الغام المحكمة الدولية تهدد بتفجير لبنان وتفكيكه

 شبكة النبأ: تكتسب المرحلة الحالية التي يمر بها لبنان اهمية قصوى لمستقبل هذا البلد الذي طالما بقي الامن فيه يعتمد بالاساس على السياسة الداخلية والتجاذبات الاقليمية منذ نهاية الحرب الاهلية فيه واتفاق الطائف في السعودية، مرورا بالخلافات الحادة بشان المحكمة ذات الطابع الدولي وما تحمله من اخطار انتشار الفوضى بين الفرقاء السياسيين، وانتهاء بتهديد تنظيم القاعدة التكفيري للبنان ان يجعلها مسرحا للارهاب والاعتداءات على المدنيين لاشعال الفتنة الطائفية على غرار ما يجري في العراق.

وتقدمت القوى الغربية رسميا بخطتها لتشكيل محكمة لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري إلى مجلس الامن الدولي ولكن روسيا أثارت اعتراضات بشأن طبيعتها الإلزامية.

وقلل مقدمو المشروع وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من أهمية المخاوف الروسية وقالوا إنهم لازالوا يتوقعون أن تتم الموافقة على صدور قرارهم بانشاء المحكمة الخاصة بحلول الاسبوع الجاري. بحسب رويترز.

ولكن سفيري واشنطن وباريس عدلا مشروع القرار لاعطاء فرصة حتى العاشر من يونيو حزيران قبل دخول القرار حيز التنفيذ في بادرة نحو ما يقولون انه امل شبه يائس في أن يتمكن اللبنانيون من حل خلافاتهم حول هذه المسألة.

ويأتي قرار انشاء المحكمة الخاصة استجابة لطلب من الحكومة اللبنانية ولكن البرلمان اللبناني لم يوافق على الخطة لأن رئيسه وهو احد رموز المعارضة ويشكك في شرعية الحكومة رفض دعوة المجلس للانعقاد.

وفى قلب النزاع مسألة علاقات لبنان مع جارتها الكبيرة سوريا. ويتهم الزعماء اللبنانيون المؤيدون للحكومة سوريا بقتل الحريري و22 شخصا آخرين في انفجار عام 2005.

وتنفي دمشق ضلوعها في الاغتيال. ورغم تحذيرات الرئيس اللبناني المدعوم من سوريا اميل لحود وآخرين من أن المحكمة يمكن ان تشعل جولة جديدة من العنف هناك فان زعماء الغرب يقولون ان المحكمة ضرورية لمحاكمة من اغتالوا الحريري.

وتجاهلت الدول الغربية اشارات الى ان عمليات التفجير والقتال التي شهدها لبنان هذا الاسبوع تهدف الى عرقلة انشاء المحكمة.

وقال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة جان مارك دو لا سابلير "يجب الا يتم تخويفنا بما يحدث اليوم في لبنان."

وبعد مناقشات اجرتها دول مجلس الامن الدولي البالغ عددها 15 دولة يوم الجمعة قال السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو اعترضت على الاشارة في مشروع القرار للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يجعل تفويض المحكمة إلزاميا.

وقال للصحفيين "لا نعتقد ان ذلك ضروريا" قائلا انه توجد فقرة اخرى في ميثاق الامم المتحدة تجعل كل قرارات الامم المتحدة ملزمة على اي حال.

وتابع "نحن نقترح ايضا ..فترة سماح والتي تجعل القرار بعد تبنيه لا يدخل حيز التنفيذ الا بعد فترة محددة من الزمن على أمل وبتوقع انه قبل انتهاء تلك الفترة سيكون بوسعهم التصديق عليها في لبنان."

غير أن دبلوماسيين غربيين قالوا إن ادراج الاشارة الى الفصل السابع غير قابل للتفاوض. وقال سفير واشنطن لدى الامم المتحدة زلماي خليل زاد ان تحركات الامم المتحدة السابقة بخصوص اغتيال الحريري وصفته بأنه " تهديد للسلام والامن الدوليين" وبالتالي فهو يتطلب فرض تطبيق الفصل السابع.

وأضاف "نعتقد أننا نسير باتجاه تصويت على هذا القرار مطلع الاسبوع المقبل." لكنه أشار الى أن رعاة مشروع القرار سيكونون منفتحين بخصوص فقرة تسمح بارجاء تنفيذه لمدة "أيام قليلة" بمجرد اقراره.

