الاتحاد الاوروبي بعد 50 عاما من تأسيسه ينتظر بلوغ مرحلة النضج

 يتم الاتحاد الاوروبي عامه الخمسين هذا الشهر وبالرغم من ذلك لا يعرف تماما متى سيبلغ مرحلة النضج.

واسست معاهدة روما السوق الاوروبية المشتركة في 25 مارس اذار 1957 وكانت تضم في عضويتها ست دول وقد نمت الكتلة لتضم 27 دولة دون تخطيط مسبق لتصبح اكبر تكتل تجاري في العالم وتغطي معظم ارجاء القارة.

ومع التقدم المستمر لا يزال الاتحاد الاوروبي ممزقا كما كانت الحال دائما بين رغبة في توسع اكبر أو تعميق الوحدة وبين وحدة سياسية أو وحدة اقتصادية وبين انفتاح أكبر على العالم أو حماية مصنعيه ومزارعيه.

وتقارن مارجوت وولستروم نائبة رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي هذا الاتحاد بلغز كبير انتظمت قطعه جنبا الى جنب ولكن دون وضع خطة رئيسية وتقول "الهيكل الاوروبي ليس جاهزا ولن يكون جاهزا ابدا"، حسب رويترز.

وتلمح استطلاعات الرأي الى ان هذا الشعور بالاندفاع نحو مصير مجهول كان أحد اسباب تراجع شعبية الاتحاد الاوروبي في الكثير من الدول الاعضاء الى جانب الاعتقاد بانه مؤسسة بيروقراطية بمنأي عن الجماهير تهتم بمصالح قطاع الاعمال.

ولم يستوعب الاتحاد بعد التوسع الهائل الذي رفع عدد الدول الاعضاء من 15 الى 25 في عام 2004 حين انضمت معظم الدول الشيوعية السابقة في وسط اوروبا الى ما كان من قبل تكتلا اوروبيا للغرب الثري.

وانضمت بلغاريا ورومانيا هذا العام لتتسع الفجوة بين ثروة الفرد في اغنى الدول الاعضاءوافقرها الى نسبة 11 / 1.

وفي عام 2005 حين رفض الناخبون الفرنسيون والهولنديون الدستور الاوروبي وكان الهدف منه سد الفجوات بين دساتير عدد متزايد من الدول الاعضاء تبين ان أحد عوامل هذا الرفض عدم الارتياح للتوسع شرقا ومخاوف من انضمام تركيا المسلمة الى الاتحاد.

وتسبب الرفض في ازمة ثقة لا تزال قائمة بعد عامين مما يترك الاتحاد الاوروبي في معاناة مع دستور قديم وضع في الاساس للتعامل مع ست دول ذات فكر متماثل.

وحين يجتمع زعماء الاتحاد الاوروبي هذا الاسبوع للاحتفال باليوبيل الفضي لاتفاقية روما لن يسعهم النطق بكلمة "دستور" في اعلان برلين المهيب أو تحديد موعد محدد لاصلاح مؤسساتهم.

كما لا يمكنهم تحديد الى اي مدى سيتوسع الاتحاد في المستقبل نتيجة الانقسامات بشأن عرض عضوية كاملة على تركيا واوكرانيا وروسيا البيضاء في يوم من الايام.

وصدقت 18 دولة على الدستور الذي يتيح تعيين رئيس ووزير خارجية للاتحاد الاوروبي على المدى الطويل ونظام اكثر عدالة لاتخاذ القرار مع اخضاع عدد أكبر من السياسات لنظام اقتراع يأخذ بموافقة الاغلبية ومنح دور أكبر للبرلمان الاوروبي والبرلمانات الوطنية.

والى جانب فرنسا وهولندا لم تصدق بريطانيا وبولندا وجمهورية التشيك على الدستور ويريدون تقليصه او تفكيكه بشكل يخل بالتوازن الدقيق الذي اعد على اساسه.

وتواجه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل التي اكتسبت سمعة بانها صاحبة أكبر نفوذ في ابرام الصفقات اكثر التحديات صعوبة في محاولة احياء المفاوضات الخاصة بالاصلاح في القمة التي تعقد في يونيو حزيران.

غير ان الاتحاد الاوروبي ابعد ما يكون عن الجمود رغم ما يصفه وزير الاقتصاد الايطالي توماسو بادوا- شيوبا بالمزاج السوداوي.

وفي الاسبوع الماضي اقر زعماء الاتحاد بالاجماع خطة طموحا خاصة بالتغييرات المناخية وترشيد استهلاك الطاقة وانواع الوقود الصديفة للبيئة ليقودوا المساعي العالمية لمحاربة ارتفاع درجات حرارة الارض.

وابطأت اللوائح التي تنص على صدور القرارات باجماع الاراء تبني سياسة امنية وخارحية مشتركة ومكافحة الهجرة والجريمة.

واستخدمت قبرص وبولندا اللتان انضمتا حديثا للاتحاد حق الاعتراض لعرقلة المفاوضات مع تركيا وروسيا ليبرزا الشكوك في قدرة مثل هذا التكتل المتباين على العمل بنجاح.

وفيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية تريد دول مثل فرنسا توافقا اكبر بين انظمة الميزانية والضرائب على ان تقود هذه المساعي 13 دولة تستخدم العملة الموحدة. بينما يريد الاعضاء الجدد من الشرق الاحتفاظ بميزة الضرائب المنخفضة التي يتمتعون بها للحاق بالدول الغنية اقتصاديا.

وفي مجال التجارة ينقسم الاتحاد الاوروبي لدول زراعية تريد تقليص التنازلات الخاصة بفتح الاسواق الزراعية وخفض الدعم وتلك التي ترى ان اوروبا ستستفيد كثيرا من تحرر واسع للتجارة العالمية.

ويقول لوكاس تسوكاليس احد مستشاري رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل دوارو باروزو "هناك عدم توافق بين الواقع الاقتصادي الذي اصبح اوروبيا وعالميا على نحو متزايد وبين تحكم الطابع الحكومي في سياسة الاتحاد الاوروبي.

وكتب تسوكاليس في نشرة يوروبس وورلد ان المشكلة تتفاقم بسبب انقسام الجهود نظرا لتركيز الاتحاد الاوروبي في أغلب الاحيان على سياسات تحرير السوق وتطبيق لوائح مرفوضة على المستوى الشعبي بينما تتعامل الحكومات مع القضايا التي يفضلها المواطن مثل توزيع الثروة والرعاية الاجتماعية.

ويتيح ذلك للمتشككين في جدوى الوحدة الاوروبية ووسائل الاعلام تحميل "بروكسل" المسؤولية عن القرارات التي تقرها حكوماتهم.

واذا تمكن زعماء الاتحاد الاوروبي من انقاذ اصلاحات رئيسية في الدستور والانتصار في جولة جديدة من استطلاعات الرأي او تفاديها فان الاتحاد ربما يتمكن من تجاوز الشكوك بشأن مستقبله. وفي حالة الفشل فقد حذر رئيس المفوضية الاوروبية السابق جاك ديلور في مقابلة مع رويترز من ان الاتحاد ربما ينهار في غضون 20 عاما.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 20 آذار/2007 -30/صفر/1428