مصطلحات نسوية: مسابقات ملكات الجمال

 مسابقات ملكات الجمال

Beauty contests

شبكة النبأ: نظراً لأن مسابقات الجمال تتضمن الحكم على النساء وفقاً للمعايير التقليدية للأنوثة فليس من الصعب أن نفهم لماذا درجت النسوية على إدانتها باعتبارها عاملاً يسهم في تشيء المرأة، وكانت مسابقة ملكة جمال أمريكا التي أقيمت عام 1969 مسرحاً لواحدة من أولى مظاهرات الاحتجاج في إطار الموجة النسوية الثانية وأكثرها تأثيراً.

 واقترحت فرقة لموسيقى (الراب) من مدينة نيويورك أن تقدم المظاهرة عرضاً مسرحياً مضاداً أمام القاعة التي أجريت فيها المسابقة، تعبيراً عن أن المرأة يحكم عليها الرجل في هذه المسابقة كما يحكم على الماشية، فجاءوا ببقرة وألبسوها تاج ملكة جمال أمريكا، ووضعوا ما أسموه (بسلة مهملات الحرية) وألقوا فيها بمجموعة من الأشياء التي ترمز إلى القمع مثل المشدات والرموش المصطنعة وحمالات الصدر، وعلى الرغم من أن هذه السلة نفسها لم تشعل فيها النار، فقد تولدت عن هذه الواقعة أسطورة (حرق حمالات الصدر) في عالم الصحافة، وإذا كانت النسوية قد أدت إلى الحد من الشعبية الواسعة لمسابقات ملكات الجمال فقد شهدت هذه المسابقات ما يشبه النهضة مرة أخرى في الأجواء الحالية لما بعد النسوية بفضل اتخاذها مظهر الجدية المصطنعة في محاولة لا تخلو  من المفارقة الساخرة لتفادي الانتقادات الموجهة إليها.

.................................................................

متعلقات

امتهان جديد للمرأة في مسابقات ملكات الجمال(1)

انتهت في أبريل الجاري 2005م سابع مسابقة لما تسمى بـ "ملكة جمال مصر" على الرغم من الاعتراضات الدينية والبرلمانية، وجمعيات نسائية وصفت هذه المسابقات بأنها استغلال للمرأة عموماً في الإعلانات وترويج السلع على أنه "امتهان للمرأة" وتشويه لدورها الحضاري الذي رسمه لها الإسلام.

المسابقة - التي تتبناها وتشرف عليها هيئة دعاية وإعلان تسمى (FACE TO FACE)، وتتولى رعايتها شركة صابون وشامبوهات ومواد تجميل هي "بانتين مصر" لدرجة تسمية الفائزة بأنها "ملكة جمال بانتين مصر" - تشهد احتفالاتها بذخاً غير عادي، ويشارك فيها العديد من رجال الأعمال المصريين والأجانب الذين يستغلون الفتيات في الإعلان عن منتجاتهم التي تعرض خلال الحفلات، وإغداق الهدايا والجوائز على الفائزات من جانب شركات الدعاية والمجوهرات والعطور والأجهزة المنزلية؛ حيث أصبحت المسابقة تمول عبر شركات الدعاية.

وقد شهد احتفال عام 1999م على سبيل المثال بذخاً غير عادي شارك فيه عدد من رجال الأعمال المصريين والأجانب الذين استغلوا أجساد الفتيات في الإعلان عن منتجاتهم من التليفون المحمول والألماس والأزياء وأدوات التجميل. وبلغ السفه ـ كما نشرت مجلة المصور المصرية في ذلك الوقت  ـ إلى حد جلب نجفة ضخمة قيمتها 7000 دولار وطائرة خاصة؛ بناء على طلب أحد مصممي الأزياء الأجانب!!

وقد عاد الجدل إلى الساحة المصرية مع تنظيم هذه المسابقة لاختيار ملكة جمال مصر لعام 2005م منذ بدايتها عام 1998م، بين معارضي المسابقة الذين يرون فيها امتهاناً للمرأة ومخالفة للدين والأخلاق، ومؤيديها من شركات الدعاية ومنتجات التجميل الذين يرون فيها فرصة لترويج منتجاتهم، فيما أبلغت الحكومة المصرية نواب مجلس الشعب (البرلمان) أنه لا دخل لها في تنظيم المسابقة رسمياً، وأن منظميها هم من الشركات الخاصة.

