معوقات وحلول للاقتصاد العراقي

 شبكة النبأ: لقد عانى الاقتصاد العراقي ولفترة طويلة من اهماله المتعمد من قبل قمم القرار الى خطة او نمط علمي معين يستند الى نظرية اقتصادية رصينة مما جعله على الدوام خاضع الى الكيفيات السلطوية والتقديرات التي تسوقها رؤية الحكام وقصر تلك الرؤية لديهم وغالبا ماتقود الامر بعض الافكار التي يرجو من ورائها النظام القائم التاثير على شريحة او طبقة معينة وقد بدى ذلك جليا في التغيرات الطوبغرافية في جنوب العراق ومنطقة كركوك مثلا.

وبسبب هذه السياسات الاقتصادية الخاطئة وسيطرة الدولة على مجمل النشاط الاقتصادي وما رافقها من سوء الادارة فقد تراجع نمو الاقتصاد الوطني الى ادنى مستوياته لعدم القدرة على تشخيص العوامل التي لها الفاعلية لتحقيق التطور والنهوض مما ادى بدوره الى فقدان المعايير المحددة لإتخاذ القرارات المناسبة.

حيث اختلطت البنى الهيكلية للانشطة الاقتصادية وبالتالي صعوبة تحديد البدائل الاقتصادية والفنية في تحديد الافضليات لحسابات متطلبات المشاريع التنموية للمضي في تنفيذها وتوفير مستلزمات نجاحها وتشغيلها بكامل طاقتها الامر الذي ادى الى تدني كفاءة الانتاج وشيوع ظاهرة البطالة بشكلها السافر نتيجة لتعطيل غالبية منشاءات القطاع العام وعدم قدرة القطاع الخاص من الجانب الآخر الاظطلاع بعملية التنمية إضافة للحروب التي خاضها العراق حتى عام 2003 مرورا على الحصار الاقتصادي الذي استمر اكثر من 13 عام.

ولم يتبق إلا الاعتماد على ايرادات النفط وبنسبة 75 بالمائة من الناتج اليومي لتمويل نفقات الميزانية العامة مما دفع بالدولة الى الامعان في سياسة تمويل العجز بالتوجه نحو إلاصدار النقدي وما تبعه من انخفاض القوة الشرائية وتدهور سعر الدينار العراقي وردة الفعل الناتجة من تلك السياسات في تشويه حركة الاسعار ولا سيما في مجال توزيع الموارد وعدم فاعلية السوق.

على هذه التركة والموروث سقط النظام البائد وتفاقم الامر بعد ذلك الى درجات كبيرة لما اصاب الاقتصاد من نهب وتخريب وحرق، كذلك الجانب الامني المتدهور وانتشار الفساد الاداري  بصورة مريعة.

ولا ننسى ذكر المديونية التي ابتدأت كظاهرة على الاقتصاد العراقي منذ عام 1982 حيث بلغت عند نهاية حرب الخليج الاولى 1988 (42 ) مليار دولار واستمرت هذه المديونية تصاعديا لتبلغ( 57) مليار دولار للفترة 1991 ـ 1995 وقد تم فرض العقوبات الاقتصادية بموجب قرار هيئة الامم المتحدة 661 اثر اجتياح العراق دولة الكويت، وتوقفت عملية التنمية بسبب انقطاع موارد النفط.

ووصل عدد الدول التي تطالب بديونها هو 26، وحجم المديونية الخارجية على العراق حسب التقديرات الدولية نحو ( 120 ) مليار دولار ويشكل هذا الدين 20 مرة اكثر من نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي.

ولا شك ان عدم تسوية هذه الديون سوف يشكل عائقا مهما في سبيل نهوض الاقتصاد العراقي الى جانب عدم تدفق الاستثمارات الاجنبية الى العراق الذي هو بامس الحاجة اليها حيث لا يمكن للموارد الذاتية تلبية متطلبات التمويل والاستثمار الضرورية لتسيّيرعملية التنمية.

والديون اربعة مجاميع هي:

المجموعة الاولى: دول نادي باريس 40 مليار دولار

     =    الثانية: الدائنة غير المحسوبة على النادي 20 مليار دولار

    =    الثالثة: دول الخليج:   40 مليار دولار

    =   الرابعة: التجاريون : 22 مليار دولار.

