فرنسا تدير ظهرا لماضيها ويسارها وتتطلع للمستقبل بساركوزي

 شبكة النبأ: فرنسا نبض اوربا فعندما تتغير فرنسا ستتغير اوربا، واليوم تسير فرنسا بعد انتخاب ساركوزي نحو اليمين تاركة اليسار وارثه يتحسر على خيبات امله وانتهاء عصره الراديكالي. وفوز ساركوزي هو مؤشر لانزلاق الى اليمين في هذا البلد المتعطش الى التغيير والمستعد للموافقة على خطاب يتمحور على العودة الى قيم العمل والنظام والهيبة.

ففرنسا اليوم تتطلع الى حقبة من الاصلاح الاقتصادي والسياسي بعد الفوز الصريح لمرشح اليمين المحافظ نيكولا ساركوزي في انتخابات الرئاسة الفرنسية التي جرت يوم الاحد مكتسحا منافسته الاشتراكية سيجولين روايال مبرزا رسالة مفادها أن الناخبين الفرنسيين ملوا من حالة الركود التي هيمنت على رئاسة جاك شيراك.

وبعد فرز كل الاصوات تقريبا حصل ساركوزي على 53.1 في المئة من الاصوات مقابل 46.9 في المئة لروايال وحصل بذلك على تفويض لتطبيق رؤيته عن فرنسا الكادحة رغم تحذيرات اليسار من أنه سيحدث انقساما في البلاد واتهمات بانه زعيم خطر ومتسلط.

وفي كلمة امام أنصار حزبه تعهد ساركوزي بتمرير برنامجه الاصلاحي ووعد بشن حرب على البطالة وتعزيز الاخلاقيات الفرنسية.

وقال "الشعب الفرنسي اختار التغيير. سأطبق هذا التغيير لان هذا هو التفويض الذي حصلت عليه من الشعب ولان فرنسا تحتاجه ولكني سأفعل ذلك مع كل الفرنسيين " متطلعا الى رأب الصدع الذي حدث خلال الحملة الانتخابية.

واندلعت أعمال عنف متفرقة في عدد من المدن الفرنسية بعد الاعلان عن فوز ساركوزي على شاشات التلفزيون لكنه حرص على الفور على مد يده لخصومه المهزومين مؤكدا انه سيكون رئيسا للامة بأكملها.

وتدفق الاف من الانصار اليمينيين الى وسط باريس للاحتفال بالنصر ولكن وقعت ايضا مناوشات بين المتعاطفين مع اليسار والشرطة في ميدان واحد على الاقل بباريس كما وردت تقارير عن وقوع اعمال عنف متفرقة في ضاحيتين قرب العاصمة.

وقالت صحيفة ليه ايكو الاقتصادية "الاغلبية الكبرى مع التغيير" وقالت صحيفة لو فيجارو المحافظة انه "نصر متألق".

ولخصت صحيفة ليبراسيون اليسارية شعور المعسكر المهزوم قائلة "انه أمر صعب. لكن هذه مشيئة الشعب. انه (حكم) لتاتشر بلا تنورة" مشيرة الى رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة مارجريت ثاتشر الملقبة بالمرأة الحديدية.

ويمدد فوزه الملفت للنظر هيمنة اليمين التي بدأت قبل 12 عاما على السلطة ولكنه يمثل ايضا نهاية عصر. وسيتقاعد الان شيراك البالغ من العمر 74 عاما بعد ان قضى فترتين كرئيس لفرنسا وهي قوة نووية تحتل مقعدا دائما في مجلس الامن الدولي.

ورأي الناخبون في ساركوزي العنيد زعيما اكثر كفاءة من روايال وصاحب برنامج اقتصادي اكثر اقناعا.

وأوضح الرئيس الفرنسي المنتخب ابن المهاجر المجري رغبته في القيام بدور أكثر حيوية وراديكالية من شيراك متعهدا بتخفيف قيود العمل الصارمة وتقليص القطاع العام وخفض الضرائب ومحاربة البطالة.

وقال ساركوزي وهو وزير داخلية سابق اشتهر بتشدده "الشعب الفرنسي اختار الانفصال عن أفكار وعادات الماضي. سأعمل على اعادة تأهيل العمل والسلطة والاخلاق والاحترام والفضيلة".

وفي نفس الوقت مد الفائز بالرئاسة الفرنسية في أول تصريحاته له بعد الانتخابات يده الى "من قست عليهم الحياة" ووعد بان يكون "رئيسا لكل الفرنسيين."

