
شبكة النبأ: بعد عشر سنوات قضاها في
سدة الحكم البريطاني يسلم توني بلير رئاسة الوزراء الى مرشح حزبه القوي
وزير المالية الحالي حيث سيواجه الاخير مرحلة جديدة من تاريخ بريطانيا
مثقلة بمستحقات الحرب في العراق، والارهاب الذي يهدد بضرب بريطانيا
باستمرار بالاضافة الى مشاكل تتعلق بالهجرة والعلاقات الدولية. فيما
يتأمل الايرانيين تغييرا في السياسة البريطانية تجاههم مع رحيل بلير
وتولي براون السلطة.
وقال جوردون براون الذي ينتظر أن يصبح رئيس الوزراء في بريطانيا
خلفا لبلير إنه آن الأوان لتشكيل "جبهة جديدة" في السياسة البريطانية
ازاء العراق مضيفا أنه سيتعلم من الأخطاء التي ارتكبت هناك.
وقال براون الذي يشغل حاليا منصب وزير المالية لدى اعلانه ترشحه
رسميا لرئاسة الوزراء إنه يتعين أن يكون هناك تأكيد أكبر على المصالحة
السياسية والنمو الاقتصادي حتى يشعر العراقيون بأن لديهم رصيدا أكبر في
المستقبل.
وأضاف أنه سيستشير الحكومة العراقية والشعب في الاسابيع القليلة
القادمة ثم يطرح أفكارا جديدة.
وأنهى رئيس الوزراء توني بلير شهورا من التكهنات عندما قال إنه
سيتنحى في 27 يونيو حزيران بعد عشر سنوات في الحكم فيما كان ايذانا
ببدء تنافس على زعامة الحزب يبدو في حكم المؤكد أن براون سيفوز به. حسب
تقرير لرويترز.
وتسبب الغضب الشعبي إزاء تأييد بلير الشديد للحرب التي قادتها
الولايات المتحدة في العراق في التعجيل برحيله.
وأسهبت وسائل الاعلام البريطانية في الحديث عن أن براون قد يسرع سحب
القوات البريطانية من العراق. وسيخضع موقفه ازاء صداقة بريطانيا
الوثيقة لواشنطن لمتابعة عن كثب.
وقال براون في مؤتمر صحفي "أعتقد أن التركيز سيتحول خلال الشهور
القلائل القادمة. يتعين أن نركز بشكل أكبر على المصالحة السياسية في
العراق. يتعين أن نركز أكثر على التنمية الاقتصادية."
وأضاف "أقر بأن هناك أخطاء ارتكبت... سأنصت لما تقوله الحكومة
العراقية وما يقوله الشعب العراقي على الارض خلال الاسابيع القليلة
القادمة."
وقال براون إنه يعتزم زيارة الشرق الاوسط والقوات البريطانية في
المنطقة في الاسابيع القادمة.
وأضاف أن بريطانيا ستفي بالتزاماتها تجاه الشعب العراقي لكنه أضاف
أنه سينظر في اجراءات برلمانية جديدة للتعامل مع الحرب والسلام معترفا
بالارتياب الشعبي إزاء قرار حكومة بلير بالمضي قدما في الحرب المرفوضة
شعبيا إلى حد كبير.
ومضى يقول إن السياسة الجديدة ستعني أن "يكون بامكان الجميع التأكد
من أن هناك مداولات شاملة ومفتوحة ومحاسبة سليمة للحكومة في كل هذه
القرارات الكبرى".
وردا على سؤال بشأن ما اذا كانت السياسة البريطانية ازاء ايران
ناجحة قال إنه يعتقد أن العقوبات الحالية لها تأثير مضيفا أنه لن يكون
هناك تخاذل في زيادتها تدريجيا في حالة الضرورة.
وفرضت القوى العالمية مجموعتين من العقوبات على طهران عقابا لها على
تحديها لمطالب الامم المتحدة بوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم الذي يعتقد
الغرب أنه في صميم خطة لصناعة قنبلة ذرية.
وقال "خلال (ما بين) 20 و30 يوما سيتعين علينا التفكير في الموقف
وهذا بالضبط ما سنفعله على أساس رأي دولي موحد وتصميم على العمل مع
حلفائنا وخصوصا أمريكا وضمان مواصلة سياساتنا فيما يتعلق بالعقوبات حتى
تؤتي ثمارها."
براون في العراق
واعلن براون المرشح لخلافة رئيس الوزراء توني بلير انه سيزور في
فترة "قريبة نسبيا" العراق وانه لا يؤيد وضع جدول زمني لانسحاب القوات
البريطانية. حسب تقرير لفرانس برس.
واوضح براون للاذاعة الرابعة لهيئة الاذاعة البريطانية "ان السياسة
البريطانية في البصرة المنطقة التي نحن مسؤولون عنها يتم تحديدها من
خلال تقويم قادة الجيش على الارض".
واضاف "لقد زرتهم في البصرة وسابقى على اتصال معهم وساقوم في فترة
قريبة نسبيا بزيارتهم مجددا".
