بريطانيا تتأرجح بين سلبيات الهجرة وفوائدها الاقتصادية

شبكة النبأ: يعد شعور البريطانيين بالقلق بخصوص تدفق المهاجرين من انحاء العالم موضوعا آخذا في التصاعد مع اقتراب الانتخابات المحلية في مايو ايار رغم أن البعض يقول في الوقت نفسه إن الناس يتغاضون عن المزايا الاقتصادية الايجابية للهجرة.

وكتب وزير الهجرة ليام بايرن يقول إن البلد أصبح "غير مستقر بدرجة كبيرة" بسبب أكثر من نصف مليون مهاجر من شرق أوروبا أغلبهم من بولندا وصلوا إلى البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية.

وقال 82 في المئة من بين 2254 بريطانيا أستطلعت اراؤهم في مسح أجرته مؤخرا مؤسسة (يو جوف) إن الحكومة لا تسيطر على الهجرة. وقال 31 في المئة فقط إن المهاجرين مفيدون للاقتصاد الوطني. حسب تقرير لرويترز

وانعكست وجهات نظرهم في الصحف التي تنشر عددا كبيرا من المقالات بشكل منتظم ينادي بتشديد القيود على الهجرة.

وقال مقال رأي في صحيفة ديلي تلجراف "يجب أن تستعيدوا السيطرة على حدودنا.. الآن". بينما قالت ديلي ميل في عنوان رئيسي الشهر الماضي "طفرة في أعداد أطفال المهاجرين.. جهاز الصحة الوطنية يعاني بسبب المهاجرين من أوروبا الشرقية".

غير أن خبراء الاقتصاد يقولون إن المهاجرين أضافوا مليارات الجنيهات الاسترلينية للثروة الوطنية البريطانية وساهموا في السيطرة على التضخم. كما أن أصحاب العمل لا يشتكون.

ويضيف الخبراء أن ملاك العقارات استفادوا من النمو الحالي إلى حد كبير من التضخم في صورة أسعار فائدة منخفضة.

ووضع ستيفن بويلي الخبير الاقتصادي في رويال بنك أوف اسكتلند عنوانا لمذكرة بحثية في يناير كانون الثاني يقول "السباكون البولنديون.. يصلحون المواسير ويبقون رهنكم العقاري منخفضا".

وتشير احصائيات وزارة الداخلية إلى أن قرابة 600 ألف مهاجر من شرق أوروبا أتوا للعمل في بريطانيا منذ انضمت بلدانهم إلى الاتحاد الاوروبي في عام 2004. وهذا أكبر بكثير للغاية من عدد المهاجرين الذي كانت الحكومة تتوقع استقباله سنويا والبالغ 15 ألفا.

وقال ديفيد فروست المدير العام لغرفة التجارة البريطانية التي تمثل الأعمال الصغيرة والكثير منها مملوك لاسر "إنهم ..البولنديون الشبان.. لديهم أخلاق عمل أفضل بكثير من كثير من البريطانيين المحليين. ويتمتعون بمستويات من المهارات أعلى بكثير."

وأضاف فروست أن أصحاب الاعمال الذين تحدث إليهم لم يشيروا على الاطلاق الى الاجور المنخفضة بوصفها السبب الرئيسي لتشغيل مهاجرين من شرق أوروبا رغم أن هذه النقطة قد تكون غير ذات أهمية.

وذكرت تقارير أن اللورد تيرنر - وهو رئيس سابق للجنة الاجور المنخفضة التي تقدم المشورة للحكومة بشأن الحد الادنى للاجر - حذر رئيس الوزراء توني بلير الشهر الماضي من أن المهاجرين يتسببون في تراجع أجور العمال ذوي الأجور المنخفضة ويزيدون البطالة بين العمالة غير الماهرة.

وتحدث بلير بعد فترة وجيزة وقال إن العمال المهاجرين جعلوا سوق العمل "تنافسية بقوة".