ووعد ساركوزي باصلاحات واسعة النطاق في المئة يوم الاولى من حكمه بما في ذلك تخفيف القوانين التي تحدد ساعات العمل الاسبوعية بخمس وثلاثين ساعة من خلال تخفيض الضرائب على ساعات العمل الاضافية خلال الليل وتقليل نفقات الخدمة العامة.

وسارعت النقابات العمالية على الفور برفض مقترحاته ويمكن ان تشهد فرنسا في الخريف اضرابات من النوع الذي واجه شيراك حين تولى الرئاسة عام 1995 وحاول فرض التغيير.

وهنأ زعماء الاتحاد الاوروبي ساركوزي الذي وعد باعادة وضع فرنسا في مقعد قيادة أوروبا بعد ان رفض الناخبون الفرنسيون دستور الاتحاد الاوروبي في استفتاء جري في عام 2005. وقال"اليوم فرنسا تعود الى اوروبا."

واتصل الرئيس الامريكي جورج بوش بساركوزي ليهنئه بالفوز وقال انه يتوقع قيام علاقات طيبة مع ساركوزي الذي جعل من اولوياته اصلاح الضرر الذي لحق بالعلاقات الفرنسية الامريكية نتيجة التوتر بسبب حرب العراق.

وقال ساركوزي ان فرنسا ستكون صديقة لواشنطن.

وينتظر الاشتراكيون في فرنسا فترة انقسام وطالبوا باصلاحات سريعة وراديكالية لاحياء فرص حزبهم بعد أن مني بثالث هزيمة على التوالي في انتخابات الرئاسة.

جنوح نحو اليمين وقطيعة مع الماضي

يرى المحللون في انتخاب نيكولا ساركوزي الاحد رئيسا لفرنسا مؤشرا الى انزلاق الى اليمين في هذا البلد المتعطش الى التغيير والمستعد للموافقة على خطاب يتمحور على العودة الى قيم العمل والنظام والهيبة. بحسب الـ فرانس برس.

ورأى الخبير السياسي جان فيليب روا مساء الاحد ان فرنسا "عاشت منعطفا حقيقيا في حياتها السياسية بتحقيق انتصار واضح للغاية يشير الى تغيير عميق في التوازن بين اليسار واليمين".

وبعد بقاء جاك شيراك في سدة الرئاسة 12 عاما اتهم مرارا اثناءها ب"الجمود" وتخللتها سلسلة من الازمات والفضائح تسلح ساركوزي بهذا التغيير في المزاج الشعبي لمقاومة الهجمات العديدة التي شنها اخصامه عليه متهمين اياه ب"العنف" ومحذرين من مخاطر "الجنوح" الى اليمين المتطرف.

ولفت الباحث جان لوك بارودي الى ان ساركوزي هو من بين المرشحين حتى الان عن الحزب اليميني الحاكم "الاكثر ميلا الى اليمين منذ نشأة الجمهورية الخامسة" عام 1958.

واعتبر انه من حيث تركيز حملته على تمجيد "قيمة العمل" واعادة النظر في دور الدولة الراعية وابراز موضوعي الهجرة والهوية الوطنية الى الواجهة انما يمثل "يمينا جنح اكثر الى اليمين طوعا وعمدا" سعيا منه لاجتذاب اصوات من اليمين المتطرف.

ورأى الباحث اتيان شفايزغوت ان نجاح هذه الاستراتيجية يشير الى "تغيير في الرأي العام" و"جنوحه الى اليمين" على خلفية احساس عام بتدهور البلد و"مخاوف فرنسية مرتبطة بالهجرة" حركتها الاضطرابات واعمال الشغب التي شهدتها ضواحي المدن الفرنسية الكبرى في خريف 2005.

غير ان الخبير جان دانيال ليفي من معهد "سي اس آ" توقع ان يبقى هذا الانزلاق اليميني ضمن حدود معينة واوضح ان "هناك عددا من المواقف ولا سيما في ما يتعلق بمسائل العدالة الاجتماعية والمساواة ليس الفرنسيون على استعداد للتخلي عنها" غير ان المرشحة الاشتراكية "لم تتمكن من تجسيدها".

وشدد المحللون على ان هذه الانتخابات الرئاسية عدلت المشهد السياسي الفرنسي منذ الدورة الاولى في 22 نيسان/ابريل.

ومن النتائج الملفتة لتلك الجولة كان بروز قاعدة انتخابية وسطية اختارت فرنسوا بايرو الوزير السابق في عدد من الحكومات اليمينية والذي استقطب اصواتا من اليسار المعتدل.

