شبكة النبأ: تتوزع عذابات العراقيين
اليومية ومعاناتهم بين كيفية الحفاظ على انفسهم وعوائلهم من اعمال
العنف والارهاب وبين كيفية كسب العيش لتوفير ابسط معايير الحياة
الكريمة.
العمال العراقيين من العرب يهاجرون بارواحهم الى كردستان بحثا عن
الخبز، فسوء الاوضاع الامنية والفقر والاهمال في مناطق الوسط والجنوب
دفع الكثيرين منهم للهجرة الى شمال العراق الذي يشهد هدوءا نسبيا بحثا
عن عمل يعيلون به اسرهم.
وفي فندق بغداد من اكثر الاماكن التي يقصدها العمال العرب في محافظة
السليمانية لوقوعه في سوق شعبي بالقرب من محلات البيع وتحميل البضائع
المختلفة.
اجوره تصل الى 2500 دينار لليلة الواحدة وهو انسب الاسعار وارخصها
بالنسبة للعمال، يتكون من 35 غرفة تتوزع على طابقين، في كل طابق حمام
ومرفقين صحيين يضم 165 نزيلا.
عباس احمد الشاب القادم من ديالى تاركا خمسة اطفال وأمهم، كان يعمل
نجارا وهو الان عامل نظافة في نفس الفندق، قال، راتبي الشهري 300000
دينار ولكنها لاتكفي، لا استطيع زيارة اطفالي لأني اوفر نقود السفر
لأبعث بها اليهم".
فتاح اسعد وكيل الفندق رجل في العقد الرابع من العمر، طويل القامة
اسمر البشرة يتحدث العربية بلهجة متكسرة يؤلمه مايحدث للعمال، قال، انا
اتأ لم لوضعهم غالبيتهم من عوائل محترمة، الكثير منهم لايملك اجرة
المبيت لان اجرته اليومية 1500 دينار فقط يريد ان يتغدى ويتعشى بها،
وايام لايوجد فيها عمل لذلك يفترشون الارصفة وينامون على المقوى حتى في
ليالي الشتاء الباردة الممطرة".
محمد ناصر ذو التاسعة عشر هو الاخر قادم من ديالى "كنت عامل في معمل
طحين ولكن الحياة توقفت في مدينتي واغلق المعمل، عملت في اربيل شهرا في
معمل بيبسي كولا ولكن الاجور كانت قليلة جدا فجئت الى السليمانية وهنا
عملت حمالا يوم اعمل ويوم لا".
فتاح اسعد يؤكد ان فرص العمل قليلة نسبة الى عدد العمال "80% من
نزلاء الفندق بلا عمل وهناك من يستخدم هؤلاء المساكين لحمل البضائع
وبعد الانتهاء لايعطونهم نقودا، وهناك شركات تستخدم عمال مصريين وتترك
ابن البلد".
جلال كريم عيسى وكيل وزارة الداخلية يؤكد " الدوائر والناس يساعدون
العمال العرب اكثر مما يساعدون العمال الاتراك والايرانيين".
محمد ناصر اجريت له عملية غير ناجحة لفكّه الاسفل الذي حطمته جماعة
مسلحة في بغداد وهو يعاني من صعوبة في الاكل ونزيف لعدة مرات يوميا "
العملية تكلفني 150000 دينار اضافة اني لا استطيع الاكل بعد العملية
الا الحليب والموز لفترة طويلة" ولكنه يطرق براسه مختنقا بعبرته " لن
اجري العملية وانا بعيد عن امي".
بائع السمك رائد عبد الرحمن ذو الخمسون عاما يتململ في جلسته محاولا
التغلب على الحزن في نظراته ونبرة صوته " هجرت عملي في بيع السمك في
باب المعظم لاصبح حمالا ليوم وعاطل عشرة ايام، وانا غير مرتاح هنا،
عمري وصحتي لايساعداني على هذا العمل المرهق ولكني مجبر على هذا العمل
فعائلتي في بغداد تنتظر مني لقمة عيش".
فتاح اسعد يصف وضع نزلاءه القانوني "عندما ياتون نكتب اسماءهم وناخذ
هوياتهم، الصغار تحت 18 سنة لانقبلهم، ثم نرفع الاسماء الى الامن،
الجميع هنا مسالمون ولم تحدث مشاكل بينهم، احدهم يساعد الاخر".
السيد جلال كريم عيسى يؤكد ايضا "دوائر الامن والشرطة يتابعون اماكن
تواجد العمال ويضبطون حركاتهم، ذهابهم الى بغداد وعودتهم، ولا توجد
مشاكل للعمال العرب".
عبد الامير نجار موبيليا محترف ذو خمسة وخمسون عاما والذي ترك عمله
في بغداد ولم يزر عائلته منذ 7 اشهر "الطريق خطر اضافة الى اني اخر مرة
دخلت السليمانية مع سائق شاحنة كردي بالقجق، انا صاحب مهنة محترف وعملي
جيد هنا ولكني لن ابقى دقيقة واحدة هنا لو تحسن الوضع في بغداد ".
وحول اقامة العمال العرب يقول السيد جلال كريم" العمال المتواجدون
قبل اربع سنوات اي قبل سقوط النظام لانطالبهم بكفيل ولكن الاخرين لابد
لهم من كفيل قد يكون من العرب القدماء في السليمانية او احد سكنتها".
عباس احمد يؤكد بمرارة مغمسة بدمع عينيه "مقاومتي الفعلية للبقاء
هنا عشرة دقائق فقط، ولكني مجبر على البقاء".
السلالم المؤدية الى فندق بغداد من مدخله الضيق تحكي عن عالم صامت
بحزنه وحزين باللامبالاة من حوله "هؤلاء المساكين يحتاجون الى مساعدة
من الصليب الاحمر، حقوق الانسان منظمات دولية، قبل عام جاء هنا من تحدث
مع العمال وكتب اشياء وذهب ولم يتغير شئ ولم تحل مشاكلهم ولم تزرهم اي
جهة مسؤولة، فما جدوى الحديث اذن". وهذا ماختم به فتاح اسعد حديثه ذو
الشجون مع العمال العرب في السليمانية. |