القاعدة تبحث عن حاضنة جديدة مع قرب طردها من العراق  

 شبكة النبأ: يمكننا ان نثق  بان ازالة مراكز تنظيم القاعدة في الأنبار يمكن ان يؤثر في النهاية على مقدرة الارهابيين في نسف الأسواق والاماكن العامة والجسور ببغداد وبالتالي يخفض موجات العنف الطائفي التي تولدها ردود الافعال على الهجمات الارهابية، الا ان ذلك يمكن ان يتحقق بان تتكثف الحرب ضد القاعدة في بؤرة ديالى التي اصبحت هي الاخرى مستعصية كما كان الحال في الانبار العام الماضي.

ويعلم العراقيين ان الطريق الوحيد الناجع لكسب الحرب على القاعدة، وحسب تجربة الانبار، هو تفعيل مجلس لانقاذ محافظة ديالى من براثن التكفيريين والمتحالفين معهم من فلول البعثيين، حيث ان القوات الامنية العراقية لا تزال أسيرة أوامر القوات الامريكية في جميع التحركات المهمة والضخمة، ويتضح هنا التهاون المفضوح للقوات الامريكية في جعل ديالى مسرحا لتكوين بؤرة جديدة للقاعدة في شرق العراق بدلا من غربه، وقد يكون هذا لاعتبارات سياسية وحدودية تتعلق بالمصالح الامريكية ودول الجوار العراقي.

فقد صرح مسؤول بوزارة الداخلية العراقية بأن نهاية تنظيم القاعدة في العراق باتت قريبة بعد تساقط معظم قياداتها ورفض العشائر العراقية لنشاطها في البلاد.

وقال اللواءعبد الكريم خلف مدير مركز القيادة الوطني لصحيفة الصباح ان »أغلب قيادات الارهاب متمثلة بتنظيم القاعدة والمجاميع المنضوية تحت لوائه لجأت الى مثلث يقع بين مدينة بغداد ومنطقة الاسحاقي شمال العاصمة بعد الضربات التي تلقتها هذه التنظيمات من قبل الأجهزة الأمنية.

وأضاف ان نهاية هذه التنظيمات باتت قريبة بعد أن تم قتل واعتقال معظم قياداتها في مقدمتهم أبو أيوب المصري.

وأوضح أن المعلومات الاستخبارية تؤكد أن تنظيم القاعدة بدأ يبحث عن بدلاء لقياداته التي تساقطت في المدة الماضية لاسيما بعد أن جوبهت هذه التنظيمات بالرفض من قبل أغلب العشائر والمواطنين.

ويقول الكاتب جو كلين في مقال بصحيفة الـ(تايم): سواء صدقتم هذا أم لا، يمكننا القول ان هناك اخباراً طيبة من العراق، بل وتأتي هذه الأخبار من مكان غير محتمل على الاطلاق هو اقليم الأنبار، موطن التمرد السني.

فقد تراجع مستوى العنف بشكل ملحوظ خلال الاسابيع القليلة الماضية، ويبدو ان تحالف القوات الأمريكية مع العشائر المحلية كان مؤثراً جداً في التصدي لمقاتلي القاعدة الأجانب اذ يقول مسؤول عسكري أمريكي كبير، بالاضافة لتقارير مؤكدة من مصادر أخرى، ان المنطقة شهدت في الآونة الأخيرة يومين كاملين دون وقوع أية هجمات خلالهما، وهذا شيء استثنائي بكل معنى الكلمة.

لكن من الواضح ان هذا نتيجة لنهوض شيوخ العشائر ضد القاعدة في بلاد الرافدين، ودفعهم لشبابهم للتطوع في وحدات الجيش والشرطة في المنطقة، بل ولقد أدى النجاح في الأنبار الى مطالبة الشيوخ في اقليمين آخرين على الأقل هما نينوى وصلاح الدين بتشكيل تحالفات مماثلة ضد المقاتلين الأجانب، وكان الزعيم المؤثر الشيخ حارس الضاري، الذي يقود التمرد السني، قد تحول ضد القاعدة ايضاً، ويبدو ان القاعدة اصبحت مثل »كبد« مزروع غير ملائم يرفضه جسم المقاومة العراقية.

بيد أن الأخبار الطيبة هذه يتعين النظر اليها بحذر، صحيح ان ازالة مراكز القاعدة في الأنبار يمكن ان يؤثر في النهاية على مقدرة الارهابيين في ادامة القتل والتفجير ببغداد، الا ان هذا لم يحدث بعد.

ومن المؤكد وحسب مقال التايم فان عامل الوقت لعب دوراً في هذا، فبالرغم من ان ضباط استخبارات الجيش الأمريكي كانوا قد اقترحوا في اكتوبر عام 2003 قيام مثل هذا التحالف مع العشائر العربية السنية، الا ان سلطة التآلف المؤقتة التي أقامها الحاكم الأمريكي السابق بول بريمر رفضت ما اقترحه هؤلاء الضباط بالقول ان العشائر جزء من الماضي وليس لها مكان في العراق الديموقراطي الجديد.