وكان ملفتا ايضا انهيار اليسار المتطرف الذي كانت فرنسا تتفرد بحجمه الانتخابي ومن العوامل التي تقف خلف ذلك الدعوات الى التصويت للمرشحين الابرزين تفاديا لتشتيت الاصوات الذي تسبب عام 2002 بهزيمة الاشتراكي ليونيل جوسبان وبوصول مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن الى الدورة الثانية.

ويرى الخبير السياسي فيليب برو في هذا التبدل العام "نهاية التفرد السياسي الفرنسي" و"تطبيعا" مقارنة مع باقي اوروبا.

وسيخوض اليسار معركته المقبلة في الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران/يونيو والتي قد تعطي مؤشرا اوليا لمدى التحول السياسي الحاصل في فرنسا.

ولا شك ان الحزب الاشتراكي هو الذي سيواجه الوضع الاكثر تعقيدا بعد محاولات روايال للتقرب من بايرو الامر الذي انتقده على الفور الجناح اليساري من الحزب فيما دعا اخرون على العكس الى اعتماد خط اجتماعي ديموقراطي واضح.

ويتوقع المحللون ان يكلل انتخاب ساركوزي في سدة الرئاسة بفوز اليمين في الانتخابات التشريعية طبقا لما حصل على الدوام في ظل الجمهورية الخامسة غير ان شروط هذا الانتصار ستحدد الى اي مدى سيضطر ساركوزي الى اعادة تركيز خطابه السياسي على خط وسط لممارسة السلطة.

وعبر الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي مساء الاحد في خطاب النصر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن "الفخر الذي لا يوصف الذي اشعر به لانتمائي" الى فرنسا معتبرا ان الفرنسيين اختاروا "القطيعة مع الماضي. واوضح امام انصاره "اريد ان اعيد الى الفرنسيين شعورهم بالاعتزاز لانتمائهم الى فرنسا" مؤكدا انه يريد "اعادة الاعتبار الى العمل والهيبة والكفاءة".

واعتبر ان الفرنسيين اختاروا "القطيعة مع افكار الماضي وعاداته وتصرفاته". ودعا الجميع الى "الاتحاد معه".وبالنسبة للولايات المتحدة اكد ساركوزي "اريد ان اوجه نداء الى اصدقائنا الاميركيين لاقول لهم ان بامكانهم الاعتماد على صداقتنا". واضاف الرئيس الفرنسي المنتخب "اريد ان اقول لهم ان فرنسا ستقف دائما الى جانبهم عندما سيحتاجون اليها. واريد ان اقول لهم ان الصداقة هي القبول بان اصدقاءنا يمكن ان يفكروا بطريقة مختلفة". ودعا ساركوزي كذلك واشنطن الى "قيادة المعركة" من اجل البيئة "لان مصير البشرية على المحك". وعلى الصعيد الاوروبي قال الرئيس الفرنسي الجديد "اريد ان اوجه نداء الى شركائنا الاوروبيين الذين يرتبط مصيرنا بهم بشكل عميق لاقول لهم انني لطالما كنت اوروبيا واؤمن بعمق واؤمن فعلا بالصرح الاوروبي".

واضاف "هذا المساء فرنسا عادت الى اوروبا" مما اثار تصفيق انصاره. ومضى يقول "لكني اناشد شركاءنا الاوروبيين باسماع صوت الشعوب التي تريد الحماية والا نهمل غضب الشعوب التي تنظر الى الاتحاد الاوروبي ليس كحماية بل كحصان طروادة لكل التهديدات التي تحملها التبدلات العالمية في طياتها.".

وبشأن الهجرة والتنمية وجه ساركوزي نداء "اخويا" الى كل الافارقة "لنضع معا سياسة هجرة مسيطر عليها وسياسة تنمية طموحة". واضاف "اريد ان اقول لهم ان الوقت حان لنبني معا اتحادا متوسطيا يكون همزة وصل بين اوروبا وافريقيا". وتابع يقول "نريد ان نقول لافريقيا اننا سنساعدها على التغلب على المرض والمجاعة والفقر وعلى العيش بسلام".

وقال ساركوزي ان "فرنسا ستكون الى جانب المضطهدين في العام.. هذه هي رسالة فرنسا. هذه هي هوية فرنسا. هذا هو تاريخ فرنسا".

اكد ان "فرنسا لن تتخلى عن النساء اللواتي يجبرن على وضع البرقع" ولن تتخلى عن الممرضات البلغاريات المحكوم عليهن بالاعدام في ليبيا

بدورها رأت الصحف الاوروبية الصادرة الاثنين ان انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية هو بمثابة قطيعة مع الماضي وتجديدا لليمين في فرنسا.

