ها انا ذا قد تجاوزت الستين من عمري وتقاعدت، ولم يعد لي عمل في
دوائر الدولة، وصار ترك البيت لا يتم الا بمناسبات(كبرى)!!
والان، والحال هذه، لم يعد لي ما يسلبني او يمتص وقتي الطويل الممل
غير التلفزيون، ولما كانت الكهرباء تقول ولا تفعل، فان التلفزيون قد
تخلى عني الا في سويعات قليلة، وحكمت على نفسي ان لا اتركها تضيع سدى
فبت انتقل من فضائية الى اخرى لا طلع على الحال السياسية ولا تعرف على
ما يجري في بلدي من مآسٍ واحزان.
احدى الفضائيات العراقية كانت مثيرة لاهتمامي، وليس مثار الاهتمام
في هذه الفضائية الا مراسلها او شاهد العيان(ابو عبد الله).. فهذا
المراسل واسع الذمة تسمعه ينقل لك خبراً من البصرة، ثم ينقلك الى
الموصل ليستعرض على مشاهدي الفضائية اياها حدثا اخر، وبعد دقائق تسمعه
ولا ترى صورته، وهو يقول لك انه في الفلوجة.
وما ان ينهي قصته الخبرية من هناك حتى ينتقل الى الدورة ومنها الى
الاعظمية، ليقفز بمساعديه الى التاجي ثم الى الحويجة ولا ينسى ان يمر
ببعقوبة وهبهب، وبينما انت مشدود الى حديثة في الفضائية(اياها) واذا به
يعود بك الى كبيسة! وبعدها حديثة ثم الى بيجي وهلم جرا.
هذا(الشاهد عيان) كما تسميه الفضائية(اياها) يثير العجب فهو موجود
في كل مكان في غرب وشمال بغداد ثم في ديالى ومنها الى كركوك ومنها الى
الدور حيث يروي حكاياته! الكاذبة والملفقة والمضللة..
هذا(السوبرمان) التلفزيوني لا مثيل له في اية محطة فضائية عراقية
كانت او اجنبية، وهو اكتشاف او معجزة هذه القناة في القرن الحادي
والعشرين!.
هنيئاً للفضائية بـ(كاسبر) الجديد، وهو يصول ويجول من مكانه في
الفضائية مع انه لا يبرح بغداد!. |