المالكي.. سبتمبر القادم والمهمة المستحيلة

 شبكة النبأ: بدأت الادارة الامريكية مؤخرا تنحو منحا تراجعيا يتسم بطابع البطئ في دعم الحكومة العراقية المنتخبة، وهي بهذا تلمح الى احتمال تبنيها لاحدى توصيات لجنة دراسة الاوضاع في العراق التي قدمت نهاية العام الماضي والتي تدعو الى تحديد اهداف سياسية مصحوبة بجدول زمني يتعين على الحكومة العراقية تحقيقها مقابل استمرار الدعم الامريكي.

وتتضمن هذه الاهداف تحقيق مصالحة حقيقية، وحل مشكلة اجتثاث البعث، واقرار قانون النفط وتوزيع الثروات، وغير ذلك.

وقال محللون لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، تشير التغيرات في  التبني المتزايد لمقررات بيكر – هاملتون ومنها تحقيق الاتصالات بصورة غير مباشرة مع سوريا وايران الى تراجع ملحوظ في سياسة البيت الابيض، وهذه التراجعات الرسمية جاءت تحت تاثير عوامل عديدة اهمها كان الاستقطاب السياسي بين الكونغرس الامريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيين وبين حكومة بوش التي تمضي اخر جزء لها في فترة الحكم. وهو استقطاب يلقي بظلاله الثقيلة على العملية السياسية في امريكا نفسها.

يضاف الى ذلك التحولات التي بدأت تظهرعلى مواقف الجمهوريين في الكونغرس، حيث يتعين الآن عليهم الاستماع الى اصوات ناخبيهم في ولاياتهم ايضا وليس الى رئيس الادارة الامريكية فقط. واخيرا يبقى التدهور الامني في العراق هو الهاجس الاول والاخير الذي يفرض الحلول في الايام القادمة.

وبعد عام في السلطة يواجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتهامات بعدم انتهاز الفرص لتنفيذ تغييرات مؤلمة مطلوبة لتحقيق الاستقرار في البلاد. حسب رويترز.

وتولى المالكي السلطة في صورة رجل قوي قادر على اتخاذ القرارات الصعبة خاصة فيما يتعلق بكبح جماح جيش المهدي وهو ميليشيا شيعية موالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والتي تتهم بإدارة فرق موت طائفية.

ويقر مسؤولون من داخل الائتلاف الذي يقوده المالكي ومن خارجه بأن تحقيق الاستقرار في العراق قد يكون "مهمة مستحيلة" لكنهم قالوا ان المالكي كان يتعين عليه تعديل مجلس الوزراء الضعيف الذي فشل في تقديم الخدمات الاساسية وتحقيق الامن.

وفشلت سلسلة من الخطط الامنية المدعومة من الولايات المتحدة في انهاء العنف في البلاد ويبدو أن المقاتلين كثفوا هجماتهم خارج العاصمة.

ويقول بعض المسؤولين من السنة العرب ان مستشاري المالكي وأغلبهم من أعضاء حزب الدعوة الشيعي الذي ينتمي اليه المالكي قد أعطوا رئيس الوزراء صورة مشوهة ومنحازة عن الوضع.

وقال مسؤول شيعي بارز ان انصار الصدر سمحوا للمالكي في بادئ الامر بالقيام بحملة على جيش المهدي.

وأضاف المسؤول وهو ليس من التكتل الصدري "الصدريون أعطوا المالكي فرصة عظيمة. فرصة لم يعطوها ولن يعطوها لاي رئيس وزراء اخر... أعطوه الضوء الاخضر لملاحقة الميليشيا."

وأضاف أن حكومة المالكي الضعيفة وقوات الامن غير الفعالة المخترقة من الميليشيات فشلت في الاستفادة الى أقصى حد من هذه الفرصة.

ويتفق المحللون على أن حكومة المالكي غير قادرة على السيطرة على أجزاء كبيرة من العراق وانهاء العنف.