تعديل مشروع القرار الغربي

ويتوقع ان يصوت مجلس الامن الدولي على مشروع قرار بصيغة معدلة يرمي الى البدء في العاشر من حزيران/يونيو بتنفيذ اتفاقية لانشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

وقد وزع الغربيون صيغة معدلة لمشروع قرارهم حول هذه المحكمة يحدد 10 حزيران/يونيو موعدا لانشائها الا اذا تفاهمت الاطراف اللبنانية نفسها على ذلك قبل هذا التاريخ.

وبحسب الصيغة المعدلة التي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها فان مجلس الامن يقرر "البدء بالتنفيذ في العاشر من حزيران/يونيو 2007" وليس فورا كما جاء في الصيغة الاصلية لاحكام الاتفاقية الموقعة بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية حول انشاء محكمة خاصة لمحاكمة قتلة رفيق الحريري.

وتوضح الصيغة الجديدة ان هذا البند سيطبق "الا اذا قدمت الحكومة اللبنانية قبل هذا التاريخ اشعارا" بان اتفاقا قد حصل في لبنان في اطار دستوري وطني للتصديق على هذه الاتفاقية.

وهذا هو التعديل الوحيد المهم الذي اجري على النص ويهدف الى الاخذ بالاعتبار اعتراضات بعض الدول الاعضاء لاسيما اندونيسيا التي ترغب بابقاء الباب مفتوحا لبعض الوقت بهدف التوصل الى تسوية بين اللبنانيين حسب ما اعلن دبلوماسي لوكالة فرانس برس.

ولا يتوقع اقرار مشروع القرار قبل الاربعاء بحسب الدبلوماسيين مما يترك 11 يوما امام اللبنانيين للتوصل الى اتفاق فيما بينهم.

وكان قد تقرر انشاء المحكمة مبدئيا في العام 2005 بموجب القرار 1595 الصادر عن مجلس الامن الدولي. ووقعت اتفاقية لانشاء هذه المحكمة بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية لكن المصادقة عليها من مجلس النواب اللبناني في بيروت كما ينص الدستور اللبناني لم تتم بسبب الازمة السياسية الحادة التي تعصف بلبنان منذ تشرين الثاني/نوفمبر.

ويعتبر الرئيس اللبناني المقرب من سوريا اميل لحود حكومة فؤاد السنيورة المدعومة من الغرب "غير شرعية". ويرفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري احد اقطاب المعارضة دعوة المجلس للانعقاد للسماح بمواصلة عملية المصادقة.

وقد جرت مؤخرا مساع عديدة غير مثمرة لمساعدة اللبنانيين على الخروج من هذا الطريق المسدود خصوصا من قبل المستشار القانوني للامين العام للامم المتحدة نيكولا ميشال.

وقتل رفيق الحريري مع 22 شخصا اخرين في اعتداء بشاحنة مفخخة في شباط/فبراير 2005 في بيروت التي كانت خاضعة في حينه للسيطرة السورية.

واشارت تقارير مرحلية للجنة التحقيق الدولية الى احتمال ضلوع مسؤولين امنيين سوريين في اغتيال الحريري في شباط/فبراير 2005 في بيروت حين كان لبنان لا يزال تحت الوصاية السورية.

لكن دمشق تنفي اي علاقة لها بهذا الاغتيال وتقول انها غير معنية بالمحكمة. وما زالت الصيغة الجديدة لمشروع القرار موضوعة بشكل اساسي تحت الفصل السابع من شرعة الامم المتحدة الذي يجيز لمجلس الامن التحرك في حال اي تهديد للسلام بالرغم من اعتراض روسيا.

وصرح دبلوماسي غربي ان واضعي النص يصرون على هذه النقطة لكي يرسل المجلس "اوضح اشارة" الى الاطراف اللبنانية بان انشاء المحكمة لا يمكن ان يكون "موضوع نزاع".

وقال سفير فرنسا جان مارك دو لا سابليير ان اعتراضات ظهرت خلال المشاورات حول بعض النقاط الواردة في المشروع من قبل بعض المندوبين خصوصا روسيا مضيفا ان الدول الراعية لمشروع القرار(الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) باشرت بادخال تعديلات طفيفة عليه "لتحسينه".

امريكا تعزز الجيش اللبناني

من جهة اخرى ارسلت الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب مساعدات عسكرية للبنان بينما نشر الجيش قوات اضافية حول مخيم فلسطيني حيث يخوض اشتباكات مع متشددين اسلاميين طوال هذا الاسبوع. بحسبCNN.

وسرت هدنة هشة بين الجيش وجماعة فتح الاسلام المسلحة في مخيم نهر البارد في شمال لبنان حيث تتمركز الجماعة على الرغم من اشتباكات متقطعة.