وقد تقدم لمسابقة هذا العام 2005م التي انطلقت في مدينة الإنتاج الإعلامي 15 أبريل وانتهت مساء الثلاثاء 19 أبريل (825) فتاة، وهو أكبر عدد من الفتيات في تاريخ المسابقة للفوز بمنصب "ملكة جمال مصر"، جرت تصفيتهن على مراحل إلى 12 متسابقة، انتهت بفوز "مريام جورج" باللقب.

وقد أثار الأمر نواباً برلمانيين من الكتلة الإسلامية ودفعهم لتقديم أسئلة وطلبات إحاطة في البرلمان للعام الرابع على التوالي دون جدوى، إذ أكد النائب "محمد مرسي" المتحدث باسم كتلة الإخوان المسلمين في البرلمان (15 نائباً ترشحوا كمستقلين) قائلاً: إن عدداً كبيراً من كافة الأطياف السياسية من نواب البرلمان يعترض كل عام على هذه المسابقة، ويجري تقديم طلبات إحاطة وأسئلة دون جدوى؛ حيث إن بعضها لا يناقش، وبعضها ترد عليه الحكومة رداً هزيلاً غير مقنع، مثل أن تنفي الحكومة بأجهزتها في وزارتي الثقافة أو الإعلام تنظيم المهرجان، وإنما هي "شركات قطاع خاص"، رغم أن هذه المسابقة "أمر مخالف للشرع والأخلاق".

كما وصف نواب معارضون هذه المسابقات بأنها "مستفزة"، و"تنافي الآداب العامة" وقال النائب الدكتور "محمد مرسي" لـ "آسية" رداً على دعاوى الحكومة بأن الهدف هو إنعاش السياحة والاقتصاد إنه: "لا يجوز الوصول لهدف مشروع بوسائل غير مشروعة"، مستغرباً هذا المنطق الذي يقول باستجلاب فتيات لعرض مفاتنهن بدعوى ترويج السياحة، فيما استغرب النائب السابق "جمال حشمت" الذي سبق له أيضاً الاعتراض على هذه المسابقة أن تكون مقاييس النهد والجسد هي معايير هذه المسابقات!

وقد أصدر الشيخ "نصر فريد واصل" مفتي الديار المصرية السابق فتوى ضد هذه المسابقات، وأفتى بحرمتها، استفاد منها نواب البرلمان ومحامون في الطعن في تنظيم هذه المسابقات، بيد أنها كانت تعقد بشكل عادي سري كل عام دون اعتراض، ولا يعلن عنها على نطاق واسع سوى لحظة اختيار الملكة.

وقد دفع هذا منظمي المسابقة إلى عدم الترويج للمسابقة بشكل واسع، والاقتصار على مجتمع الطبقة العليا، وعدم نشر أي شيء عنها في الصحف المصرية اليومية؛ بل وكان يجري أحياناً تسمية بعض المسابقات الماضية بأنها مسابقة "عارضات الأزياء" أو "أجمل وجه"، وليس ملكة جمال مصر، بيد أنه لوحظ في المقابل توسع المسابقات وإقامة مسابقة أخرى لاختيار ملكة جمال الإسكندرية مثلاً أو ملكة جمال طالبات مصر.

والملفت أن المسابقة بدأت تتطور تدريجياً رغم الاحتجاجات، ويقول منظموها إنهم يسعون للارتقاء بها لمصاف مسابقات الملكات في كافة الدول الأخرى التي تتضمن مسابقات بالمايوه واستعراض المفاتن، وهو ما حدث في مسابقة 2004 م ما أثار جدلاً واعتراضات واسعة، دفعت المنظمين لاستبعاد فقرة المايوهات من عرض العام الحالي 2005م.

حيث جرت مسابقة هذا العام بدون فقرة لبس المتسابقات للمايوهات البكيني، وقالت صحيفة "صوت الأمة" المستقلة 17 أبريل: تم حجب فقرة المايوهات "لأسباب غير معروفة"، واقتصر الأمر على لبس ملابس السهرة، والأسئلة العامة.

ويبدو أن حملة الاحتجاجات الواسعة ـ العام الماضي ـ على استغلال المرأة عموماً، والغضب الشديد والاستنكار من جانب مجموعات نسائية مصرية ومواقع إنترنت، كان سبباً وراء إلغاء فقرة المايوهات.