وقال مسؤول حكومي لرويترز "الكل يعرف الان أن الحكومة لا تفي بالتزاماتها. المالكي نفسه يعرف ذلك ولذلك يستمر في قطع الوعود للشعب بإجراء تعديل."والوقت هو جوهر المسألة بالنسبة للمالكي.

فالقائد الامريكي في العراق سيعد تقريرا عن التقدم الذي تحقق في سبتمبر أيلول المقبل نتيجة الحشد العسكري الامريكي بعد تدفق آلاف القوات الاضافية على البلاد.

وتريد واشنطن ان يتم تحقيق أهداف مهمة لانهاء العنف بحلول ذلك الوقت. وتشمل هذه الأهداف تعديل الدستور وقانون نفط جديد يساعد في جذب الاستثمارات وانهاء حظر على تولي أعضاء حزب البعث السابقين مناصب حكومية.

تعهد المالكي الذي اعتمد على الصدر في الحصول على دعم سياسي مرارا بتعديل مجلس وزرائه لتعيين وزراء أكثر كفاءة. لكن وعوده لم تسفر عن شيء.

والشهر الماضي سحب الصدريون وزراءهم الستة من الحكومة وتركوا للمالكي اختيار من يحل محلهم.

لكن المالكي يتهم الان من داخل ائتلافه بالحرص الشديد على ترقية المقربين منه بشكل شخصي ومساعديه من حزب الدعوة.

ودافع مسؤولون بالحكومة عن المالكي بقولهم ان النظام السياسي العراقي المتصدع يجعل من الصعب على رجل واحد تحقيق انجازات كبيرة.

وقال مسؤول شيعي اخر "يتعين ارضاء الجميع. البرلمان والفصائل السياسية والقيادة الدينية والجماعات العرقية والطائفية جميعها على قائمته ويتعين عليه التعامل مع كل ذلك."

وأضاف "وما يزيد على ذلك هو ان كل هذه الجماعات لا تعمل معا أو تنسق العمل فيما بينها."

وأقر علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة أن الوضع صعب لكنه قال ان الانجاز الكبير الذي حققه المالكي هو الترويج للمصالحة بين الفصائل. وتابع ان هذا عمل شجاع وأن المالكي تعامل بجدية.

وابلغ العديد من المسؤولين من الاقلية العربية السنية التي تشكل العمود الفقري للمقاتلين رويترز أن المالكي يحتاج لاحداث تغيير كبير في العاملين. وأضافوا أن الاشخاص المحيطين به يقدمون له تقارير منحازة.

وقال مسؤول سني من جبهة التوافق "عندما نجلس معه يستمع الينا ويبدو مقتنعا بما نقوله له وبما نشكو منه. ويعد بحل الامور بشكل مختلف."

بوش يحث المالكي

وقال البيت الابيض إن الرئيس الامريكي جورج بوش اتصل برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الاثنين وحثه على التحرك نحو تحقيق المصالحة السياسية بين الجماعات المتناحرة هناك. حسب تقرير لرويترز.

ويتعرض المالكي لانتقادات من جانب أعضاء الكونجرس الامريكي بسبب عدم التحرك بالسرعة الكافية لاقرار قانون اقتسام العائدات النفطية وسائر الاجراءات التي تستهدف تحقيق المصالحة السياسية في العراق.

وجدد بوش دعمه للمالكي في مكالمة هاتفية توافق مرور عام على توليه رئاسة الحكومة في العراق.

وقال توني فراتو المتحدث باسم البيت الابيض "الرئيس أكد مجددا ثقته في رئيس الوزراء وأشار الى الشجاعة التي أظهرها خلال عام مليء بالتحديات والصعوبات."

وشدد المالكي على التزامه بالمصالحة وأطلع بوش على آخر التطورات بشأن مبادرات المصالحة التي تهدف الى إبعاد العرب السنة عن الانخراط في العمليات المسلحة واشراكهم في العملية السياسية الى جانب الشيعة والاكراد.

