المغرب بين الجفاف وحلم الهجرة الى اوربا

 شبكة النبأ:  الحالة المزرية التي تواجه المغاربة في تراجع الزراعة بسبب شحة الامطار والكساد الاقتصادي جعلت اغلبهم يرون بان الهجرة هي المنقذ الوحيد لتدارك امورهم الاقتصادية المتردية واخذوا ينعتون من استطاع السفر الى اوربا بالبطولة وعلو الهمة في انه تخطى حاجز الاماني المتخاذلة.

لقد بدا عام 2007 دون أن يسقط مطر الشتاء مما دعا رجال الدين في المغرب لاقامة صلوات الاستسقاء لتجنب وقوع كارثة في منطقة الريف تلوا خلالها من القرآن وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته.

ومرت الشهور لكن السحب مرت فوق السهول الوسطى بالمملكة دون أن تلقي بحمولتها، وفي الحقول القريبة من بلدة خريبكة تحولت البذور الى نباتات توقفت عن النمو الطبيعي.

وانتهى الحصاد تقريبا ويقول الناس الذين تجمعوا في السوق الذي يعقد اسبوعيا: ان أغلب القمح لا يصلح سوى للاستخدام كعلف للحيوان، وتم حصد 100 كيلوجرام من كل هكتار (2.5 فدان) واحد مقارنة مع طنين في أعوام الخصب. بحسب رويترز.

ولم يصل الامر الى مثل هذه الدرجة من السوء منذ عام 1981 عندما تسببت ندرة الحبوب في ارتفاع كبير في أسعار الخبز وأعمال شغب دموية في الدار البيضاء.

وقال محمد ظريف (74 عاما) وهو رجل طويل ونحيف من قدامى المحاربين في حرب الهند الصينية يرتدي نظارة سميكة العدسات وله لحية بيضاء: كان الامر مشابها في عام ر1981. لكننا لم نشهد منذ ذلك الحين عاما صعبا مثل هذا.

والشبان الذين يكسبون في الاوضاع الطبيعية 30 درهما (3.57 دولار) في اليوم من خلال العمل في جني المحاصيل يقضون أوقاتهم حاليا بدلا من ذلك في المقاهي ويتحدثون عن الفرار الى أوروبا.

وقال طارق أفهوف (19 عاما) نجلس هنا طوال اليوم انتظارا لحلول المساء. نأكل ثم ننام... أعلم أن أسرتي هنا لكن يجب أن أعمل.. أريد مستقبلا.

ويقول مسؤولون في العاصمة الرباط ان التغير المناخي تسبب في ارتفاع درجات الحرارة وساهم في انخفاض كمية الامطار بنسبة 30 في المئة خلال السنوات الاخيرة كما أن مساحة الاراضي الخصبة تتقلص.

ويلقي المسؤولون باللوم على الجفاف في تراجع متوقع في النمو الاقتصادي في المغرب هذا العام وهو ما يظهر مدى استمرار اعتماد الاقتصاد بالمملكة على المزارع الصغيرة التي تقع خلف شبكة السدود وقنوات الري التي تضمن وجود المياه في سنوات الجفاف.

وبدأت الحكومة اتخاذ اجراءات لحماية قطعان الماشية باستخدام شاحنات مياه وخفض الضرائب ودعم أعلاف الحيوان.

وان الكثيرين من مزراعي الحبوب انضموا الى برنامج تأمين لحماية دخلهم ويستفيدون من نصائح تساعدهم على التحول الى محاصيل بديلة مثل الزيتون والفاكهة والحمص.

وقال مسؤول بوزارة الزراعة المغربية طلب عدم الكشف عن اسمه قد يزداد الوضع سوءا بسبب ارتفاع درجة حرارة الارض.. لكن الجفاف ظاهرة متأصلة في البلاد.

وأضاف كل شيء يسير في اتجاه ترشيد استهلاك المياه وتنوع المحاصيل والتكيف مع البيئة.

ويقول المزارعون: ان المساعدة لا تصل اليهم وتتراجع دخولهم، ويقول البعض: انهم لن يتمكنوا من الزراعة أو الحصاد دون اقتراض أموال من أقاربهم الذين سافروا الى الخارج بالفعل.

ويضيفون: أنهم غير قادرين بدون المساعدة على الاستثمار في معدات لتحسين الانتاج ورفع مستوى المعيشة، وهناك بديل اخر هو تأجير الارض الى أحد كبار ملاك الاراضي يمتلك ما يتيح له شراء المعدات، غير أن هذا البديل يعرض صغار المزارعين للخطر.

وقالت مجموعة من المزارعين في لجفاف انها أجرت 1400 هكتار لمسؤول محلي في عام 2001 وانه تقاعس عن دفع الايجار ومنع وصول مساعدة الحكومة اليهم، وأصدرت احدى المحاكم حكما لصالحهم لكن الشرطة لم تنفذ الحكم.

وقال ظريف الجفاف شيء طبيعي.. مشيئة الله التي يجب ان نقبلها... ما لن نقبله هو حرماننا من الدعم وأخذ أراضينا بشكل غير قانوني.

وتقول جماعة ايه.اف.في.اي.سي وهي منظمة لدعم أسر المهاجرين ان ثلثي المهاجرين المغاربة غير الشرعيين الذين اعتقلتهم السلطات الاسبانية خلال السنوات الاخيرة ينحدرون من المنطقة الواقعة بين بلدة خريبكة وبلدة بني ملال وهي منطقة تشتهر بالزراعة وانتاج الفوسفات.

وتضيف أن ما بين 300 ألف و400 ألف شخص غادروا المنطقة خلال العقد الماضي.

وينظر في الداخل الى أولئك الذين هاجروا الى فرنسا وأسبانيا وايطاليا على أنهم أبطال وهو ما يشجع المزيد على الهجرة.

غير أن البعض قرر البقاء وبذل الطاقة لجعل المزارع الصغيرة قابلة للاستمرار.

وتأسست مؤخرا جمعية تعاونية للالبان بالقرب من لجفاف وازداد عدد أعضائها سريعا الى 100 فرد يمتلكون 600 بقرة ويقومون بشراء الاعلاف بشكل جماعي بأسعار مخفضة ويبيعون الحليب لشركة الالبان المركزية وهي كبرى شركات شراء الالبان في المغرب والتي تسيطر عليها الاسرة المالكة.

وتقوم احدى الرابطات بتدريب أعضاء الجمعية ومساعدتهم على تنويع مصادر العلف وترشيد استخدام المياه.

ويأملون في أن يتمكنوا قريبا من انتاج الجبن واللبن باستخدام تكنولوجيا مستعارة من منظمة ايطالية غير حكومية.

وقال توري وهو عضو بمجلس ادارة الجمعية التعاونية الذين لم يهاجروا من هنا يفكرون في ذلك بالفعل... لكن يجب ألا نترك أرضنا تضيع هباء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد24 حزيران/2007 -8/جماد الاخرى/1428