ويقول خبراء الاقتصاد إن هناك مؤشرات على أن المهاجرين يحصلون على أجور أقل من العمال المولودين في بريطانيا الذين يؤدون أعمالا مشابهة غير أنهم لا يلحظون أي دلائل على أن المهاجرين يتسببون في أي زيادة في البطالة بين العمال البريطانيين.

والتركيز على الاجور قد لا يظهر الصورة الشاملة للوضع.

وقال بويلي الخبير الاقتصادي في رويال بنك أوف اسكتلند "ما فعلته الهجرة حتى اليوم هو الاضافة الى المعروض من العمالة في المملكة المتحدة من حيث الكم والكيف."

وأضاف "هذا يزيد من قدرة الاقتصاد على استيعاب العمالة ومن ثم السماح له بالنمو بشكل أسرع مما سيكون قادرا عليه في غياب هذه الزيادة."

وتشير تقديرات الحكومة البريطانية إلى أن الزيادة في العمالة تعني أن الاقتصاد يمكن أن ينمو بشكل اسرع من دون زيادة التضخم. وتتوقع حاليا أن الاقتصاد يمكن أن يحقق نموا سنويا بنسبة 2.75 في المئة دون دفع الأسعار إلى الزيادة وذلك ارتفاعا من تقديرات سنوية بنمو يبلغ 2.5 في المئة سنويا.

ويمكن أن يترجم ذلك إلى إضافة 16 مليار جنيه استرليني (32 مليار دولار) من الثروة على مدى السنوات الخمس القادمة.

غير أن من الصعب إقناع الجمهور بذلك.

فمزايا النمو السريع وانخفاض اسعار الفائدة توزع على السكان غير أن الأعباء التي يتحملها العمال المولودون في بريطانيا - الذين يجدون أجورهم ثابتة - أكبر.

والتوجهات الشعبية بخصوص الهجرة آخذة في الجمود.

فقد أظهر استطلاع (يو جوف) في يناير كانون الثاني أن 63 في المئة من البريطانيين

يوافقون بشدة على ضرورة وضع قيود بخصوص عدد المهاجرين المسموح لهم بدخول البلاد سنويا ارتفاعا من نصف عدد الذين استطلعت آراؤهم قبل عشرة شهور.

ومثل هذا الاستياء قد يكون مثمرا بالنسبة للحزب القومي البريطاني اليميني المتطرف الذي يتبنى منهجا مناهضا للمهاجرين. ويطرح الحزب 827 مرشحا بالانتخابات المحلية المقررة في الثالث من مايو ايار وهو أكثر من ضعف عددهم في انتخابات العام الماضي.

ورغم أن الحزب لا يزال هامشيا في الحياة السياسية البريطانية إلا أن القاعدة الشعبية تثير شكوكا أيضا.

وكتب وزير الهجرة بايرن يقول "ليس من العنصري أن يناقش (حزب العمل الحاكم) الهجرة.. إنه العالم الحقيقي.. العالم الذي يمثل فيه الناس الحياة."

وتعتزم الحكومة وضع نظام نقاط لإدارة الهجرة القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي. كما وضعت قيودا على عدد العمال المسموح لهم بالهجرة من رومانيا وبلغاريا المنضمتان حديثا للاتحاد في تحول عن سياسة الانفتاح مع بولندا وغيرها من بلدان شرق أوروبا في عام 2004.

وحتى الأعمال التي ترحب بالعمالة المهاجرة تشعر بالقلق من أن الاعتماد على المهارات المستوردة قد يعني إهمال بريطانيا لمستويات المهارة لدى أطفالها.

وتساءل فروست المدير العام لغرفة التجارة البريطانية "هل سيكون هذا حقا وصفة من أجل مستقبل ناجح."

لكن في الوقت نفسه لا يزال المهاجرون الذين يتدفقون من أوروبا الشرقية يجدون أنفسهم مطلوبون بشدة.

وقال أندريه كفالسكي (33 عاما) وهو بولندي يعمل في تنظيف النوافذ في لندن "البولنديون يأتون إلى هنا ويعملون بجد حقا... واعتقد أن سمعتنا جيدة هنا."

