![](images/154.jpg)
شبكة النبأ: الحركات الاسلامية
المعتدلة تحاول بشتى السبل ان تدافع عن خطابها وسط بيئة شاذة من العمل
الارهابي والتطرف الحامل للعنوان الاسلامي ايضا، وتاتي صعوبة الفصل
وعسر توجيه الانطباع العام عن التطرف واظهار الصورة المشرقة التي
يتوخاها الاسلاميون المعتدلون، إضافة الى مصارعة الاعلام الدولي
والمحلي الذي يخلط الاوراق، هذه جعلت من البعض يؤيد حل الحركات
الاسلامية التي تطلق على نفسها بالمعتدلة، فيما يرى البعض الآخر معاودة
النضال رغم التشويه الذي يمارسه الارهاب والفكر التكفيري وممارسة العمل
باعتدال لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
وعلى ذلك دعا قيادي اسلامي مغربي الحركات الاسلامية في العالم
العربي الى التكتل واعادة مراجعة تنظيماتها لتتوافق مع واقع الناس بدل
التفكير في حل تنظيماتها.
وقال محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والاصلاح الاسلامية المعتدلة
التي تتعرض لانتقادات واسعة بالرغم من نبذها العنف ان "حل التنظيمات
الاسلامية في العالم العربي في ظل الظروف الحالية غير ملائم خاصة فيما
يتعلق بانتشار الفكر المتطرف والارهاب."
واضاف الحمداوي في مقابلة مع رويترز "التنظيمات الاسلامية مطالبة
بالمراجعة والملاءمة مع واقع الناس لان اي تنظيم جمد اشكاله الهيكلية
لسنوات والعالم يتحرك من حوله لن يواكب هذه التحولات."
وقال "وفي نفس الوقت لست متفقا مع حل التنظيمات خاصة تنظيم الاخوان
المسلمين."
واعتبر الحمداوي ان "التنظيمات الاسلامية الموجودة في المغرب
لاعلاقة لها بتنظيم الاخوان المسلمين وليست امتدادا لها."
وقال: ان "المجال يسع كل التنظيمات والاحتياجات الروحية لمجتمعاتنا
وعقلية الاقصاء لا يجب ان تبقى هي السائدة."
وكان الجدل قد احتدم مؤخرا في العالم العربي حول حركة الاخوان
المسلمين بين من ينادي بحلها ومن ينادي بضرورة تحديث خطابها ومراجعته.
وقال الحمداوي ان "عقلية الاقصاء من شأنها اذكاء الفكر المتطرف."
واضاف ان "عمل الحركات الاسلامية المعتدلة في المغرب على مدى 30 سنة
أجل ظهور فكر الغلو والتشدد في البلاد بشكل مبكر لان الحركات الاسلامية
المغربية التي تتبنى في مجملها موقفا ينبذ العنف بكل اشكاله ساهمت في
تأطير الشباب في الجامعات وفي المجتمع بصفة عامة."
ورغم ان الحركة سارعت بعد تفجيرات الدار البيضاء الانتحارية في مايو
ايار من عام 2003 التي خلفت 45 قتيلا منهم المهاجمين الثلاثة عشرة الى
ادانة هذه التفجيرات واعتبرتها عملا ارهابيا الا ان سياسيين مغاربة
ينتمون الى تيارات علمانية اتهموها بتغذية العنف معنويا.
وشكلت الحركة بزعامة المغربي احمد الريسوني مع "الحركة الشعبية
الدستورية الديمقراطية" في عام 1996 حزب العدالة والتنمية المغربي
الاسلامي المعتدل المعارض والذي يتوقع محللون مغاربة واجانب ان يفوز في
الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر ايلول المقبل.
وفي الانتخابات التشريعية عام 2002 أصبح الحزب ثالث اقوى حزب مغربي
بعد حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي الاساسيين في الائتلاف الحكومي.
وشن كتاب صدر مؤخرا لباحث اسلامي مقرب من الدوائر الرسمية هجوما على
الحركات الاسلامية المغربية بصفة عامة وحركة التوحيد والاصلاح بصفة
خاصة.
وقال ان الحركات الاسلامية المغربية سقطت في فخ "العمل السياسي
الدنيئ" بعد فشلها "فشلا ذريعا في عملها الاساسي الدعوي."
لكن الحمداوي قال ان "الانتقادات التي تنحو منحى التنافي بين الدعوي
والسياسي ليست جديدة بل الحركة الاسلامية حينما انتقلت من تنظيم محوري
الى تنظيم رسالي اي مهمته وقضيته هي الانفتاح على المجتمع لاقامة الدين
والعمل من خلال المؤسسات الموجودة داخل المجتمع اضحت تصاحبه مثل هذه
الانتقادات."
واضاف "هذا غير صحيح لان الصيغة التي اعتمدتها الحركة تنفي ذلك،"
وعن امكانية فصل الحركة نهائيا عن الحزب وقال: ان "حكاية الوصل او
الفصل ليست بهذه السهولة .. هناك ايضا من يتكلم عن الدمج ونحن اخترنا
الاستقلالية والتمايز في مجالات العمل."
وتغذي الحركة معنويا حزب العدالة والتنمية وقال الحمداوي ان "
الحركة مدنية تشتغل في المجال الدعوي والتربوي والسلوكي لكن لا تهتم
بالقضايا الحزبية."
