روسيا بين خيار التصعيد مجهول العواقب والرضوخ للهيمنة الامريكية

 شبكة النبأ: تحاول روسيا ومنذ فترة بعدة اتجاهات التخلص من مراحل الهيمنة على الحدود القومية لها من قبل الولايات المتحدة بعد ان اخترقت تلك الحدود عن طريق علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية لدول الجوار الروسي التي كانت يوما خاضعة تماما لحكم الكرملين.

وتتخذ هذه المحاولات عدة طرق، منها ضغوط تتعلق بالانسحاب من معاهدة الحد من التسلح في اوربا اضافة الى عراقيل اقتصادية تضعها روسيا في طريق الدول المجاورة لها والتي تتعامل مع امريكا، واخيرا تحذيراتها المتصاعدة من ان الدرع الصاروخي الامريكي المزمع اقامته في شرق اوربا سيفتح الباب امام سباق تسلح عالمي جديد بكل ما يحمله من مخاطر تدميرية واهدار للاموال.

"برميل بارود"

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ان الدرع الصاروخي الذي تعتزم الولايات المتحدة نشره في اوروبا سيحول هذه القارة الى "برميل بارود" مهاجما من ينتقدون سجله في حقوق الانسان. بحسب فرانس برس.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن بوتين قوله "نعتقد انه من المضر والخطير ان نحول اوروبا الى برميل بارود ونملؤها باشكال جديدة من الاسلحة". واضاف "هذا من شأنه اثارة مخاطر جديدة تهدد العلاقات الدولية والاوروبية".

وتريد واشنطن نشر 10 صواريخ اعتراضية في بولندا ونظام رادار متطورا في تشيكيا في اطار مشروع الدرع المضادة للصواريخ.

وتقول واشنطن ان هذا النظام دفاعي محض يهدف الى التصدي لهجمات محتملة بالصواريخ تطلق من الشرق الاوسط وانه لا يطرح اي تهديد لروسيا.

وكان بوتين اعرب مرارا عن تخوفه من ان يؤدي هذا الامر الى عودة "سباق التسلح".

وهاجم بوتين كذلك من ينتقدون سجله في حقوق الانسان والديموقراطية.

ونقلت عنه الوكالة قوله "لنكف عن التحدث وكاننا نتعامل مع شركاء انقياء شرفاء خالين من العيوب من جهة ومن جهة اخرى مع وحش خارج لتوه من الغابة له مخالب وقرون".

وكانت منظمة العفو الدولية انتقدت "ازدياد" الضغوط على المدافعين عن حقوق الانسان والمعارضين في روسيا لافتة الى ان عمليات التعذيب والترهيب تواصلت في هذا البلد عام 2006 الذي شهد اغتيال الصحافية انا بوليتكوفسكايا.

وجاء في التقرير السنوي للمنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ان "عمليات الاعدام بلا محاكمة والخطف والتعذيب في معتقلات غير رسمية والاعتقالات التعسفية تواصلت في منطقة شمال القوقاز وخصوصا في الشيشان". واضافت انه "تم اللجوء الى التعذيب في معتقلات الشرطة في كل انحاء البلاد".

روسيا تستعرض قوتها؟

وأعلنت هيئة "قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية" عن تجربة صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على حمل عدة رؤوس حربية مستقلة، وتتزامن التجربة مع تصعيد روسيا لانتقاداتها لنشر منظومة الصواريخ الدفاعية الأمريكية في شرقي أوروبا. بحسب الـCNN.

وأطلق الصاروخ، RS-24 من منصة متحركة شمالي غربي روسيا، وبلغت الرؤوس الحربية أهدافها، على بعد قرابة 3400 ميلاً في أقصى شرقي شبة جزيرة  كامشاتكا، وفق ما نقلت الأسوشيتد برس عن بيان "قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية.

ويتوقع أن يستبدل الصاروخ الجديد صاروخي RS18s و RS-20s ، اللذان يمثلان العمود الفقري "لقوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية.

وجاء في بيان القوة إن الصاروخ الجديد - RS-24 يتوافق وبنود معاهدة START-I وميثاق موسكو 2002، الذي يدعو إلى خفض الرؤوس النووية في الترسانة الروسية  إلى 1700 من 2000..

وتابع البيان، سيعزز الصاروخ الجديد القدرات الهجومية لقوات الصواريخ الإستراتيجية "بتفوقه على الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ كما أنه يعزز أنظمة الردع النووي."

