المقدمة
يعتبر الأعلام من الوسائل المهمة والمؤثرة في المجتمعات وفي جميع
مجالات الحياة، كما تمثل وسائل الأعلام القوة الضاغطة على الحكومات في
بعض الأحيان وتسمى بالسلطة الرابعة بالإشارة إلى السلطات الثلاث
التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذه الوسائل التي تكون العين الراصدة
لحركة المجتمع في نواحي الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية
وسواها، وتكون أحيانا وسيلة السلطة القابضة في الترويج لأفكارها حين
تكون هذه الوسيلة محتكرة بيد تلك السلطة، كما إنها تكون من أهم وسائل
تدمير المجتمع والمحرك لجميع العمليات الإرهابية، إذا ما وظفت وسائل
الأعلام في مجال الترويج للإرهاب ونشر الأفكار الظلامية، وبذات الوقت
من الممكن أن تكون من أفضل السبل في تنمية المجتمع والنهوض به نحو
التقدم والتطور، إذا ما سخرت هذه الوسائل لتنفيذ تلك الأغراض.
ومن خلال ذلك ندرك الأهمية
الكبيرة التي ينطوي عليها الأعلام وحجم المسؤولية التي تقع عليه، وهذا
ما دفع في الحكومات الشمولية والمستبدة إلى احتكار الأعلام وتسخيره
لخدمتها وجعله البوق المعبر عن أفكار السلطة القابضة، وفي العراق وفي
ظل ما مضى من هيمنة أفكار الحزب الواحد، كان للأعلام دور كبير في
استمرار تلك الأنظمة وأفكارها، التي أفرزت نتائج سلبية تجاه الشعب
والمجتمع وثقافته العامة، وكانت هذه الأنظمة المستبدة تسعى لفرض القيود
الصارمة على حرية وسائل الأعلام ومحدودية طروحاتها والأفكار التي
تنشرها وقننت هذه القيود بقوانين منها قانون وزارة الأعلام رقم (16)
لسنة ( 2001)، وقانون المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون المرقم(43)
لسنة (1970) المعدل وغير ذلك من القوانين ذات الصلة بالأعلام. وكذلك
جعل بعض الأفعال المعبرة عن وجهات النظر في وسائل الأعلام بمثابة جرائم
تصل عقوبتها إلى حد الإعدام مثلما مثبت في أحكام المواد من (177، 201)
من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والمواد (84، 179- 188،
200-212) عقوبات، والقرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة المنحل
وغيرها، وكذلك في آلية اختيار من يسير دفة المؤسسات الإعلامية ووضع
الرقيب الأمني والمخابراتي على منتسبي تلك الدوائر.
كما ان للأعلام مهمة كبيرة في معالجة السلبيات التي تظهر في المجتمع
وخصوصا في الفترة التي يمر بها العراق في الوقت الحاضر من إرهاب وجريمة
منظمة، التي تعتبر بعض هذه الحالات من نتائج الأفكار التي كان يروج لها
النظام السابق، والتي أفرزت عقول ظلامية مستبدة أو حالات الإرهاب
المستورد والذي روج له الأعلام التكفيري والظلامي.
وبعد التحولات التي حصلت في العراق بعد أحداث عام 2003 وتمتع
المواطن بفسحة من الأفق للتعبير عن حريته دون قيد او رادع، وكذلك ظهور
الكم الهائل من الصحف والإذاعات والفضائيات، حصل لبس في مفهوم الحرية
مع مصطلح الفوضى، إذ لم يدرك البعض المعنى الحقيقي للحرية، وكان
يمارسها بأسلوب فوضوي دون الشعور بمسؤولية عدم الاعتداء على الأخر لان
الحرية هي الوقوف عند حد الآخرين، لذا كان لزاما على القابضين على
السلطة أن يلتفتوا إلى هذا الانفلات، وان توضع جهة رسمية تملك الوسائل
والصلاحيات للتعبير عن مفهوم الحرية الحقيقي وإبراز القيم الاجتماعية
السليمة المستمدة من المورث الأخلاقي والاجتماعي للشعب العراقي وتكون
الحارس على صيانة هذه القيم ومواجهة الأفكار الظلامية والسادية، ومن
هذا المنطلق أصدر المدير التنفيذي لسلطة الائتلاف المنحلة الأمر 66
لسنة 2004، الذي بموجبه تم إنشاء الهيئة العراقية العامة لخدمات البث
والإرسال (Iraq public service broadcasting) المنشور في جريدة
الوقائع العراقية العدد 3982 حزيران 2004 والنافذ اعتبارا من تاريخ
التوقيع عليه في 20/3/2004، وهذا الأمر لا زال يمثل الإطار القانوني
لعمل هذه الهيئة مع وجود مساعي لتشريع قانون جديد يعالج الأخطاء
والنواقص التي وقع فيها النص السابق، وكذلك لإضفاء الصفة الوطنية عليه،
ومن خلال ما تقدم لابد من دراسة هذا الأمر 66 لسنة 2004 وبيان أهم
المبادئ التي انطوى عليها وسأتبع أسلوب استقراء المبادئ الواردة فيه
وإبرازها والتركيز عليها مع المزاوجة بأسلوب الشرح على المتون وفي ثلاث
مباحث.
يتناول المبحث الأول بيان الأساس الدستوري والقانوني للأمر 66 لسنة
2004
والمبحث الثاني المبادئ العامة التي أوردها كالأهداف وغايات إصدار
الأمر
والمبحث الثالث الإجراءات التنظيمية لتشكيلات الهيئة والأحكام
الانتقالية والختامية.
مع خاتمة أوجز فيها ملاحظاتي حول الأمر 66 لسنة 2004.
المبحث الأول
الأساس القانوني و الدستوري للأمر
66 لسنة 2004
إن أي تشريع نافذ لابد وان يصدر من جهة تملك صلاحية إصداره حتى
يتمتع هذا التشريع بالصفة القانونية التي تميزه عن باقي الأفكار
والطروحات، لان التشريع يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي من
خلالها ينظم ويعالج الموضوع أو المشكلة التي يتطرق إليها.
