عندما تكون نقاط القوة... نقاط الضعف...

- السيد المالكي نموذجاً -

مهند حبيب السماوي

 هنالك نظرية مشهورة في الفكر الفلسفي الغربي تُنسب الى الفيلسوف الألماني المعروف هيغل تنص على أن أي فكرة تحمل في داخلها نقيضها الأخر الذي ينفيها بصورة ذاتية عبر مايسمى بالتحليل الجدلي الذي يقرر بأن كل شيء يحمل قي جوفه ضده ويوجد بفضله وينعدم بأنعدامه، وقد أخذ بهذه الفكرة الفلسفية كارل ماركس وجعلها جزءاً أساسياً في فلسفته الديالكتيكية، ثم  نلاحظ  في العصر الحديث أن غاستون باشلار قد  طبقها أيضاً على بعض من أفكاره حينما أعتبر الحقيقة العلمية خطأ تم تصحيحه وأن كل معرفة علمية -بغض النظر عن  مستواها - تحمل في باطنها  مطبات معرفية قد تؤدي بنا إلى الوقوع في الخطأ والأبتعاد عن الصواب.

هذا النظرية الفلسفية التي لانؤمن بالطبع بأطلاقها تنطبق بصورة كبيرة على وضعية الأستاذ نوري كامل المالكي الذي أنتخب- مهما جادل الأخر - لرئاسة وزراء العراق لمدة اربعة سنوات.

ولشرح هذا الأمر للقارئ وعلاقة هذه النظرية بموقف المالكي ، أقول أن الأخير قد أرتكز في أنتخابه على قائمة الأئتلاف العراقي الموحد الشيعية حينما أعلنوا بان المالكي مرشح الأئتلاف لرئاسة الوزراء بعد رفض القائمة الكردية والسنية أن يتولى الدكتور الجعفري منصب رئاسة الوزراء لأسباب كثيرة ومتشابكة لامجال الى الخوض فيها الأن بعد أن أصبحت في ذمة التاريخ.

ولاريب أن السيد المالكي قد أستند في ترشيحه لرئاسة الوزراء في داخل كتلة الائتلاف العراقي الموحد على التيار الصدري وحزب الدعوة وبعض المستقلين الذين كانوا من أهم الداعمين لترشيح المالكي لمنصب رئاسة الوزراء على حساب مرشح المجلس الأعلى الدكتور عادل عبد المهدي الذي حصل فيما بعد على منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية العراقية.

هذا الدعم ( الصدري - الدعوي ) للمالكي أعطاه القوة الأولى التي أنطلق من مطارها لتولي منصب رئاسة الوزراء، أما القوة الثانية فقد جائته من جهات خارجية أي خارج عن الأئتلاف أي( التحالف الكردستاني والتوافق السنية بالأضافة الى القائمة العراقية)، حيث لم تعترض هذه القوى البرلمانية على السيد المالكي مثلما اعترضت على الدكتور الجعفري...

وبذلك فقد أصبح هذا الدعم المزدوج - الداخلي والخارجي - نقطة قوة السيد المالكي التي جعلته مرشح قوي -أن لم نقل وحيد - لرئاسة الوزراء بحيث لم يستطيع أن ينافسه أحد أخر لا من الأئتلاف ولامن القوائم الأخرى التي لايمكن لها أصلاً أن ترشح شخصاً لمنصب رئيس الوزراء بسبب الأستحقاق الأنتخابي الكبير الذي ناله الأئتلاف والذي بموجبه يكون صاحب الحق الوحيد لترشيح شخصاً منه لرئاسة الوزراء.

أذن للسيد المالكي قوة لايستهان بها تتركز في أستناده الى رصيد برلماني كبير يتمثل -في الواقع - بالأئتلاف والتحالف الكردستاني ثم بالتوافق السنية والقائمة العراقية بدرجة أدنى ،ان يكن موقفها هش رجراج ، ويمكن أن يتغير أستناداً الى متغيرات المطالب والمصالح وقواعد اللعبة الجاري طبخها في مطابخ السياسة العراقية.

ولكن....ولأن لنقاط القوة- أحياناً- وجهها الأخر المتمثل بنقاط الضعف  مثلما قلنا أن الفكرة تحمل في داخلها نقيضها كما تنص على ذلك نظرية هيغل...أقول لأن لنقاط القوة احياناً نقاط ضعف، فأن المواقف الأيجابية ونقاط قوة المالكي تستحيل الى نقاط  ضعف تؤثر على مواقفه وحكومته وتكون بمثابة السكين المسموم في خاصرة المشروع السياسي العراقي، الذي قد تؤدي  في نهاية المطاف الى سقوطه وأنهياره وبالتالي دخول العراق في غياهب الغموض والفوضى المطلقة لاسمح الله سبحانه وتعالى.

نقاط الضعف هذه - التي هي أيضاً نقاط قوة - تتمثل في الآتي:

المسألة الأولى:

المليشيات المسلحة المرتبطة بالأحزاب الشيعية-التي دعمت المالكي- والتي يمارس بعضها أفعالاً غير منضبطة وخارجة عن القانون يتبرئ منها حتى الأحزابها وتتحرك تحت غطائها وعنواينها ، وهي أحدى أسباب تهديد الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية المالكي بالأنسحاب من الحكومة والبرلمان والعملية السياسية أذا لم تستطع الحكومة السيطرة على هذه المليشيات وتكبح جماحها بالأضافة الى مسالة التعديلات الدستورية المزمع أجرائها.

المسألة الثانية:

 مطالب الأكراد التي تتعلق بكركوك والتي تعد برميل البارود كما وصفها أحد المحللين الغربيين ، أذ أنه وعلى الرغم من مطالب البعض بتاجيل الفقرة المتعلقة بكركوك الا أن الأكراد يرفضون ذلك بتاتاً ويطالبون بأرجاع الأكراد والتركمان المرحلين اليها وأجراء أستفتاء على هويتها نهاية هذه السنة كما جاء ذلك في الدستور العراقي.

المسأله الثالثة:

مشكلة الفدرالية وكيفية تطبيقها على أرض الواقع، فالجهات والاطياف التي دعمت نوري المالكي والتي تم ذكرها اعلاه يختلفون في هذه المسالة ،حيث ان الأكراد من اهم الجهات التي تدعو الى اقامة الفيدرالية في العراق  بالأضافة الى المجلس الاعلى بينما من جانب أخر نرى التيار التيار الصدري من أهم المعارضين لهذه الفكره ويعتبرها خطوه لتقسيم العراق.

وهكذا يمكن القول أن المالكي الأن أزاء موقف عصيب ومشكلات صعبة تحتاج أن يجابهها بذكاء شديد ، لأن داعميه ومن أوصلوه الى سدة الحكم بينهم هوة سحيقة وفجوة كبيرة ، بل لديهم خلافات وتناقضات يمكن ان تساهم في تقويض وتفكيك بنية الحكومة العراقية التي تعاني من مشكلات عدة وتتعرض لهجمة أرهابية شرسة من قبل جماعات التكفير والظلام.  

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12 حزيران/2007 -24/جمادي الأول/1428