ويقترح الدكتور والخبير الاقتصادي عبد الرسول عبد جاسم خطوات عدة يراها مناسبة للخروج من هذا المازق الاقتصادي وتتلخص بما يلي من خطوات:

الخطوة الاولى: التحكم في التضخم عن طريق العمل على تخفيض العجز في الموازنة المالية السنوية وعجز ميزانية المدفوعات.

الخطوة الثانية: وضع سياسة كفيلة باجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية من الإصلاح الاداري والقانوني والمالي وانتهاء بإصلاح نظام البنوك وسوق الاسهم ورؤوس الاموال والخصخصة وتحرير التجارة الخارجية وتحرير تدفق رؤوس الاموال وصولا الى تحرير الاسعار والاجور واسعار صرف الدينار العراقي.

الخطوة الثالثة: إعادة تأهيل واقامة البنى الاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئة والمشاريع للقطاع النفطي من خلال وضع برامج استثمار في تلك المجالات.

الخطوة الرابعة: منح القروض للمشاريع الصغيرة وعلى وفق برنامج تمويلي وتناط هذه المسؤولية بالمصارف وصناديق الاستثمار العامة منها والخاصة.

الخطوة الخامسة: تعزيز العملية الاستثمارية عن طريق:

*تنظيم صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي والرقابة عليها وتنشيط دورها الاستثماري.

*تنشيط دور السوق المالية للتعامل مع رؤوس الاموال المحلية والاجنبية وفق معادلة التنمية الجديدة والتاكيد على التنمية المستدامة.

* وضع برامج تدريبية والاستفادة من خبرات الدول المتطورة في مكافحة الفساد الاداري.

وهكذا فان اعتماد هذا النهج الستراتيجي سوف يمهد لرسم الخطوط العريضة لمسيرة التنمية الاقتصادية ويعاج المشاكل والقيود التي تقف عثرة كبير في سبيل النهوض والنمو وفي مقدمتها التضخم المالي والبطالة.

الحقيقة ان هذه القيود تحتاج الى كثير من المستلزمات الضرورية أي انها بحاجة الى ارض فيها من الخصوبة بالقدر المعقول لكي تتنامى في وسط قريب الى الاستقرار واول ذلك يكون في الاستقرار السياسي النسبي على الاقل حيث لا يمكن بطبيعة الحال ان يتم القضاء على نسبة 75 بالمائة من الفساد الاداري ما لم يكن هناك انسحاب من المحاصصات، مثلا حيث تشكل تلك المحاصصات السياسية ثقوب كبيرة تتسرب من خلالها الثروة الوطنية، وهكذا بالنسبة للزوايا الاخرى في الجانب السياسي، ونصل الى نتيجة ان التوجه الاقتصادي يكون جزءا من عملية ضخمة حتى تصل الى قطاف الثمرات المرتجاة في الواقع العراقي.

وتضيف الاقتصادية هدى زوير الدعمي في دراستها للشان الاقتصادي العراقي: يجب ربط التعليم باحتياجات سوق العمل والاهتمام بالتعليم باعتباره تقانة لا بد منها وذلك بكونه حقا انسانيا يهدف الى تحسين وضع الافراد والمجتمعات.

ويقول اندرسن مدير الوكالة الامريكية للتنمية الدولية: لا يمكن لأي دولة ان تحقق امكانياتها كما لا يمكن لشعبها ان يحقق مستوى معيشة لائق بدون تحسين مستويات الصحة العامة والتعليم فيها.

ويعد التعليم ذا اهمية خاصة بسبب تاثيره المضاعف الذي يتخطى معرفة القراءة والكتابة على النمو الاقتصادي والديمقراطية والحكم الرشيد،وقد اكد اهمية التعليم كثير من الاقتصاديين منهم شولتز ودينسون وسولو حيث عدوه الوقود المحرك للتنمية وزيادة الإنتاج وازالة الفقر.

..........................................................

المراجع:

التنمية والاقتصاد في العراق ـ د. احمد باهض تقي

مجلة المستقبل ـ عبد الرسول عبد جاسم

مجلة النبأ

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 10 حزيران/2007 -22/جمادي الأول/1428