وعرف فقهاء القانون بان ((معنى كلمة قانون وما تدل عليه اصطلاحاً
لان البعض ينظر إلى تلك المفردة بقدسية عالية تصل إلى حد تفضيل القواعد
التي تصدر تحت لافتتها على القواعد السماوية الآمرة ويخشى البعض
مخالفتها ولا يخشى مخالفة القواعد السماوية. لذلك فان كلمة القانون
وعلى وفق ما ذكره بعض الكتاب في الفقه القانوني ومنهم الدكتور منير
الوتري في كتابه الموسوم (القانون) ص5 الطبعة الثانية عام 1989،إذ بين
بان كلمة القانون ليست عربية وإنما هي مأخوذة من كلمة kanon
اللاتينية، ومعناها القاعدة أو التنظيم ومنها أخذت canon الفرنسية التي
كانت تطلق في العصر المسيحي على القرار التي تصدرها المجامع الكنسية
ويضيف الكاتب المذكور إن الأوربيين كانوا أولى من العرب باستعمال هذا
اللفظ للتعبير عن معنى القواعد العامة، إلا إنهم لم يستعملوه إلا
بالنسبة للقرارات الدينية وإنما استعمل الإنكليز كلمةjurisprudence
واستعمل الفرنسيون كلمة Driot للدلالة على القانون بوجهه العام
وللدلالة على القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية)) وحيث ان
التعريف المطابق لجميع الأفكار حول تعريف القانون يتمثل بكون القانون
يمثل مجموعة من القواعد القانونية لذا فان القاعدة القانونية هي ((التي
تحتوي على ثلاثة عناصر أو أركان وكما يلي:ـ
1. الركن الأول القاعدة
القانونية: التي تواتر العمل بها وتتصف بالعمومية
2. والركن الثاني ان ينظم العلاقة بين الأفراد بعضهم مع البعض أو
بين الأفراد والمؤسسات أو بين الدول وما يماثل ذلك
3. الركن الثالث وهو الإلزام الذي يتبعه المواطن ويلتزم بالقانون
سواء طوعاً أو كراهية)).
إذن فان الأمر 66 لسنة 2004، هو تشريع له قوة القانون وان سلطة
الائتلاف حينما أصدرته كانت تعتمد في ذلك على الصلاحية الممنوحة لها
بموجب قرارات مجلس الأمن المرقم 1483 و 1511 لسنة 2003 وتكون هذه
القرارات هي قواعد الإسناد لمشروعية نفاذ القانون حيث تشير أحكام
القرار 1483 و 1511 لسنة 2003 ما يلي: (( 1 - يعيد تأكيد سيادة العراق
وسلامة أراضيه، ويشدد في هذا الصدد على الطابع المؤقت لاضطلاع سلطة
التحالف المؤقتة (السلطة) بالمسؤوليات والسلطات والالتزامات المحددة
بموجب القانون الدولي المنطبق المعترف بها والمنصوص عليها في القرار
1483 (2003)، إلى حين قيام شعب العراق بتشكيل حكومة ممثلة للشعب معترف
بها دوليا تتولى المسؤوليات المنوطة بالسلطة)) وهذه القرارات قد ثار
حولها الجدل منذ زمن طويل ومنذ بداية تشكيل هيئة الأمم المتحدة ومجلس
الأمن، إذ يرى بعض فقهاء القانون الدولي إلى أن قرارات مجلس الأمن لا
تمتلك المشروعية لنفاذها في البلدان ما لم تقترن بالمصادقة عليها من
قبل الجهة التشريعية المختصة وبموجب قانون وطني محلي، لكن هناك رأي آخر
يرى ان الاتفاقيات الدولية لها قوة إلزامية مثلما للقانون الوطني (حيث
ان القانون الدولي له الأعلوية او ما يسمى القواعد الآمرة، أي التي لا
يجوز الخروج عنها في اتفاقيات تعقدها الدول فيما بينها على بقية
القواعد) ومن ذلك يؤسس بعض الفقهاء لنظرية القوة تنفيذية الملزمة في
قرارات مجلس الأمن التي يلتزم بها جميع الإطراف المشاركة في هيئة الأمم
المتحدة وحتى غير المشاركة على وفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة.
إذن فان قرارات مجلس الأمن قدمت الحق لسلطة الائتلاف المنحلة في
إصدار الأوامر التي لها قوة قانونية لمعالجة الأوضاع بالإضافة إلى ما
جاء في أحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي منحت سلطة الاحتلال إمكانية
اتخاذ التدابير اللازمة لإدارة شؤون البلدان المحتلة , لذا فان
المشروعية القانونية والدستورية للأمر 66 لسنة 2004 متوفرة، أما بعد
زوال وانحلال سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة فان جميع التشريعات
القانونية التي كانت سائدة في وقت قيام تلك السلطة التي أصدرتها بقيت
سارية المفعول ما لم يتم إلغائها او تعديلها على وفق الأحكام القانونية
لقانون قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004
والدستور النافذ وكذلك فان رئيس الوزراء قد حل محل رئيس سلطة الائتلاف
المؤقتة على وفق ما جاء في الامر 100 لسنة 2006, لذلك فان الأمر 66
لسنة 2004 ذو اعتبار قانوني عند النظر إلى الأحكام التي أوردها.
المبحث الثاني
المبادئ والأحكام القانونية للأمر
66 لسنة 2004
المطلب الأول
المبادئ العامة
ورد في الأمر 66 لسنة 2004 عدد من الأحكام القانونية التي ذكرت على
وفق مبادئ عامة مثل إستراتيجية عمل الهيئة وكما يلي :.
1. أكد الأمر على إن للإعلام أهمية كبيرة عند التصدي لمهمة بناء بلد
ديمقراطي ومجتمع حر، وله دور مهم في ذلك من خلال الخدمة التي يقدمها
بواسطة البث الإذاعي والإرسال الفضائي، على ان يكون أداء هذه المهمة من
قبل القائمين عليها بدرجة عالية من النزاهة والاستقلال وإتباع الأسلوب
المهني الصرف بعيد عن الولاءات المذهبية والعرقية والطائفية أو
القومية.
2. بين الأمر الأساليب التي تحقق هذه الأهداف المشار إليها في
البند (1) ومنها أن يكون الحوار المفتوح هو العنصر الأساس في التطوير،
بمعنى أن تعمل على تشجيع تعدد الآراء وتقبلها وان اختلفنا فيها، على أن
لا تتخاصم وان تكون هذه الوسيلة هي أحدى آليات عمل الهيئة وان تكون
المورد الرئيسي والمحرك لإشاعة هذا الأسلوب من خلال إمكانيتها المتاحة
لها.
