هل تنجح الكتل السياسية التي تختلف في كل شئ بإنقاذ الدستور العراقي؟

 شبكة النبأ: لاتزال قضايا توزيع الثروات وصلاحيات الأقاليم والحكومة الإتحادية وقضية كركوك تشكل نقاطا خلافية مهمة بين الكتل السياسية التي تطالب بإجراء تعديلات على بعض بنود الدستور العراقي.

ان حالة الإختلاف السياسي على الرغم من أنها حالة صحّية، إلا أنها باتت تشكل علامة فارقة في الواقع اليومي للعراقيين، وأمست هي المحرك لتداعيات تنعكس سلبا على واقع الشارع العراقي. حيث ينتظر الشعب بفارغ الصبر وضع حد للتأزم المستمر بين الفرقاء على قضية الدستور وقوانين اخرى مهمة يجب على البرلمان اقرارها تتعلق بحقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والامنية.

يقول عضو مجلس النواب عن الإئتلاف العراقي الموحد عباس البياتي لوكالة (أصوات العراق) إن لجنة التعديلات الدستورية "أنهت أعمالها من الناحية الفنية والموضوعية."

وأوضح أن تقرير اللجنة "حدد المواضيع التي ما تزال عالقة، وأهمها المادة (115) الخاصة بتوزيع الثروات الطبيعية، والمادة (140) المتعلقة بمصير ومستقبل كركوك... بالإضافة إلى بعض المواد التي تحتاج إلى إعادة نظر وصياغة وتقديم بعض التعديلات المناسبة حولها."

وأضاف البياتي، وهو عضو لجنة تعديل الدستور "المهم أننا التزمنا بالسقف الزمني الدستوري المحدد لنا وفق المادة (142)، والتزمنا بالمهمة الموكلة لنا بمراجعة الدستور... وكذلك التزمنا بتعهداتنا بأن تكون المراجعة موضوعية وليست شكلية."

وكان مجلس النواب قرر، قبل نحو عشرة أيام، إعطاء مهلة إضافية قدرها (30) يوما للجنة تعديل الدستور... وذلك حتى تتمكن من إنهاء القضايا العالقة، والتي لم تتفق حولها الكتل السياسية والبرلمانية بعد.

وحول مشكلة مدينة كركوك (250 كم شمال بغداد)، الغنية بالنفط قال النائب البرلماني "ننتظر حصول نقاشات حول المقترحات المقدمة بشكل يؤدي إلى توافق وطني وحرص على المصلحة العليا للبلد، وهذه المقترحات تحفظ حقوق جميع أبناء كركوك في إدارة بلدهم ووطنهم ومدينتهم... وهذه المادة (140 من الدستور) تحتاج فعلا إلى إعادة نظر."

وكشف العضو البرلماني عن إحالة مسائل قانون توزيع الثروات وقانون السلطات وسلطات الأقاليم والمادة (140) على رؤساء الكتل والكيانات السياسية "لإيجاد حلول توافقية بشأنها."

لكن الخبير القانوني طارق حرب يرد على طرح البياتي بوجهة نظر أخرى، حيث يرى حرب أنه من الناحية الدستورية "لا يجوز تمديد عمل لجنة تعديل الدستور، لأن الدستور نفسه وضع لها سقفا زمنيا."

وأضاف حرب لـ ( أصوات العراق) "الفقرة (142) من الدستور حددت فترة زمنية، أمدها أربعة أشهر، لإكمال التعديلات الدستورية وتقديمها كسلة واحدة... وعليه فإن تجديد هذه المدة يحتاج إلى تعديل الدستور، وهذا لم يحدث، لاسيما وأن مدة السنة الخاصة بدورة الإنعقاد الأولى لمجلس النواب قد انتهت."

وعن طبيعة المواد التي شملها التعديل الدستوري، والتي لازالت مثار جدل بين الكتل السياسية، قال عضو مجلس النواب عن ( التحالف الكردستاني) محمود عثمان "التعديل شمل بعض البنود التي تشكل مثار جدل بين الفرقاء السياسيين، أهمها الثروات الطبيعية، وصلاحيات الأقاليم، واجتثاث البعث، وتشكيل مجلس إتحادي.. وطبيعة صلاحياته."