وكان براون لدى اعلانه ترشحه لخلافة بلير الجمعة قال انه سيزور
الشرق الاوسط "في الاسابيع المقبلة".
وردا على سؤال بشأن جدولة انسحاب القوات البريطانية في العراق قال
براون "لا اعتقد اننا سنحدد في هذه المرحلة بشكل مسبق موعدا" للانسحاب.
واضاف "بعدما كان لدينا 44 الف جندي بريطاني في العراق تراجع العدد
حاليا الى سبعة آلاف وسنخفض العدد الى ستة الاف وسيستمر هذا التراجع".
من جهة اخرى قدر براون كلفة التدخل البريطاني في العراق وافغانستان
و"مختلف اوجه الحرب على الارهاب" بستة مليارات جنيه استرليني (حوالي 12
مليار دولار).
وكان اقرّ بان "اخطاء" ارتكبت في العراق معلنا "عن تغيير الاولويات"
في السياسة البريطانية في العراق. وقال "علينا التركيز بشكل اكبر على
المصالحة السياسية في العراق (..) وعلى التنمية الاقتصادية".
عزل القاعدة وتعزيز المعتدلين
واضاف براون انه من المهم أيضا كسب القلوب والعقول حتى يصبح تنظيم
القاعدة في عزلة ويجري تعزيز المسلمين المعتدلين.
ومن المقرر أن يحل براون محل بلير عندما يتنحى الشهر المقبل بعد عشر
سنوات شغل خلالها منصب رئيس الوزراء.
وتراجعت شعبية بلير بعد أن أرسل القوات البريطانية للانضمام للغزو
الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق عام 2003 وبعد تمرد داخل حزب
العمال الذي يرأسه في سبتمبر أيلول والذي أرغمه على التصريح بأنه
سيستقيل خلال عام ليمهد الطريق أمام براون لتولي زمام الامور.
ويقول براون الذي يواجه توازنا صعبا لكي ينأى بنفسه عن سياسات بلير
الذي كان يسانده ان بريطانيا ستتمسك بالتزاماتها في الامم المتحدة تجاه
العراق.
وتابع لهيئة الاذاعة البريطانية "أريد أن أعد تقييمي الشخصي عن
الوضع وأن أستمع لما سيقولونه. سأستمع لما ستقوله القوات ذاتها ثم
سأستمع لما ستقوله السلطات في العراق."
وأجاب ردا على سؤال ما اذا كان سيحدد جدولا زمنيا لانسحاب القوات
البريطانية قائلا "لا أعتقد في هذه المرحلة أنه يمكن وضع موعد مسبق.
بعد أن كان لدينا 44 ألف جندي في العراق انخفض الان العدد الى سبعة
الاف وسينخفض الى ستة الاف ويستمر في الانخفاض."
وفي منطقة منيت فيها القوات البريطانية خلال شهر ابريل نيسان بأسوأ
عدد للقتلى منذ اندلاع الحرب قال براون ان القوات البريطانية تتحرك صوب
اتخاذ وضع استشاري والسماح للعراقيين بتولي زمام الامور تدريجيا.
وقال براون ان هناك على الارجح 60 جماعة للقاعدة تعمل في شتى أنحاء
العالم ومن المهم عزل المتطرفين ومساندة المعتدلين مضيفا "الجبهة
الجديدة تفوز في معركة القلوب والعقول."
لرحيل بلير عوائد ايجابية
من جهته قال منوشهر متكي وزير الخارجية الايراني إن تنحي توني بلير
رئيس وزراء بريطانيا يمكن أن يكون له "أثر ايجابي" اذا أدى الى تغير في
السياسة الخارجية البريطانية.
وظلت بريطانيا تحت قيادة بلير حليفا وثيقا للرئيس الامريكي جورج بوش
في العراق وأيضا في جهوده لعزل ايران بسبب برنامجها النووي الذي يشتبه
الغرب انه يهدف الى تطوير اسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران. حسب تقرير
لرويترز.
وتصاعدت التوترات أكثر بين طهران ولندن في مارس اذار حين احتجزت
القوات الايرانية
15 فردا من البحرية البريطانية في الخليج. وأفرجت ايران عنهم دون ان
يمسهم أذى بعد نحو اسبوعين.
وصرح متكي بأن اعلان بلير عزمه على التنحي من منصبه الشهر القادم
بعد ان ظل في السلطة عشر سنوات سيعطي "فسحة لحزب العمال ومن الموقف
الصعب" الذي يواجهه.
وقال متكي للتلفزيون الايراني "اذا حدث تصحيح الى حد ما ...في
سياستهم الخارجية...حينها سيكون له بالقطع تأثير ايجابي كعنصر محتمل في
السياسة الخارجية في بعض المجالات مثل ايران.
"دعونا نرى...كيف ستكون السياسات إزاء إيران" مشيرا الى جوردون
براون وزير المالية وخليفة بلير المنتظر.
وتراجعت شعبية بلير منذ ان ارسل قوات بريطانية لدعم الغزو الامريكي
للعراق عام 2003 . وأجبره تمرد داخل حزب العمال في سبتمبر أيلول الماضي
على الوعد بالتنحي خلال عام مفسحا الطريق امام براون.