3. الاعتراف من قبل سلطة الحكم في العراق بالحق في حرية التعبير
وهذا الحق هو ذاته الذي نصت عليه المعاهدات والمواثيق الدولية ذات
الصلة بحقوق الإنسان ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية حقوق الطفل، كما
أصبح هذا الحق من المبادئ الدستورية التي نص عليها الدستور النافذ في
المادة (36) (تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
أولا :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.)
وهذا الاعتراف له قيمة قانونية كبيرة إذ من خلاله أصبح لكل فرد
الحق في أن يعبر عن رأيه وفكره بكل حرية دون أية موانع او عوائق، وأصبح
من الأمور الملزمة للحكومة ومن واجبها في توفير الوسائل التي تمكن
المواطن من ممارسة هذا الحق، وفي حال صدور أي أمر او تشريع يتقاطع مع
هذا المبدأ لكل طرف ان يطعن بعدم دستوريته أمام المحكمة الاتحادية
التي تتحقق من ذلك ومن ثم تصدر حكمها أما بإلغاء النص أو إلغاء الفقرة
او البند الذي يتقاطع مع هذا المبدأ ولكل معنوي او طبيعي أن يمارس حقه
بالطعن بدستوريته أمام المحكمة الاتحادية العليا القائمة حاليا
والمشكلة بموجب القانون رقم (30) لسنة (2005) والمكونة من قضاة اختصاص
ذو حرفية ومهنية عالية بعيدة عن الميول والاتجاهات السياسية ولها
السلطة في بيان عدم شرعية أي نص يطعن به أمامها سواء النص القانوني
بمجمله أو بعض مواده وعلى وفق ما أشير اليه في نص البند (ثانيا) من
المادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة (2005)
وهذا الحق في التعبير شامل ولا يقف عند وسيلة معينة وان جاء في ديباجة
الأمر 66 لسنة 2004 إشارة إلى أن حرية الصحافة هي جزء من حرية التعبير
وكان هذا على سبيل المثال ولم يكن على سبيل الحصر.
4. ولضمان تمكين المواطن من ممارسة حق التعبير وطرح الرأي لابد من
وجود جهاز إعلامي يتمتع باستقلالية تامة لا يخضع لتوجيهات فئة أو سلطة
معينة وحدد في هذا الصدد بعض الصور التي تعزز استقلال الهيئة ومنها ما
يلي :.
أ-عدم الخضوع للرقابة وفي هذا الوصف تعميم لابد من الوقوف عنده وان
نعلم ما هي الرقابة التي لا تخضع لها وسائل وأجهزة الإعلام، وهل يعني
أن نترك تلك الوسائل إلى مشيئة من يسيطر عليها؟ الجواب كما أراه هو عدم
الخضوع للرقابة على الأفكار التي تطرح في وسائل الأعلام وفتح الباب
لطرح جميع الأفكار وعلى مختلف اتجاهاتها ولا يمكن انصراف المفهوم إلى
عدم الرقابة المالية والإدارية على الأداء لموظفي هذه الدوائر أو
الكيانات، حيث أن الرقابة المالية والإدارية على الأداء هي الوسيلة
الفضلى لضمان عدم خضوع وسائل الإعلام لسلطة موظفي هذه الكيانات ويراقب
أداء هؤلاء من خلال رصد تدخلاتهم في الآراء والأفكار المطروحة من حيث
المنع أو التقييد.
ب- عدم الخضوع إلى النفوذ غير الملائم وفي هذا الوصف هو تكرار لذات
الوصف السابق، حيث إن العبارة بوصفها الحالي عممت الأمر ولم تحدد طبيعة
ووصف هذا النفوذ وإنما أقرنته بغير الملائم، وهذا المعيار الذي يندرج
ضمن مفهوم الملائم وغير الملائم سيكون فضفاض ويعتمد على رؤيا القائمين
على إدارة هذه الوسائل وقد يفسح المجال لتمرير الموانع من خلال هذا
الباب المفتوح لذا علينا أن نسعى لإعادة صياغة هذا المفهوم بشكل أكثر
دقة.
ج-عدم التدخل في شؤونه وهنا لابد من الإشارة إلى انه يدل على عدم
التدخل في سير الأداء المهني من حيث البث والارسال لطرح الأداء
والأفكار وليس عدم التدخل في الشؤون التنظيمية او في رسم السياسة
العامة لعمل الهيئة.
د-منع القوى السياسة في الضغط على الأعلام والتدخل في استقلاليته.
المطلب الثاني
الأهداف
يهدف تشكيل الهيئة العامة لخدمات البث والإرسال إلى جملة من الأهداف
التي أشير إليها في نص القسم (1) من الأمر 66 لسنة 2004 منها ما يلي :-
1. توفير وسائل تعمل على رفع المستوى الثقافي للمجتمع من خلال إنشاء
المؤسسات والكيانات ذات الصلة بالنشاط الثقافي وأشار في نص الفقرة (1)
من الأمر إن هذه المؤسسات تكون مسخرة لخدمة التنمية الاجتماعية ولا
تتقيد بالمصالح السياسية للأحزاب او الحكومات أو الجهات الخارجية وتكون
المرجعية لعمل تلك المؤسسة الثقافية هو المجتمع العراقي وثقافته وهويته
العربية والإسلامية ومراعاة التنوع الثقافي والاجتماعي للمجتمع العراقي
دون أن تميز بين فئة وأخرى ويكون عملها متوازن تجاه هذه الأطياف من حيث
طرح الأفكار والبرامج التثقيفية.
2. ربط عمل هذه المؤسسات بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته. والسؤال الذي
ينهض أي المبادئ التي تعمل المؤسسة بموجبها هل هي المبادئ التي أقرتها
الاتفاقيات الدولية ام التي تراها الإدارة القائمة على إدارة الهيئة ؟
النص لم يحدد أي آلية محددة للعمل على وفق مبادئ حقوق الإنسان وإنما
النص مطلق والمطلق يجري على إطلاقه، وسلطة إدارة الكيان المؤسس بموجب
هذا الأمر تعمل على احترام جميع المبادئ التي اقرها الدستور العراقي
والتي أشار إليها في المادة (2) الفقرة أولا البند ج (لا يجوز سن
قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور)
وهذه الحقوق قد نص عليها الدستور النافذ ولا يجوز مخالفة الاحكام
والمبادئ التي اوردها في مجال حقوق الإنسان.
