في حين شنت الأهرام اليوم هجوما حادا على وزارة الداخلية العراقية
ووصفت بياناتها بالكاذبة ونصحت الحكومة العراقية بالتوقف عما سمته
بالمعارك الإعلامية الوهمية ووصف أحد كتابها من صوروا مشهد إعدام
الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بالأبالسة، فقد نشرت الجريدة مقالا
لكاتب عراقي يعيش بالقاهرة يطرح خيارات العراق الجديد والمهام الملحة
لإعادة الأمن له، كما نشرت الأخبار لأحد المثقفين مقالا يتندر فيه من
القبضة الأمنية للبعث في الثمانينات، ونشرت الوفد حواراً مع مخرج
سينمائي اعتبر أن صدام يستحق السحل بالشوارع، بينما خرجت الكرامة بملف
اعتبر المشاركون فيه صدام شهيداً وحذرة من العداء لايران.
خبرياً؛ اهتمت جرائد اليوم بتهديد رئيسة مجلس النواب الأمريكي برفض
تخصيص أموال إضافية لزيادة القوات الأمريكية بالعراق ما لم يقدم
الرئيس بوش مبررات مقنعة لذلك، كما نقلت وقائع جلسات المحاكمة في قضية
الأنفال وأفردت مساحات متفاوتة لتصريحات الرئيس المصري حسني مبارك
لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية ومنها أنه بعث برسالة عاجلة إلي
الرئيس الأمريكي بوش ظهر الجمعة وأبلغه أن إعدام صدام خلال العيد ستكون
له تداعيات خطيرة..لكنه فوجيء صباح اليوم التالي قبيل توجهه لأداء صلاة
العيد بتنفيذ الحكم بالفعل، ونُقل عن مبارك مهاجمته لمشاهد بثت بصورة
غير رسمية للحظات الإعدام ووصفها بأنها لم تراعي حرمة الموت.
في الأهرام (يومية حكومية تصدر عن مؤسسة الأهرام) وصف الكاتب
الإسلامي فهمي هويدي من صور مشهد الإعدام بـ "الأبالسة الذين اخرجوا
المشهد قد وفروا للمتعصبين فرصتهم في التشفي" وأنهم حققوا غرضا آخر
بجانب "مجاملتهم للشيعة, فإنهم تخلصوا من الرجل وأسكتوه إلي الأبد.
حتى لا يفضي بما لديه من أسرار"
أما الكاتب العراقي صلاح نصراوي المقيم بالقاهرة جاء مقاله بعنوان
"عن العراق لا عن صدام" وبدأه بالإقرار أن "بعض ما شاهده العالم من
تصرفات رافقت عملية إعدام صدام كانت غير مسئولة" وأعطت للعالم انطباعا
أن الإعدام كان انتقاميا أكثر منه عقابا على جرائم ارتكبت، وحذر أن
يصرف الأنظار عن حقيقة المأساة المروعة التي يعيشها العراق والعراقيون
الآن لمحاولات مقصودة لتحويل حاكم مستبد إلى "بطل وشهيد وقديس وتحميل
العراقيين وزر سلوكيات جلاديه المرفوضة" وفسر سلوك اللحظات التي رافقت
الإعدام على كونها " تجسيدا لتاريخ حقبة سوداء من تاريخ العراق, هي
حقبة صدام ذاته, التي انعكست في ذلك الوجه الصواني الصلب لثقافة عدم
التسامح والتراث من التعصب الفئوي والمبالغة بردود الأفعال التي أورثها
لضحاياه الذين حكمهم بالقسوة والجبروت والخوف خمسة وثلاثين عاما"
وخلص لوجود ضرورتين, أولاهما أن يبدأ العراقيون صفحة جديدة من
تاريخهم بعيدا عن ضغائن الماضي وأحقاده, ووضع قواعد جديدة تتيح لهم
استمرار العيش المشترك وتقاسم السلطة والثروة، وثانيتهما النظر
للمستقبل باعتباره المسئولية الحقيقية للجميع لإخراج العراق من مأساته
الدامية.فـ"مؤازرة العراقيين تتطلب إحساسا من العالم الخارجي
بالمسئولية بضرورة إصلاح الخراب الذي تسبب هذا العالم بصنعه حين سكت عن
جرائم صدام طويلا"
وفي رأى الأهرام (الذي ينشر بغير توقيع معبرا عن رأي الجريدة الأقرب
لنظام الحكم بمصر) أتهم وزارة الداخلية العراقية بمحاولة تضليل الرأي
العام بالإعلان عن بيانات غير صحيحة للإيحاء بأن الوضع في العراق
يتحسن, وذلك بإبراز التناقض بين ما أعلنته الوزارة من كون عدد القتلى
بالعراق خلال 2006يبلغ12 ألفا فقط في حين "كشفت إحصاءات سرية
لوزارة الصحة العراقية عن أن أكثر من17 ألف مدني وشرطي عراقي قتلوا
خلال النصف الثاني من العام الماضي"، واستشهد الأهرام بتحذير مجموعة
الأزمات الدولية من "قيام مناطق أحادية المذهب في بغداد وتزايد
الانقسامات بين السنة والشيعة بحيث يتحول دجلة إلي خط تماس واقعي
بينهما" كما اتهم القيادات العراقية بـ"تجاهل هذه الحقيقة والدخول في
معارك إعلامية وهمية".
