كربلاء تشيع شهداء التفجير الارهابي الاخير بالدموع والغضب

عدسة وتحقيق: عصام حاكم

شبكة النبأ: انطلقت في الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الاحد قوافل المشيعين لشهداء الحادث الاجرامي الاثيم وكأنهم في عرس جماعي، والذي قد ذهب بارواح الكثير من  المواطنين الابرياء من النساء والاطفال والرجال، وقد وقع  الحادث عصر يوم السبت في منطقة شارع الامام العباس بالقرب من سوق الصيرفة، وقد بلغت الحصيلة النهائية  للحادث71 شهيد و168 جريح اغلبهم بحالة خطرة حسب مصادر.

وقد تخللت تلك المواكب الجنائزية المهيبة مشاعر الغضب والسخط والوجوم ازاء تلك الزمر الارهابية الكافرة، التي هي بالتاكيد لن ولم تنتمي الى أي ديانة سماوية ولا تنتمي الى الانسانية بالمرة، وكانها لم تعي الحديث الشريف(من آذى ذمي فقد آذاني) فضلا عن ان الضحايا هم مسلمون.

 ولم ينتهي الامر عند هذا الحد بل تعداه الى ان يعبر الشارع الكربلائي والجماهير الكربلائية بعد الحادث الاجرامي مباشرة، عن غضبهم وسخطهم ازاء تلك الفوضى الامنية وذلك الارباك، حيث توجه الكثير من المواطنيين صوب بيت محافظ كربلاء متهمين اياه بالتقصير والتماهي وعدم المبالاة مما اضطر قوات شرطة  كربلاء ان تطلق العيارات النارية في الهواء وذلك لتفريق المتظاهرين الغاضبين.

( شبكة النبأ المعلوماتية) حاولت ان تستطلع اراء المواطنيين وذوي الشهداء عن ماهية ذلك الحادث الاجرامي، وعن الملابسات التي جاءت ما بعد التفجير، وما هي السبيل الكفيلة والناجعة للقضاء على تلك الزمر الارهابية والنيل منها، فكانت الحصيلة ما يلي:

وقد كانت محطتنا الاولى مع السيد(طارق الزيادي) وهو عم الشهيد الشاب(علاء لفته عبيد) الذي يبلغ من العمر17عام، وكان والده قد استشهد في الحرب العراقية الايرانية ايضا، حيث ذكر لنا السيد طارق بان الشهيد الابن كان يمتلك حماس الشباب وهو يعمل بكل جد واجتهاد من اجل ان يتزوج، ولكن مع شديد الاسف فان القدر اسرع بكثير من الامنيات الضئيلة، كما اني اوجه سؤال الى هؤلاء القتلة هل بقتل هذا اليتم يقيمون دولة العدل الالهي، فبئست تلك الافكار والامال الضالة التي يكون فيها الانسان مباح ولا اقول إلا، انا لله وانا اليه راجعون ولعنة الله على القوم الظالمين.

اما وقفتنا التالية فكانت مع السيد(محمد حمزة جودة) وهو اخ الشهيد(علي حمزة جودة)، حدث شبكة النبأ والدموع تفيض من عينيه بالقول: تصور ان أخي له من العمر 19عام فقط، وهو لم يكن ينتسب الى قوى الامن او الجيش بل هو شاب بسيط لا يعرف حتى كتابة اسمه ولم يتزوج لحد الان، فاني اتسائل ايمكن ان يشكل أخي أي خطر على أي شخص؟ وهل اخي متعاون مع القوات الامريكية؟ ام هو يعمل في السلطة وهو صاحب قرار؟ فحتما هذا المجرم الذي استهدف الابرياء لم يكن في يوم من الايام من فصيلة البشر، كما اود ان اذكر حالة وهي ان العرب  دائما يتهمون الاسرائليين بأنهم بلا رحمة، فوالله ان اليهود اشرف من هولاء القتلة الذي يستبيحون دماء الاطفال والنساء والشيوخ بدون أي واعز من الرحمة والرأفة، ولكن ثق ان الله بالمرصاد لكل هؤلاء المتجبرين والظلمة وان عذاب الله لشديد.

ومن ثم اتجهنا صوب العزاء المقام على روح الشهيد(رحيم شاكر كاظم) وهو أب لثلاث بنات وكان يعمل في كشك للصيرفة، وكان يتسم بالاخلاق الحميدة، الا ان ارادة الشر والحقد الدفين أعمت بصر القتلة والتكفيريين وبصيرتهم من خلال استهدافهم لهؤلاء الابرياء، ولم يردعهم هاجس الانتماء الى ديانة واحدة وهي الاسلام، وكذلك حس الانتماء لذلك الوطن والادهى من ذلك ان تلك الوحوش الكاسرة قد تمادت بالقتل والرذيلة لتستهدف حتى الشيخ الطاعن في السن والطفل الصغير، وما تناقلته وسائل الاعلام من صورة بشعة لذلك الطفل الذي تفحم جسده اثر هذا الحادث الاجرامي، فهنيئا لكم ايها القتلة ما اقترفته ايديكم ولكن عذاب الله أشد سعيرا.

ومن ثم اتجهنا الى جامعة أهل البيت لنودع واياهم كوكب جديد من شهداء العراق الذين سقطوا في ذلك الحادث المروع.

