصا وأصابة أكثر من 200 بجروح.

وفي أعقاب هذا الهجوم قالت الشرطة ان ثلاثة مساجد للسنة تعرضت لهجمات في بلدتي الاسكندرية وجبلة جنوبي بغداد. وأصيب مسجدان منها بأضرار بالغة.

ومع استمرار العنف في حصد أرواح الكثيرين من الجنود العراقيين والامريكيين يتعرض بوش لضغوط متزايدة من الديمقراطيين في الكونجرس لاظهار تقدم في استراتيجيته الجديدة حيال العراق أو البدء في سحب القوات وهو ما يرفضه بوش حتى الان.

ومن المقرر أن يقدم الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق والسفير الامريكي في بغداد ريان كروكر تقريرا في سبتمبر أيلول ويرفعا توصيات. ويقول محللون ان التقرير سيكون نقطة فاصلة في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات والتي لا تحظى بتأييد الامريكيين.

وقال فوكس ان العملية التي تجري حاليا جنوبي بغداد تهدف الى منع، المسلحين من دخول المناطق الجنوبية من بغداد ... ونقلهم مكونات القنابل الى داخل بغداد.

أما العملية الدائرة شمالي بغداد فتركز على بعقوبة التي اصبحت واحدة من أخطر المدن في العراق ومعقلا للقاعدة بعد هروبها من الانبار.

وأبلغ السكان عن اشتباكات عنيفة بين القوات الامريكية والمسلحين في أحياء تقع على الضفة الغربية لنهر ديالى الذي يقسم المدينة الى نصفين.

وقال العقيد بالشرطة راجي رعد ان ملثمين من كتائب ثورة العشرين وهي جماعة سنية مسلحة خاضت اشتباكات ضد القاعدة شوهدوا وهم يعملون مع القوات الامريكية وأقاموا مقرا لهم في منازل مهجورة لاستجواب المشتبه فيهم.

وقال رعد ان القنابل المزروعة على جوانب الطرق تعرقل القوات الامريكية التي تضطر الى تفجير تلك القنابل خلال تقدمها.

وقال رامي عبد الله أحد سكان المنطقة، هذه هي المرة الاولى التي نشعر فيها أن القاعدة ضعيفة .. حتى قبل يومين كنا نظن أنهم سيسيطرون على كل شيء.

بتريوس: كنا نتوقع رد فعل القاعدة

وقال قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال دافيد بتريوس ان واشنطن توقعت ان تصعد القاعدة من اعمال العنف خارج المناطق التي تحاربها فيها القوات الأمريكية والقوات العراقية الحكومية.

وفي حديث مع صحيفة التايمز البريطانية أشار الجنرال بتريوس إلى الانفجار الذي وقع بالقرب من جامع في بغداد ما أسفر عن مقتل 87 شخصا وإصابة العشرات.

وقال الجنرال بتريوس أيضا إن هناك حوالي 80 مقاتلا تابعين للقاعدة يعبرون الحدود إلى داخل العراق من سورية كل شهر.

وأضاف بتريوس أن القاعدة تريد أن تجعل من عناوين الصحف الرئيسية التي تتناول العملية الأمريكية الأخيرة في العراق مجرد حبر على ورق وأن لا تعطي بارقة أمل في الوضع الأمني للبلاد.

السفارة الامريكية في بغداد حقل تجارب وظيفي!

من جهة أخرى أمرت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بأن تكون للوظائف الشاغرة في السفارة الأمريكية في بغداد الأولوية في التوظيف قبل كل السفارات الأمريكية حول العالم، من أجل ضمان حصول الموظفين على خبرة أكبر وعلى تجربة العمل هناك.

وفي برقية أرسلت إلى كافة البعثات الدبلوماسية الأمريكية حول العالم قالت رايس إنها ترغب في أن ترى مزيدا من الموظفين المتطوعين للعمل في السفارة الأمريكية في العراق من أجل أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لمقابلة أية احتياجات وظيفية هناك.

ويقول مراسل بي بي سي في واشنطن إن هذه الخطوة تعتبر ردا على التقارير التي تحدثت عن أنه ربما يكون هناك في نقص في الأشخاص الذين يودون الخدمة في العراق بسبب المشاعر المعادية للحرب في بعض أجزاء وزارة الخارجية.

العراق يدفع الجيش الامريكي لاعادة النظر في مصطلح بناء الامة

وسط الاخفاقات في العراق يقول الجيش الامريكي إنه يدرس بصورة جدية مسألة بناء الامة فيما يشير الى محاولة للتغلب على تململ أفراده من هذه المهمة والى حدوث تغيير كبير في سياسة ادارة بوش.

ويفضل ضباط الجيش مصطلح عمليات اعادة الاستقرار على مصطلح بناء الامة الذي أصبح ينطوي على حساسية سياسية وان كانا متساويين في المعنى الى حد كبير وكلاهما يشير الى المساعدة في توفير الخدمات الاساسية وبناء المؤسسات لتحقيق الاستقرار في دولة أجنبية بعد حرب في معظم الاحيان.

وعادة ما يعتبر الجيش العمليات القتالية الكبرى مهمته الرئيسية وقد اتسم بالحذر ازاء عمليات اعادة الاستقرار وحفظ السلام في الصومال والبوسنة وكوسوفو وهي عمليات نفذت بأوامر من ادارة كلينتون في تسعينات القرن الماضي.

وقال الجنرال جورج كيسي رئيس أركان الجيش الامريكي متذكرا أيامه في البوسنة في منتصف التسعينات "كان المفهوم السائد أننا لا نقوم ببناء أمة."

وقال كيسي "كان ذلك (المفهوم) متجذرا تماما في قواتنا" لدرجة أن الجيش لم يكن ليدع دبلوماسيا أمريكيا كبيرا هو نائب رئيس بعثة جهود السلام الدولية ينام في مجمعه.

وقال كيسي الذي كان قائدا للقوات الامريكية في العراق "هناك مسافة شاسعة بين ما كنا عليه في تلك الايام وبين ما نفعله الان في بغداد."

وتشارك القوات الامريكية في طائفة كبيرة جدا من مهام بناء الامة في العراق مثل تدريب الجيش والشرطة وشق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات ودعم الحكومات المحلية.

ولم يكن الجيش وحده هو الذي غير جلده. فقد قال الرئيس جورج بوش في أكتوبر تشرين الاول عام 2000 وهو يخوض حملة الانتخابات الرئاسية الاولى له "لا أعتقد أنه يجب استخدام قواتنا لما يطلق عليه بناء الامة.. أعتقد أنه يجب استخدام قواتنا في القتال وتحقيق النصر في الحرب."

لكن عندما فشلت القوات الامريكية في اعادة الاستقرار الى العراق بعد الاطاحة السهلة بالرئيس صدام قررت ادارة بوش ضرورة أخذ عمليات اعادة الاستقرار على محمل الجد بدرجة أكبر بكثير.

وأصدرت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) توجيها أواخر عام 2005 يعلن أن "عمليات الاستقرار في صلب مهام الجيش الامريكي."

وكان ضباط الجيش يودون أن يشارك مزيد من المدنيين من ضباط شرطة واقتصاديين وخبراء في الزراعة في بناء الامة لكن كثيرين خلصوا الى قناعة مفادها أن ذلك لن يحدث في أي وقت قريب وأنه سيتعين عليهم سد الثغرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26 حزيران/2007 -10/جماد الاخرى/1428