وكتب د. مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب
والقيادي بالحزب الوطني الحاكم تحت عنوان "صدام.. من قمة السلطة إلي
غرفة الإعدام مستعرضا في نقاط عشر ملاحظاته على تاريخ الرجل مبديا
تخوفه من عواقب ما بعد الإعدام ومما سماه تزايد النفوذ الإيراني.
وفي الجمهورية(يومية حكومية تصدر عن دار التحرير) كتب زياد السحار
"مستقبل العراق .. بعيداً عن "دراما" الطائفية والمصالح" معلقا على
العنف اليومي بالبلاد "ما أسوأ هذه الدراما العبثية السوداء المفجعة
الجارية علي أرض الرافدين..يرصدها البعض منذ ثورة العراق وسيطرة البعث
وبسط النفوذ علي حساب الطوائف والعرقيات التي لاتفرز إلا محاولات الثأر
والانتقام وتضرب أمن واستقرار البلاد وتجتاح أماني وأحلام الشعب" وهاجم
السحار من يصورون صدام بالشهيد " لايزال البعض حتى بعد موته وماجره من
خراب علي العراق وأهله يريد أن يصنع منه أسطورة وكأنهم لايريدون لهذه
الدراما العبثية أن تضع نهاية لها"
أما الناقد د. سمير غريب فقد كتب بالأخبار(يومية حكومية تصدر عن دار
أخبار اليوم) متذكرا مشاهداته بالعراق الذي زاره في مهام صحفية أوائل
الثمانينات "بقدر ما أحببت البلد والناس ، بقدر ما كرهت النظام، كان من
المعروف لنا كصحفيين أن غرف الفنادق مراقبة ..وأن مرافقينا أعضاء في
حزب البعث ومندوبون عنه في مراقبتنا. وقد عاقبوا مرافقا لي بعد مغادرتي
بسبب تعاطفه معي وتجاوزه للتعليمات المفروضة عليه في التعامل مع
الوفود" ويستطرد غريب ليحكي كيف أنه احتار في ساعة ذهبية أهديت له
وعليها صورة صدام، وانتهى بتركها بغرفته في الفندق "وفي هذه الحالة
سيسلم عامل النظافة الساعة إلي إدارة الفندق فمن الصعب جدا أن يسرقها
بسبب من الرقابة الصارمة. وإدارة الفندق ستسلمها بدورها إلي مسئول في
حزب البعث. وسأبدو في نظرهم أنني نسيت الساعة . وتنتهي المشكلة !"
وفي الوفد (تصدر عن حزب الوفد الجديد الليبرالي، أقدم الجرائد
المعارضة اليومية) وتحت عنوان "دليل الحاكم الحزين.. لمعرفة هل هو
الحجاج أم صلاح الدين" كتب الباحث السياسي د. معتز بالله عبدالفتاح
ساخراً "لقد أوهم صدام حسين العراقيين أنه »مبعوث العناية
الإلهية«لإنقاذهم من محنهم، فحارب بهم إيران، وغزا لهم الكويت وقض
مضاجع اليهود وأنهك الصليبيين و»انتصر« لكرامتهم في »أم المعارك«، فكان
حقاً عليهم تأييده بنسبة مائة بالمائة في انتخابات مزورة كانت نسبة
المشاركة فيها مائة بالمائة."