3. أوكل الأمر 66 لسنة 2004 إلى الهيئة العامة لخدمات البث والإرسال
مهمة إرشادية قيادية تتمثل في إعداد الخطط والبرامج التي تنهض بالمجتمع
العراقي نحو تعزيز القيم التي يؤمن بها، وهنا لابد من الإشارة إلى أن
الطابع المحلي للتخطيط يكون الأساس والابتعاد عن الخطط التي كانت سائدة
في التوجه القومي والإقليمي وارى إن هذا النص قد جاء رد فعل عما كان
سائد وتعبير عن فلسفة واقعية في عدم الإيمان بالتوجه القومي وإنما جعل
المجتمع العراقي كيان مستقل له خصوصية يجب مراعاتها قبل المصلحة
القومية، إلا أن النص وكما أسلفت في كونه معبر عن وجهة نظر واقعية فقد
اقرن هذا التخطيط باتجاه العولمة والقفز على الإقليمية والقومية
العربية، وهو سعي لابد من الوقوف بوجهه من اجل الحفاظ على الموروث
العربي والإسلامي للشعب العراقي الذي كان له الدور الكبير في تشكيل هذا
الموروث. على أن لا يقف الأمر حائلاً دون مراعاة إبراز الوجه المشرق
للمجتمع العراقي تجاه الشعوب الأخرى.
4. التأكيد بشكل واضح وصريح على حق الأقليات في طرح أفكارها
وثقافتها بلغاتها الأصلية بالشكل الذي أشار إليه النص، بعدم إثارة
الخلافات، وإنما بالاعتماد على نشر ثقافة وروح التسامح. والسؤال الذي
ينهض، هو ماهية المعايير التي تعتمد لتقييم هذا التوجه؟ ومن هي الجهة
المختصة؟ وهل للأقلية حق الطعن في قرار هذه الجهة المختصة في حال رفض
طرح الفكرة او منع البث بلغتها ؟، أرى إن الأمر 66 لم يشر بوضوح إلى
ذلك لكن من خلال ما ورد في ديباجة الأمر فان الهيئة العامة لخدمات البث
الإرسال هي الجهة المسؤولة عن رسم السياسات وعلى وفق ما أشير إليه في
الفقرة (2) من القسم (3)، والبند (ب) من الفقرة (1) من القسم (4)،
والبند (أ) من الفقرة (3) من القسم (4). وكل أقلية ترى إنها لم تحصل
على حقها في البث على وفق ما تقدم، أن تطلب من مجلس الحكام والمدير
التنفيذي توفير ذلك الحق لها، وان لم تتمكن، بامكانها اللجوء إلى
القضاء الذي يكون الفيصل في حل هذا النزاع، حيث لم أجد في الأمر 66
لسنة 2004 أي نص يبين طبيعة الطعن في قرارات مجلس الحكام المتعلقة
بالسياسات التي يتبعها في تنفيذ البرامج التثقيفية لذا عند حصول نزاع
تكون!
الولاية للقضاء على وفق القواعد العامة.
ومن الجدير بالاهتمام أن نفهم معنى مصطلح الأقلية وماذا نقصد به.
الأقلية وعلى وفق التعريف اللغوي (وقوم قليلون وقليل أيضا. قال تعالى :
(واذكروا إذ كنتم قليلا فكثر كم). وقد قل الشئ يقل قلة : وأقلة غيره)
أما اصطلاحاً فان علم المجتمعات يشير الى انها مجموعة من البشر يرتبطون
بثقافة مشتركة ولغة مشتركة تميزه عن غيرهم ولا يشكلون نسبة كبيرة من
مكونات أي شعب كما ان الامم المتحدة قد بينت هذه الاقليات وشرعت
الاتفاقيات التي تنظم احوالها ومنها الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب
الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة. اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة
العمل الدولية في 27 حزيران/يونيه 1989، في دورته السادسة والسبعين
تاريخ بدء النفاذ: 5 أيلول/سبتمبر 1991 ,
5. كما بين الأمر 66 لسنة 2004 إن للهيئة مهمة إنتاجية تتمثل بإنتاج
البرامج ذات الصلة بالعمل الإعلامي بكافة أنواعه وقيامها بمهمة التطوير
من خلال الإشارة التي وردت في نص الفقرة (5) من القسم (1).
المطلب الثالث
الهيكل التنظيمي
تتكون الهيئة العامة لخدمات البث والإرسال من ثلاث مفاصل رئيسية
وكما يلي :-
1. مجلس الحكام 2. اللجنة المالية 3. المدير العام.
الفرع الأول
مجلس الحكام
1. يتألف مجلس الحكام من تسعة (9) أعضاء بما فيهم رئيس المجلس على
إن يكون ثمانية أعضاء عراقيين والتاسع عضو دولي له خبرة في مجال البث
والإرسال ويتم تعيين هؤلاء الأشخاص من قبل المدير التنفيذي لسلطة
الائتلاف المؤقتة وبعد انتقال السيادة أصبح رئيس الوزراء هو الذي يعين
الأعضاء، وفي إتمام نقل السلطة إلى الحكومة الانتقالية أصبح التعيين
بالية مختلفة تتمثل بعرض الأسماء للمصادقة عليها من قبل السلطة
التشريعية وبأغلبية ثلثي أعضاء الهيئة التشريعية.
وفي هذا الصدد فقد رسم الأمر 66 لسنة 2004 طريقتين متعاقبتين
للتعيين
أ. منح المدير التنفيذي السلطة الكاملة في التعيين مع رأي استشاري
لمجلس الحكام ووزارة الاتصالات. ويقوم بتعيين المدير العام للهيئة
للمرة الأولى فقط، ومن ثم يتولى مجلس الحكام تعيين المدراء اللاحقين.
ب. بعد انتقال السيادة إلى الحكومة الانتقالية يقوم رئيس الوزراء
بمهمة التعيين على أن يتم استحصال موافقة ثلثي أعضاء الهيئة التشريعية،
ويكون دور رئيس الوزراء ترشيح هؤلاء الأشخاص لإشغال مقاعد الهيئة،
وعرضهم على السلطة التشريعية للمصادقة، ولم ترد أي إشارة إلى حالة عدم
حصول الموافقة او إلى الكيفية التي سيقوم بها رئيس الوزراء للترشيح
وإنما يتبع العرف بتكرار ترشيح أسماء آخرين وهكذا حتى تتم المصادقة.
