العيادات الطبية الخاصة بين الواقع والطموح

النبأ/تحقيق:عصام حاكم

 شبكة النبأ: في احدى زياراتي المتكررة إلى عيادة طبيب الاسنان راودني شعور بالتساؤل، عن ماهية الاسباب الحقيقية التي دعت هولاء المراجعين للعزوف عن مراجعة مؤسسات الدولة الصحية والذهاب في ذات الوقت إلى العيادات الطبية الخاصة، علما بان تلك العيادات تحمل على عاتقها مسؤولية عدم الالتزام بمنظومة الضوابط والشروط الصادرة من وزارة الصحة والمتمثلة، بالتسعيرة او ممارسة الاختصاص او الحصول على اجازة ممارسة مهنة الطب وامور اخرى لسنا بصدد عدها.

(شبكة النبأ المعلوماتية) استطلعت آراء بعض الموطانين وذوي الاختصاص عن الاسباب التي دعت الى نضوج تلك الظاهرة من دون ان تردعها عناوين الرحمة والرأفة ناهيك عن ما يشدهه الوضع الراهن من تردي.

وكانت وقفتنا الاولى مع الدكتورة (مها فائق بنابة) وهي طالبة دراسات عليا اختصاص في طب الاسرة حيث تقول، ان الفوضى التي تعم القطاع الصحي هي انعكاس طبيعي لحالة الفوضى العامة التي يمر بها البلد،  فعلى سبيل المثال في مصر كل طبيب مسؤول عن عشرة اشخاص فقط حيث يتابع حالتهم الصحية دوريا، اما الطبيب في العراق فانت تعلم علم اليقين عدد المراجعين لديه بالإضافة إلى ذلك ان مرتب الطبيب قليل جدا ولا يفي بالغرض، مما يضطره للعمل في العيادات الخاصة وذلك لتحسين وضعه الاجتماعي كأي فرد من أفراد المجتمع.

أما الدكتور(هادي شاكر الموسوعي) اخصائي امراض القلب، فقد قال لـ شبكة النبأ: نعم هناك تجاوز ملحوظ على ممارسة الاختصاص، اما مسألة الأجور فهي الأخرى لا تخضع لقانون محدد كما لا استطيع ان اخفيك بعض الاطباء يحثون مرضاهم على مراجعتهم الى العيادة الخاصة.

الا ان الدكتور(عباس سلمان الطائي) فكان له راي مغاير تماما، مدعيا بأنه لا فرق عنده بين العمل في مؤسسات الدولة الصحية او في العيادة الخاصة، ولكن بعض المرضى يحكمهم هاجس نفسي يملي عليهم ان مراجعة الطبيب في العيادة افضل الف مرة من مراجعته في المستشفى، وكذلك عدم توفر الأدوية في مؤسسات الدولة الصحية، هو عامل اخر يدعو الى عزوف المرضى عن الذهاب الى المؤسسات الطبية الحكومية.

الدكتور(علاء جلاب مطر) وهو جراح اختصاص قال لـ شبكة النبأ: لا يمكن ان ننظر الى كل الاطباء كانهم ملائكة، بل هم كبقية شرائح المجتمع فيهم الجيد وفيهم السيئ، والحق أقول، أن مهنة الطب اليوم تشتمل على الكثير من التجاوزات، فمثلا اجور الاطباء لا تخضع لضوابط معينة، بالإضافة الى التجاوز على ممارسة الاختصاص وحتى بعض الاطباء لا يمتلكون اجازة ممارسة المهنة،  ناهيك ان عناوين بعض الاطباء فيها الكثير من الزيف، ولكن قطعا الساحة الطبية كساحة كرة القدم لا تستوعب الا الجيد.

ثم تحدثنا الى الدكتور (علي الموسوي) وهو أخصائي أطفال، قال، ان القصور الواضح في المؤسسات الحكومية هي عناوين مشجعة لذهاب المرضى الى العيادات الخاصة، مثل الازدحام وعدم توفر الأدوية، وكذلك عدم فحص المريض بصورة دقيقة من قبل الطبيب، كل تلك الأسباب واسباب اخرى تدعو المرضى أن يجافو  تلك المؤسسات الطبية.

اما المواطن (احمد علي) فهو يقول لـ شبكة النبأ:  من الدواهي العظمى والكوارث التي ليس لها حل عندنا ان الكثير من الأطباء لا يراعون الامانة المناطة في اعناقهم والمسؤولية الملقاة على عاتقهم اذ ان بعضهم يفتي بما لا يعلم ويدعي ما ليس له، وهذا مما رأيناه وجربناه ولمسناه بأيدينا من خلال والدتي المريضة، حيث أن طبيبا في اختصاص معين يأتيه مريض يشكو من مرض ليس من اختصاصه وبدلا من أن يدله على الطبيب المختص فأنه يقوم بصرف وصفه طبية لهذا المريض تشتمل على عدد كبير من الأدوية مما قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة على حياة المريض.

علما بان مهنة الطب في المقام الاول هي رسالة إنسانية سامية كما انها مسؤولية أخلاقية تنصهر من ذات ديننا الحنيف والذي يدعونا دوما الى التسلح بمبادىء الرحمة والرأفة ومن دون أن نتجاهل المسؤولية الملقاة على عاتق وزارة الصحة من خلال متابعة عمل المؤسسات الصحية وتوفير الادوية ومتابعة عمل الاطباء وكذلك مراقبة العيادات الخاصة وذلك للوقوف عن كثب والإطلاع على كل المعوقات التي تقف حائلا امام النهوض بالواقع الصحي والذي يجب ان ينسجم ايجابيا مع الارتقاء بالواقع الإنساني والصحي للفرد العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 20 آذار/2007 -30/صفر/1428