وكتبت صحيفة "لا تريبون دو جنيف" السويسرية "تخرج فرنسا وقد تغيرت كثيرا من هذه الحملة الرئاسية. ويرجح ان وتيرة هذه العملية الانتقالية ستسير بسرعة اكبر لان نيكولا ساركوزي سيقود البلاد كما فعل بمهنته: بسرعة كبيرة (...)".

واضافت "لا شك ان الرئيس الجديد سيعرف كيف ينفصل عن فرنسا القديمة التي يتركها جاك شيراك". وتابعت "سيعرف الرئيس ساركوزي كيف يوحد ليس فقط بخطاباته المتوهجة. والا فستحصل القطيعة... مع الفرنسيين".

وكتبت صحيفة "لو تان" السويسرية من جهتها "لا شك انه سيقود بخطوات سريعة البرنامج الذي وضعه طالما ان الظروف تساند طبعه" مضيفة ان "انتصاره كبير ويسمح له بالذهاب بسرعة وبقوة ولكن ليس الى درجة يقوم بها باي شيء" مشددة على اهمية التوازن.

وقالت الصحيفة الايطالية "لا ستامبا" ان "نيكولا ساركوزي اوصل الى المرفأ الامين معركة طويلة ومنسجمة من الافكار يقودها منذ سنوات داخل حركته السياسية من اجل الغاء قيادة شيراك وتجديد اليمين الفرنسي".

الا انها اقرت في الوقت نفسه ان "سيغولين روايال حصلت على نتيجة رائعة بعد ان اعادت (...) الحيوية الى حزب اشتراكي متعب ومحبط حتى قبل سنتين مضتا".

ورأت صحيفة "هادلسبلات" الاقتصادية الالمانية ان "فرنسا اختارت اخيرا التغيير الجذري. بعد اثنتي عشرة سنة من عهد شيراك الرئيس الاكثر ضعفا في الجمهورية الخامسة وصل رجل قوي من جديد الى الاليزيه".

وسلكت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية (وسط يسار) الاتجاه نفسه معتبرة ان "الفرنسيين اعتبروا ان العلاج الجذري ل12 سنة من الضياع هو منعطف واضح الى اليمين" مضيفة "انتهى زمن الخطابات بالنسبة الى ساركوزي".

وقالت صحيفة "تايمز" (وسط يمين) "انه التغيير السياسي الاهم منذ جيل كامل" بالنسبة الى فرنسا التي صوتت "بكثافة من اجل التغيير".

ورأت صحيفة "ديلي تلغراف" في الرئيس الفرنسي الجديد "آخر فرصة لفرنسا للانضمام الى القرن الواحد والعشرين" معتبرة ان مهمة ساركوزي "غير القابلة للجدل تكمن في تحقيق تغيير جذري".

وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" الاقتصادية ان الفرنسيين "المتنازعين بين الامن والقبول بالاصلاحات صوتوا من اجل الاصلاح".

في اسبانيا اعتبرت صحيفة "ال باييس" (وسط يسار) ان "فرنسا التي تريد التخلص من حزام الحماية الذي بني خلال النصف الثاني من القرن العشرين لتواجه اخطار العولمة وفوائدها فرضت نفسها على فرنسا التي تفضل رعاية الدولة".

وقالت صحيفة "الموندو" (وسط يمين) ان "ساركوزي ربح لانه يجمع الشروط الثلاثة التقليدية للفوز في الانتخابات: القيادة والحزب والبرنامج".

في بلجيكا رأت صحيفة "لا ليبر بلجيك" ان الاوساط السياسية "تنظر منذ الآن الى الجولة التالية: الانتخابات التشريعية" مضيفة "على ساركوزي وحزبه ان يفوزوا في هذه المعركة غدا. والا ستبقى نواياه حبرا على ورق".

ورأت صحيفة "غازيتا وايبوركتجا" (وسط يسار) البولندية في الانتخابات الفرنسية "استفتاء على ساركوزي".

وكتبت صحيفة "تاغشبيغل" الالمانية "رغم انتصاره فان الرجل النافذ ساركوزي مع قربه من الاوساط الاقتصادية وشبكة علاقاته الواسعة وكل ما يترتب عليها يبقى مثيرا للقلق بالنسبة الى العديد من الفرنسيين.

ساركوزي الذي يريد تغيير فرنسا

حقق نيكولا ساركوزي (52 عاما) الاحد حلم حياته فاصبح رئيسا لفرنسا التي يعتبر نفسه الرجل الوحيد القادر على احداث "تغيير عميق" فيها و"قطيعة مع الماضي".