بوش يؤكد ثقته

واعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي جورج بوش اكد من جديد ثقته في رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وسط شعور بالاحباط من امكانية احراز تقدم في العراق.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية توني فراتو لوكالة فرانس برس، ان بوش اتصل بالمالكي بمناسبة مرور سنة على توليه رئاسة الحكومة و"اكد مجددا ثقته برئيس الوزراء واشار الى الشجاعة التي ابداها خلال سنة صعبة ومليئة بالتحديات".

واكد المالكي من جهته في بيان التزامه بتحقيق مصالحة بين الفصائل المتحاربة في البلاد واحلال مزيد من الامن في العاصمة.

واكد المالكي تصميمه على "تطبيق مبادرة المصالحة والحوار الوطني ومواصلة عملية اعادة اعمار البلاد وخطة فرض القانون" الامنية.

لكن فراتو اكد في الوقت نفسه من كروفورد حيث يمضي الرئيس جورج بوش عطلة ان تقدم العراقيين في تنفيذ مبادرات المصالحة الاساسية "لا يتم بالسرعة التي يرغب فيها كل منا".

تحديد المصير في سبتمبر

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش انه يعتقد ان شهر سبتمبر ايلول القادم سيشهد "لحظة مهمة" لتقييم مدى التقدم الذي حققته خطته لزيادة القوات في العراق.

ويتعرض بوش لضغوط من اعضاء الكونجرس من حزبه الجمهوري لاظهار تقدم في العراق بحلول سبتمبر او يخاطر بأن ينفضوا من حوله.

وقال انه يتوقع ان يتلقى تقييما لاثار خطة زيادة القوات من الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق.

وفي مقابلة مع رويترز سئل بوش ان كان يعتبر سبتمبر فترة حاسمة فقال "أعتبره لحظة مهمة لأن ديفيد بتريوس يقول ان ذلك هو الموعد الذي سيكون لديه تقييم سليم فيما يتعلق باثار الزيادة (في القوات)."

وفيما يتعلق بمخاوف المشرعين الجمهوريين قال بوش "انهم يعتقدون انها لحظة مهمة.. انهم في انتظار ما سيقوله (بتريوس)... هم يدركون حقيقة ما قاله (انني سأقدم تقريرا وسأطلعكم على مدى التقدم)."

ويخوض البيت الابيض اختبار ارادة مع الكونجرس الذي يقوده الديمقراطيون حول مشروع قانون قيمته 100 مليار دولار لتمويل الحرب في كل من العراق وافغانستان.

ويريد الديمقراطيون ربط التمويل بجدول زمني لانسحاب القوات لكن بوش يرفض.

وفي المقابلة مع رويترز قال بوش ان المشرعين بحاجة الي ان يتفهموا عواقب الفشل في العراق وان احدى النتائج ستكون تشجيع القاعدة.

وقال بوش انه سيلقي كلمة يوم الاربعاء "يذكر فيها الناس بأن القاعدة هي العدو رقم واحد للشعب في العراق والعدو رقم واحد للشعب في امريكا."

الجيش العراقي يضع خططاً لملء الفراغ

وبدأ الجيش العراقي وضع خطط للتكيف مع أي انسحاب سريع للقوات الأمريكية، ويتزامن كشف وزارة الدفاع العراقية مع تحذير مسؤول أمريكي رفيع أن إدارة الرئيس جورج بوش قد تعيد النظر في دعمها لحكومة بغداد حال فشلها في إجراء إصلاحات محورية بحلول الخريف.

وقال وزير الدفاع العراقي عبدالقادر العبيدي للـCNN، أن الجيش يعكف على رسم خطط للتعامل من الأوضاع حال انسحاب سريع للقوات الأمريكية من بلاده.

وأضاف "خطط الجيش تستند على أسوا السيناريوهات وحتى لا نسمح بأي فراغ أمني.. هناك لقاءات مع القيادات السياسية حول كيفية التعامل مع انسحاب مفاجئ."

ولم يتضح إذا ما كانت تعليقات وزير الدفاع العراقي تشير إلى خطة طوارئ روتينية أو مؤشر يعكس إحساس قادة العراق بأن الدعم الأمريكي باتت أيامه معدودة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 23 آيار/2007 -5/جمادي الأول/1428