ثلث أغنياء بريطانيا.. غرباء

ازدادت ثروات كبار الأغنياء في بريطانيا نحو ثلاثة أضعاف ما كانت خلال السنوات العشرة الأخيرة، بينما بلغت نسبة الأثرياء الذين يعيشون في بريطانيا من الغرباء حوالي الثلث، وفقاً لما ذكرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية.

وذكرت الصحيفة أن ثروات أغنى 1000 شخص في بريطانيا، ضمن قائمة أغنياء قامت بنشرها، زادت بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال عشر السنوات الأخيرة.

وقالت القائمة إن نسبة الزيادة في ثروة أغنى أغنياء بريطانيا البالغة ـ260 في المائة، تتناقض مع معدل زيادة الثروة البالغ 120 في المائة بالنسبة  للسكان ككل، نقلاً عن وكالة الأنباء الصينية.

وطبقا للائحة فقد زاد عدد المليارديرات الذين يعيشون في بريطانيا إلى 68، بعد أن كان 54، وثلث هؤلاء الأشخاص من خارج بريطانيا وثلاثة  فقط من بين أغنى عشرة ملياديرات ولدوا في بريطانيا.

وأضافت الصحيفة أن أغنى شخص في بريطانيا هو لاكشامي ميتال، قطب صناعة الصلب الهندي المولد، والذي تصل ثروته الحالية نحو 19.25 مليار جنيه إسترليني أي نحو 38.5 مليار دولار أمريكي.

أما ثاني أغنى شخص فهو قطب صناعة النفط الروسي رومان أبراموفيتش ويصل حجم ثروته نحو 10.8 مليار  جنيه أي ما يقارب من 21.6 مليار دولار.

وحل في المركز الثالث بريطاني دوق وستمنستر، والذي تبلغ قيمة ممتلكاته 7 مليارات جنيه، أي ما يعادل 14 مليار دولار.

في وقت سابق، تحدثت الصحف البريطانية عن ارتفاع كبير في أرباح المسؤولين على المجموعات العقارية والاستثمارية في البلاد.

وأشارت إلى أن الأرباح السنوية لرئيس شركة باركليز بلغت 45 مليون دولار، وأنّ نحو 4200 مصرفيا بريطانيا تلقوا في السنة الماضية علاوات تفوق مليوني دولار لكل واحد منهم.

وكانت مجلة "فوربس" قد أطلقت أحدث تقرير لها حول أثرياء العالم عام 2007.

وأوضحت المجلة أن عدد أصحاب المليارات في  العالم اقترب من الألف ملياردير، وفقاً للتقرير، الذي يرصد أثرياء العالم للعام 2007، حيث انضم مزيد من الروس والصينيين والهنود للقائمة، التي ضمت 946 مليارديراً.

وقالت المجلة في تقريرها إن حجم الثروات التي يمتلكها أثرياء العالم، ارتفعت بنسبة تصل إلى 35 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى ما يقرب من 3.5 تريليون دولار، فيما ارتفع عدد المليارديرات بنسبة تبلغ 19 في المائة، حيث كان عددهم  793 مليارديراً في 2006.

الإستثمارات العربية 200 بليون دولار

بدأ متمولون عرب وروس وايرلنديون «يستعدون» للانقضاض على مبنى السفارة الاميركية في لندن فور عرضه للبيع مع استعداد لدفع ما يصل الى 300 مليون استرليني (حوالي 600 مليون دولار) ثمناً للمبنى الضخم المؤلف من تسع طبقات، الذي بدأ بناؤه أواخر الخمسينات وتم افتتاحه في الستينات وتزيد مساحته قليلاً على 133 الف قدم مربعة، ويقع في منطقة «غروفنر سكوير» الفخمة. وكانت السفارة كلفت شركة السمسرة العقارية «كوشمان وويكفيلد» التفتيش عن موقع ملائم للمبنى الجديد وبيع مبنييها، الاول في «20 غروفنر سكوير»، كانت تملكه البحرية الاميركية، والثاني في «1 و7 اودلي ستريت» بمساحة اجمالية تصل الى 100 الف قدم مربعة بمبلغ 200 مليون استرليني (400 مليون دولار).