ويعتقد أنه تم إلغاء هذه الفقرة بعدما أثار لبس المايوهات العام الماضي للمرة الأولى غضباً شديداً، واستنكاراً من جانب مجموعات نسائية مصرية ومواقع إنترنت، حيث لوحظ أن أعضاء ما يسمي "حملة رفض امتهان واستغلال المرأة"، قد صعَّدوا من حملة مناهضة استغلال المرأة عموماً في الدعاية والإعلان، بالتزامن مع مسابقة العام الماضي، وذلك تحت عنوان {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، لمطالبة المصريين والعرب بالتصويت والمشاركة في إرسال رسائل بريدية لشركات الدعاية وشركات المنتجات الغذائية وغيرها لمنع استغلال المرأة في الدعاية.

وتحت عنوان: "شاركنا في حملة (لا لاستغلال وامتهان المرأة)"، قال النشطاء في رسائل متكررة عبر الإنترنت والمجموعات البريدية: "إن المرأة التي بح صوتنا بالمناداة بتكريمها، ورفع الظلم عنها، ها أنتم تعيدونها من أجل الكسب المادي إلى أقفاص الجواري.. حيث يتم عرضها كالبضاعة أو مع البضاعة".

وتعتبر مسابقة ملكة جمال مصر من أكثر المسابقات انتقاداً في مصر من قبل المؤسسة الدينية والأحزاب ونواب البرلمان، ومنذ بداية تنظيم المسابقة علناً في مصر عام 1998م وهناك موجة من الانتقادات الكبيرة لها، خاصة في البرلمان ومن جانب مفتي مصر الأسبق د.نصر فريد واصل، وساهم في زيادة حدة الانتقادات أن المسابقة كانت تجري غالباً في ظروف دولية وإقليمية غير مواتية مثل انتفاضة الحجارة (1987-1993)، وانتفاضة الأقصى (انطلقت يوم 28 سبتمبر 2000)، واحتلال الكويت (1990-1991)، وغزو العراق (2003).

فقد بدأ تنظيم المسابقة بواسطة شركة خاصة عام 1987م على نطاق ضيق وغير معترف به عالمياً، وكانت الإعلانات عنها تنشر دائماً باللغة الإنجليزية في بعض الصحف، وكان يشارك في الإشراف عليها مندوب أمريكي من منظمة "ملكة جمال الكون" إلا أن منظمي احتفال عام 1999م تمكنوا من الحصول على توكيل من المنظمة العالمية بتنظيم المسابقة في مصر كمسابقة معترف بها عالمياً، وبدأت مشاركة الفائزات المصريات في مسابقة جمال عالم منذ عام 2000م، وقال منظما الاحتفال: إنهما لا يركزان على جسد المشاركات؛ بدليل أن المسابقة تعتمد بنسبة 70% على الثقافة و30% على المقاييس الخاصة بالجمال.

ولا يقتصر الاعتراض على المسابقات على النواب الإسلاميين في البرلمان، بل واعترض عليها نواب من الحزب الوطني الحاكم نفسه، فقد سبق مناقشة ذات الموضوع أيضاً عام 1999م حين قدم نائب في الحزب الوطني الحاكم يوم 24 مايو 1999م أول طلب إحاطة من نوعه يطالب بمنع إجراء مسابقة ملكة جمال مصر ومحاكمة المسؤولين عنها بعدما كانت المسابقة شبه سرية طوال الأعوام الماضية ثم خرجت للعلن أواخر عام 1999م لأول مرة.

وناقشت اللجنة الدينية في البرلمان طلب النائب في حضور مفتي الجمهورية الشيخ نصر فريد واصل الذي أفتى بحرمة هذه المسابقات بيد أن المسابقة استمرت في الانعقاد.

ويقول خبراء تربويون إن مثل هذه المسابقات التي تغري الفتيات الصغار بالشهرة والمال (الفائزة عمرها 18 عاماً) لها آثار سلبية عديدة حيث تعتبرها بعض الفتيات فرصة العمر للشهرة؛ مما يؤدي لسيادة مفاهيم اجتماعية سلبية ويضعف التربية في الأسرة، ويساهم هذا في غسيل عقول الفتيات الصغيرات وإقناعهن أن الفوز في هذه المسابقات هو أمل كبير!!

..............................................

(1) محمد جمال عرفة، موقع آسية الالكتروني

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس22 آذار/2007 -2/ربيع الاول/1428