والملاحظ على هذه الآلية ما يلي :-
1. لم يتم توضيح آلية طرح الأسماء للتصويت فهل يكون بشكل قائمة بكل
الأسماء ويكون التصويت على الجميع أم يتم طرح كل اسم بمفرده لنيل
الثقة، وهذا ملحظ تشريعي لابد من تداركه، لأنه سيفتح باب الاجتهاد
حينها نحو تمسك احدهم بالأسلوب الذي يخدمه.
2. إن نسبة الثلثين من عدد أصوات الهيئة التشريعية لم يتم تحديدها
بشكل دقيق فهل تمثل هذه النسبة عدد المصوتين الحاضرين في الجلسة
المكتملة النصاب أم تكون النسبة لثلثي عدد أعضاء الهيئة التشريعية سواء
كانوا حاضرين ام غير حاضرين. بالإضافة إلى أن هذه النسبة مبالغ فيها
قياساً بالوظائف الأخرى التي أوجب القانون نيل ثقة الهيئة التشريعية
للمصادقة عليها. لذا على واضعي القانون الجديد أن يتداركوا هذا الملحظ
بما يضمن انسيابية في التعيين لا تتقاطع مع أهداف تشكيل هذه الهيئة.
الفرع الثاني
اختصاصات وصلاحيات مجلس الحكام
1. الإشراف على عمل الهيئة
وضمان تحقيق المصلحة العامة وعلى وفق الإجازة الممنوحة للهيئة من الجهة
المانحة لإجازة البث والإرسال والتقيد بشروط عقد التأسيس ولابد من
الإشارة إلى أنه ورد في الفقرة (2) من القسم (2) مفهوم وعبارة (عقد
التأسيس) وعرفته على انه (بمثابة عقد معنوي بين الكيان العام الذي يقوم
بالبث والإرسال والشعب، وهي وثيقة يذكر فيها ما هو المتوقع من هذا
الكيان العام مقابل الأموال العامة المستعملة لتمويل أعماله ونشاطاته).
ومن خلال هذا التعريف نجد إن عبارة عقد التأسيس استخدمت بأسلوب مجازي
وليس بدلالته اللغوية أو الاصطلاحية وعلى وفق ما أشير إليه بكلمة
(بمثابة) أي بما يشبه العقد، لان العقد وعلى وفق التعريف الاصطلاحي
الوارد في القانون هو ارتباط الإيجاب والقبول بين طرفين أو أكثر. ومن
أهم الشروط اللازم توفرها في العقد هي أهلية المتعاقدين بمعنى أن يكون
الطرفان أو احدهم شخص والشخصية بالنسبة للشخص الطبيعي هي الشخصية التي
تبدأ مع ولادته وتنتهي بموته، أو يكون شخص معنوي وهو الكيان الذي يكون
مؤسس بموجب القانون وحدد القانون الأشخاص الطبيعية وكيفية تكوينه
والأحكام المنظمة له في ا!
لمواد (47- 60) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951
المعدل. وحيث إن الشعب العراقي لا يمثل شخص طبيعي أو معنوي بالمعنى
الذي يرتب اثر في الاتفاق أو الشيء محل العقد لذا فان قيام العقد غير
ممكن، ويعتبر هذا العقد بمثابة ميثاق أو عهد تلتزم به الجهة التي تعهدت
به ويدخل ضمن باب الإرادة المنفردة التي تلزم صاحبها وفي ضوء الأحوال
التي نص عليها القانون ومن ذلك نرى إن هذا العهد أو الميثاق أو عقد
التأسيس يكون ملزم للهيئة تجاه الشعب ويخضع للمسائلة القانونية من قبل
السلطات الممثلة لإرادة الشعب
2. صلاحية إنهاء وعزل المدير العام والإشراف على تقاريره
المرفوعة.
الفرع الثالث
اجتماعات مجلس الحكام
1. بموجب البند (5) من الفقرة (1) من القسم (4) يجتمع المجلس مرة
واحدة على الأقل وتنفذ القرارات بأغلبية الأصوات وحيث إن النص ترك
الأمر دون بيان الأغلبية هل هي البسيطة او المطلقة كأغلبية الثلثين،
إلى انه أشار في موقع آخر من ذات البند إلى أن الأصوات إن تساوت يرجح
الجانب الذي فيه الرئيس فتكون الأغلبية هي البسيطة التي تكون (50+1)
على إن النصاب القانوني لانعقاد مجلس الحكام لا ينعقد ما لم يتحقق حضور
(6) ستة من أعضائه على الأقل. بالإضافة إلى أن ترجيح الجانب الذي فيه
الرئيس يكون فقط في حالة كون عدد الحاضرين في الاجتماع من أعضاء مجلس
الحكام هو عدد زوجي واحتمال تساوي الأصوات قائم فيه، أما إذا كان العدد
فردي فلا عبرة لصوت الرئيس وإنما الاعتبار للأغلبية حتى وان كان الرئيس
مع الأقلية.
2. يلتزم مجلس الحكام بإعداد تقارير سنوية عن عمله وتنشر هذه
التقارير على عموم المواطنين وعلى وفق ما ورد في البند (ز) من الفقرة
(1) من القسم (4) إلا أن المجلس ملزم حصراً بإعداد تقرير سنوي عن
حساباته إلى الهيئة التشريعية وفي هذا الأمر تكريس لمبدأ الرقابة
المالية لمجلس النواب (الهيئة التشريعية) على أعماله الحسابية وان كنت
أرى أن تخضع الهيئة في حساباتها إلى ديوان الرقابة المالية لأنه هو
الجهة المختصة في هذا الشأن.
الفرع السادس
العضوية في مجلس الحكام
لم يشترط الأمر 66 أي شروط يجب توفرها لمن يسعى لشغل منصب عضو في
مجلس الحكام سوى الشرطين التاليين : ـ
1. عدم جواز الجمع بين وظيفة أخرى ووظيفته في مجلس الحكام سواء كانت
الوظيفة التي يشغلها قضائية تشريعية او حكومية.
2. عدم جواز الانتماء إلى أي جهة سياسية أثناء إشغاله لمنصبه في
مجلس الحكام.
المطلب الثاني
اللجنة المالية
الفرع الأول
صلاحيات اللجنة
أ. ورد في الأمر 66 تشكيل كيان جديد يسمى باللجنة المالية وحدد
أعضائها بثلاثة أشخاص على وفق أحكام البند (أ) من الفقرة (2) من القسم
(4) وبين بإن هذه اللجنة تمارس الصلاحيات التالية :-
1. مراقبة أعمال الهيئة فيما يتعلق بالنشاط المالي
2. مراقبة أعمال الهيئة فيما يتعلق بالأجهزة والمعدات الفنية.