وفيما يتعلق بتطبيق (المادة 140) من الدستور، ذكر النائب الكردي أن "الفرقاء كل منهم أدلى بدلوه بخصوص تطبيق تلك المادة، وننتظر ما سيقوله البرلمان العراقي بشأنها"، موضحا أن تطبيق تلك المادة "يشكل أهمية كبرى لدى السياسيين الكرد، باعتبارها تساهم في تحديد حدود إقليم كردستان إداريا."

وعبر عثمان عن أسفه من أن بعض الكتل السياسية "تحاول جاهدة إلغاء هذه المادة من الدستور، وعدم الإكتفاء بتأجيل مناقشتها"، مشيرا إلى أن هذا التوجه "سيساهم في توسيع الهوة بين المتحاورين."

ودعا النائب البرلماني السياسيين الكرد إلى "التمتع بمزيد من القابلية على تقبل وجهات نظر الآخرين، ومحاولة الوصول إلى قواسم مشتركة... من خلال الحوار البناء القائم على تقديم المصالح الوطنية" حسب تعبيره.

وكان مصدر إعلامي مقرب من نائب رئيس مجلس النواب العراقي عارف طيفور قال في وقت سابق إن قادة الكتل السياسية في البرلمان العراقي ورؤساء الأحزاب "سيعقدون قريباً اجتماعا لبحث المسائل العالقة في الدستور العراقي، والتي أحالتها لجنة التعديلات في الدستور العراقي إلى رؤساء الكتل البرلمانية" ، دون أن يحدد موعدا للاجتماع .

وكشف المصدر أن التحالف الكردستاني "رفض اقتراحين للجنة التعديلات الدستورية حول مسألة كركوك، حيث اقترحت اللجنة تمديد مدة تنفيذ (المادة 140) من الدستور العراقي.. وأن تكون كركوك إقليما مستقلاً وبعد ثلاث سنوات يجري استفتاء يحدد مصير المدينة."ولم يكشف المصدر تفاصيل أخرى بشأن المقترحين والجهة التي طرحتهما.

من جانبها، شددت عضو البرلمان العراقي عن جبهة التوافق أزهار السامرائي على أهمية أن "تعود الثروات والموارد الطبيعية إلى الحكومة الإتحادية في بغداد، والتي تقوم بدورها بتوزيعها على المحافظات حسب الكثافة السكانية."

وقالت السامرائي "نحن في جبهة التوافق نؤمن بأهمية أن تعود موارد العراق إلى الخزينة المركزية، وتوزع حسب حاجة المحافظة أو الإقليم"، مشيرة إلى أن الطروحات التي تصر على أن تأخذ كل محافظة ما تريده من الموارد وترجع الفائض إلى الحكومة المركزية هي طروحات غير منطقية، وتشكل قنابل موقوتة يخشى إنفجارها في كل لحظة."

وحول صلاحيات الحكومة الإتحادية أوضحت السامرائي، التي تنتمي سياسيا إلى الحزب الإسلامي العراقي الذي يشكل أحد المكونات الأساسية لجبهة التوافق، أن الحزب والجبهة "يؤيدان بصورة عامة زيادة صلاحيات الحكومة الإتحادية"، وقالت "ليس من المعقول أن نقوي صلاحيات حكومات الأقاليم على صلاحيات الحكومة المركزية."

وأضافت "الدستور العراقي هو الذي أقر بأن أي اختلاف يحصل في الآراء، فإن رأي حكومة المركز مقدم على رأي حكومة الإقليم."

وحول إمكانية اتفاق الكتل السياسية على بعض البنود الدستورية التي شملها التعديل، قالت النائبة البرلمانية "اعتقد أن كل الكتل السياسية آمنت بأن لابد لها من الإتفاق على صيغة تخرج العراق من المحنة التي هو فيها، لأن الخاسر ليس طرفا واحدا بقدر ماهي خسارة للجميع."

وزادت "إذا امنت الكتل بهذا المنطق العقلاني فسوف تتمكن من التقارب وتحقيق نقاط ايجابية... أما إذا تجاوزت الكتل السياسية هذا المنطق المتعقل فسوف تبقى الأمور على ماهي عليه، ولن نحقق أي شي لصالح العراق وشعبه."