واستطاع نيكولا ساركوزي دو ناغي بوكسا المتحدر من اب مجري مهاجر وام باريسية محامية تجاوز كل العقبات التي اعترضت مسيرته. بحسب الـ فرانس برس.

ويشيد مناصروه بطاقته التي لا تنضب وتصميمه وهم مقتنعون بانه سيتمكن من اخراج البلاد من الوضع الصعب الذي تواجهه بينما يصفه معارضوه بانه "عنيف" و"خطر" ويشبهونه ب"قيصر صغير".

وتتباين ردود الفعل على مواقف هذا الرجل الذي يدعو الى "القطيعة" مع الوضع السائد ويريد "ابتكار نموذج فرنسي جديد" يعتمد على "قيم العمل" بين الاعجاب والغضب او الخوف.

دخل ساركوزي المعترك السياسي في التاسعة عشرة من عمره وبرز بسرعة في محيط جاك شيراك زعيم اكبر احزاب اليمين حينذاك. وفي الثامنة والعشرين من عمره انتخب رئيسا لبلدية نويي احدى الضواحي الباريسية الراقية.

وفي الرابعة والثلاثين من عمره اصبح نائبا وبعد اربعة اعوام عين وزيرا.

وفي 2004 انتخب ساركوزي الذي درس المحاماة رئيسا للحزب الحاكم "الاتحاد من اجل حركة شعبية" الذي انشأه جاك شيراك في 2004 ليحل محل الحزب الديغولي "التجمع من اجل الجمهورية".

ويومها صرح ساركوزي "مرت 25 سنة على معرفة الناس بي. في لحظة من اللحظات قالوا انها له انها فرصته (...) انا مسكون بها افكر بها على الدوام". و"هذه" قصد بها ساركوزي بالطبع رئاسة الجمهورية.

ويرغب الرئيس الجديد في طي صفحة عهد شيراك الذي تدهورت علاقته به منذ "الخيانة" التي ارتكبها ساركوزي بحقه في 1995 حين دعم ادوار بالادور في مواجهة عرابه السياسي الذي فاز بالرئاسة.

وبعد هذه المرحلة لم تطل الفترة الصعبة من حياة ساركوزي السياسية اذ سرعان ما اصبح لاعبا اساسيا في اليمين الذي اراده "بلا تعقيدات".

وفي وزارة الداخلية التي شغلها بين 2002 و2005 (باستثناء بضعة اشهر تولى خلالها حقيبة الاقتصاد) انصرف ساركوزي الى بلورة صورة "المرشح الرئاسي".

وعمل وزير الداخلية على تسليط اضواء الاعلام على ادائه في مكافحة انعدام الامن والهجرة غير الشرعية وشدد على سعيه "لقول الحقيقة" ما دفع البعض الى اتهامه ب "الشعبوية".

وادت جملة استخدمها ساركوزي للتعبير عن رغبته في "تطهير" الضواحي من المشاكل من اجل مكافحة الجانحين وكلمة "الرعاع" الى سلبه شعبيته بين الشبان المتحدرين من اصول اجنبية.

وهذه العبارات اثارت انتقادات شديدة له خلال ازمة الضواحي خريف 2005.

ويفاجئ ساركوزي الجميع باستمرار بمواقف غير متوقعة كما فعل على سبيل المثال عندما تحدث عن "التمييز الايجابي".

وخلال الحملة الانتخابية عزز ساركوزي صورته كرجل حازم بتبنيه مواضيع تدغدغ مشاعر اليمين المتطرف.

فقد اقترح مثلا استحداث "وزارة للهجرة والهوية الوطنية" ما اثار انتقادات حادة من جانب خصومه. لكنه رد على منتقديه بالقول انه يمكن للمرء الحديث عن الهجرة "من دون ان يكون عنصريا" وانه يريد "استعادة" ناخبي جان ماري لوبن.

ولم يكشف ساركوزي عن موقف ضعف سوى مرة واحدة حين تحدث عبر التلفزيون عن "مشاكله الزوجية" مع زوجته سيسيليا التي هجرته لفترة قبل ان تعود وتظهر الى جانبه. ولساركوزي ولد واحد من سيسيليا وولدان من زواج اول.

ولتغيير صورته عمد "ساركو" كما يطلق عليه مؤيدوه تحببا الى ابراز "انسانيته" وهو يحرص على القول انه "تغير".

وفي مقابلة نشرت قبيل الدورة الاولى من الاقتراع اكد انه يحمل "ندوبا في كل مكان" لكنه اضاف ان "هذا الامر طبيعي في المعركة السياسية عندما نريد الارتقاء".

شبكة النبأ المعلوماتية- االثلاثاء 8 آيار/2007 -19/ربيع الثاني/1428