3. تدقيق المصروفات والنفقات.
4. رفع التوصيات إلى مجلس الحكام المتعلقة بالشؤون المالية.
5. استجواب المدير العام حول الأمور المالية.
6. تدقيق الميزانية السنوية المرفوعة من قبل المدير العام
والمصادقة عليها.
7. الموافقة على صرف المبالغ التي تتجاوز (000,150) مئة وخمسون
مليون دينار عراقي.
ومن خلال ما ورد أعلاه نلاحظ إن هذه الصلاحيات فيها دمج بين عمل
اللجنة كدائرة حسابات ودائرة تدقيق ومراقب حسابات وهذا المزج وعدم
التمييز سيؤدي حتماً إلى نوع من اللبس وعدم الاطمئنان حول الإجراءات
كونها جهة واحدة تراقب نفسها. لذا على المشرع أن يتصدى إلى هذه الحالة
ومعالجتها في النص المقترح لمشروع القانون الجديد.
كما إن النص العربي للأمر 66 ورد فيه مفردة (أن ترغم المدير العام)
لم يبين النص كيفية الإرغام ولم يشير إلى الآثار القانونية لإلزام
المدير العام بالاستجابة لطلب اللجنة وهذا نقص تشريعي لابد من ملاحظته،
بالإضافة الى مفهوم اعتماد الميزانية المشار إليه في نص البند (ج) من
الفقرة (2) من القسم (4) يتقاطع مع السياقات التشريعية لإعداد الموازنة
حيث ان الموازنة موحدة تصدر بموجب قانون من مجلس النواب ولا يمكن لهذه
اللجنة ان تعتمد ميزانية ما لم تصدر بموجب قانون الموازنة والمصادقة
عليها من مجلس النواب.
الفرع الثاني
طبيعة عمل اللجنة وآلية انعقادها
1. إن البند (هـ) من الفقرة (2) من القسم (4) من الأمر 66 أشار إلى
أن اللجنة المذكورة تنعقد بشكل دوري كل شهر لمرة واحدة على الأقل
وتجتمع كلما يدعوها المدير العام عندما يحتاج إلى صرف مبلغ تزيد قيمته
على (150) مئة وخمسون ألف دينار. ونلاحظ إن دور هذه اللجنة أشبه بالعمل
الاستشاري الغير منتظم في دوام أو التزام بالوقت ولا تقوم بأعمال
تنفيذية وإنما دورها في الإشراف والمراقبة وهذا يشكل عدم وضوح في النص،
والملحظ الآخر هو عدم ذكر الآلية التي يتبعها المدير العام حينما لم
تنعقد اللجنة بناء على طلبه او انها امتنعت عن اجازة طلبه مما يترك
الأمر في فوضى تنظيمية لابد من معالجته.
2. حدد الأمر 66 للجنة أعمال آنية وفنية وحصرها بفترة زمنية لا
تتعدى الثلاثين يوماً اعتباراً من تاريخ تعيين أعضائها وهذه الأعمال
وكما نص عليها البند (و) من الفقرة (2) من القسم (4) وكما يلي :-
أ- جرد جميع الأصول والموجودات الفنية لشبكة الأعلام العراقي وتقيم
الأداء وهنا لم ترد إشارة إلى الأصول العقارية والممتلكات من الأبنية
وسواها.
ب- مراجعة مصادر التمويل بمعنى مراقبة الجهات الممولة ومدى
مطابقتها مع أحكام الأمر 66 لمنع التدخل السياسي او التقليل من هذا
التدخل.
ج- وضع خطط مالية لعمل الهيئة لمدة خمس سنوات على وفق ما تتوصل
إليه في عملها المشار إليه في الفقرة (2) من البند (و) من القسم (4).
د- تقديم التوصية والاقتراح بتخصيص الأموال إلى الهيئة من قبل
الحكومة العراقية وبيان مقدار هذه الأموال، وهذا النص لم يشير إلى
الجهة التي ترفع إليها تلك التوصية هل هي الحكومة بالمباشر أو مجلس
الحكام، وان ترك النص دون تحديد يستدل منه على أن مجلس الحكام هي جهة
المرجع التي ترفع إليها التوصية.
ه- أوجد النص مواقع تتعلق بأعضاء اللجنة من حيث الجمع بين الوظيفة
في اللجنة وأي وظيفة او منصب آخر سواء كان تشريعي أو تنفيذي أو قضائي
وكذلك عدم جواز الانتماء إلى أي حزب او جهة سياسية.
المطلب الثالث
المدير العام
صلاحيات المدير العام و واجباته
يتمتع المدير العام هو المدير التنفيذي الرئيسي للهيئة جملة من
الواجبات والمهام التي يؤديها المدير العام بموجب الأمر 66 لسنة 2004
منها ما يلي :-
1. المسؤولية عن جميع المهام التي تقوم بها الهيئة والمسؤولية هنا
تمثل التزامه أمام مجلس الحكام بتنفيذ الإستراتيجية التي رسمها المجلس.
2. إعداد الموازنة العامة للهيئة ويلتزم بتقديمها إلى اللجنة
المالية على وفق أحكام البند (ج) من الفقرة (2) من القسم (4).
3. يتولى مسؤولية الإشراف على إدارة التحرير في الهيئة المتعلق
بالبرامج وغيرها من أنشطة الأعلام المكلفة بها الهيئة.
4. الإشراف على الأنشطة المتعلقة بفعاليات الحكومة وهو المسؤول عن
إقرار البرامج المتعلقة بإبراز وتغطية تلك الفعاليات والتي أشير إليها
في البند (هـ) من الفقرة (1) من القسم (7).
5. تمثيل الهيئة في المحافل القانونية وفي الدعاوى التي تكون
الهيئة طرفاً فيها، والتوقيع على العقود والاتفاقيات واي التزام ثنائي
باعتباره ممثلا عن الهيئة، ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى إن
تمثيله للهيئة ليس بصفته الشخصية بل بصفته الوظيفية لان الهيئة العامة
لخدمات البث والإرسال شخص معنوي تتمتع باستقلالية مالية وإدارية على
وفق أحكام الفقرة (1) من القسم (3) من الأمر 66.
6. تعيين وكيل أو نائب له على أن تكون مدة خدمة النائب في منصبه
لمدة لا تتجاوز تاريخ انتهاء مهمة المدير العام.