وقال وزير الدفاع اللبناني الياس المر ان الحكومة افسحت المجال للمفاوضات لكنه اضاف ان "الجيش اللبناني لن يتراجع عن تثبيت الامن والنظام والسلم الاهلي... المطلوب تسليم هؤلاء الارهابيين والمجرمين الى الجيش والقضاء العسكري."

وقال مصدر فلسطيني انه يتخوف من ان الجيش اللبناني يعد لعملية واسعة ضد المتشددين خلال الثماني والاربعين ساعة المقبلة مما قد يفجر المشاكل في مناطق اخرى في لبنان. وأدى القتال الى مقتل 33 جنديا على الاقل و25 متشددا في أسوأ اعمال عنف داخلية تشهدها البلاد منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وفر الاف اللاجئين الفلسطينيين من المخيم حيث قالت مصادر فلسطينية ان 18 مدنيا على الاقل قتلوا وجرح 100.

وتوعدت جماعة تطلق على نفسها اسم تنظيم القاعدة في بلاد الشام بتنفيذ تفجيرات في لبنان وهجمات ضد المسيحيين مالم تسحب بيروت قواتها من حول مخيم نهر البارد.

وقال متحدث عرف بانه القائد العسكري للجماعة في شريط فيديو نشر على الانترنت "لن يبقى بعد اليوم لصليبي في لبنان مأمن وكما تضربون ستضربون."

وقالت مصادر امنية ان ست طائرات عسكرية امريكية وعربية على الاقل وصلت الى مطار بيروت محملة بالذخائر والمناظير الليلية من المستودعات الامريكية في المنطقة ومن الاردن والامارات العربية المتحدة.

وطلبت بيروت المزيد من المساعدات الامريكية والعربية بعد اندلاع القتال.

وقال توم كيسي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "ما يفعله اللبنانيون الان هو محاولة فرض القانون والنظام وترسيخ سيادة القانون في لبنان وهذا شيء في مصلحة الجميع."

وقدمت الولايات المتحدة نحو 45 مليون دولار مساعدات عسكرية للبنان خلال العام المنصرم.

ووافق الكونجرس في وقت متأخر على طلب في الميزانية بتقديم 770 مليون دولار كمساعدات للبنان يخصص منها 280 مليون دولار للمساعدات العسكرية. ويأتي هذا بالاضافة الى 230 مليون دولار تمت الموافقة عليها العام الماضي للبنان ليصل حجم المساعدات الامريكية حتى نهاية هذا العام الى مليار دولار.

واعرب امين عام حزب الله حسن نصر الله عن تشككه بالدور الامريكي ودعا الى تشكيل حكومة انقاذ لحل الازمة. وقال "المطلوب وهذا سؤال كبير ...تحويل لبنان ايضا الى ساحة قتال بين الامريكيين والقاعدة" محذرا من ان "الدخول الى مخيم (نهر البارد) هو تضحية بالجيش اللبناني وبالشعب الفلسطيني وبلبنان."

وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) ان حوالي 15 الفا مازالوا في المخيم الذي تعرض لقصف عنيف من الجيش في وقت سابق هذا الاسبوع.

ونزح الالاف من الفلسطينيين من المخيم خلال الهدنة الهشة التي بدأ سريانها الثلاثاء ومعظمهم لجأ الى مخيم قريب للاجئين يقدم فيه عمال الاغاثة المساعدات.

وقال شهود ان جنودا اضافيين وصلوا الى المخيم الذي لا يسمح للجيش بدخوله وفقا لاتفاق عربي ابرم عام 1969. والجيش اللبناني الذي يبلغ قوامه 40 الفا مثقل بالفعل بأعباء بعد ان انتشر على طول الحدود مع اسرائيل جنوبا ومع سوريا في الشرق والشمال وفي محيط بيروت.

وتعهد زعماء لبنانيون بالقضاء على الجماعة التي يقودها فلسطيني لكنها لا تحظى بتأييد كبير بين اللاجئين الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم 400 الف شخص.

وأحصت وزارة الدفاع اللبنانية سقوط ما بين 50 و60 قتيلا في صفوف المتشددين خلال الاشتباكات التي يقول الجيش انها بدأت عندما نفذت جماعة فتح الاسلام هجمات على جنود. ويقول المتشددون انهم كانوا يدافعون عن انفسهم. وجماعة فتح الاسلام تسير على نهج تنظيم القاعدة. وتقول السلطات اللبنانية انها اعتقلت مواطنين من السعودية والجزائر وتونس وسوريا ولبنان اعضاء بالجماعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28 آيار/2007 -10/جمادي الأول/1428