وتنفي ايران اتهامات امريكية بانها تنشر عدم الاستقرار في العراق
وطالبت القوات الاجنبية بمغادرة العراق وتلقي على وجود هذه القوات
مسؤولية تواصل اراقة الدماء في العراق.
سيفتقد بلير ومستعد للعمل مع براون
وقال الرئيس الامريكي جورج بوش انه سيفتقد رئيس الوزراء البريطاني
توني بلير وانه مستعد للعمل مع خليفته المتوقع جوردون براون وانه على
ثقة من أن براون "يدرك عواقب الفشل" في العراق.
وأشاد بوش ببلير أوثق حلفائه في حرب العراق ووصفه بأنه "شخصية
سياسية قادرة على التفكير فيما وراء الافق". وجاءت هذه التصريحات بعد
اعلان الزعيم البريطاني يوم الخميس أنه سيتنحى في يونيو حزيران المقبل.
حسب رويترز.
وقال بوش بعد اجتماعه بقادة عسكريين أمريكيين للاطلاع على اخر
تطورات الحرب التي نالت بشدة من مكانة الزعيمين في الداخل والخارج
"عرفت فيه رجلا عند كلمته وهو شيء يندر وجوده أحيانا في الدوائر
السياسية التي تعاملت معها."
وأضاف "عندما يقول لك توني بلير شيئا فهو فوق مستوى الشكوك."
ولم يدع بوش مجالا للشك في أنه يتوقع أن يخلف براون وزير المالية
البريطاني بلير بعد أن
قضى في السلطة عشر سنوات. وبراون هو الاوفر حظا تماما في الفوز
بالتنافس على زعامة حزب العمال وتولي منصب رئيس الوزراء.
وقال بوش "أتطلع الى العمل مع الـ .. جوردون براون الذي أفترض أنه
سيكون الـ ...
ربما من الافضل ألا أقول .. من الافضل ألا أتكهن بمن سيكون في
(السلطة) لكن دوائر
الخبراء تشير الى أنه سيكون هو."
وأشار بوش الى أنه التقى ببراون "ووجدته مفكرا جيدا يسهل الحديث
اليه."
وردا على سؤال بشأن تصوره للكيفية التي سيدير بها براون مشاركة
بريطانيا في حرب العراق قال بوش " أعتقد أن جوردون براون يدرك عواقب
الفشل." ويصر بوش على أن الانسحاب المتعجل من العراق سيسبب حالة من
الفوضى هناك ويزيد من التهديدات التي تتعرض لها واشنطن وحلفاؤها.
وكان البيت الابيض حذرا في مناقشة أي تغيرات محتملة في سياسة
بريطانيا تجاه العراق في أعقاب رحيل بلير.
وتراجعت شعبية بلير منذ أن أرسل قوات بريطانية للمشاركة في الغزو
الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003.
وخلال سنوات بوش الستة في السلطة أقام هو وبلير علاقة وثيقة مميزة
وبخاصة فيما يتعلق بالحرب على التشدد الاسلامي في أعقاب هجمات 11
سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة.
وفاق بلير كثيرا من الزعماء الاوروبيين في دعم الغزو الذي قادته
الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وساهم بأكبر عدد من القوات من بين
حلفاء واشنطن.
وقال بوش "سأفتقد توني بلير."
وخلال مؤتمر صحفي عقد في وقت سابق لم يتمكن الصحفيون من استدراج
توني سنو الناطق باسم البيت الابيض للحديث عن التغيرات التي قد تطرأ
على سياسة بريطانيا تجاه العراق اذا تولى براون كما هو متوقع رئاسة
الحكومة.
وقال سنو للصحفيين "عليكم أن تسألوا البريطانيين."
وقال مسؤولون اخرون في البيت الابيض انهم لا يتوقعون أن يطرأ أي
تغير سريع على تلك السياسة.
بوش وحيد امام الضغوط
ويواجه الرئيس بوش ضغطا متصاعدا من رفاقه الجمهوريين فضلا عن خصومه
الديمقراطيين لاظهار تقدم في العراق في غضون أشهر أو المخاطرة بانهيار
الدعم للحرب.
وفي اليوم الذي أعلن فيه أوثق حليف دولي لبوش في الحرب رئيس الوزراء
البريطاني توني بلير عزمه التنحي الشهر القادم رفض الديمقراطيون في
مجلس النواب التراجع عن مقترحات لتعديل المسار في العراق.
واثر اجتماع مع القادة العسكريين الامريكيين بشأن أحدث تطورات الحرب
أشاد بوش ببلير ووصفه بأنه "شخصية سياسية قادرة على التفكير فيما وراء
الافق" بعدما أعلن الزعيم البريطاني أنه سيتنحي في يونيو حزيران.
وأبلغ بلير البريطانيين غير الراضين عن الحرب التي ألحقت ضررا كبيرا
بمكانة كلا الزعيمين في الداخل والخارج أنه فعل ما رأى انه صائبا. |