وهنا لابد من الوقوف عند أمر عزل المدير العام فهل تنتهي مدة النائب
أم انه يحل محله ولم تشير إحكام هذه المادة إلى المعالجة.
7. إن فترة عمل المدير العام لا تجاوز (4) أربعة سنوات وللمجلس
الحق في إعادة تعيينه لدورة أخرى ولمرة واحدة فقط.
8. يمنع المدير العام من ممارسة أي مهام او وظائف اخرى سواء
تشريعية او تنفيذية او قضائية وعدم ارتباطه باي حزب او جهة سياسية.
المطلب الرابع
إنهاء الخدمة والقيود المفروضة
ذكر الأمر 66 لسنة 2004 موضوع المصالح وتضاربها وعلى وفق ما أشير
إليه في الفقرة (4) من القسم (5) ومنع المدير العام وأعضاء مجلس الحكام
وأعضاء اللجنة المالية من القيام باي عمل يتقاطع واحكام هذا الامر
واستثنى العضو الدولي من ذلك المنع تحت مسوغ يتمثل يكون ذلك العضو يمثل
مصالح دولته.
وحدد هذا المنع في حالة توفر تقاطع بين عمل الهيئة والمصالح التي
أشار وكما يلي :-
1. المصالح الشخصية. ولم يحدد ماهية هذه المصالح وطبيعتها وإنما
تركها في حالة من التعميم التي تفتح الأفق نحو التوسع في الاجتهاد
والتأويل.
2. المصالح المالية للزوج او الزوجة او احد الاولاد. ولم أجد تفسير
لمعنى المصالح المالية هل هي الرواتب التي يتقاضاها هؤلاء من خلال
عملهم في الهيئة ام المضاربات التجارية والتعاقدات وهذا ايضاً لا يخلوا
من النقد لذات السبب المشار اليه في الفقرة (2) اعلاه.
3. المصالح المالية لاحد شركائهم في العمل.
وهذا النص يتقاطع مع نص البند (أ) من الفقرة (4) من القسم (5) التي
منعت المدير العام وعضو مجلس الحكام من العمل بأي مجال آخر مما يستبعد
فكرة أن يكون شريكاً بعمل اخر غير العمل في الهيئة. لذا فان هذا النص
يعتبر بمثابة اللغو الغير منتج. وهذا ينصرف الى الفرع (4) من البند (أ)
من الفقرة (4) من القسم (5).
المبحث الثالث
المسائلة العامة وتحرير البرامج
والتمويل
المطلب الأول
المسائلة العامة
في القسم (6) من الأمر 66 الذي جاء تحت عنوان (المسائلة العامة)، لم
أجد أي مؤشر على كيفية المسائلة وما هي طبيعتها، وإنما استعرض في القسم
المذكور جملة من الالتزامات المتعلقة بواجبات الهيئة وبيان مفردات
تفصيلية للأعمال الواجب القيام بها وتتلخص بما يلي :-
1. دور المخطط فيما يتعلق بالبرامج الإذاعية والتلفزيون ووسائل
الأعلام الأخرى.
2. رفع التقارير السنوية، دون ذكر الجهة التي ترفع إليها هذه
التقارير، إلا أن ما ورد في نص الند (ز) من الفقرة (2) من القسم (4)
يشير إلى رفع تقارير الهيئة إلى الجهة التشريعية. وتتضمن هذه التقارير
(النفقات والإيرادات) وهذه المعلومات هي ما ترد من خلال اللجنة
المالية.
3. أجراء استطلاعات لبيان أراء الجمهور تجاه عمل الهيئة وتهيئة
الوسائل التي تطور التواصل بينها وبين الجمهور.
4. إعداد قواعد عامة حول التعامل التجاري في التعاقد، وهنا لابد من
الإشارة إلى أن قواعد التعاقد والصلاحيات المالية والرقابة عليها،
تنظمها قوانين أخرى ذات صلة بهذه المواضع ولا يمكن للهيئة أن تتنصل عن
الالتزام بها ومنها قواعد هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وقانون
التجارة وغيره.
المطلب الثاني
البرمجة وأمور التحرير
أشار القسم (7) إلى الإطار العام لطبيعة هذه البرامج والنشاطات بما
يتلائم وأهداف صدور هذا الأمر ونص عليها في الفقرة (1) من القسم (7)
والبنود المتفرعة منه.
كما الزم الهيئة بعدة التزامات تتعلق بموضوع هذه البرامج والأنشطة
على وفق ما ورد في الفقرة (2) من القسم (7) والبنود المتفرعة منه.
المطلب الثالث
التمويل والتعويض
أشار القسم (8) إلى التمويل والتعويض وفي هذا القسم حدد الأمر وسائل
تمويل الهيئة من خلال التعاون المشترك بين مجلس الحكام واللجنة المالية
على إيجاد الوسائل والسبل اللازمة للتمويل، ويستدل من هذا القسم على إن
الهيئة تعمل على وفق نظام التمويل الذاتي الذي لا يعتمد على الميزانية
العامة، وإنما من الممكن أن تساهم الميزانية العامة للدولة في التمويل
سواء بقروض أو منح تقدمها الحكومة إلى الهيئة.
ويبين النص بعض الوسائل للتمويل التي ذكرت على سبيل المثال وليس
الحصر، كما اتاح الفرصة لمجلس الحكام واللجنة المالية فرصة الاجتهاد
لإيجاد وسائل وسبل أخرى للتمويل ومنها (أجور الإعلانات، رسم الاشتراك،
عائدات الخدمات التقنية، الهيئات والتبرعات، ضريبة شراء أجهزة
الاستقبال).
وفي ما يتعلق بموضوع ضريبة شراء أجهزة الاستقبال فان الضرائب لا
تفرض ولا تجبى إلا بقانون على وفق أحكام المادة الفقرة (أولا) من
المادة (28) من الدستور النافذ لذا فان هذه الضريبة المضافة بموجب هذا
الأمر، الذي له قوة، القانون أصبحت واجبة التنفيذ والفرض، وعلى مجلس
الحكام واللجنة المالية السعي للتنسيق مع وزارة التجارة والمنافذ
الكمركية وسواها لجباية هذه الضريبة، وان يتم تقدير قيمتها بالتشاور مع
الجهات المختصة مع بيان طبيعة أجهزة الاستقبال من قبل لجنة فنية مختصة.