ولم يحدد البيان العسكري عدد الرؤوس النووية التي يستطيع الصاروخ الجديد حملها.

وجاءت التجربة بعد مرور أسبوع من تجديد  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقاداته لخطط واشنطن نشر منظومة الصواريخ الدفاعية في أوروبا الشرقية مشيراً إلى أن المشاورات مع واشنطن لم تغير موقف موسكو المعارض للبرنامج الأمريكي الذي قال إنه غير مجد.

وصرح بوتين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره النمساوي هاينز فيشر في فيينا الأربعاء،  "نتيجة لتلك الاتصالات التي أجريناها مع شركائنا الأمريكيين لم يحدث أي تغير في موقفنا ولا يمكن أن يحدث أي تغير ما دمنا لا نسمع أي جديد."

تهديد بالانسحاب

وفي سياق متصل طلبت روسيا عقد مؤتمر طارئ لمناقشة معاهدة للحد من التسلح بعد أن اتهمت دول حلف شمال الاطلسي بتجاهل الاتفاق الذي تم التفاوض حوله في الشهور التي اعقبت انتهاء الحرب الباردة. بحسب رويترز.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد جمد في الشهر الماضي التزام روسيا بموجب معاهدة القوات التقليدية في اوروبا وقال ان روسيا قد تنسحب منها تماما اذا اخفق المجلس المشترك بين روسيا وحلف شمال الاطلسي في ايجاد حل يناسب روسيا.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "اتصلت روسيا اليوم 28 مايو ايار بهولندا الدولة المودعة لديها معاهدة القوات التقليدية في اوروبا تطلب منها الدعوة الى عقد مؤتمر طاريء في الفترة بين 12 و15 يونيو حزيران في فيينا."

ولم يحدد البيان ما الذي تعتزم روسيا اقتراحه في مؤتمر فيينا لكن هذه الخطوة قد تزيد من توتر العلاقات مع الولايات المتحدة التي ساءت بسبب الخلاف حول خطط الولايات المتحدة لبناء درع صاروخي في شرق اوروبا.

وتعارض موسكو خطة وضع عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا وجهاز رادار في جمهورية التشيك ابتداء من عام 2012 لمواجهة ما ترى واشنطن انه تهديد من جانب ايران وكوريا الشمالية.

وسيجتمع الرئيس الامريكي جورج بوش مع بوتين في قمة الدول الثماني لزعماء العالم في المانيا في الفترة بين يومي 6 و 8 يونيو حزيران ومن المقرر ان يقوم بزيارة جمهورية التشيك وبولندا اثناء وجوده في اوروبا.

ووصف بوتين الخطة الامريكية بانها القشة الاخيرة التي دفعته الى تجميد التزام موسكو بمعاهدة القوات التقليدية في اوروبا ومع ذلك فان رئيس هيئة الاركان الروسي الجنرال يوري بالييفسكي قال في وقت لاحق ان هذين الأمرين غير مرتبطين بصورة مباشرة.

وتضع معاهدة الاسلحة التقليدية في اوروبا الموقعة في عام 1990 ثم تم تحديثها في عام 1999 حدا لعدد الدبابات وقطع المدفعية الثقيلة وطائرات القتال والهليكوبترات الهجومية التي تنشر او تخزن في المنطقة الممتدة بين المحيط الاطلسي وجبال اورال الروسية.

لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتحول معظم حلفائه في حلف وارسو الى اعضاء في حلف شمال الاطلسي اصبحت معاهدة القوات التقليدية في اوروبا التي لا يزال يصفها مسؤولون بانها حجر الزاوية للامن في اوروبا وثيقة رمزية الى حد كبير.

ويرفض الشركاء الغربيون التصديق على هذه المعاهدة إلا بعد ان تسحب روسيا قواعدها من جورجيا ومولدوفا كما وعدت اثناء مراجعة المعاهدة في اسطنبول في عام 1999.

وتقول روسيا التي تقوم بعملية الانسحاب من جورجيا ان قضية القواعد ليست جزءا من المعاهدة وتتهم الغرب بالربط الزائف بينهما.

وتقول موسكو المستاءة من توسع حلف شمال الاطلسي نحو الشرق ان خطط امريكا لفتح قواعد لآلاف الجنود في رومانيا وبلغاريا في العام الحالي انتهاك للمعاهدة.

