رمـــوت كونــتــرول

كاظم فنجان حسين الحمامي

يبدو ان الاوربيين واليابانيين سرقوا منا فكرة الرموت كونترول التي اعتدنا على تطبيقها في مدننا واريافنا منذ زمن بعيد، ولم نكن في حقيقة الامر اصحاب هذه الفكرة العلمية الرائدة في مجال علم التحكم النائي والسيطرة عن بعد.

 وانما وجدنا فصائل الحمير والبغال كانت سباقة الى ممارسة هذا العلم التطبيقي ميدانيا، وبجدارة فائقة، وبخاصة عندما تكلف برحلات مكوكية لنقل حمولات الطابوق والجص والمواد الانشائية الأخرى من مكان الى آخر، دون ان تتلقى أي توجيهات مباشرة من المكاري، ورغم وعورة الطرق وتشعب الأزقة، ورغم مشاكسات العابثين الذين يحاولون تضليلها وتغيير مساراتها.

وسجلت حميرنا باسمها هذا الأبتكار قبل ان تستخدمه وكالة (ناسا الامريكية) في السيطرة على مسارات مركباتها الفضائية. فاستحقت نيل عدة القاب محلية خلال مسيرتها الشاقة، آخرها (أبو زنيهر) و (أبو صابر). لكن بعض الخبثاء استغلوا قابلية الحمير على الاستجابة لمفهوم التحكم النائي، وراحوا يوجهونها من بعيد ويجبرونها على التوغل في مناطق الحجابات الفاصلة بين القطعات العسكرية المتحاربة بهدف فتح ممرات في حقول الالغام، وعلى أثر هذا النجاح الذي حققته زج بها في أتون المعارك الساخنة وعلى طول خطوط المواجهة.

واقتصر تطبيق فكرة الرموت كونترول عندنا على توجيه الحمير والبغال فقط... لكننا شهدنا مؤخرا تحولا كبيرا في هذا المضمار على أثر انتشار اطباق الاقمار الصناعية المخصصة لنقل البث التلفزيوني.. فأصبح الرموت كونترول من الادوات المنزلية الشائعة، يمسك به من يشاء للتحكم في اختيار المحطة الفضائية المطلوبة والسيطرة على شدة الصوت وحدة اللون..

وبرزت اهمية الرموت كونترول بعد تدهور الاحداث السياسية على الساحة العربية التي شهدت مؤخرا ظهور افواج من المحللين السياسيين وفرق المحرضين والمتفلسفين والمتشدقين والمتحذلقين، من الذين احترفوا مهنة التهريج السياسي عبر الاقمار الصناعية، وسببوا لنا الوجع والازعاج وجلبوا لنا الهم والغم.. تراهم ملتصقين على شاشات التلفزيون، يتقافزون امامنا كالقرود في كل مناسبة.. وتحولت الفضائيات الى منابر محجوزة لقرود السيرك السياسي، وباتت مصدرا من مصادر القرف  اليومي وسببا رئيسيا في تدهور حالتنا الصحية والنفسية وتعكير مزاجنا.

وهنا تجلت اهمية الرموت كونترول بأنه نعمة من نعم الله، سخرها لنا وجعلها في متناول ايدينا لكي نتخلص من هؤلاء القرود بمجرد اللمس على زر صغير في لوحة التحكم، واحيانا نفضل استخدام الرموت كونترول في اسكاتهم وكتم اصواتهم، والاكتفاء بمراقبة حركاتهم المثيرة للضحك وتحويلهم الى مادة للفرجة المجانية.

وفي الرموت كونترول أزرار كثيرة وضعت كلها في خدمتنا وتحت تصرفنا لممارسة المزيد من خيارات التنكيل بهؤلاء القردة، وصار بأمكاننا ايقاف الصورة على وضع كوميدي معين وحسب الرغبة، وحبسهم داخل اطار الشاشة.

وقد يفضل البعض منا الضغط على زر آخر في الرموت كونترول للتحكم بنبرة الصوت ولتحويل اصوات قرود السيرك السياسي الى اصوات شبيهة بنقيق الضفادع أو طنين الذباب.

   وهكذا اصبح الرموت كونترول أداة للتسلية المنزلية، وعلاج فوري لمكافحة هذا الوباء التلفزيوني الفتاك... آملين ان تضيف الشركات المصنعة المزيد من الخيارات الى الرموت كونترول لكي نمارس هوايتنا الجديدة والاستمتاع بأذلال مهرجي الفضائيات وقرود السيرك السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 9 آيار/2007 -20/ربيع الثاني/1428