حدثنا الاستاذ(علي مكطوف) قائلا لـ شبكة النبأ: ثمة الكثير من المواقف والمحطات التي يجب ان اقف عندها وانا أمر بتلك اللحظات الاليمة، والتي هي ربما تمثل حالة استذكار وتامل في تقصي هذا الموقف المؤثر وذلك من خلال استنهاض الابعاد المترتبة على هذا السلوك الحيواني والذي هو لا ينسجم  باي حال من الاحوال مع ابسط مقومات ومستلزمات الواقع الاسلامي الرافض لكل الوان الظلم والاضطهاد وعدم الجور والتعدي ليس على المسلم فحسب بل يتخذ منهاج يعمم على كل الاديان السماوية وحتى الامم الاخرى، اذاً نحن امام ثقافة هي أبعد ما تكون عن نهج الرسالة المحمدية الخالدة، والتي جاءت لتركز عناوين الحب والتاخي وعدم الايذاء، فمن الاجدى بنا نحن المسلمين ان نعيد قراءة القران او نعيد فهمه او نذعن الى قوانين العقل والقلب والتي هي بالتاكيد تؤكد على مبدأ التسامح والتسامي والارتقاء فوق نظرية الظفر والناب.

اما أحد اساتذة جامعة اهل البيت والذي هو لم يعرفنا بإسمه، يقول: ربما لا يشكل هولاء المجرمين والقتلة شيئا في قاموس الانتماء الانساني وكذلك انا غير معني بأن ارسم لهم نماذج في خارطة العقل البشري، بل ان عتبي وكل العتب ينصب على هولاء الذين يسمون انفسهم مسؤولون في الدولة العراقية او أولئك الذين يتصدون للعملية الامنية، فهنا قد تسكب العبرات، فلماذا هم  يستلمون 700 الف دينار شهريا، أليس على امل ان ينعم المواطن بالامن والامان؟ وفي الجهة الاخرى فنحن امانة في اعناقهم وفي اضعف الايمان واذا كان هناك ذرة حياء  لديهم فليتخلوا عن مناصبهم  اليوم قبل غدا، فما هو دور رجال الامن؟ وما هو دور مدير الشرطة؟ وما هو دور المحافظ؟ وما دور الحرس الوطني؟ هل من اجل ان ينعموا بالمليون دينار شهريا او اكثر. واذا كانوا لا يستطيعون تحمل المسوولية فالاجدر بهم ان يتركوها على عاتق من يستطيع تحملها.

اذاً نحن امام جملة من التساؤلات وكذلك نحن امام كم لا يستهان به من المسؤوليات التي  ينهض بها العاملون في الحقل السياسي والامني، والا تمسي المسؤولية مجرد امتيازات يتمتع بها المسؤولين من دون أي جهد يبذل.

وكانت محطتنا الاخيرة مع السيد(محمد احمد الوهاب) وهو مدير الشوؤن القانونية والادارية في جامعة أهل البيت، الذي قال لـ شبكة النبأ: بالنسبة للشهيد (رافد حميد رستم) فهو من مواليد السدّة/ محافظة بابل وتولده عام 1978، تخرج الشهيد من كلية الزراعة وحصل على شهادة بكالوريوس هندسة في الاليات الزراعية عام 2002ـ 2003، عين في جامعة اهل البيت(عليهم السلام) بتاريخ 15/11/2003 بوظيفة مدير الشعبة الهندسية حتى تاريخ استشهاده بتاريخ 28/4/ 2007 في الحادث الاجرامي والارهابي، والأقسى من ذلك انه في ساعة الحادث كان ذاهبا الى عيادة الدكتور لمعالجة ابنه الصغير وهو يبلغ من العمر ثمانية اشهر فقط فقد ذهب الشهيد رحمه الله مع ولده وكأنما ارادة السماء ارادت ان يترافق هذا الطفل مع ابيه الى ساحة الخلود والى جنة الفردوس ان شاء العلي القدير.

اما ما يخص الشهيد (محمد مهدي عبد الامير القزويني) فهو ولد في مدينة كربلاء المقدسة عام 1980 وقد تخرج من كلية الزراعة جامعة بغداد وحصل على شهادة البكلوريوس علوم زراعية/ والثروة الحيوانية عام 2002ـ 2003 ، عيّن في جامعة أهل البيت بتاريخ 15/11/2003 بوظيفة مدير الشوؤن الادارية ومن ثم نقل الى وظيفة مدير وحدة المتابعة وقاعدة البيانات بتاريخ 14/9/2004 وشغل الوظيفة حتى تاريخ استشهاده في 28/ 4/ 2007 في الحادث الانفجار الارهابي الذي وقع في مدينة كربلاء عصر يوم السبت الماضي.

وفي نهاية هذه النبذة الموجزة عن حياة الشهيدين لا يسعنا إلا ان ندعوا الله ان يتغمدهم بواسع رحمته وان يمنح  ذويهم الصبر والسلوان، وآخر دعوانا انا لله وانا اليه راجعون.

وقبل ان نودع الجميع  كانت تختلج في صدورنا عبرة حينما نستذكر هولاء  الشهداء  الذين سقطوا اثر الحادث الارهابي الاثيم، فبالتاكيد كانت لهم امنيات كبيرة، وكانت لهم الكثير من المسؤوليات على عاتقهم، فقد ذهبت كلها ادراج الرياح ولم يبقى منها الا تلك الدماء التي خضّبت مسرح الشهادة عند ابواب ابي الفضل العباس (ع)، فهنيئا لكل هؤلاء المستسلمين الى انشودة الموت الحتمي والف عار لكل التكفيريين الذين أبوا إلا ان يقتلوا العراق والعراقيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1 آيار/2007 -12/ربيع الثاني/1428