وكتب سعيد عبدالخالق عن تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع من
وصفهم بعملائها من الحكام مثلما نتعامل مع السيجارة؛ فنحن "نحتضن
السيجارة بأصابع اليدين، ونقبلها بالشفتين طالما فيها »نفس«.. وبعد
الانتهاء منها »نفعصها« أو ندهسها بالحذاء!!. هكذا فعلت الولايات
المتحدة مع رضا بهلوي شاه إيران الراحل، والرئيس الفلبيني السابق
ماركوس وزوجته اميليدا، ونورييجا حاكم بنما.. كما احتضنت الرئيس الراحل
صدام ، وقبلته بشفتيها.. وعندما انتهت منه، وأصبح غير صالح للاستخدام..
رفعته في حبل المشنقة حتى هوي في القاع.. قاع المقصلة!!. وأضاف "إننا
لسنا من الباكين علي صدام حسين،.. ومن قتل يقتل ولو بعد حين" ملخصا
مباديء السياسة الأمريكية" لا صداقة للأبد.. ولا عداء للأبد"
وفي حوار مع المخرج السينمائي خالد يوسف والذي كان أول أفلامه
"العاصفة" الذي تناول حرب الخليج الثانية وتأثيرها على أسرة مصرية تجد
ابنها الأول مجندا في القوات المصرية التي شاركت في تحرير الكويت في
حين يضطر ابنها الثاني الذي يعمل بالعراق للانضمام للجيش العراقي، قال
يوسف للوفد أن "صدام طبق فاشيته علي شعبه وبوش يطبقها علي باقي شعوب
العالم"وأضاف أن "الأمريكان ارتكبوا غلطة درامية كبري لأن إعدامه بهذا
الشكل في مثل هذا اليوم أعطاه تعاطفا كبيرا" واعتبر أن صدام حسين
"يستحق السحل في كل شارع وحارة عربية ولكن إذا تم هذا السحل بأيدي
عربية فسيكون هذا اليوم بمثابة يوم انتصار لنا ..لكن المشكلة أن هناك
تناقضا فظيعا داخل كل واحد منا لأن من فعل هذا هو الاحتلال الأمريكي
وفعله بشكل لا إنساني"
نشرت جريدة الكرامة(أسبوعية تصدر عن الكرامة- حزب ناصري تحت
التأسيس) ملفاً عن إعدام صدام الذي قال عنه رئيس الحزب حمدين صباحي
"لقد عقد أنجح وأربح صفقة في تاريخه: دفع حياته واشترى شرف الشهادة و
بكرامة الشهيد .. تحرر باستشهاده البطولي من صورة السيد الرئيس حفظه
الله بكل طغيانها، ومن أخطاء رئيس الدولة وخطايا الجنرال العسكري
ومكائد القائد الحزبي ومراوغات السياسي ..وقدم باستشهاده الأسطوري أنبل
اعتذار لضحاياه وأعظم مدد لأنصاره وأوجع خوف لأعدائه ..ومدت أسطورة
صدام زاداً جديداً لفكرة القومية العربية التي عاش الرجل فيها ولها
واستشهد في سبيلها" كما نصح صباحي العرب بعدم الانسياق الانفعالي
"لتكريس الهجوم على إيران بمفردات المجوس الصفويين البالية فأسطورة
الشهيد صدام لا ينبغي أن تغذي اقتتالاً خاطئاً بين الأمة العربية
وجارها الإيراني بل تغذي الحرب المقدسة ضد الاحتلال الأمريكي
والصهيوني" كما كتب د. عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد والقيادي
بحركة الإخوان المسلمين المحظورة رسمياً والممثلةبـ88عضوا فيمجلس الشعب
( أربعمائة وأربعة وخمسين عضوا) تحت عنوان "إعدام رئيس في ظل احتلال
إجرامي" مستعيدا مشهد الإعدام داعيا لاستلهام معانيه "علينا كأمة وفقاً
لهويتنا أن ننبذ الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية والعرقية وأن
يعود حكامنا إلى رشدهم ويتخلوا عن استبدادهم ويتصالحوا مع شعوبهم حتى
تستطيع الأمة أن تتصدى لهذه الهجمة الشرسة من أعدائها". |