وحول قضية الثروات الطبيعية التي تشكل أحد نقاط الخلاف الدائر حاليا حول التعديلات الدستورية، يشدد عضو البرلمان العراقي عن الإئتلاف الموحد حنين قدو على أن الثروات الطبيعية "ملك جميع العراقيين... وبالتالي يجب أن يكون توزيعها من صلاحيات الحكومة الإتحادية، مع إعطاء نسبة لا بأس بها من الصلاحيات لحكومة الإقليم... خصوصا فيما يتعلق بمجالي الإعمار والأمن."

وكشف قدو " أن مفاوضات تجرى حاليا بين الكتل السياسية " تتمحور حول زيادة صلاحيات الحكومة الإتحادية، مع توسيع صلاحيات الأقاليم"، مشيرا إلى أن تلك المفاوضات تهدف إلى "الخروج بصيغة توافقية" حول تلك الصلاحيات.

وتوقع نائب ( الإئتلاف) أن تنهي اللجنة عملها "قبل إنقضاء فترة الثلاثون يوما التي أعطيت لها."

من جانبها، أوضحت عضو البرلمان العراقي عن الكتلة الصدرية غفران الساعدي أن الكتلة ترى أن العراقيين جميعهم "شركاء في الثروات الطبيعة بداخل بلدهم... وبالتالي فلابد من توزيعها بشكل عادل على جميع أطياف الشعب العراقي، بغض النظر عن وجود أو مكان تلك الثروات."

وقالت الساعدي "نحن كتيار سياسي ندعو إلى توسيع صلاحيات الحكومة الإتحادية في توزيع الثروات، لكن مع إعطاء الأقاليم نسبا من هذه الصلاحيات... حسب حاجة الإقليم إليها."

وأضافت "لابد أن تتوافق جميع الكتل السياسية على مشروع وطني ينصف الجميع، لأن العراقيين شركاء في ثرواتهم... وإلا فالمستقبل المجهول هو الذي ينتظر الجميع."  

من جهته، رأى المحلل السياسي جعفر وليد أن التوافق على التعديلات الدستورية "يحقق حالة من الإنفراج السياسي، ويخلق الأجواء السياسية المناسبة لنجاح أي مشروع للمصالحة الوطنية."

وأردف وليد قائلا "لقد عالجت بعض فقرات الدستور آلية التعديلات الدستورية، وبالتالي فلا مناص أمام الكتل السياسية من الإتفاق على بعض بنود التعديلات" ، مشيرا إلى أن "إتفاق الكتل على آلية ورؤى مشتركة سوف يساعد على منح العراقيين مزيدا من الاستقرار الأمني."

وأضاف "للأسف... حالة الإختلاف السياسي على الرغم من أنها حالة صحية، إلا أنها باتت تشكل علامة فارقة في الواقع اليومي للعراقيين، وأمست هي المحرك لتداعيات تنعكس سلبا على واقع أبناء الشعب."

مواطنون عراقيون دعوا، من جانبهم، قادة الكتل السياسية إلى الخروج من بوتقة المصالح الضيقة إلى حماية المصالح العامة .

وقال رافد شمس الدين (موظف) " نتوسم خيرا في أن يخرج جميع السياسيين من دائرة المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، والإلتفات إلى مصالح الوطن العليا."

ويعبر شمس الدين (طالب) عن امتعاضه من "حالة اللا توافق بين السياسيين"، التي وصفها بأنها باتت "السمة الدالة على أداء أغلب الكتل السياسية العراقية."

فيما رأت هناء توفيق (ربة بيت) أنه "آن الأوان للتوحد في مشروع وطني يخرج البلاد من حالة الضياع التي تعيشها" ، وقالت لـ ( أصوات العراق) "سمعنا وعودا كثيرة أيام الإنتخابات النيابية، إلا أننا لم نجد حتى الآن جزءاً ولو يسيرا تم تطبيقه من تلك الوعود."

ودعت المواطنة كافة السياسيين إلى الإبتعاد عما اسمته "لغة التهديد والوعيد بينهم، لأنها لا تقدم خيرا للعراقيين... الذين خسروا الكثير بسب خلافات الساسة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 1 حزيران/2007 -13/جمادي الأول/1428