وترفع الحركة شعار "شراكة بين الحزب والحركة وتمايز في مجالات
العمل."
واعتبر هذا "التمايز لا يعني القطيعة لان مشروع الحركة دعوي ومشروع
الحزب السياسي يتكاملان."
وقال ان "اخر قرارات الحركة اي مسؤول عن هيئات الحركة لن يترشح
للانتخابات التشريعية المقبلة."
واضاف "هيئات الحركة ليس في جدول اعمالهم شيئ اسمه العمل الحزبي او
تسيير الشأن العام هذا موكول الى الحزب."
مشاركة علماء الدين
واكد علماء الدين في المغرب انهم يريدون المساهمة في مكافحة الارهاب
والفكر التكفيري بعد التفجيرات التي نفذها انتحاريون في المملكة في
آذار/مارس ونيسان/ابريل الماضيين.
وكان علماء الدين عقدوا للمرة الاولى ندوة كبيرة حول مكافحة الارهاب
نظمها المجلس العلمي الاعلى بهدف البرهنة على ان "المبررات التي يتخذها
الارهابيون ذريعة لازهاق الارواح البريئة لا اساس لها في الشريعة
الاسلامية. بحسب الفرانس برس".
ودان الكاتب العام للمجلس العلمي الاعلى في المغرب محمد يسف في
تصريحات "الارهابيين وحججهم الدينية المزعومة" لكنه دعا الى حوار ديني
هادىء مع الشبان المغاربة.
وقال: ان "العلماء يجب ان يبرهنوا على قدرتهم على الاصغاء وعلى
انفتاح حيال الشباب". وموضحا: ان "علماء شبابا مؤهلين بشكل جيد هم افضل
الذين يمكنهم القيام بمهمة الحوار مع الشباب".
وقالت حنان الرابون احدى المرشدات لوكالة فرانس برس "يجب ان نقول
للشباب ان عليهم الا يتأثروا بالذرائع الدينية التي تصدر عن اي كان بل
عن ائمة المساجد المؤهلين".
من جهتها اكدت ثريا اليحيى العضو في المجلس الجهوي لعلماء مكناس: ان
المغرب لم يشهد الخلافات الدينية التي حدثت في المشرق العربي موضحة:
انه "لا وجود لشيعة او خوارج في المغرب".
واضافت: ان "الحل يكمن في القضاء على الفقر لان الارهاب لدينا بسيط
اذ ان الحاجة المادية هي التي تدفع الشبان الى الارهاب"، ورأت ان "الارهاب
سيكون اخطر لو انبثق عن النخبة".
لكن حسن العلمي من المجلس العلمي في القنيطرة يخالفها الرأي مشيرا
الى ان "الفقر في دول اخرى لم يؤد الى الارهاب".
وقال انه "يجب دفع الشباب الى الاعتدال في الدين"، وتابع: ان
"الفروق بين الاغنياء والفقراء ليس سمة المغرب وحده".
اما مصطفى بن جمزة من المجلس العلمي في وجدة فيراى: ان "اعتبار
الارهاب ناجما عن الفقر يجعل من المستحيل تقديم اي تفسير لاعتداءات
مدريد (2004) ولندن (2005)".
من جهته عبر محمد يسف عن اسفه "للربط بين الارهاب والاسلام من قبل
بعض وسائل الاعلام" مؤكدا ان "الاسلام هو اكبر عدو للارهاب".
وخلال الندوة التي عقدت في الدار البيضاء حول "حكم الشرع في دعاوى
الارهاب" برعاية عاهل المغرب الملك محمد السادس رأى العلماء ان تفسير
ظاهرة الارهاب بالاوضاع المعيشية الاجتماعية تفسير قاصر لان الارهاب
يحاول اصباغ الشرعية الدينية على مشروعه من منطلق التكفير".
ورأوا ان "اهل السنة وكل مجتهديهم لم يكفروا احدا بسبب نقص عمله او
بسبب اخطائه لان مسألة الايمان مسألة قلبية ولان العمل شرط كمال في
الايمان وليس شرط صحته".
وقالوا ان "اطلاق اصحاب الفكر التكفيري لفظ الجاهلية على العصر
الراهن فتح على المسلمين بابا من ابواب الفتنة والشر استغله ذوو
الامزجة المنحرفة والنوايا الخبيثة ليشككوا الناس في دينهم وشريعتهم
ويتخذوه ذريعة لتكفيرهم واعلان الحرب عليهم".
واكدوا ان "دعوى الارهابيين المتعلقة بمعاداة الديموقراطية باطلة
لانها تحرم المسلمين من الاسلوب الذي ابتكرته الانسانية لتطوير الشورى"
معتبرين ان رفع "دعوى الحاكمية والخروج على الاجماع فتح باب الفتنة
والعنف على مصراعيه".
ودان العلماء "هؤلاء التكفيريين" محذرين من "باطل دعواهم وسوء
قصدهم"، وقد رأوا ان "كثيرا من المحرضين على الارهاب في الوقت الراهن
هم خوارج جدد اعلنوا الحرب على المسلمين واحيوا الفتنة وارهبوا المجتمع
يقتلون ويدمرون دون وازع من خلق او دين". |