ويصر مسؤولو حلف الاطلسي على ان القواعد الامريكية ليس المقصود بها ان تكون منشآت دائمة ولذا فلا تعتبر انتهاكا.

وقال بيان وزارة الخارجية الروسية "روسيا تعتبر ان الظروف غير العادية التي تمثل اساسا للدعوة الى المؤتمر تشمل المشاكل الخطيرة التي نشأت من خلال تطبيق دول حلف الاطلسي للمعاهدة كنتيجة لتوسع هذا الحلف."

وكان مسؤولون روس قد اعربوا عن استيائهم من بنود في المعاهدة تتطلب ابلاغ باقي الموقعين عليها عندما تقوم روسيا باعادة نشر قواتها داخل حدودها.

ويقول بعض المحللين ان ابتعاد روسيا عن معاهدة القوات التقليدية في اوربا قد يصبح خطوة مطابقة لقرار واشنطن في عام 2001 بالخروج من معاهدة فترة الحرب الباردة الخاصة بالصواريخ المضادة للصواريخ مع موسكو التي تقول الولايات المتحدة انها منعتها من بناء نظام دفاع صاروخي جديد.

تصميم الصواريخ

وتأمل وكالة الدفاع الصاروخي التابعة للبنتاجون نصب 10 صواريخ اعتراضية طويلة المدى في بولندا بحلول عام 2013 بكلفة 4 مليار دولار.

ويقوم التصميم الخاص بالصواريخ الاعتراضية على صواريخ الدفع الثلاثي الاعتراضية المنصوبة بالفعل في الاسكا وكاليفورنيا.وتريد هيئة الدفاع الصاروخي إزالة احد المحركات لبناء صواريخ دفع تطلق على مرحلتين وهي مطلوبة للوفاء بالمتطلبات الجغرافية ومتطلبات الارتفاع اللازمة لمواجهة الصواريخ الايرانية.

وتدرس الوكالة إلى جانب شركة بوينج المتعاقدة معها تصميم الصواريخ ذات المرحلتين الذي يتعين الانتهاء منه في يونيو بيد انه لم يتحدد إطار زمني لاختبار الصواريخ المعدلة وذلك بحسب ريتشارد ليهنر المتحدث باسم الوكالة.

وعلى الرغم من أن الاختبار لم يبدأ فان الوكالة واثقة من أن الصواريخ الاعتراضية ستكون جاهزة في الوقت المحدد لان رفع محرك وتعديل برنامج الكمبيوتر الخاص برحلة اقصر وتتم على مرحلتين ليس بالامر البالغ التعقيد بحسب ليهنر. وأضاف إن وسائل الدفع لم تتغير. فقط شطبنا مرحلة.

وكانت وكالة الدفاع الصاروخي قد نصبت 9 صواريخ اعتراضية عام 2004 في الاسكا و2 في كاليفورنيا كجزء من نظام جروند بيسد ميدكورس للتصدي للصواريخ طويلة المدى القادمة من كوريا الشمالية. وهذا النظام بالإضافة إلى الصواريخ الاعتراضية المعدلة هو نفسه المخطط لشرق اوروبا لكن منتقدين لاحظوا انه لم تجر عليه إلا تجربة واحدة ناجحة طوال 5 سنوات.والغت وكالة الدفاع الصاروخي تجربة في 25 مايو بسبب مشكلات خاصة بالصاروخ المستهدف.

مشوار طويل

وذكر مكتب المحاسبة الحكومية التابع للكونغرس في تقريره في مارس الماضي ان نظام جروند بيسد ميدكورس لم يثبت صلاحيته بعد بالصورة المطلوبة برغم نجاحه في تجربة إصابة الهدف التي أجريت في سبتمبر عام 2006.

وصرح بول فرانسيز الذي شارك في كتابة تقرير المكتب في مقابلة معه لا يزال أمامنا مشوار طويل حتى نقرر أن النظام يمكن التعويل عليه.

ويقول البنتاجون ودبلوماسيون أمريكيون استنادا إلى تقديرات استخبارية إن إيران ستمتلك صواريخ باليستية قادرة على الوصول إلى أوروبا حتى الولايات المتحدة بحلول عام 2015 ويدفعون بأنه يمكن نشر النظام في الوقت المناسب لمواجهة هذا التهديد وتحديثه مع تطور التكنولوجيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31 آيار/2007 -13/جمادي الأول/1428