لكن أرى إن هذا النص قد أقحم دون دراية بطبيعة النظام المالي في
العراق عند إصدار التشريع حيث إن السياسة الضريبية موحدة ومركزية ومن
السلطات الحصرية للحكومة الاتحادية ويتم تنفيذها بواسطة الهيئة العامة
للضرائب فقط، وإنما كان بالامكان جعل ذلك على شكل رسم يفرض بنسبة معينة
بالتنسيق مع وزارة المالية المديرية العامة للكمارك إذا كان له مقتضى.
المطلب الرابع
الرواتب
أورد الأمر 66 في الفقرة (2) من القسم (8) آلية تحديد الرواتب وجعل
تحديدها من قبل رئيس الوزراء حصراً وليس من قبل مجلس الحكام أو المدير
العام او اللجنة المالية، وإنما يتم تحديد سلم رواتب للموظفين العاملين
في الهيئة مع مراعاة القوانين التنظيمية المتعلقة بالملاك كون الموظفين
في الهيئة أصبحوا جزء من كادر الدولة الوظيفي.
المطلب الخامس
النفاذ
يعتبر هذا الأمر نافذاً اعتباراً من تاريخ التوقيع عليه في
20/3/2004 وليس من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية وهذا المبدأ أشارت
إليه الفقرة (ثانيا) من المادة (الأولى) من قانون النشر في الجريدة
الرسمية رقم 77 لسنة 1978 المعدل وهذا يعتبر إضفاء للمشروعية على كافة
الأعمال المتخذة من قبل الهيئة وتشكيلاتها قبل نشر هذا الأمر.
الخاتمة
بعد كل ما تقدم من بحث بمجمل البنود والفقرات والأقسام للأمر 66
لسنة 2004 نجد إن أحكامه تبلورت بعدة محاور منها محور تنظيمي ومحور
يتعلق بأهداف تأسيس الهيئة العامة لخدمات البث والإرسال ومحور
الصلاحيات وتشكيل الكيانات والمحور المالي وهذه المحاور وردت عليها
جملة من الملاحظات المتعلقة بالصياغة التشريعية وطبيعة الأحكام الواردة
فيها.
واخلص إلى أن هذا النص بحاجة إلى إعادة نظر تراعى فنها الطبيعة
المحلية للمنظومة القانونية العراقية، من اجل أن يكون النص منسجم مع
القوانين والتشريعات الأخرى، وان تتم صياغته بأسلوب يمنع فتح باب
التأويل والاجتهاد في النصوص، وذلك من خلال تحديد المفهوم واختيار
العبارات الملائمة لها والابتعاد عن التعميم واستخدام المصطلحات
الفضفاضة الواسعة. كما ان النص قد حدد صلاحيات الكيانات التي تشكلت
بموجبه وان هذه الكيانات مستقلة عن الأخرى، من حيث التنظيم وتتمتع
بمركز قانوني واحد لا توجد فيه أعلوية لكيان تجاه آخر، وإنما توجد
صلاحيات تمارس من خلال الأداء الوظيفي لكل كيان وعلى وفق ما مثبت في
الأمر. بالإضافة إلى أن النص العربي المنشور في جريدة الوقائع العراقية
كان قد نشر معه النص الإنكليزي للأمر وان النص الإنكليزي هو المعول
عليه عند التفسير في حال وجود اختلاف في الفهم تجاه مفردات النص العربي
او الإنكليزي وعلى وفق ما جاء اللائـحـة التنـظيـميـة رقم (1)
السـلـطـة الائتـلافـيـة المؤقـتـة ولابد من القول أن الأمر (66) لسنة
2004 وان كان قد أوجد أرضية لعمل الهيئة إلا انه كان قاصراً غير فاعل
في أحكامه واستدل على ذلك إمكانية التحلل من الالتزامات التي أوجبها في
نصوصه وعدم تنفيذها ومنها عدم إعلان عقد التأسيس او ميثاق العمل وعدم
تصديق الهيئة التشريعية على أسماء مجلس الحكام وسواها من الأمور
التنظيمية الأخرى.
وفي الختام أتمنى أن أكون قد ساهمت ولو في ومضة بسيطة تجاه تحفيز
الأفكار لدى الجميع من ذوي العلاقة بموضوع الهيئة والأعلام أو البث
والإرسال في طرح ما يرد بذهنهم من آراء تغني النص والعمل الكبير
والمهام الجسيمة الملقاة على عاتق هذا الجهاز الإعلامي المهم والمؤثر
والمثقل بأعظم واكبر مهمة تتمثل بالحياد والاستقلالية في ظروف عمل
تعلوا فيها موجات الضغط السياسي والفئوي والقطاعي والمذهبي والطائفي
وسواها من الضغوط الدولية الخارجية بالإضافة إلى الجهل والأمية
المتراكمة منذ عقود من الزمن وترسخ مفاهيم متخلفة تجاه الأعلام في ذهن
الجمهور من كون الأعلام بوق السلطة وليس صوت الشعب لذا فان المهمة
عظيمة وبجهود القائمين عليها وإخلاصهم فان الأمل قائم والتفاؤل هو
عنوان الحوار واللقاء.
المصادر
1. مباحث في القانون الدولي ـ الدكتور صالح جواد
الكاظم – ص 358 الطبعة الأولى 1991
2. تطور النظام الصحفي العراق، الدكتور وائل عزت
البكري، دار الشؤون الثقافية 1994 بغداد
3. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية - إسماعيل بن
حماد الجوهري ـ الجزء 5 ـ طبعة دار الملايين ـ بيروت
4. ميثاق الأمم المتحدة
5. اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص
المدنيين في وقت الحرب
6. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
7. اتفاقية حقوق الطفل
8. الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية
في البلدان المستقلة
9. قرار مجلس الأمن رقم 1511
10. جريدة الصباح
11. جريدة العدالة العراقية
12. الدستور العراقي النافذ
13. القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951
14. قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 77 لسنة
1978
15. قانون المرافعات المدنية رقم83 لسنة 1969
16. الوقائع العراقية العدد 3982 في حزيران 2004
17. الوقائع العراقية العدد 3984 في حزيران 2004
18. اللائحة التنظيمية رقم (1) لسلطة الائتلاف
19. الأمر (66) لستة 2004 الصادر من سلطة الائتلاف
---------------------------------------------------------------------------
دراسة عرضت في ورشة عمل شبكة الاعلام العراقي
المنعقدة في بيروت للفترة من 21/5/2007 لغاية 28/5/2007 |