ويضيف تقرير لـ(الحياة)، مع ان ناطقاً باسم السفارة قال امس «ان اي قرار لم يُتخذ لبيع المبنى» الا انه اكد ان «كل الخيارات مفتوحة».

وقالت هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي)، في تقرير لها، ان بيع المبنى يمكن ان يؤمن 90 مليون استرليني (180 مليون دولار) الا ان خبراء التسويق العقاري اعتبروا ان هذا السعر متدن جداً مقارنة مع العقارات المجاورة ومع سعر ثكنة تشيلسي التي باعتها وزارة الدفاع اخيراً الى شركة «الديار» القطرية ومجموعة «سي. بي. سي» الانكليزية بسعر قارب بليون جنيه استرليني وان سعر القدم المربعة قد يتجاوز في منطقة «الماي فير» وجوارها مستوى 2250 جنيها استرلينيا.

ووفق الخبراء سيتعين على الشاري هدم المبنى ليُشيِّد آخر حديثاً خصوصاً ان فترة ايجاره الطويل (ليسينغ) تمتد على مدى 939 سنة من اصل 999 سنة كان تم ابتياعه من ممتلكات دوق ويستمنستر الذي يتمتع بالملكية الحرة (فريهولد).

وبدأ التفكير بنقل السفارة الى «مكان آمن» في العاصمة بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ويجري تعزيز حمايتها تباعاً فور اكتشاف اي «مؤامرة ارهابية» في بريطانيا.

وقالت صحيفة «فايننشال تايمز»، على موقعها الالكتروني، ان شركات انكليزية وشرق اوسطية وروسية وايرلندية تُبدي اهتمامها بشراء العقارات الاميركية في لندن.

وكان سوق العقار حقق قفزات هائلة في العقدين الاخيرين، خصوصاً في مطلع القرن الجاري وشهدت لندن اخيراً اكبر صفقة عقارية في تاريخها عندما دفعت شركة اسبانية 1.6 بليون يورو ثمناً لبرج «اتش. اس. بي. سي» الذي يرتفع 210 امتار في كاناري وورف الذي يعتبر امتداداً لسوق المال اللندنية (سيتي). وحقق المصرف ارباحاً بلغت نصف بليون استرليني من المبنى الذي اكتمل بناؤه العام 2002 بكلفة 500 مليون استرليني.

وتتنافس الاستثمارات الدولية، ومن ضمنها العربية، على شراء حصص في سوق العقار بعدما اصبحت اسعارها تتحسن بنسبة تراوح بين 8 و10 في المئة سنوياً، ما يعني ان المردود الاستثماري يتجاوز ما يتحقق في سوق الاسهم او في غيرها من النشاطات الصناعية والتجارية. وتتجاوز قيمة الاستثمارات العقارية العربية في بريطانيا، وفق تقديرات متحفظة لمصرفيين عرب، مبلغ 200 بليون دولار. وتفيد دراسة لشركة «سافيلز» للسمسرة العقارية، ان غالبية الصفقات العقارية الكبيرة تمت في السنوات العشرين الاخيرة من القرن الماضي، وانه منذ تلك الفترة ارتفعت اسعار العقار اربعة اضعاف على الاقل ان لم يكن اكثر، ومن بينها منطقة كاناري وورف التي يستثمر فيها العرب ايضاً. وكان التدفق الكبير للاستثمارات العربية الى سوق العقار بدأ منتصف السبعينات بعد الصدمة النفطية في الغرب وارتفاع اسعار الخام ما اعطى الدول المنتجة قدرات مالية كبيرة راحت تبحث عن استثمارها في مجالات آمنة في طليعتها سوق العقار البريطانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- االجمعة 4 آيار/2007 -15/ربيع الثاني/1428