فرنسا ترتمي في احضان اليمين والاشتراكيون غارقون في اوهامهم الايدولوجية

gda

شبكة النبأ: رغم ان الانتخابات الفرنسية على الابواب الا ان اليسار الممثل بالحزب الاشتراكي لا يزال بموقف ضبابي لا يستطيع من خلاله استقراء تحقيق فوز او عدمه، بالاضافة الى عدم استقرار الحزب على دعم مرشح رئاسي قوي في ظل احتمالات تحول الحزب من الاصول اليسارية الى تبني اسلوب عملي يحمل اقل قدرا من المثالية المتبعة في الماضي.

وتتعرض المرشحة الاشتراكية في انتخابات الرئاسة الفرنسية سيجولين روايال لضغوط فيما تترنح حملتها الانتخابية لأن الصعوبات التي تواجهها تعكس المشكلات الاعمق لحزب ما زال أسيرا لخسارته المذلة في الانتخابات الاخيرة عام 2002. حسب تقرير نقلته رويترز.

ومع بقاء خمسة أسابيع فقط على الجولة الاولى من الانتخابات في 22 أبريل نيسان المقبل لم يتحدد أي شيء، لكن روايال ما زالت عالقة منذ أسابيع خلف المرشح اليميني نيكولا ساركوزي في استطلاعات الرأي وتواجه تهديدا متزايدا من مرشح الوسط فرانسوا بايرو.

وقال هنري في وهو من علماء السياسة في معهد بو للعلوم النخبوي في باريس "الحزب الاشتراكي في موقف بالغ الصعوبة."

وأضاف "يمكن أن يتخطوا الجولة الاولى ويفوزوا في الانتخابات أو يتلقوا هزيمة ماحقة في الجولة الاولى. انه موقف يصعب جدا ادارته."

وخلف هذه الحسابات تكمن مخاوف حقيقية حيال قدرة الحزب على التعافي من صدمة أبريل نيسان عام 2002 عندما أخفق رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان في بلوغ الجولة الثانية اثر خسارته في الجولة الاولى أمام زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبن.

وقال "اذا لم تتمكن (روايال) من بلوغ الجولة الثانية ستكون هذه كارثة كبرى لاشك في هذا وسيؤدي ذلك الى دعوة حقيقية لمراجعة أصول الحزب."

وانطلقت حملة روايال وهي أول امرأة تحظى بفرصة حقيقية للفوز بمنصب الرئاسة في فرنسا اثر اكتساحها منافسيها في انتخابات أولية لاختيار مرشح الحزب الاشتراكي وتعهدت ببرنامج يتضمن مزيجا من الاصلاح والعدالة الاجتماعية والقيم العائلية.

وأثارت صورتها كمرشحة متحررة ومنفتحة على الافكار الجديدة ومستعدة للانصات آمالا في قدرة اليسار على ازاحة اليمين من قصر الاليزيه بعد أن بقي شيراك في السلطة 12 عاما لكن حملتها ما لبثت أن أحيطت بالزلات والخلافات والانقسامات السياسية.

وأثار ذلك حالة من التذمر داخل الحزب لكن محللين يقولون ان الاشتراكيين لم يحسموا أمرهم حتى الان هل يريدون التمسك بأصولهم اليسارية أم يصبحون حزبا عمليا بدرجة اكبر يحمل قدرا أقل من المثاليات لكنه تتوافر له فرصة أكبر للفوز بالسلطة.

وقال لوران جوفرين رئيس تحرير صحيفة ليبراسيون اليسارية لرويترز "مشكلة اليسار في فرنسا أنه يمعن في الذهاب يسارا أكثر مما ينبغي عندما يكون في المعارضة ويتطرف في الذهاب يمينا عندما يكون في الحكومة ولذا هناك دائما بون شاسع بين ما يقوله وما يفعله."

وأضاف "لم يتمكنوا قط من بلورة مفهوم مناسب للعمل الحكومي. دائما ما كان ينظر الى العمل الحكومي على أنه يفرض ابرام حلول وسط."

وخلافا لحزب العمال البريطاني الذي تخلص من الكثير من التقاليد القديمة للطبقة العاملة التي كان يعتنقها على يد رئيس الوزراء توني بلير لم يجر الاشتراكيون أي مراجعة ايديولوجية كبرى وهم ممزقون بسبب الانقسامات الحزبية.

حتى تعبيرات الاعجاب المبكرة من روايال ببلير سرعان ما تلاشت أمام عاصفة من التعليقات الغاضبة وهو ما يظهر فقط مدى ما يتعين أن يلقاه زعيم اشتراكي اذا أراد أن يقتفي أثر تحول حزب العمال الذي أثبت نجاحه في صناديق الاقتراع.

ولكن في الوقت ذاته هناك علامة استفهام حول قدرة الحزب على العثور على اجابات في عالم لم تعد فيه التحديات الرئيسية صراع الطبقات وانما العولمة وتغير المناخ وارهاب المتشددين.