والحقيقة ان الضرر الذي نشأ عن هذا الموقف الغبي لا يمكن اصلاحه أبداً. فقد أعطى القاعدة مكاناً في مناطق العشائر العربية السنية مما مكنها من القيام بحملة التفجيرات المناوئة للشيعة التي أوجدت الظروف الملائمة للحرب الأهلية الراهنة.

غير أن وقوف رجال العشائر الى جانب الأمريكيين في الأنبار لا يعني أنهم يحبون حكومة بغداد بل لأنهم يكرهون القاعدة.

وهذا ما يفسر سبب وجود أخبار سيئة جداً ايضا، فهناك احساس متزايد لدى المسؤولين الأمريكيين على المستويين العسكري والاستخباراتي بأن حكومة نوري المالكي تفتقر الى الاهتمام الجاد لابداء تنازلات للسُنة.

وحول هذا، يقول مسؤول أمريكي كبير كما ينقل مقال التايم: ببساطة الثقة مفقودة بين الجانبين، فهناك تاريخ طويل ـ حتى قبل مذابح صدام ـ للعلاقات السيئة بين السنة والشيعة، وفي الأشهر الأخيرة اظهرت حكومة المالكي مؤشرات واضحة عدة تبين مناهضتها السنّة، فقد أيّدت النقل الطوعي للعائلات العربية السنية من مدينة كركوك التي يهيمن عليها الأكراد.

بل وفي مثال آخر أزعج مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، ساند المالكي انشاء جهاز استخبارات عراقي جديد يهيمن عليه الشيعة ليحل محل جهاز الاستخبارات العراقي الرسمي الذي يديره ضابط سني كبير يدعى محمود شهواني ويعتبره الأمريكيون على درجة كبيرة من الكفاءة.

كما يبدو من غير المرجح الآن ان توافق الفصائل السياسية العراقية المختلفة على الاستحقاقات التي يتعين القيام بها قبل الغاء برامج اجتثاث البعث، واصدار قانون يضمن توزيع عائدات النفط قريباً.

لذا، لا يكف الجنرال الأمريكي ديفيد بيتريوس عن القول باستمرار ان الحل السياسي ضروري، وان النصر العسكري غير ممكن، اذ يرون التوصل لمثل هذا الحل سيزيد الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، ويمكن ان يصل في النهاية الى درجة الانفجار عند الانسحاب الأمريكي من العراق.

لذا، أصبح الأمر الآن مسألة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية والاستقرار الاقليمي هنا، يسأل ضابط امريكي رفيع المستوى قائلا: تُرى، كم مذبحة يمكن ان يتحملها الرأي العام بعد؟

الواقع اننا لو تذكرنا كراهية الشعب الأمريكي لهذه الحرب لأمكن لنا القول ان رده على هذا السؤال سيكون: اللعنة ليس هؤلاء العرب سوى مجموعة من البرابرة، وليس بمقدورك اطلاقا التمييز بين السنّي والشيعي على أي حال.

غير ان الاسئلة الاكثر اهمية كما يطرحها مقال التايم هي:

ما هو عدد مذابح السُنة التي يستطيع السعوديون والاردينون تحملها؟ والى اي مدى ستستفيد ايران من الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق؟

من الواضح ان الرد على مثل هذه الاسئلة هو بعيد بالكامل عن متناول الامريكيين.

الجماعات المسلحة تحصل على العفو ومناصب بارزة

من جهتها ذكرت صحيفة صندي تليغراف الأحد الماضي أن جنرالاً بريطانياً يقود مفاوضات مع الجماعات المسلحة سعياً وراء التوصل إلى هدنة يتخلى فيها المقاتلون السنة عن أسلحتهم مقابل العفو عنهم ومنحهم مناصب بارزة في أجهزة الأمن الوطنية.

وقالت الصحيفة إن اللقاءات التي عقدها الجنرال غرايم لامب مع المسلحين السنة في المنطقة الخضراء في بغداد »تهدف إلى تعميق الخلاف بينهم وبين المقاتلين الأجانب المتشددين في تنظيم القاعدة والذين ثبت أن تكتيكاتهم الوحشية وتطرفهم الديني اثار استهجان حلفائهم العراقيين السابقين.

واضافت أن الجنرال لامب الضابط السابق في القوات الخاصة البريطانية يعمل بالنيابة عن الحكومة العراقية وقوات التحالف ويجري مفاوضات أيضاً مع الميليشيات الشيعية المعتدلة التي شكلت فرق الموت السيئة السمعة رداً على الهجمات الطائفية لتنظيم القاعدة،مشيرة إلى أن تأمين هدنة بين الفصائل العراقية المتناحرة يمثل مسألة في غاية الأهمية لإنجاح الخطة الأمنية الأمريكية للتخفيف من دائرة العنف في العاصمة بغداد وغيرها من مناطق التوتر في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30 آيار/2007 -12/جمادي الأول/1428