وقال في "سيستمر طرح هذه القضية على بساط البحث في الحزب الاشتراكي." وأضاف "المشكلة هي أنه بمجرد التخلص من خطاب التحول والراديكالية سيفقدون جزءا لا بأس به مما يجذب الناس للتصويت لصالحهم."

في الجهة الاخرى أثارت دعوة نيكولا ساركوزي المرشح للرئاسة في فرنسا لإنشاء وزارة للهجرة والهوية الوطنية غضب جماعات يمينية وسياسيين من جميع الاحزاب لكن استطلاعا للرأي اوضح يوم الجمعة ان معظم الفرنسيين يؤيدون فكرته.

وقال منتقدو الفكرة ان الربط بين السياستين يمثل اهانة للمهاجرين وخطوة غير عادلة من ساركوزي المنتمي ليمين الوسط والذي يحاول دعم شعبيته بأصوات من اليمين المتشدد لمضاهاة شعبية مرشح الوسط فرانسوا بايرو المتزايدة.

لكن استطلاعا للرأي اجري لحساب صحيفة لو فيجارو اليومية وجد ان 55 في المئة من الفرنسيين يؤيدون اقتراح ساركوزي لانشاء مثل هذه الوزارة كما وافق 65 في المئة على تبريره اللاحق بأن "المهاجرين الذين ينضمون الينا عليهم الانضمام الى الهوية الوطنية."

وحظيت تصريحات وزير الداخلية بالتأييد الاكبر داخل حزبه الحاكم الاتحاد من اجل الحركة الشعبية لكنها نالت تأييدا قويا ايضا من انصار اليمين المتطرف والحزب الذي ينتمي اليه بايرو وهو الاتحاد من اجل الديمقراطية الفرنسية.

بل إنها وجدت صدى بين انصار الحزب الاشتراكي حيث ايدها 31 في المئة من الاشتراكيين الذين شاركوا في الاستطلاع.

وهيمنت قضية الهجرة على العناوين الرئيسية لوسائل الاعلام منذ طرح ساركوزي الاقتراح الاسبوع الماضي والذي اعاد الموضوع الى قلب حملة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى خلال شهري ابريل نيسان ومايو ايار والتي كان يهيمن عليها النقاش حول الوظائف والقوى الشرائية.

وجعل ساركوزي الذي يتقدم استطلاع الرأي النهج المتشدد تجاه الهجرة جزءا من حملته منذ البداية وذلك لمحاولة سحب اصوات من الزعيم اليميني المتطرف جان ماري لوبان الذي فاجأ فرنسا في انتخابات الرئاسة التي جرت في عام 2002 بحصوله على المركز الثاني.

وقالت المرشحة الاشتراكية سيجولين روايال التي تأتي في المركز الثاني في استطلاعات الرأي ان ساركوزي يحاول تخويف المواطنين بوضع صلة "غير مقبولة" بين الهجرة والهوية الوطنية.

ويقول ساركوزي انه ليس من الخجل محاولة سحب اصوات من اليمين المتطرف.

وقال في اجتماع في نانت بغرب فرنسا يوم الخميس "لا أتفق بأن مجرد الحديث عن الهجرة يكون مرتبطا بالتطرف والعنصرية."

واضاف "لدينا منذ عام 1983 أقوى يمين متطرف في اوروبا. لا يجب ان نواصل العمل كما لو كان غير موجود. اريد التحدث الى اولئك الذين اتجهوا نحو اليمين المتطرف لانهم يعانون."

واتخذ ساركوزي نهجا متشددا مع مثيري الشغب في الضواحي الفقيرة التي تقطنها أغلبية من المهاجرين ولوح بطرد بعض اطفال المدارس من المهاجرين العام الماضي.

وربما تحظى استراتيجيته بتأييد الناخبين الا ان العديد من الساسة ومنهم البعض في الحكومة لا يتفقون معها.

وقال عزوز بجاج الوزير المنتدب للترويج لتكافؤ الفرص "هذا المزج بين وزارة الهجرة والهوية الفرنسية غير لائق."

واضاف "لست غبيا ولا الفرنسيين. انها اداة للبحث عن القطيع المفقود من الجبهة الوطنية لاعادتهم الى الحظيرة الجمهورية."

واتهم لوبان زعيم الجبهة الوطنية ساركوزي بسرقة افكاره وكثف ظهوره في وسائل الاعلام خلال الايام الاخيرة مما يدل على شعوره بالقلق من فقد اصوات لصالح منافسه الرئيسي.

وقالت ابنته مارين لوبان "نقول منذ وقت طويل ان الهجرة مشكلة خطيرة للغاية." واضافت "ولكن الافكار ليست كافية. نحتاج الى افعال."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 19 آذار/2007 -29/صفر/1428